الدكتور هاني سويلم عن وفاة “أبو العيش”: “الملهم”

نعي الخبير الدولي في المياه الدكتور هاني سويلم عن وفاة الدكتور إبراهيم ابو العيش مؤسس الزراعة العضوية والحيوية في مصر وأفريقيا بقوله “الملهم”، واستطرد عبر صفحته علي الفيس بوك…
عاد في ريعان شبابه مصطحبا زوجته الاوروبيه وطفليه الصغار بعد حصوله علي درجة الدكتوراه من أكبر الجامعات في أوروبا وترك كل مغريات الحياه في أوروبا ليعيش في وسط صحراء بلبيس الجرداء بالقرب من مسقط رأسه بمحافظة الشرقية. وبدأت رحلته في البحث عن المياه ليعمرالارض. لم يكن مشروعه مشروع استصلاح أراضي ولكن مشروع تنميه مجتمع متكامل ليعرف العالم بعد ربع قرن من الزمان مفهوم “التنميه المستدامه”عندما اثبت ان الصحراء يمكننا ان نحولها الي جنه نسكنها. حيث كان اول من قدم الزراعه الحيوية في مصر وافريقا والشرق الأوسط، لم يقتصر المجتمع علي الزراعه ولكن اعطانا درس في القيمه المضافه للمنتجات الزراعيه وتحويلها الي منتجات مصنعه من خلال مصانع تحويل القطن الي ملابس “حيويه” وكذلك تصنيع البهارات، والمشروبات، وتغليف الخضروات والفاكهه، وأصبحت منتجات “سيكم” (وهو الاسم الفرعوني الذي اختاره لمبادرته) منتشرة في السوبرماركت والمتاجرفي جميع أنحاء العالم.
لم تقتصر القصه علي زراعه، صناعه، و تصدير ولكن ادرك مبكرا ان التعليم والبحث العلمي هما السبيل الوحيد للتنميه المستدامه فأستعان بباحثين في جميع المجالات ليتجمعوا حوله طوال مشواره الطويل ويساهموا في فك الغاز التربه، النبات، وغيرهم وكذلك انشأ حضانه، ومدارس ابتدائي، إعدادي وثانوي وكذلك مدارس للتعليم الفني و مدارس لذوي الإحتياجات الخاصة ومحو الأمية ومؤخراً “جامعه هليوبوليس للتنميه المستدامه”. وللخدمات الصحيه انشأ مركز طبي علي اعلي مستوي. كما انشاء جمعيات أهلية للعمل المدني و تقديم الخدمات التدريبية للفلاحين. كل هذه المؤسسات عملت لخدمة المجتمع الريفي و قري بلبيس و امتدت لتشمل مناطق أخري. لعبت الفنون و الموسيقي دورا محوريا في كل الأنشطة و كان دائما الارتقاء بالذوق في تصميم و إخراج المنتجات في محور اهتمامه وحرص أن ينقل المعرفة إلي كل من حوله و أن يتعلم الجميع العمل الجماعي. واستعان في رحلته بعلماء من خارج مصر لإيجاد حلول والتغلب علي الصعوبات الفنيه وإيجاد حلول علميه للامراض المحلية وتمكنت مؤسسته من ابتكار العديد من الادويه. اطلق علي كل هذه المنتجات والمبادرات اسماء فرعونية (ايزيس، اتوس، …..) لإدراكه ان علي هذه الارض عاش عظماء قدموا للعالم كل جديد وتركوا حضاره خلفهم أبهرت العالم فأصرعلي أعاده بناء حضاره حديثه علي نفس الارض.
انبهر العالم بما يحدث في “صحراء بلبيس” فبدأت شركات سياحيه تنظم رحلات لزياره هذا النموذج الفريد وبدات تتكون جمعيات ومؤسسات في مختلف دول العالم تسمي “أصدقاء سيكم” لدعم التنميه. وتوالي التكريم من مؤسسات عالميه ليحصل بمعدل كل عده أشهر علي جائزة عالميه. علي سبيل المثال لا الحصر جائزة نوبل البديله، وأعلي وسام في المانيا، عدد من الدكتوراه الفخريه. لقد اعتبرت المؤسسات الدولية ان مبادره سيكم للتنميه هي “نموذج القرن الواحد والعشرين للتنميه ” الذي يجب اتباعه عالميا. فتم ترجمه كتابه للعديد من اللغات وهناك العديد من رسائل الدكتوراه والماجيستير في أوروبا وأمريكا قامت بدراسه هذه المبادره الوحيدة من نوعها في العالم.
اليوم تركنا بعد أربعين عاما من العمل في الصحراء واقامه في نفس المنزل المتواضع ولكن ترك الصحراء الجرداء جنه وترك لنا آلاف الأفدنة من الاراضي في مختلف أنحاء الجمهورية مزروعة بطريقه مختلفه، ترك لنا مدارس وابحاث وجامعه، ترك لنا مصانع وشركات، ترك لنا براءات اختراع لمنتجات مصريه يعرفها العالم، ترك لنا نموذج للتنميه المستدامه كما يجب ان تكون. اختلف او اتفق معه ولكن مصر فقدت اليوم عالم مبدع وملهم فريد.
وداعا البروفيسورالملهم ابراهيم ابوالعيش
البقاء لله