الأخبارالصحة و البيئةبحوث ومنظمات

بعد مغادرة “شحنة المبيدات المسرطنة” مصر إلي فرنسا…تعرف علي أصل الحكاية

أستاذ كيمياء وسمية المبيدات: الحكومات المتعاقبة حاولت دفن أو حرق مبيد “اللاندين” المحظور دوليا  وأخيرا نجحت أصوات المصلحة الوطنية

بعد ان اسدل الستار علي أكبر شحنة من المبيدات الراكدة في مصر بميناء “الادبية”، بعد مرورة أكثر من 18 عاما علي وجودها علي الاراضي المصرية… حاولت “أجري توداي” التوصل إلي أصل الحكاية من أحد الشهود علي مخاطرها، وهو الدكتور صلاح سليمان  أستاذ كيمياء وسمية المبيدات بجامعة الاسكندرية، موضحا ان التخلص منها خارج مصر بإستخدام تقنيات حديثة أكد نجاح أصوات المصلحة الوطنية وأنها تفوقت بجدارة علي المصالح الخاصة وهو مؤشر جيد علي مستقبل البلاد.

قال الدكتور صلاح سليمان  أستاذ كمياء وسمية  المبيدات انه يجب التصرف مع ملف الحاويات العشر المحتوية عل 220 طنا من مبيدا اللندين في ميناء الادبية بمحافظة السويس، بطريقة فنية شديدة الحرص نظرا للخطورة والمحاذير والمخالفات  الجسيمة التي ستحدث، إذا لم يتم إدارة الملف بطريق تضمن التخلص الآمن من الشحنة الراكدة منذ اكثر من 18 عاما،

وأضاف سليمان أنه علي مدار السنوات الماضية كانت هناك محاولات كثيرة للتخلص منها داخل مصر رغم خطورة ذلك علي الموارد المائية والارضية علي الصحة العامة والبيئة، نظرا لأن دفن أي كميات من هذا المبيد أو غيره من المواد الواردة بجداول هذه الاتفاقية الدولية ممنوع منعا باتا كوسيلة آمنة للتخلص منها وفقا لهذه الاتفاقية التي حررت على أساس أن مثل هذه المواد تبقى ثابتة ثبات الدهر كما أن ليس ايضا في مقدور أحد تحمل خطأ حرق اي كميات مهما صغرت من هذه المادة في أفران مصانع الاسمنت نظرا لان ذلك سيؤدى إلي تحولها إلي نواتج حرق أشد خطرا بعشرات الألاف من المرات. وهذه النواتج وببساطة هي مشتقات الدايوكسين  والفيوران المكلورة وهي مواد شديدة الخطورة على صحة الإنسان والحيوان والبيئة وتتكون من تعرض مركبات مثل هذا المبيد للحرق.

وأشار سليمان إلي أنه لا يمكن أن يكون من وسائل التخلص الآمن من “اللاندين” وغيره من المواد المحرمة دوليا بهذه الاتفاقية دفنه، لأن ذلك سيكون بمثابة تلويث أكبر وأشد لا يمكن السيطرة عليه سيؤثر علي البيئة وعلي الأجيال المستقبلية. يعني هذا أن دفن عشرات أو مئات من الأطنان سيترتب عليه مسئولية إجبارية على مصر بالتخلص الآمن لآلاف أو حتى ملايين  الأطنان من التربة التي سيختلط بها ويلوثها ويصل إليها في المدفن المذكور وحوله بل وبوصول هذه المادة إلى المياه الجوفية وذلك التزاما بالاتفاقية الدولية المذكورة وحماية للصحة والبيئة والأجيال القادمة.

وشدد سليمان على أن الطريق الوحيد للتخلص الآمن من هذه الشحن وغيرها من المواد المشار إليها بالملوثات العضوية الثابتة هو الأكسدة التامة لها في أفران ذات تكنولوجيا عالية غير متوفرة في مصر أو فى المنطقة المحيطة بنا ومتوفرة فقط في عدد قليل من الدول مثل هولندا وبلجيكا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، ومن حسن الحظ أن بعض هذه الدول لازالت تسمح للمؤسسات التي تمتلك هذه الافران أن تستقبل من خارج دولها كميات من تلك المواد للتخلص الآمن منها بمقابل مادي أو بمنح من تلك الدول أو غيرها.

وأشار  سليمان إلي أنه تمت الموافقة من مرفق البيئة العالمي وبعض الجهات المانحة الأخرى على تمويل ما يزيد على 60% من تكلفة مشروع للتخلص الآمن من المبيدات الراكدة بما فيها شحنة اللندين مع تعهد الحكومة المصرية بتحمل باقي التكلفة من ميزانية الوزارات المختصة والتي جمعت تلك الرواكد منها ومن المقترح في هذا المشروع أن يتم تصنيف تلك المواد وإعادة تعبئتها ثم شحن ما يجب التخلص منه فى الخارج إلي أحد تلك الدول التي أشرت إليها بعد موافقتها ليتم التخلص الآمن منها هناك نظير التكلفة المطلوبة لذلك من ميزانية المشروع.

وأضاف سليمان ، ان وزارة الدولة لشئون البيئة مولت مشروعا أوليا بمشاركة مسئولين لعدد من وزارات  الزراعة واستصلاح الأراضي والصحة والسكان ووالكهرباء ووزارة المالية (الجمارك) والري  لحصر الملوثات العضوية الثابتة والمبيدات الراكدة الموجودة بمصر والتعرف عليها وكمياتها تهيئة للتخلص الآمن مستقبلا منها تنفيذاً لاتفاقية ستوكهولم الدولية.

وأوضح إنه بدون معرفة بالعواقب أو توقع لها تم اتخاذ خطوة إضافية من قبل المشاركين فى المشروع المذكور لم تكن مبررة  بل وأشد خطورة  حيث لم يكتفى فيه بعمل الحصر والتوصيف وإنما تم جمع  بعض  تلك المواد من مصادر كثيرة أقلها من وزارة الزراعة وتم تجميعها في مكان واحد هو مخزن تم استعارته في حينه من بنك التنمية والائتمان الزراعي التابع للوزارة وأصبح الأمر، وكأنه بمثابة تجميع لوحدات صغيرة من “المفرقعات” معاً لتشكل في موقع واحد “قنبلة موقوتة”.
وأوضح إنه لحسن الحظ بقيت كمية “اللاندين “محل هذه المذكرة وقدرها 220 طناً في ميناء الأدبية تماماً كما أن بعض المواد الأخرى بقيت في المواني الأخرى في مكانها لصعوبة إجراءات وموافقات إتمام نقلها إلي المخزن المذكور، مشيرا إلي أن مبيد (اللاندين) أضيف أولاً إلي قائمة الـ PIC ثم تلى ذلك تحريمه دوليا باتفاقية ستوكهولم وذلك لأسباب منها شدة ثباته في البيئة وشدة تراكمه وازدياد تركيزه حيويا في السلسلة الغذائية وشدة سميته للإنسان والكائنات الأخرى البرية والبحرية .

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى