الأخبارالاقتصادالانتاجحوارات و مقالات

د أيمن بدران يكتب: متي ينتفض  الذهب الابيض ؟

أستاذ مساعد   بقسم الاصول الوراثية – مركز بحوث الصحراء

 

تدهورت زراعة القطن المصري خلال السنوات الماضية والذي ظل متربعا علي العرش العالمي لعقود طويلة والذي كان يمثل يوم جمعه عيدا للفلاح المصري .

أثرت القرارات  الزراعية الخاطئة خلال الفترات الماضية بالاضافة الي عديد من العوامل الزراعية والتسويقية الي تدهور زراعة القطن المصري بشكل خطير ظهر في تقلص المساحة المنزرعة منه سنة تلو الاخري  وهنا نتعرض بايجاز لتلك  العقبات والتي تتمثل في عدد من النقاط اهمها :

  • تذبذب السعر العالمي للقطن ، توريد الاقطان المصرية في صوره ماده خام ، ارتفاع اسعار الاسمدة ، منظومة الزراعة الغير مقننه والمبنية علي اسس غير علمية لم تتناول تغير الظروف المناخية  ، حدوث خلط بذور القطن .

وتتجه انظار القائمين علي زراعته في مصر حاليا  الي العوده مرة اخري الي الطريق الصحيح الذي طالما تميز به القطن المصري طويل التيلة ( الذهب الابيض)  حيث كانت تنتج مصر ما يقارب من سدس انتاج العالم من الاقطان الطويلة.

لذا كان لزاما علينا التفكير بشكل اعمق  في تناول مشكلة زراعة القطن علي اسس علمية تتبني او تساهم علي الاقل في حل المشاكل السابقة   والتي نسلط عليها الضوء  في النقاط التالية:

  • الاتجاه الي زراعة القطن خارج نطاقي الوادي والدلتا وهو ماتعتمد عليه العديد من الدول المنتجة للقطن في زراعتها حيث تؤكد العديد من الدراسات ان القطن من النباتات التي تصنف كنباتات متحمله للاجهادات البيئية وعلي راسها تحمل ملوحة المياه المستخدمة في الري وهو ما اكدته العديد من الدراسات التطبيقية  في جمهورية مصر العربية . وبشكل عام لا تناسب القطن الاراضي الحامضية  وتساهم الاراضي الثقيلة في تشجيع النمو الخضري وتأخير الازهار والنضج وكلها عوامل تؤكد فكرة خروج زراعات القطن من الوادي والدلتا تدريجيا  الي الاراضي الجديدة . ومما تبشر به نتائج الدراسات التي تمت تحت ظروف الاجهاد الملحي بمنطقتي جنوب ووسط سيناء أن العامل الوراثي للاصناف المصرية  يلعب دورا هاما فى تحديد الصفات التكنولوجية بدرجة أكبر من العامل البيئى ، وهذا يعني ان صفات التيله التي تميز القطن المصري لن تتأثر بشكل ملحوظ   وان تأثرت الانتاجية ( بدران 2001 ، بدران 2006 ، القاضي وأخرون 2007 ).

من جهة اخري بدأ الاتجاه الي الاعتماد علي الري بالتنقيط في زراعة القطن للتغلب علي ندرة المياه في الاراضي الصحراوية  واذا ما اؤخذ بعين الاعتبار ان اكثر الفترات حساسية لاجهاد نقص الماء في نبات  القطن هي فترة الانبات تم تجاوز  احد مشاكل زراعة القطن في مصر .وقد اكدت الدراسات السابقة ان الصنف جيزة 83 والصنف يليه جيزة 90 اصناف متحملة للملوحة وان الأصل الوراثي القديم دندرة يجب ادخاله في اي برنامج تربية لانتاج اصناف قطن تتحمل ظروف الاجهادات البيئية خاصة ارتفاع نسبة الاملاح.

  • واذا ما تناولنا مشكلة الاسمدة وارتفاع اسعارها فان الاتجاه العلمي في حل تلك المعضلة يعتمد علي محورين اساسين :

المحور الاول  : الاعتماد علي تقنية النانو في التسميد ، حيث يتم تحضير مواد نانويه من الهيماتيت المغناطيسى بطرق الترسيب وغيرها من الطرق المعتمده عالميا لتحضير مركبات النانو  وذلك باضافة مواد غير عضويه لمركبات البوتاسيوم والفوسفور وغيرها  وتطعيمها على جزيئات الهيماتيت المغناطيسى ،  من ثم  قياس التغيرات الكيميائيه فى البيئة المحيطه بوسط التفاعل والمعاملات الكيموفيزيائيه من خلال التغيرات الناتجه وكذلك اثر استجابة ذلك علي محصول  النباتات المنزرعة .

المحور الثاني : ويتمثل في المخصبات الحيوية والتي يمكن تقسيمها علي اساس هذا الغرض الي:

1- مثبتات النيتروجين   2- ميكروبات مذيبة للفوسفات العضوية  3 ميكروبات مفرزة للأحماض العضوية والمركبات الحيوية حيث تشير  الدراسات الي ان  اعتماد المزارع علي  الأسمدة الحيوية سيشكل احد المعايير الهامة في التغلب علي مشكلة ارتفاع اسعار الاسمدة نظرا لان اسعار المخصبات الحيوية زهيد جدا اذا ما قورن باسعار الاسمدة المعدنية . ومن جانب اخر نود الاشارة الي اهمية تلك المخصبات والتي نوجزها في عدة نقاط اهمها:

تنتج بعض الميكروبات المستخدمة في التسميد الحيوي  مواد منظمة لنمو النباتات ، تلعب تلك الميكروبات الحيوية دورا في تحليل الأسمدة العضوية المضافة للتربة وتيسيرها  فى صورة صالحة لإمتصاص النبات، تكوين الدبال الذى يساعد فى تحسين خواص التربة الكيميائية والفيزيائية ، اذابة الفوسفات  في صورة ميسرة لامتصاصها  خصوصا في الاراضي  القلوية والجيرية، تعديل حموضة التربة (خفض رقم ال ( pH مما ييسر امتصاص العناصر من التربة، كما يمكن الاعتماد عليها في انتاج مركبات بديلة للمقاومة الكيميائية بالمبيدات وذلك في صور امنة بيئيا .

  • بشأن خلط الاصناف فقد صدرت العديد من القرارات ومؤخرا صدر القرار الوزاري رقم 95 لسنة 2017 فيما يخص تحديد مناطق زراعة اصناف القطن  والتي منها ما يؤكد عدم جواز زراعة اصناف القطن التي تخالف الاصناف المخصصة لكل منطقة (المادة رقم 1) ، كما تم حظر زراعة القطن الابلند (الامريكي) او غيره من الاصناف التي لم تذكر في هذا القرار( المادة رقم 3 ).

وطبقا لمجموعة المواد التابعة لهذا القرار تم تحديد مناطق زراعة الاصناف علي النحو التالي:

الصنف جيزة 90 : يتم زراعته في سوهاج ، قنا ، اسيوط ، بعض مناطق الفيوم.

الصنف جيزة 94 : يزرع بمحافظة الدقهلية ، الشرقية ، الاسماعيلية ، بور سعيد ، وبعض مناطق محافظة كفر الشيخ ، مركز المحلة بمحافظة الغربية.

الصنف جيزة 95: يتم زراعته في  محافظة بني سويف ، المنيا ، بعض مناطق الفيوم ، وبعض مناطق محافظة الوادى الجديد.

اما عن الصنف المستنبط حديثا جيزة 96 فيتم اكثاره حاليا بمحافظة كفر الشيخ ( مركزي  فوه ، مطوبس) كصنف مبشر.

  • علي المستوي الاقتصادي فان القطن من اهم محاصيل الالياف البذرية التي تزرع كمحصول حولي صيفي يستفاد من اليافه السليلوزيه المتكونه من خلية البشره علي سطح بذوره مقارنة بمحاصيل الالياف اللحائية ( الكتان وغيره ) او محاصيل الالياف الورقية ( السيزال وغيره)  وتستخدم الياف القطن   في عمليات الغزل والنسيج من ناحية واستخراج الزيت  من بذوره  من ناحية اخري والذي يتميز  بعدة فوائد مثل قدرته على تخفيض الكوليسترول كما أنه يحتوي على مواد مضادة للأكسدة وفيتامين “هــ” والتي تلعب دورا هاما في الحماية من السرطان ، كما   يعتبر من  أخف أنواع الزيوت بالاضافة الي  انه  رخيص الثمن مقارنة بالزيوت الاخري ،  لذا يتم خلطه بالزيوت الاخري بنسب مختلفة. من هنا كان في وقت من الاوقات يساهم بشكل فعال في حل ازمة الزيوت  في مصر ، كما يدخل  هذا الزيت  في صناعة الصابون. أم التفل المتخلف عن كبس البذور فيستعمل كغذاء للماشية.
  • كما ان هناك جانب اخر لا يلتفت اليه الكثير وهو اهمية ازهار نبات القطن لحشرات نحل العسل كمصدر غذائي هام  في فصل الصيف لها حيث يقدر وزن العسل الذي يمكن الحصول عليه كناتج التغذية  ( قطفه ثانية ) بنحو متوسط   150 كجم عسل /فدان.
  • من الامور الهامة التي توجه الانظار لزراعة القطن في الاراضي الهامشية خلو تلك المناطق من الاصابات المتعدده للقطن في اراضي الدلتا والوادي والتي تتمثل:

الأمراض الفطرية وأهمها: خناق البادرات  والذبول الفيرتيسليومي والتبقع الزاوي، و الحشرات وأهمها: مَّنْ القطن والتربس والحفار والذبابة البيضاء والدودة القارضة والدودة الخضراء ودودة ورق القطن ونطاط القطن وديدان اللوز (القرنفلية والشوكية والأمريكية) والعنكبوت الأحمر، ومن الآفات الأخرى كفأر الحقل وأعشاب ضارة عديدة أهمها: السعد والعليق والحلفا وعصا الراعي  والتي كثيرا ما اجهدت المزارع واضافت اعباء تكلفة المقاومة علي عاتقه. لذا كان من  الاهمية خفض تكاليف  المقاومة لتلك الافات في هذه الاراضي البكر مما يصب في مصلحة المزارع البسيط  مع الاخذ في الاعتبار نقاوة البذور المنزرعة والتاكد من خلوها من تلك  الاصابات.

  • ان تسويق القطن يحتاج الي مجهود اكبر في عملية التسويق للمنسوجات التي تعتمد علي الاقطان الطويلة نتيجة المنافسة العالمية من خلال المنتجات التي تعتمد علي الاقطان القصيرة   مع العلم  ان متوسط أسعار القطن طويل التيلة تساوى 3 : 4 أضعاف اسعار القطن قصير التيلة  والمنسوجات المصنعة منـه  يصل  متوسط سعرها من 8 : 10 أضعاف أسعار المنسوجات والأقمشة المصنعة مـن الاقطان قصيرة التيلة. ويؤكد ذلك حرص بعض الدول مثل اليابان وبعض دول اوروبا علي استيراد منتجات تلك الاقطان المتميزة. وفي هذا الصدد اوصت العديد من  الدراسات  بضرورة عمل قاعدة معلومات تمد المنتج الزراعى بمعلومات منتظمة عن تكاليف الزراعة، ومتوسط الأسعار المتوقعة لكل صنف منزرع خلال العام الحالي والقادم  فى ظل المعروض العالمى حتى يستطيع المنتج إدراك طبيعة السوق ، وزيادة نشاط اللجان  العامة المعنية  بمراقبة عمل الشركات المسجلة وعدم السماح باستخراج تصاريح لغيرها بالاشتغال فى تجارة القطن ، بحيث يسهل مراقبة عدد محدود من الافراد التابعين لتلك الشركات بكل محافظة وأن يكون له سجل تجارى وتشديد العقوبة على كل انواع الغش التجارى .  وان تتابع أجهزة وزارة الزراعة بالمحافظات عمليات جنى المحصول الخاص بكل صنف  فى مراكز الزراعة طبقا لخريطة الزراعة  ، وإعادة تفعيل دور صندوق الهيئة العامة لموازنة أسعار القطن. وتؤكد العديد من الدراسات الاقتصادية علي ضرورة  تحديد أسعار ضمان اختيارية للقطن تتوافق مع الأسعار العالمية وأن يتم الافصاح عنها قبل موسم الزراعة  وكذلك تطوير المحالج والمغازل، بما يساهم فى تعزيز القيمة المضافة  للقطن المصرى ومن ثم تعظيم الدور التسويقي .

 

وفي نهاية الحديث نسرد بعض التوصيات الهامة لمزارعي القطن:

  • يفضل دائما التبكير في ميعاد الزراعة والتي بدورها تلعب دورا هاما في انخفاض العقدة الثمرية الأولى  ، زيادة عدد الأزهار واللوز علي النباتات ،   زيادة المحصول وزيادة تصافى الحليج ، تقليل  الإصابة بالآفات عن طريق الهروب  منها خاصة ديدان اللوز فى نهاية الموسم الزراعي .
  • مع الاقلال من  معدلات التسميد النيتروجينى فى حالة  الزراعة  المتأخرة.
  • يجب انتظام فترات الري وعدم التعطيش خاصة في فترتي التزهير والتلويز بما حتي لايتأثر كلا من المحصول وصفات التيلة.
  • يراعي ان بعض الأصناف تستجيب للتسميد الآزوتي بمعدل عالي مثل الصنف جيزة 88 وعلي العكس من ذلك بعض الاصناف  التي لا تستجيب للتسميد الازوتي العالي  مثل الصنف جيزة 86 .
  • عند الزراعة في الأراضي القلوية يراعي إضافة الجبس الزراعي أثناء الخدمة أو الكبريت وذلك لخفض رقم الـــ   PH في التربة حتي يسهل امتصاص العناصر الغذائية من التربة .
  • عند الزراعة في الأراضي الملحية يؤخذ في الاعتبار الحد من استخدام  الأسمدة  المعدنية بشكل عام والاسمدة   ذات التأثير القلوي بشكل خاص وان كان لابد من استخدام الاسمدة المعدنية  فيتم استخدام الاسمدة الحامضية  التأثير ( سلفات الامونيوم) .
  • يراعي عدم ري القطن عند الوصول لمرحلة  نضج 80 : 85 ٪ من اللوز علي النباتات .

المراجع العلمية

  • Diaa A. A., S.A.N. Afiah, M. Ali and A.E. Badran(2007). Biochemical genetic markers of Egyptian cotton genotypes under salinity stress. Conference of Egyptو Plant. Breed. 11 (1): 161-179.
  • Badran A .  E . (2001) .Differential response of Gossypium barbadense Germplasm  for stress conditions (salt tolerance) . M. Sc. Thesis . Fac . of  Agric., Cairo Unv.103pp.
  • Badran E Ayman (2006). Biometrical   and  biotechnological  aspects   to

evaluate   some  Egyptian cotton genotypes  under  stress conditions. PhD. Thesis . Fac . of  Agric., Cairo Unv.

 

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى