الأخبارالمياهحوارات و مقالات

أسامة سلام يكتب: سد النهضة وزمامات نهايات الترع وتجميع المساحات الصغيرة تحديات تواجه الدولة

باحث بالمركز القومي لبحوث المياه ومدير مشاريع المياه- هيئة البيئة أبو ظبي

 

قرأت  بتفاؤل كبير اليوم خبر اجتماع الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الري مع رئيس البنك المركزي  ومناقشة اليات تمويل منظومة الري الحديث و وضع حوافز لتجميع المساحات الصغيرة  وما له من أثر عظيم على الامن الغذائي والامائي والاجتماعي حيث غالبا ما تأتي المواجهة متأخرة وغالبا ما نبدأ في الحلول بعد وقوع المشكلة ورغم الجهود المبذولة حاليا على كافة المستويات سواء من وزارة الري ,والزراعة أو من الجهات الأخرى.

رغم ضخامة التحديات ومحدودية الميزانيات المتاحة  لحل المشاكل التي تواجه قطاع المياه والزراعة في مصر إلا أنه يبقى من الضروري لفت الانتباه إلى مشكلة زمامات نهايات الترع والتي هي قائمة بالفعل منذ سنوات ليست بالقليلة والتي أرى أن البدء في حلها أصبح ضرورة قوميه لدرء مخاطر حالية ومتوقعة وبشراسة في المستقبل المنظور في ظل التحديات الكثيرة التي تواجه قطاع المياه والزراعة في مصر سواء تحديات سكانية أو هيكلية أو مؤسسية أو كمية ونوعية وكذلك التحديات الخارجية رغم ثبات حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، والتي يتم إعادة استخدام حوالي  22 مليار متر مكعب منها سنويا بنسبة تصل إلى أكثر من 35% ، وذلك لسد الفجوة بين الموارد المتاحة من المياه والاستخدامات الفعلية لأغراض مياه الشرب والري والصناعة .

يتم استهلاك حوالي 10 مليارات متر مكعب من المياه لأغراض الشرب والاستخدامات المنزلية ، يذهب منها أكثر 7.5 مليار متر مكعب إلى الصرف الصحي، بينما تستهلك الزراعة أكثر من 62 مليار متر مكعب من المياه سنويا. ومصر تستهلك كل المتاح ولديها عجزا يزيد عن 34 مليا متر مكعب سنويا يتم تغطيته من خلال استيراد السلع والمحاصيل.وفي هذه المقالة سوف نلقى الضوء على التحدي المتزايد بزمامات نهايات الترع وأسبابه والحلول المتاحة وجدوى البدء والسير قدما نحو حل هذه المشكلة المزمنة من وجهة نظري.

أسباب المشكلة

كما هو معلوم تغطي مصر شبكة نقل مياه سطحية عملاقة يبلغ مجموع اطوالها حوالى 33 ألف كيلو متر، تمتد من خلف خزان أسوان حتى البحر المتوسط وتتباين وتتنوع حالة الشبكة وكفاءتها من منطقة إلى أخري ، ويمكننا تعريف زمامات نهايات الترع بأنها المساحات الزراعية التي تقع في نهايات الترع بأنواعها، وغالبا وفي الظروف المثلى تصلها مياه الري بأقل ما يمكن من حيث الكمية طبقا لنظم التشغيل الفعالة لشبكات الري حيث تصب المياه الفائضة عن ريها في المصارف ومن حيث الجودة لوقوعها في النهايات وما قد يختلط بتلك المياه خلال رحلة انتقالها.

هذه المناطق الزراعية الشاسعة أمكن زراعتها بانتظام بعد بناء السد العالي وضمان وصول المياه اليها  طول العام وهذه الزمامات الزراعية والتي تقع بكافة المحافظات في الدلتا والوادي اصبحت تعاني ومنذ فترة ليست بالقصيرة من عدد من المشاكل أهما عدم وصول مياه الري إليها بانتظام وبالكمية وبالجودة المقبولة  وهناك العديد من الأسباب وراء هذه المشاكل منها عدم وجود تركيب محصولي والتعديات على منشآت الري واستغلال أراضي طرح النهر في غير أغراضها، والتعديات على جسور الترع والمصارف بالإضافة الى عدم وجود منظومة لتجميع القمامة والمخلفات مما جعل القنوات المائية مكانا لرمي هذه المخلفات وعلى الرغم من عمليات التطهير المستمرة الا ان كميات المخلفات الصلبة والسائلة في ازدياد .

مستقبل زمامات نهاية الترع

السيناريو الأسوأ إذا ما قرّرت إثيوبيا أن تملأ بحيرة السدّ في ثلاث سنوات فقط فسترتفع الكمية المحجوزة سنوياً خلف سدّ النهضة إلى 24.7 مليار متر مكعب سيكون نصيب مصر منها 18.5 مليار متر مكعب. الأمر الذي يعني عجزا مائيا سوف تتحمله الزراعة المصرية وسيكون تأثير هذا العجز جليا وقويا على زمامات نهايات الترع والتي هي تعاني أصلا ومنذ سنوات ليست بالقليلة.

الضرر الناشئ في هذه الزمامات بسبب  نقص المياه إما سيكون تبويرا كاملا للأرض الزراعية وهذا في حال الانقطاع الكامل للمياه، أو تبوير جزئي كأن تُزرَع  مرة واحدة شتاء أو صيفاً، أوعدم كفاية مياه الري ومن ثم لا تحصل المزروعات على كامل احتياجاتها المائية ما يؤثّر سلباً على الإنتاجية، مما سيجعل المزارعون فى هذه الزمامات يلجؤون إلى عدد من البدائل بعضها مقبول كالمياه الجوفية والآخر غير مقبول تماما وهى مياه الصرف الصحي والتي يتم التخلص منها إما في مصارف الصرف الزراعي أو في المساقي لتكون حلاً لري المحاصيل.

الحلول

للحفاظ على الأمن الاجتماعي وخلق فرص عمل والحد من الفقر ومنع استخدام مياه الصرف الصحي في الري في هذه المناطق بالإضافة إلى الحفاظ على وحماية الرقعة الزراعية من التبوير نرى أن تكون هناك مجموعة من الاجراءات الاستباقية منها : توحيد هذه الزمامات واطلاق شركات تنمية زراعية بها من خلال تشريع ما وتطوير نظم الري والزراعة وعودة الارشاد الزراعي واستخدام البيوت المحمية في هذه الزمامات وتوفير التمويل اللازم وانشاء كيانات التسويق والادارة الخاصة بها. مع أولوية لاستكمال منظومة جمع المخلفات الصلبة (القمامة) ومنظومة الصرف الصحي لقري مسارات الترع وزمامات نهايات الترع.وعلى أن تكون هذه المناطق ضمن المناطق الاكثر اهتماما من قبل صانعي القرار خلال القادم من الأيام.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى