الأخباربحوث ومنظمات

بسبب سد النهضة … هل تتحول مصر لتصنيع الكشري والمحشي من الكينوا؟

 

بسبب التحديات المائية التي تواجهها مصر، وتتعرض لها البلاد نتيجة العجز المائي،  ومواصلة أثيوبيا مخطط تنفيذ السدود المائية علي إمتداد نهر النيل، والتوجه نحو  زراعة المحاصيل الاقل إستهلاكا للمياه، أو البحث عن محاصيل غير تقليدية، إنعكست علي تغيير النمط الغذائي وتركيبة ومكونات الوجبات الغذائية، ومنها “الكينوا”،  وخلال السنوات الخمس الأخيرة، طالت تغيرات كثيرة الواقع الزراعي المصري، وانتقلت مصر من كونها هبة النيل والدولة الزراعية التي تزرع  وتحصد ما تأكله، إلى دولة تصدر قرارات تقضي بتخفيض المساحات المخصصة لزراعة الأرزّ من مليون و100  ألف فدان في العام الماضي إلى 824 ألف فدان في العام الحالي، أي بتقليص نسبته 45%، وذلك بسبب حاجة الأرزّ إلى الكثير من الماء.

وأصبح لـ” الكينوا “، حضور في المطبخ المصري وصار ينافس الأرزّ والدقيق في أكلات مصرية تقليدية، حتي باتت “الكينوا  منافساً للأرزّ في محشي الكرنب وورق العنب والكوسى، وهو أمر ربما لو سمعنا عنه قبل سنوات كان لا يمكن تصديقه خاصة وأن الشعب المصري عاشق للأرزّ”.

“في البداية كنا نستخدمه لإعداد وجبات خاصة للراغبين في وجبات التخسيس مع إضافة الطماطم والبقدونس وبعدها بدأ بالانتشار في الوجبات العادية، منذ ثلاث سنوات تقريباً، خاصة وأن طعمه مستساغ للغاية وطريقة طهيه تتشابه مع طريقه طهي الأرزّ”.

لم يعد استخدام الكينوا يقتصر على السلطات المختلفة كسلطة التونة وسلطة الدجاج وسلطة الخضروات، بحسب الشيف عبير، “ولكن بدأ يُقدَّم ضمن الوجبات الشعبية المصرية فحل محلّ الأرزّ في الكشري”.

وأعلنت وزارة الزراعة عن حملة قومية للتوسع في زراعة محصول الكينوا، كونه يُعَدّ من المحاصيل الهامة التي يمكن أن تدخل في عدد كبير من الصناعات الغذائية، وتساهم في خلق فرص عمل جديدة، ما يمهّد لانتشار الكينوا قريباً بشكل واسع في الأسواق المصرية وقد يصير أحد مكوّنات أكلات المصريين الشعبية، وشجعت هذا التوجه وزارة الموارد المائية والري لتخفيض العجز في الإحتياجات.

ويأتي التركيز المصري على الكينوا كجزء من تركيز عالمي عليها، فقد خصصت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) عام 2013 له. والكينوا هو “المحصول المنقذ في الوقت الراهن” لتحقيق الأمن الغذائي.

كانت البداية كانت عام 2005، حينما أدخل مركز البحوث الزراعية الكينوا إلى مصر كمحصول غذائي يساهم في تقليل الفجوة الغذائية. وأتت تجربة زراعته الأولى من محافظة جنوب سيناء، وتحديداً من مدينة نويبع، بالتعاون مع الفاو، حين قُدّم الدعم الفني المجاني للأفراد والجمعيات الأهلية والشركات وجرى تطبيق نظم الري الحديثة لترشيد استخدام المياه.

ولم يحظَ الكينوا باهتمام إعلامي خلال الفترة الماضية على الرغم من أهميته، رغم ان الدكتور عمرو شمس أحد الخبراء في مجال زراعة “الكينوا”، في مركز البحوث الزراعية، يؤكد أن “الكينوا محصول هام جداً خاصة أنه محصول شتوي يتحمل ملوحة الأراضي الصحرواية كما يتحمل الري بالتنقيط أو الرش، وقلة المياه لا تؤثر على إنتاجيته”، موضحا أن سعره وتكلفة استيراده الباهظة تجعله سلعة مربحة للفلاحين إذ يمكن إنتاجه في مصر بتكلفة أقل بكثير من تكلفة الاستيراد، ما يجعله سلعه محلية رائجة وقابلة للتصدير.

وأضاف “شمس”، أن “دخوله في خطوط إنتاج البسكويت والمخبوزات يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار فيه إذ يمكن إقامة مجتمعات صناعية كاملة حوله”.

ومن جانبه قال الدكتور محسن البطران أستاذ الاقتصاد الزراعي، رئيس مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية السابق في كلية الزراعة بجامعة القاهرة ورئيس بنك الائتمان الزراعي الأسبق  أن الكينوا “يمكن أن يُخلط بالقمح لغنائه بالبروتينات”، ما يساعد على تخفيف حاجة مصر إلى استيراد القمح، موضحا ان مصر  تنتج 54% من حاجتها إلى القمح، فهي تحتاج إلى 17 مليون طن وتستورد 8 ملايين في العام الواحد.

وأضاف البطران: “تأتي أهمية الكينوا في تقليل الفجوة الغذائية من القمح، إذ يمكّننا من إنتاج الخبز بشكل أوفر ويرفع نسبة الاكتفاء الذاتي فتقلّ كمية الواردات من القمح وتقلل فاتورة الاستيراد”.

ووفقا للدراسات العلمية لمركز البحوث الزراعية، فأنه يمكن تقديم “عجة مصري مكوّنة من بيض وجبن وبقدونس مفروم وبصل وكوب من الكينوا، بدلاً من استخدام الدقيق الأبيض، وندخل الخليط في صينية في الفرن أو نضعها في قوالب الكاب كيك”.

وأوضحت الدراسات أن الكينوا صار بديلاً للبرغل والفريك و”يمكننا الاستعانة به بعد سلقه عند إعداد الحمام المحشي، خاصة لمن لا يحبّون الفريك”، مشيرة إلي أن”قيمة الكينوا الغذائية عالية”،   وأن وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) تستخدمه لتغذية رواد الفضاء بسبب احتوائه على ثلاثة أضعاف ما يوجد في الحبوب الأخرى من الحديد والكالسيوم.

وأشارت الدراسات إلي أن محصول “الكينوا”، يُستخدم بدلاً من الدقيق في صناعة مخبوزات للأشخاص الذين يعانون من حساسية القمح ومرضى السكري، كما يُستخدم ضمن الوجبات المدرسية لتلاميذ المدارس، موضحة  أن الكينوا يحتوي على نسبة عالية من الألياف التي تُعدّ الصديق الأول للجهاز الهضمي وتحسن عملية الهضم وحركة الأمعاء وتقي من الإصابة بالإمساك، وله فوائد في فقدان الوزن الزائد إذ يساعد على الشبع، كما  أن الكينوا مصدر مهم للحديد والزنك والكربوهيدرات بالإضافة إلى احتوائه على الكالسيوم مثله مثل مشتقات الحليب وبالتالي يساعد مَن يعانون من هشاشة العظام.

يأتي ذلك بينما تقول  الدكتور شكرية المراكشي رئيسة مجلس إدارة شركة إيروجيت لاستصلاح الأراضي، والتي تستثمر في زراعة الكينوا في صحراء بني سويف،:” سافرت إلى بلاد المنشأ وحصلنا على بذور من الهند والبرازيل وتم إدخالها عن طريق معهد البحوث الزراعية ووصلنا بعد عدة تجارب إلى معدل استهلاك مياه أقل بكثير من معدل استهلاك القمح للمياه وهذه ثورة في عالم الري”.

وأضافت المراكشي إن سعر طن الكينوا 1800 دولار فيما يصل سعر الكينوا العضوية إلى 2300 دولار، و”مع التشجيع على زيادة إنتاجها قد تقل التكلفة ويصل الكيلو إلى 20 جنيهاً مصرياً وتصبح في متناول الجميع”، مشيرة إلي أن “صحراء مصر تناسب طبيعة الكينوا باعتباره محصولاً ملحياً لا يحتاج إلى أرض خصبة”، وأن مساحات الأراضي الشاسعة في مصر كافية لتصل البلاد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي والتصدير.

وأوضحت المراكشي، أنها  تقدمت بطلب لرئيس الوزراء لنشر زراعة الكينوا في صحراء مصر، وأن شركتها وقّعت بروتوكول تعاون مع المركز الدولي للزراعة الملحية ومركز بحوث الصحراء “الذي زودنا بسلالتين وجربنا زراعتهما عامي 2016-2017 في بني سويف وبعدها اتجهنا نحو تجارب زراعة الكينوا والمحاصيل الملحية بشكل أكبر في الأراضي الضعيفة”.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى