ادوية ولقاحاتاسماكالأخبارالانتاجالصحة و البيئةامراضحوارات و مقالاتمصر

د نيرمين أبو العلا تكتب : خارطة طريق مواجهة تحديات الإنتاج السمكي في مصر

أستاذ مساعد  أمراض ورعاية الاسماك بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة

إستشاري لقاحات الاسماك في مصنع ميفاك للأمصال واللقاحات البيطرية

 

لقد استطاعت مصرخلال الأونة الأخيرة أن تحقق مكانة عالية في مجال الاستزراع السمكى،  حيث تصدرت المركز الأول في الإنتاج السمكي بين دول القارة الإفريقية ودول حوض البحر المتوسط  والثالثة عالميا في إنتاج البلطي بعد الصين واندونيسيا، والمركز العاشر عالميا بإنتاج يصل 1,8 مليون طن.

لقد كان التركيز في الفترات السابقة علي إستزراع أسماك المياه العذبة خاصة سمكة البلطي معتمدا علي مياه الصرف الزراعي.

  ولكن مع محدودية الموارد المائية إتجهت الدولة الي وضع خطط تنموية بديلة فى هذا القطاع من أهمها:

·         التوسع الرأسي لزيادة الإنتاج في نفس وحدة المساحة لتعظيم الاستفادة من وحدة المياه بتحويل أنظمة الإستزراع السمكي المفتوحة الي شبه المكثف و المكثف (ومن هنا يجب الحيطة بأن هذه الانظمة في التربية تتطلب الإهتمام الدائم بالحالة الصحية للأسماك من حيث التغذية السليمة ورفع الحالة المناعية وكذلك قياس مؤشرات جودة المياه باستمرار.

·          لوحظ في السنوات السابقة حدوث حالات نفوق كثيرة في المفرخات و أحواض التربية لأسماك البلطي النيلي المستزرعة في  منطقة الدلتا خاصة في فصل الصيف (مايو-سبتمبر) مما أدي الي خسائر إقتصادية كبيرة لدي المربين.

·         أدي إنتقال المياه من مزرعة الي أخرى إلي إنتشار ظاهرة نفوق الاسماك بسرعة بين المزارع، وأكدت الدراسات العلمية أن إرتفاع درجة الحرارة الي ما يقرب من 30 درجة مئوية  وعدم وفرة وقلة جودة مياه الصرف الزراعي في ذلك الوقت أدي الي زيادة الحمل الميكروبي في الماء وضعف الحالة المناعية للأسماك مما أدي الي إنتشارالعديد من الامراض (المستوطنة أو الوافدة) التي تشكل أحد أهم التحديات التى تواجه الإستزراع السمكي في مصر.

·         لمواجهة هذه التحديات قام مصنع ميدل ايست للقاحات البيطرية بعمل خريطة وبائية لأمراض البلطي في هذه المنطقة، ونجح فريق الأبحاث والتطوير بالمصنع بعمل أول لقاح ميت ضد مرض الاستربتوكوكوزيس يحتوي علي العترات البكتيرية المختلفة المسببة للمرض و المعزولة من الأسماك المصابة (مسجل من قبل المعمل المركزي للرقابة علي المستحضرات البيطرية). بالاضافة لعمل برنامج التحصين للأمهات والزريعة والأسماك في أحواض التربية.

إذن… رغم أن مصر لديها ميزة نسبية في الإنتاج السمكي إلا أنها تحتاج إلي المزيد من الدور الحكومي لتنمية هذا القطاع الحيوي، وهو ما ظهر في توجهات الحكومة نحو دعم مشاريع الاستزراع السمكي البحري وتنمية البحيرات و تشجيع نظم الاستزراع التكاملي خاصة في الاراضي الصحراوية والتي تتميز بمياه جوفية مرتفعة الملوحة تستخدم لإنتاج الأسماك و القشريات البحرية و إستخدام مياه صرفها لانتاج النباتات المتحملة للملوحة ذات القيمة الاقتصادية العالية.

كما تعتمد خطة الدولة علي الإستفادة  من مقومات الإستزراع السمكي البحري في مصر وجود مسطحات مائيه واسعه ممثلة في البحرين المتوسط والاحمر وكذلك البحيرات الشمالية و الداخلية  والتى تقدر مساحتها  بحوالي 14 مليون فدان مما جعل  النهوض بمشاريع الإستزراع السمكي البحري هدف محوري بخطة التنمية الزاعية المستدامة 2030. والتى تهدف لسد الفجوة الغذائية من خلال رفع الإنتاج السمكي  وتوفير العديد من فرص العمل والاستثمارات لكافة المستويات.

لجأت مشروعات الدولة خلال العامين الماضيين إلي تنفيذ مشروعات سمكية عملاقة، تمثلت في إنشاء مزارع سمكية بحرية  بمنطقة بركة غليون بمحافظة كفر الشيخ تبلغ مساحة المشروع 2500 فدان مقسمة علي أحواض لتربية الأسماك البحرية و أحواض لتربية الجمبري و كذلك أحواض لتحضين و رعاية الزريعة ومحطات رفع مياه البحر و محطة لرفع المياه العذبة و محطة الصرف، ويضم المشروع قطاع للتفريخ لإنتاج زريعة الأسماك و يرقات الجمبري.

ومن اللافت ان الحكومة لجأت إلي مشروعات متكاملة لتطوير الإنتاج السمكي حيث قامت بتنفيذ منطقة صناعية تحتوي علي مصنع لتجهيز الأسماك و الجمبرى، ومصنع لإنتاج الأعلاف و الثلج و الفوم الخاص بعبوات التصدير. وكذلك مشروع المزارع السمكية حول محور قناة السويس الجديدة لإنتاج الأسماك البحرية الفاخرة. وكذلك الاهتمام بالبحيرات وعلي رأسها بحيرات المنزلة و البرلس.

وبالفعل هناك كثير من الخطوط الإيجابية و الداعمة لمشاريع الإستزاع السمكي البحري في مصر ولكن هناك أيضا العديد من التحديات التي ما زالت تواجه هذا المجال ومن اهمها عدم وجود رؤية موحدة لإستغلال الأراضي الساحلية في الأنشطة الإقتصادية المختلفة، وانخفاض وحدة المساحة نظرا لإتباع أساليب الإستزراع الموسع و الذي يتسم بانخفاض حجم الاستثمارات اللازمة مقارنة بباقي أنماط الإستزراع السمكى.

 ويرجع تفضيل المستثمرين لهذا النمط الانتاجي الي عدم الشعور بالإستقرار لدى مستزرعي الأسماك نتيجة لطبيعة عقود الإيجار القصيرة و التي تمنع المربين عن الانظمة المكثفة او شبه المكثفة و التى تتطلب أفق زمني لايقل عن 10-15 سنه لإسترداد رأس المال  المستثمر خاصة عند تربية الأسماك البحرية (مثل الدنيس و القاروص) والتي تستغرق دورة تربيتها ما لايقل عن عامين.

 أيضا عدم كفاية المفرخات لتوفير الزريعة من الأسماك البحرية، وكذلك نقص العلائق الصناعية المناسبة للاستزراع البحري و ارتفاع أسعارها، ولذلك نوصي بوضع خطة لتحديد المناطق الصالحة للإستزراع السمكي البحري وطرحها علي المستثمرين لتشمل جميع الانشطة المتعلقة بمجالات الاستزراع السمكى البحري (أحواض ساحلية-اقفاص سمكية- مزارع قشريات-مزارع محار-مفرخات-مصانع أعلاف-مصانع ثلج- مصانع تجهيز و تصنيع الأسماك-مراكز خدمات بيطرية –مناطق لإسكان العاملين في هذه المشروعات).

ومن المهم لتطوير قطاع الإستزراع السمكي منح إعفاءات ضريبية وتخصيص الأراضى لمدة لا تقل عن 10 سنوات، التوسع في إنشاء المفرخات السمكية البحرية، ودعم إنشاء مراكز أبحاث متخصصة لتطوير كل منطقة تحت اشراف متخصصون في كافة المجالات (التكاثر و التفريخ- الاستزراع – التغذية وصناعة الأعلاف- التحصينات ضد الأمراض و سبل الوقاية منها و العلاج).

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى