الأخبارحوارات و مقالات

الفلاح يكتب عن القطن: “صوتى ياللى مش غرمانة”

 

كانت مصر الريفية تشتهر بعادات وتقاليد فى دفن الموتى وإقامة العزاءات فيما يشبه الاحتفالية فكان الطبال يتقدم الجنازة ويقرع بطبلته معلنا قدسية المشهد المهيب للمتوفى وكانت الجنازة يطلق عليها فى بعض القرى (المشهد) لأنها تصور الحالة الجنائزية.

 وكما يتصدر الطبال مقدمة المشهد الجنائزي كانت نسوة المدينة يتصدرن مؤخرة المشهد بالعويل والندب ويصل الأمر الي استئجار الندابة أو المعددة التى تظل تعمل بضمير حتى يوارى المتوفى الثرى وتحصل على أجرتها وتنصرف الى حال سبيلها منتظرة وفاة اخرى كنوع من (أكل العيش).

 تذكرنى تلك الحالة  بحالة القطن المصرى الذى توفى الى رحمة ربه وتصدر مشهده الجنائزي وزارة الزراعة التى تجيد دور الطبال كما تجيد النقابات والاتحادات والجمعيات المتشدقة بدورها الوهمي فى الدفاع عن الفلاح دور “المعددة” فتتعالى الأصوات والتعديد عملا بالمثل الشعبى (صوتى ياللى مش غرمانة) .

على العكس كلما زاد الصوات والتعديد زادت الأجرة فأهل المرحوم يتسمون بالكرم والعطاء ولايشترط ان تكون قرعات الطبول متفقة مع نغمات التعديد المهم أن الجميع فى المشهد وسيادة المرحوم القطن المصرى الذى عانى سنوات عديدة من المرض ظن أن أسطوانة أكسجين ستعيد له الحياة.

 موت القطن المصري ضرورة لاستمرار حياة الآخرين كالطبال والندابة وإن أسطوانة الأكسجين ما هى إلا إسطوانة (مشروخة) حين وثق الفلاحين فى وزارتهم وزرعوا القطن حتى جاء حصاد ثمانية شهر من العذاب والقلق ليكتشفوا أنهم يحصدون الوهم فوضعوا أقطانهم أمام أعينهم يتحسرون عليها فالسعر بخس والوعد كذب والحلم سراب .

نعم فشلت وزارتهم الميمونة فى تسويق أقطانهم المنكوبة، بسعر أعلنته هى قبل الزراعة رغم تعهدهم للرئيس عبدالفتاح السيسي بتطبيق الزراعة التعاقدية لضمان حصول الفلاح علي عائد مجزي من فلاحة الأرض للمحاصيل الاستراتيجية، لتزداد فجوة الثقة بين الفلاح ووزارة الزراعة وهو ما ينعكس على علاقة الشعب بالحكومة عكس تقدير الفلاح لدور الرئيس في تحقيق تنمية حقيقية تخدم المواطن والفلاح المصري وجميع بسطاء الوطن، ورغم ذلك لم تعمل وزارة الزراعة علي تنفيذ أحلام الرئيس، وإنعكس ذلك علي علاقة الوزارة بفلاحيها، ولم يعد يُؤْمِن بدورها ووعودها فى إحداث تنمية حقيقية في الزراعة لأنهم خاضوا تجربة حقيقية مع تلك الحكومة التى وعدت وخلفت وعاهدت ونقضت والدليل الفشل الذريع فى تسويق المحاصيل و القطن خير شاهد علي ما يحدث …وصوتى ياللى مش غرمانه

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى