الأخبارالصحة و البيئةبحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د سماح عيد عبد السلام تكتب: مخلفات مزارع الدواجن مصدر للتلوث البيئي ونشر الأمراض أم قيمة مضافة لربحية مزارع الدواجن

الدكتورة سماح عيد عبد السلام باحث أول المعمل المرجعي للرقابة البيطرية على الأنتاج الداجني معهد بحوث الصحة الحيوانية

  • تنتشر التربية الداجنة بجميع محافظات مصر وتتوزع بكثافة عالية بين قطاعات التربية المنزلية والتي تقدر كثافتها بحوالي 300 مليون طائر وبين القطاع التجاري والذي يبلغ حوالي 900 مليون طائر ليصل اجمالي الأنتاج الداجني بمصر حسب احصاءات عام 2017 الى حوالي مليار ومائة مليون طائر.
  • وقد عرف المصريون تربية الدجاج  واستئناس  الدواجن منذ فجر التاريخ حيث تروي جداريات المعابد المصرية القديمة كيف تعامل الفلاح الفرعوني مع الدجاج كمصدر للحم والبيض.
  • وترجع الكثافة العالية للإنتاج الداجني بجمهورية مصر العربية للتكاليف المناسبة لأقامة مشروعات الدواجن والخبرة التراكمية للمربي المصري ووجود صناعة قوية وضخمة للدواجن تبلغ حوالي 65 مليار جنيه مصري ويعمل بها قرابة2,5 مليون من العمالة .
  • كذلك فأن التكاليف المحدودة لتربية القطعان بالتربية المنزلية والتي تتغذى معظمها على النفايات المنزلية ومخلفات المطابخ شجعت المصريات على التربية المنزلية بالأماكن المتاحة بأحواش المنازل الريفية أو فوق الأسطح كمصدر للغذاء من البروتين الحيواني من البيض واللحم وكذلك كمصدر للدخل والبيع بالأسواق المحلية الريفية في أحيان كثيرة .
  • وقد شجع انتشار سلالات بدارى الدجاج اللاحم من الكب والهابرد المتميزة بمعدلات التحويل الغذائي العالي مع انتشار الوعي بأهمية الرعاية البيطرية و تطبيق ممارسات الأمن الحيوي والتربية المنزلية الآمنة وكذلك تداول اللقاحات وانتشار حملات التوعية للوقاية ضد أهم الأمراض الداجنة مثل مرض إنفلوانزا الطيور وخاصة مع قدوم موسم الشتاء الى زيادة الإنتاجية الرأسية بالمزارع حيث تتراوح متوسط مدة دورة التسمين من 33-40 يوم كحد أقصى ويصل عدد الدورات الى 6.5 دورة في العام مع أهمية الأشارة الى وصول كثير من المربيين من ذوي الخبرة والذين يطبقون نظم إدارة جيدة ونظم أمن حيوي فعال بالمزارع خاصة نظام التربية المغلق واتبع برامج التغذية والرعاية البيطرية الى تقليل مدة الدورة الى 30 يوم وبلوغ عدد دورات التربية الى 7.2 دورة بالعام .
  • و قد يصل معدل النفوق المعتاد الى 3% من حجم القطيع بمعنى أن عنبر بطاقة 25,000 طائر بوزن 1.5 كجم للطائر الواحد قد تبلغ كمية الفاقد منه  قرابة 1000 كجم عند نهاية دورة التسمين التي تبلغ مدتها 40 يوم.
  • وتجدر الأشارة أيضا أن دجاجة منزلية تنتج تقريبا  بيضة واحدة في اليوم وتنتج ما يعادل واحد  قدم مكعب من الزرق خلال 6 أشهر من التربية.
  • من المؤسف أن بعض المربيين لا يدركون خطورة القاء النافق من الطيور بالترع والمصارف والطرق العامة كطريقة للتخلص منها حيث يتسببون بذلك في زيادة الحمل الميكروبي بالبيئة بمناطقهم السكنية وحول مزارعهم ويسبب التلوث البيولوجي بالمسببات المرضية التي قد تعرضهم وتعرض صحة المواطنين للمخاطر وكذلك تهدد قطعانهم بالأصابة بالعدوى مرة أخرى وتكبدهم خسائر اقتصادية فادحة .
  • والخلاصة أن ادارة مخلفات التربية من السبلة والنافق اليومي بكفاءة مهم جدا والا أصبحت المخلفات المزرعية عبئا ثقيلا على المربي  وخطرا ومصدرا للتلوث على الصحة العامة والبيئة لما قد تحتويه من أوبئة وميكروبات ذات طبيعة مشتركة بأمراض فيروسية خطيرة تهدد صحة الأنسان وتسبب خسائر اقتصادية فادحة بإنتاج الدواجن قد تصل الى نفوق كلي للقطيع مثل حالات الأصابة بفيروس الإنفلوانزا من العترات شديدة الضراوة   H5N1, H5N8,  أو  أمراض بكتيرية مثل ميكروبات التسمم الغذائي والحالات المعوية مثل السالمونيلا والأشيرشيا كولاي وغيرها بخلاف ما تمثله تلك المخلفات من تهديد ومخاطر على صحة الحيوان و سلامة البيئة .

توجد عدة طرق صحية للتخلص الآمن من الطيور النافقة ثبت كفائتها علميا نستعرض منها:

  • الدفن العميق Deep Burial
  • وهنا يتم عمل حفرة عميقة يجب ألا يزيد عمقها عن مترين ونصف وعرضها عن متر ونصف وتكون ذات فوهة ضيقة يتم القاء الطيور النافقة بها بعد القاء الفينول عليها ويتم اغلاق الحفرة وردمها جيدا وتغطيتها بالجير الحي لتحاشي نبشها من الحيوانات الضالة.
  • اختيار مكان الحفر مهم جدا حيث يجب أن يبتعد مسافة لا تقل عن 35 متر عن مصادر المياه السطحية أو الجوفية لمنع تلوث المياه.
  • ومن عيوب التخلص بالدفن ,,, احتمال نشر الأوبئة في حالة عدم اتباع تعليمات واشتراطات الدفن الصحي من حيث حجم الحفرة وبعدها عن مصادر المياه حيث تتهم هذه الطريقة بأنها مصدر محتمل  لتلوث المياه الجوفية.
  • الحرق Burning
  • يتم حرق الطيور النافقة باستخدام أجهزة خاصة تعرف بالمحارق الا أن هذه الطريقة مكلفة حيث تعمل بالسولار وتحتاج الى الصيانة المستمرة وقد تتسبب في احداث تلوث بيئي …وتستخدم بعض المزارع الصغيرة طريقة غير منهجية في حرق النافق اليومي حيث تستخدم براميل غير محكمة الغلق أو غير مغطاة مما يحدث تلوث بيئي حاد ولا يؤدي للتخلص الفعال من الطيور النافقة حيث لا يكون الحرق كاملا وبالتالي قد يتسبب في  نشر أوبئة بيولوجية بخلاف احداثه لتلوث بالهواء ناتج عن عوادم الحرق.
  • طريقة الطهيRendering
  • تعد هذه الطريقة من أكثر الطرق قبولا حيث تتم المعالجة الحرارية للطيور النافقة وتعريضها لدرجات حرارة تصل الى 280 درجة مئوية لفترة زمنية قد تمتد لساعتين وهي كافية بالطبع للقضاء على كافة أنواع الجراثيم المعروفة ويتم تجميع الدهون الحيوانية والبروتين والتخلص من الرطوبة بالقدر المناسب حسب نوع المنتج العلفي المطلوب
  • وتستخدم مخرجات الطهي كمدخلات علفية عالية القيمة من البروتين والطاقة يتم استخدامها في أعلاف الأسماك أو أطعمة الحيوانات الأليفة وقد تدخل في صناعة المستحضرات الطبية .
  • وينصح هنا أن يتم توعية أصحاب المزارع بتجهيز مزارعهم بثلاجات أو أجهزة تجميد deep  freezers تكفي لتجميع النافق اليومي لحين نقله الى وحدة تدوير المخلفات
  • وتصلح هذه الطريقة للمزارع القريبة من وحدات تدوير المخلفات ويجب هنا اتخاذ الإجراءات الصحية السليمة للنقل بوضع الطيور في حاويات محكمة الغلق ونقلها بسيارات خاصة الى وحدات التدوير وهنا تم تحويل النافق الى قيمة مضافة لربحية المزرعة بدلا من احتسابه جزء من التكاليف و الخسارة.
  • طريقة التسميد Composting
  • بالرغم من الوعي التاريخي بتلك الطريقة الا أن استخدامها ما زال محدود جدا وهذا بالرغم من تناولها منذ ظهور فيروس انفلونزا الطيور بمصر عام 2006 من خلال العديد من حملات التوعية وورش العمل والارشاد والتدريب التشاركي مع الفئات المستهدفة بتنوعها من الأطباء البيطريين والعمال والمربيين بشكل عام.
  • تصلح هذه الطريقة للتخلص الآمن والاستفادة من الطيور النافقة ومن السبلة أيضا وتعتمد هذه الطريقة على خلط كميات من السبلة و الطيور النافقة كمصدر للنيتروجين في طبقات متبادلة مع مادة مالئة bulking agent  كمصدر للكربون وهنا يمكن استخدام العديد من المخلفات الزراعية كالقش والحطب او نشارة الخشب حتى ان بعض المربيين استخدموا نفايات المزرعة مثل  كراتين البيض المستهلكة وتضاف المياه كمصدر للرطوبة ويتم عمل أكوام من الخليط المشار اليه.
  • يتم تغطية الطبقة العليا من الكوم بطبقة من القش ويجب الا يزيد ارتفاع كوم السماد عن 180 سم وتعتمد هذه الطريقة على تحفيز نمو البكتيريا الهوائية الموجودة بشكل طبيعي بالسبلة حيث ينتج عن  تفاعلاتها الحيوية ارتفاع  درجة حرارة الكوم ليصل في اللب الى 54-66 درجة مئوية خلال 48-72 ساعة.
  • تستمر درجة الحرارة بلب كوم السماد بين 54-65 درجة مئوية لمدة من 7 الي 10 ايام تبدأ بعدها التفاعلات الحيوية في التباطؤ نتيجة نفاذ الأكسجين الموجود بالمسام والمسافات البينية بالكوم .
  • وعند هذا الحد يجب اعادة تقليب الكوم لتهويته وتركه لمدة 14 يوم أخرى وعند نهاية مدة 30 يوم تقريبا يصبح كوم السماد آمن تماما خالي من الجراثيم والميكروبات الخطرة وقد تحللت كل أجزاء جثث الدجاج النافق بالكامل .
  • يستخدم هذا السماد كمعالج ومخصب غني بالفوسفور والنيتروجين والكربون و البوتاسيوم لمعالجة و استصلاح الأراضي الزراعية وتحسين قدرات التربة واستهلاكها للمياه كما  يتم استخدامه في تسميد المزارع السمكية حيث يعد غذاء جيد للطحالب التي تتغذى عليها الأسماك المستزرعة .
  • يجب متابعة ارتفاع درجة حرارة مركز كوم السماد باستخدام ترمومتر ذو مجس طويل حوالي 80 سم للتمكن من متابعة و قياس درجة الحرارة بمركز الكوم .
  • وتعد طريقة التسميد للتخلص الآمن والاستفادة من المخلفات المزرعية نافق، سبلة ، مخلفات زراعية من أكثر الطرق قبولا وتطبيقا بالولايات المتحدة الأمريكية حيث تعتبر طريقة بسيطة ، آمنة على البيئة ، تقضي على الجراثيم ، ولا تتسبب في احداث تلوث بالهواء او بالمياه الجوفية ، غير مكلفة ، غير مستهلكة للوقود أو الطاقة ذات عائد مجزي وربحية و كذلك تعزز من ممارسات الأمن الحيوي والبيئة بالمزرعة.
  • من الأسباب المحتملة لمحدودية تطبيق مشروعات التسميد أن فكرة تطبيقها خلال السنوات السابقة ارتكزت على تنفيذها داخل المزارع في الفترات البينية بين الدورات مما يعني توقف الأنتاج بالعنبر المستغل للتسميد لفترة 45 يوم تقريبا منها 30 يوم للتسميد و15 يوم للتنظيف مما يمثل خسائر لا يستطيع المربي تحملها .
  • ربما من المناسب طرح فكرة اقامة وحدة للتسميد ولتكن من أدوات سابقة التجهيز واقتصادية على غرار الصوب الزراعية يتم تنفيذها في الأماكن الفضاء بين تجمعات المزارع بكل وحدة جغرافية ولتكن علي سبيل المثال  كل قرية.
  • اختيار مواقع وحدات معالجة المخلفات المزرعية:
  • في جميع الأحوال فان اختيار مواقع التعامل مع مخلفات الدواجن يجب أن يتم وفقا للتشريعات و القرارات المنظمة على سبيل المثال  يشترط قرار وزير الزراعة واستصلاح الأراضي رقم 368 لسنة 2017 أن تبعد وحدات تدوير المخلفات مسافة واحد كيلو متر عن الكتلة السكنية وأيضا مسافة واحد كم عن أقرب نشاط داجني آخر.
  • يجب في حالة نقل المخلفات من المزرعة أو موقع الأنتاج الى وحدات المعالجة أن تتم خلال 24 ساعة على الأكثر من النفوق أو يتم حفظ الطيور النافقة بثلاجات أو أجهزة تجميد حتى نقلها دون السماح بتكدسها .
  • يجب نقل السبلة أو الطيور النافقة بحاويات وعبوات محكمة الغلق وسيارات مغلقة تماما
  • يجب توعية السائقين والعمال الى ضرورة تطهير السيارات جيدا عند انتقالها بين المواقع  وعدم دخولها الى مواقع الأنتاج ولكن يتم اخراج العبوات المغلقة الى مكان تحميل السيارة خارج اسوار المزرعة.
  • يجب تدريب العمال والسائقين على الممارسات الصحية الجيدة وممارسات الأمن الحيوي .
  • الفحص الدوري للمخلفات المزرعية المعالجة:
  • يجب أن تخضع المخلفات المزرعية بعد تدويرها ومعالجتها للفحص المعملي سواء بوحدات صناعة السماد أو وحدات الطهي وصناعة المنتجات العلفية ، يجب أيضا أن تكون العينات ممثلة للكوم أو تشغيلة المخلفات المطهية ويتم الفحص المعملي للتأكد من خلوها من الأمراض الفيروسية الوبائية مثل فيروس الانفلوانزا أو الميكروبات ذات الطبيعة المشتركة مثل السالمونيلا والأشيريشيا كولاي وغيرها وهنا يجب الرجوع الى المواصفات القياسية المصرية ذات الصلة.

 

  • التوعية بأهمية وفوائد مشروعات اعادة تدوير المخلفات المزرعية :
  • وأنه لمن الأهمية الاشارة الى الدور التوعوي الواجب على جميع أجهزة الدولة المعنية بالزراعة والصحة والأعلام والكليات والمعاهد البحثية المتخصصة القيام به
  • أهمية استهداف حملات التوعية للفئات المستهدفة بجميع شرائحها من صغار المربيين وكبار المربيين من أصحاب المشروعات المتكاملة والكوادر الفنية من الزراعيين والأطباء البيطريين الى الفرص ذات الجدوى العالية لإقامة وحدات تدوير المخلفات المزرعية سواء من خلال الطهي وصناعة المدخلات العلفية أو صناعة الأسمدة.
  • حيث أن السوق المصري بحاجة الى مثل تلك المشروعات كما أن تكلفة اقامتها لا تتطلب رأس مال ضخم هذا بالإضافة لتوفر فرص تمويلية ميسرة من جهات مختلفة منها جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر.
  • تعد تلك المشروعات بهوامش ربحية عالية وذلك لقلة أعدادها خاصة بالأماكن كثيفة الأنتاج الداجني .
  • كما أن السوق المحلي بحاجة لصناعة وطنية لتوفير منتجات مثل أطعمة الحيوانات الأليفة  والتي انتشرت بالمجتمع في السنوات القليلة الماضية حيث  يتم استيرادها بحوالي 100 مليون دولار سنويا مما يعد مؤشرا ايجابيا لربحية  انتاج محلي سيتم طرحه بسعر تنافسي ويحد من الاستيراد بالعملة الصعبة.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى