ادوية ولقاحاتالأخبارالانتاجالصحة و البيئةامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د عويس جلال يكتب: تطور فيروس مرض النزف الدموي الأرنبي في مصر

 رئيس بحوث بقسم النيوكاسل, معهد بحوث الأمصال و اللقاحات البيطرية بالعباسية

مرض النزف الدموي الفيروسي الأرنبي يسببه فيروس مرض النزف الدموي الأرنبي RHDV  الذي يتبع عائلة الكاليسيفيريدي و جنس اللاجو فيروس، كان أول ظهور لهذا الفيروس في الصين عام 1984حيث سبب نفوق لملايين الأرانب، و انتشر الفيروس من الصين إلى باقي أنحاء العالم في فترة قصيرة جدا.

  كان أول ظهور لفيروس مرض النزف الدموي الأرنبي RHDV في مصر عام 1991 في محافظة الشرقية و منها انتشر لباقي المحافظات وخاصة  أسيوط و القليوبيةو المنيا و سوهاج، و الجيزة و القاهرة و مرسى مطروح و كفر الشيخ و الدقهلية و الغربية من عام 1994-1996 ثم انتشر الى باقي أنحاء الجمهورية

 سمي المرض بعدة أسماء في بدايات، وأول ما اطلق على هذا المرض أسم تسمم فيروسي أرنبي ثم  نزف فيروسي رئوي أرنبي ثم  مرض النزف الدموي الفيروسي الأرنبي RVHD  أو  الموت المفاجئ الفيروسي أو ظاهرة الألتهاب الرئوي، أو غيره من الأسماء إلا أن الأسم الأكثر شيوعا الآن و تداولا في المراجع و الكتب هو مرض النزف الدموي الفيروسي الأرنبي Rabbit Viral Haemorrhagic Disease (RVHD)  

 في البدايات اجتهد الباحثون في التعرف على هذا المسبب المرضي الذي أحدث نفوق لملايين الأرانب  حيث أجمع العلماء على أن المسبب المرضي فيروس و لكن اختلفوا في أي نوع هو…

 البعض قال انه بيكورنا فيروس و البعض قال أنه كاليسي و آخرون قالوا أنه بارفو فيروس، وفي نهاية الأمرو بعد دراسات مستفيضة خصوصا على شكل الفيروس بالميكروسكوب الألكتروني عاد و اجتمع العلماء على أنه كاليسي فيروس.

لذلك فإن فيروس مرض النزف الدموي الأرنبي كروي الشكل ليس له مظروف  متوسط طول قطره 35 نانوميتر  و الكبسولة تتكون من حوالي 32 كابسومير تحوي بداخلها المادة الوراثية (الحمض النووي ر.ن.أ (RNA))

 فيروس مرض النزف الدموي الأرنبي RHDV مثله مثل باقي فيروسات ال ر.ن.أ  (RNA) له ميل شديد للتطفر و التغيير.

 منذ إكتشاف الفيروس عام 1984 و كل الفيروسات المعزولة في مختلف بلدان العالم لها خاصية تلزن كرات الدم الحمراء للإنسان من نوع ”O“ (Haemagglutinating) إلى أن تم أكتشاف أول معزولة متغيرة (Variant) تنقصها هذه الخاصية عام 1991 (None Haemagglutinating) من وباء صغير محدد في مقاطعة راينهام بجنوب انجلترا و سميت بهذا الأسم “Rainham” 

مع ظهور الفيروس في مصر عام 1991 تم الأعتماد على المصل المرجعي عالي العيارية في تشخيصه.

مع ظهور اختبار تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR) و القدرة على تحليل التتابع النيوكليتيدي(Nucleotide Sequence) للأحماض النووية  تم عمل أول مقارنة عل مستوى التتابع النيوكليتيدي  عام 1992ما بين عترتين من الفيروس أوروبيتين و الكاليسيفيروس للأرانب و اثبتت المقارنة وجود ارتباط وثيق بينهم على الرغم من اختلاف البلدان التي تم العزل منها .

في عام 1994 قورنت العترة الأسبانية (AST/89) بالعترة الألمانية على مستوى التتابع النيوكليتيدي أيضا و كان التطابق بينهما نسبته 95,5 %

في عام 1995 تمت أول دراسة على الحماية المشتركة (Cross protection) بين العترات المختلفة و بعضها. تمت هذه الدراسة على فيروسات من ايطاليا و كوريا و المكسيك و أسبانيا و ثبت فيها وجود حماية مشتركة بين هذه الفيروسات و بعضها

في فرنسا عام 1995 قورنت 3 معزولات من 3 أوبئة مختلفة و كذلك 3 مناطق جغرافية مختلفة على أساس التتابع النيوكليتيدي و أسفرت هذه المقارنة عن تطابق يتراوح ما بين 96,6 : 98,7%

في عام 1996 تم عزل و تصنيف فيروس من الأرانب السليمة هذا الفيروس له علاقة وثيقة بفيروس مرض النزف الدموي الأرنبي حيث يتطابق معه بنسبة 92% إلا انه يختلف عنه في :

  • الإمراضية : غير ممرض للأرانب .
  • المكان المفضل للتكاثر في جسم الأرنب: الأمعاء .
  • عيار او تركيز الفيروس: قليل أو منخفض.

سمي هذا الفيروس بكاليسي فيروس الأرانب (RCV)Rabbit Calici Virus  

في مصر عام 1996 تم بمعهد بحوث الأمصال و اللقاحات البيطرية بالعباسية التمكن من عزل بعض المعزولات لفيروس مرض النزف الدموي الأرنبي و التشخيص باختبار  منع التلازن الدموي(HI) باستخدام مصل مرجعي عالي العيارية (hyper-immune reference serum) و تم اختيار أحد هذه المعزولات للتأكد من التشخيص من خلال ارسال عينات إلى معهد برلين القومي بألمانيا  و جاء الرد بالإيجابية و سميت العترة جيزة 97. و بالفعل تم تسجيل و إنتاج أول دفعة لقاح من العترة المحلية جيزة 97 من خلال ملف علمي روجع مراجعة دقيقة و تم اجازته من قبل الهيئة العامة للخدمات البيطرية بعد العرض على لجنة علمية من أعلى المستويات تضم اساتذة و علماء الفيروسات بكليات الطب البيطري و المعاهد البحثية البيطرية المختلفة.  تم طرحها للمزارع عام  1998 بعد اجتيازها جميع الإختبارات في المعمل المركزي للرقابة على المستحضرات الحيوية البيطرية.

في عام 1996 تم إعادة دراسة العترة الأنجليزية المتغيرة ”راينهام (None Haemagglutinating) (تنقصها خاصية التلزن الدموي) و تبين أنها استعادت هذه الخاصية و لكن عند درجة حرارة 4 °م كما تفاعلت أيضا مع المصل عالي العيارية للمعزولات الكلاسيكية من فيروس النزف الدموي الأرنبي في المملكة المتحدة و إيطاليا.

في عام 1996و بالتحديد في ألمانيا تمت أول دراسة مقارنة على العترات المعزولة  من نفس الوباء و لكن في أطوار مختلفة. فتمت المقارنة بين العترة المعزولة أثناء الطور الحاد و تلك المعزولة أثناء الطور المزمن.

 أسفرت هذه المقارنة عن:

معزولة الطور الحاد ومعزولة الطور المزمن التي تتميز  الاولي بأن لها خاصية التلزن الدموي، والثانية ليس لها خاصية التلزن الدموي. ومتوسط قطر الفيروس 36 نانوميتر للطور الأول، ومتوسط قطر الفيروس 26 نانوميتر للطور الثاني

ويحتوي الأول علي عدة تراكيب بروتينية بينما يحتوي الثاني علي تركيب بروتيني وحيد وزنه 30 كيلو دالتون، وناتج الطور الاول من دورة تكاثر صحيحة بينما ناتج الطور الثاني من دورة تكاثر ناقصة و مشوهة.

استمرت دراسات العزل و التصنيف للفيروس في مختلف بلدان العالم و المقارنة بين هذه المعزولات من حيث التطابق الجيني بحثا عن أي تطور أو تطفر أو تغير يحدث للفيروس و أطلق أسم العترة الكلاسيكية على الفيروس الأصلي و العترة المغايرة على RHDVa

الجديد هنا أن الحماية المشتركة كانت محدودة في معزولة واحدة فقط.

مع بداية الألفية الجديدة و مع كثرة المعزولات اتجه العلماء إلى تقسيم عترات فيروس مرض النزف الدموي (RHDV) إلى مجموعات جينية (Genogroups) طبقا للتطابق النيوكليتيدي و عمل ما يسمى بالتحليل التطوري للسلالة (Phylogenetic analysis) .

بدأ هذا التقسيم في فرنسا عام 2003 حيث تم عمل أول دراسة وبائية جزيئية (Molecular epidemiological study). و فيها  تم دراسة المعزولات في فرنسا من عام 1988 إلى عام 1995 فتبين إنقسام العترات إلى 3 مجموعات جينية من 1 : 3 و وجد ان المجموعة 1 و 2 اختفت بسرعة.

ثم درسوا المعزولات من عام 1993 إلى عام 2000 فأظهر ذلك 3 مجموعات أخرى من  4 : 6 على الرغم من صغر الأختلافات بينهم.

كما تبين من الدراسة أيضا أن المجموعة الجينية 4 ظهرت من المجموعة الجينية 3 و أن المجموعة الجينية 5 مجموعة مستقلة .

أما المجموعة الجينية 6 فضمت معزولتان مختلفتان لفرنسا أحدهما من ماينلاند و الأخرى من رينيون. كما ضمت أيضا العترة المتغيرة الألمانية و الأمريكية.

 في مصر عام 2000 بدات دراسات تكميلية بمعهد بحوث الأمصال و اللقاحات البيطرية على فيروس النزف الدموي الأرنبي و استمرت هذه الدراسة 7 سنوات و أسفرت عن:

  • تسجيل عدد واحد و ستون وباء لمرض النزف الدموي الفيروسي في مختلف محافظات مصر خلال ما يقرب من سبع سنوات في الفترة من عام 2000 إلى عام 2006 ميلادية. كان التشخيص المبدئي من خلال التاريخ المرضى للقطيع و الأعراض الإكلينيكية و الصفات التشريحية و التغيرات الهستوباثولوجيه و اختبار التلزن الدموي لمستخلص الأكباد من الأرانب المصابة ضد كرات الدم الحمراء للإنسان فصيلة ”O” و عزل الفيروس في الأرانب القابلة للعدوى.
  • اختبار التلزن الدموي في درجة حرارة 4م اسفر عن 40 عينة ايجابية و  21 سلبية.
  • تأكيد تشخيص المرض باستخدام أربعة اختبارات متقدمة  وهي (اختبارات فصل البروتينات بسريان التيار الكهربائي ((SDS-PAGE, و اللطخ الغربي (Western blot), والنسخ العكسي/ تفاعل البلمرة المتسلسل, و المجهر الإلكتروني.
  • التصنيف الجزيئي لعدد 4عترات مصرية من الفيروس, بعمل تتابع نيوكليوتيدى لمنطقة بروتين الغطاء 60 (VP60) و نشر هذا التتابع على موقع جينبنك بشبكة المعلومات الدولية.
  • أظهر التحليل التطوري (Phylogenetic analysis) أن العترتين المصريتين مصر قليوبية 2000, و مصر جيزة 97 على علاقة جينية و أنتيجينيه و انفصلا في نفس المجموعة الجينية الأولى عترات كلاسيكية

في حين أن العترة المصرية مصر كفر الشيخ 2000 كانت مختلفة جينيا و انعزلت في مجموعة جينية مختلفة, و لكنها متعلقة بباقي العترات و العترتين المصريتين من الناحية الانتيجينية.

أما أحدث المعزولات و التي تم تسميتها جيزة 2006 فاختلقت جينيا و انتيجينبا و ظهرت في المجموعة الجينية السادسة التي تحوي العترات المغايرة RHDVa   

شجرة تطور السلالة لعترة جيزة 97(EgyptGiza97)  

شجرة تطور السلالة لعترة قليوبية 2000(EgyptKalubia2000)  

شجرة تطور السلالة لعترة كفر الشيخ 2000(EgyptKS2000)  

شجرة تطور السلالة لعترة جيزة 2006(Giza 2006)  

  • تم إختيار العترة المغايرة (RHDVa) جيزة 2006 لتحديث العترة التي ينتج منها اللقاح بالمعهد و ذلك بعد الدخول في دراسة تحضير لقاح جديد أثبت كفاءة عالية في التصدي للفيروس الضاري سواء العترة الكلاسيكية أو المغايرة. و بعد تحديث الملف العلمي للقاح بالعترة الجديدة بدأ المعهد بإنتاج اللقاح و طرحه للأستخدام الحقلي في 2009 .

في المجر عام 2006 تم أيضا عمل تحليل تطوري للسلالة (Phylogenetic analysis) على أساس التتابع النيوكليتيدي لبروتين الكبسولة 60 (VP60) فتبين من ذلك وجود 3 مجموعات جينية,

المجموعة الأولى تضم عترات الفيروسات من 1988 و حتى 1993

المجموعة الثانية تضم عترات الفيروسات من 1994 و حتى 2002

المجموعة الثالثة تضم العترة المغايرة RHDVa أو RHDV subtype a  و مثيلاتها و قد اشتملت أيضا على المعزولة المجرية .

في دراسة أخرى من هذا القبيل عام 2006 تمت على معزولات جديدة من الفيروس و بعض الفيروسات العالمية المتاح لها التتابع النيوكليتيدي في بنك الجينات  تم إكتشاف أن فيروس الوباء الصيني خارج من (أصله) فيروسات أوروبية كانت موجودة منذ سنوات عديدة قبل عام 1984.

العترات الأوروبية للفيروس ظهرت من عترات غير ممرضة باستقلالية عن العترة الصينية 1984.  

في فرنسا و أثناء صيف 2010 حدثت حالات كثيرة من مرض النزف الأرنبي في كل من مزارع الأرانب (المحصنة) و الأرانب البرية.

بإستخدام التحصين إضطراريا توقف النفوق و لكن في مدة من 15:7 يوم (أطول من المعتاد 3 : 9 يوم) .

تم تشخيص السبب فكان لاجوفيروس و لكن هل هذا الفيروس مختلف  من حيث التطور الجيني عن فيروس مرض النزف الدموي الأرنبي الكلاسيكي أو المتغير؟

الإجابة نعم هذا الفيروس مختلف و سمي بفيروس مرض النزف الدموي الأرنبي 2 (RHDV2)

فيروس مرض النزف الدموي الأرنبي 2 (RHDV2)

فيروس مرض النزف الدموي الأرنبي الكلاسيكي و المغاير أ ((RHDV – RHDVa

نسبة التطابق النيوكليتيدي 80%

في الأرانب المحصنة و الرضيعة التي عمرها 15 : 20  يوم

في الأرانب الغير محصنة و بعد عمر الفطام

مدة المرض أطول (قد تصل إلى 15 يوم)

مدة المرض أقصر( من 2 : 9 يوم)

حدوث الأطوار التحت الحاد و المزمن اكثر (الأعراض أقل حدة)

حدوث الأطوار قبل الحاد و الحاد اكثر (الأعراض أكثر حدة)

معدل النفوق أقل  (يتراوح من 5 : 70%)

معدل النفوق أكثر (يتراوح من 70 : 90%)

الحماية المشتركة جزئية

كل الصفات السابقة ترجح بقوة عدم خروج هذا الفيروس من الفيروس الكلاسيكي و يقترح بأن يكون إصدار ثاني من مصدر غير معروف مما يعتبره نوع مصلي (Serotype) ثاني من فيروس مرض النزف الدموي الأرنبي.

في دراسة لاقتفاء أثر التغيير الجيني للفيروس في مصر في الفترة من 1997 و حتى عام 2012 تبين استمرار وجود العترتين الكلاسيكية و المغايرة دون ان تحل المغايرة مكان الكلاسيكية.

 

في مصر من أحدث البحوث التي اجريت بمعهد بحوث الأمصال و اللقاحات البيطرية بالعباسية (تحت النشر بمكتب الوبائيات العالمي) عمل دراسة تحليل تطوري للسلالة (Phylogenetic analysis) للفيروس و اسفرت عن عدم وجود أي أثر للمعزولة الجديدة أو النوع المصلي (Serotype) الجديد  RHDV2 .

كما درست الحماية المشتركة ما بين العترة الكلاسيكية و العترة المغايرة باستخدام 4 معزولات مصرية من فيروس النزف الدموي الأرنبي.

 اعوام 1997 و  2014 يمثلان العترة الكلاسيكية و 2010 و  2012 يمثلان العترة المغايرة. و أثبتت وجود الحماية المشتركة بينهم.

في مصر و في عام 2017نفس النتيجة السابقة تم التحصل عليها في بحث من قسم الفيروسات بكلية الطب البيطري جامعة كفر الشيخ بالتعاون مع قسم الدواجن بمعهد بحوث صحة الحيوان فرع كفر الشيخ و هي بناءا على تحليل التتابع النيوكليتيدي لمعزولات من اوبئة حدثت في قطعان أرانب غير محصنة أثناء عامي 2015 و 2016 تم التعرف على 4 عترات كلاسيكية و عترة واحدة مغايرة RHDVa  ولا وجود ل RHDV2

الخلاصة النهائية :

 ينتشر في مصر فيروس مرض النزف الدموي  الأرنبي بعترتيه الكلاسيكية و المغايرة RHDVa

ينتج بمعهد بحوث الأمصال و اللقاحات البيطرية بالعباسة لقاح فيروس مرض النزف الدموي المثبط من العترة المغايرة RHDVa جيزة 2006و الذي يعطي مناعة ضد العترتين الكلاسيكية و المغايرة و ينتج بمادتين حاملتين مختلفتين و هما الجل و الزيتت.

لا توجد و لم تسجل حتى تاريخه أي حالات إصابة للأرانب بفيروس مرض النزف الدموي الأرنبي 2 (RHDV2) في مصر.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى