الأخبار

د علاء البابلي يكتب : الاستثمار الزراعي في مصر في ظل ندرة المياه .. الفرص والمتطلبات

د علاء البابلي مدير معهد بحوث الاراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية وخبير المياه الدولى

تعتبر الاستثمارات أحد الأدوات الرئيسية لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية من أجل تحقيق أهدافها، وذلك عن طريق زيادة الإنتاج، وزيادة قدرة الاقتصاد القومي على مواجهة التحديات العالمية وكذا خلق فرص عمل جديدة تسهم فى رفع مستوى المعيشة، ويتوقف نجاح سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على عدة عوامل من بينها حجم الاستثمارات وكفائة توزيعها فى المجالات المختلفة، ويستدعى ذلك أن تتمشى خطط وبرامج الاستثمار الموضوعة مع قدرة الدولة على الاستخدام الفعال لتلك الاستثمارات.

وبالرغم من اهمية القطاع الزراعي فانه يعاني من المحدودية الشديدة في الاستثمارات اذا ما قورن بالاستثمار في القطاعات الاقتصادية الاخري، حيث ينخفض نصيب القطاع الزراعي من الاستثمارات من سنة الي اخري، هذا من ناحية، ومن ناحية اخري فان توزيع الاستثمارات داخل القطاع الزراعي لا تتناسب مع اهمية كل مكون من مكونات القطاع الزراعي.

فنلاحظ ان اغلب الاستثمارات الزراعية توجه الي مستلزمات الانتاج والاستثمارات الرأسمالية في استصلاح الاراضي ، وتنخفض كثيرا في المشروعات المتعلقة بالمياه.

كذلك من الملاحظ ان نصيب الفرد من المياه ينخفض من سنة الي اخري وذلك لزيادة السكان بمعدلات كبيرة والذي وصل في السنوات الاخيرة الي الفقر المائي، ليس هذا فقط ولكن التغيرات المناخية سوف تلعب دور كبيرا في اختلال الميزان المائي في مصر، مضيفا الي ذلك التغيرات والمتغيرات الدولية والاقليمية التي سوف تؤثر كثيرا عل الموارد المائية الحالية في مصر.

ان التحديات المائية الراهنة في مصر تتجاوز بكثير حدود القيود القديمة التي تفرضها ندرة المياه، فهناك تحديات جديدة تضيف مخاطر وتعقيدات، فتعقيدات الترابط بين المياه والغذاء والطاقة، تغير المناخ، وموجات الجفاف والسيول، وجودة المياه، وادارة المياه العابرة للحدود كلها تفاقم من التحدي المتعلق بندرة المياه. وسيعتمد التصدي لهذه التحديات على تحسين ادارة الموارد المائية بقدر اعتمادة على زيادة وتحسين الموارد المتوفرة او الاستثمارات في البنية التحتية او التقنيات الحديثة. لذا فان التحدي الاساسي للتنمية الزراعية المستدامة يكمن في اتخاذ الاجراءات اللازمة للسير في مسارات مستدامة نحو الامن المائي، حيث يتأتى الامن المائي عندما تدار المياه بفاعلية واستدامة وانصاف.

  • العوامل المؤثرة على الاستثمار الزراعي :

توجد مجموعة من العوامل التي تؤثر على الاستثمار الزراعي وهي ، الناتج المحلي الزراعي، وسعر الفائدة على القروض الزراعية  ، وسعر الفائدة بالجهاز المصرف، سعر الخصم، معدل التضخم ، سعر صرف الجنيه للدولار ، الادخار الزراعي الجاري  .

  • تتضمن مجالات الاستثمار الزراعي مجالين أساسين هما:
  • الاستثمار الزراعي الرأسي
  • والاستثمار الزراعي الأفقي

وتتمثل استثمارات التوسع الزراعي الرأسي فى تلك الاستثمارات الموجهة لمشروعات وبرامج هدفها زيادة الإنتاجية ورفع كفاءة الوحدات الزراعية القائمة سواء كانت فى مجالات الإنتاج النباتي أو الحيوانى أو السمكي ففى مجالات الإنتاج النباتي توجد بدافع تحسين التربة وإنتاج سلالات الحاصلات الزراعية البستانية عالية الإنتاج والمقاومة للآفات والأمراض التي تصيب النبات، وكذا نشر برامج الإرشاد الزراعي وإدخال الميكنة الزراعية أما فى مجال الإنتاج الحيواني فتوجد البحوث التي تهدف إلى تحسين السلالات وزيادة الإنتاج، كما تشمل المشروعات التي تقوم بتنفيذها شركات الدواجن واللحوم والألبان وفى مجال الإنتاج السمكي فتهدف الاستثمارات إلى تطوير شركات صيد الأسماك، ويتعرض الاستثمار الزراعي الرأسي للعديد من المشاكل والمعوقات والمتمثلة فى ارتفاع عنصر المخاطرة وصعوبة التمويل الزراعي، وصغر حجم الحيازات الزراعية وارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي، والخلل فى نظام تسعير الزروع والمنتجات الحيوانية.

أما الاستثمار الزراعي الأفقى فيتضمن مشروعات استصلاح الأراضي، أى البرامج والمشروعات التي تهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية سواء داخل وادى النيل أو خارجه بإقامة مشروعات ريفية جديدة تخفف الكثافة السكانية على المجتمعات القديمة.

تتصف الموارد المائية في مصر بالندرة النسبية حيث يمثل نهر النيل المصدر الرئيسي للمياه في مصر حيث تبلغ حصة مصر منه نحو 55.5 مليار م3 ، ونظرا لهذة الندرة النسبية في الموارد المائية فقد انخفض نصيب الفرد الي حد اقل من الفقر المائي والذي يقدر بحوالي 1000 م3 وفقا لتقديرات الامم المتحدة.

وبدراسة الوضع الراهن للموارد المائية نلاحظ انها تتصف بالثبات النسبي عدا مورد اعادة استخدام الصرف الزراعي الذي يعتبر المورد الوحيد الذي يؤثر في تغير حجم الموارد المائية.

  • يتطلب الامر القيام بزيادة الاستثمارات في المجالات التالية:

1 – الاستثمارات الموجهة الي تطوير الري السطحي سواء بتبطين المراوي او استخدام المواسير المثقبة او طريقة اخري.

2 – الاستثمار في استخدام الطرق الحديثة في الري مثل الري بالتنقيط او الري بالرش وذلك بتوجية الاستثمارات بتصنيع شبكات الري، كذلك انشاء شبكات الري في الاراضي الجديدة.

3 – الاستثمارات الموجهة الي تحسين وصيانة التربة الزراعي بتسوية الارض وتطهير المجارية المائية والحرث تحت التربة لما لذلك من ضرورة كبيرة في ترشيد المياه.

4 – الاستثمارات الموجهة الي دراسة التطورات المناخية للتعرف عليها وعلي اثرها علي الزراعة المصرية .

5 – الاستثمارات الموجهة الي البحث الزراعي في مجالات انتاج الاصناف التي تتحمل الجفاف والمولوحة وذلك تفاديا للاحتياجات الاضافية لعمليات الغسيل للتخلص من الملوحة الناتجة من تسرب مياه البحر الي الارض الزراعي والشح في الموارد المائية المستقبلية .

6 – الاستثمارات الموجهة الي انشاء محطات لتحلية المياه وذلك لمواجهة اي تغيرات قد تطرأ علي الموارد المائية الحالية والمتوقعة في المستقبل القريب او البعيد.

7 – التوسع في انشاء رابط المياه وبصفة خاصة في الاراضي القديمة بالوادي والدلتا .

  • فرص وحلول للأمن المائي والغذائي في مصر في ظل ندرة المياه:

1-       الابتكارات على صعيد التكنولوجيا والحوكمة: تشمل هذه الابتكارات جهوداً على جوة عالية من النجاح لزيادة كفاءة استخدام المياه بالاضاف الي احدث تكنولوجيات اعادة تدوير المياه والسياسات ذات الصلة التي نجحت في اعادة تخصيص المياه من الاستخدامات المتدنية القيمة الي الاستخدامات عالية القيمة.

2-       التكنولوجيات الجديدة لإدارة الموارد المائية وتقديم خدمات المياه لتشجيع الكفاءة (تحديد التسربات والفواقد وخفض تكاليف التشغيل وتوعية المستخدمين بقيمة المياه).

3-       تقنيات وممارسات فاعلة لإعادة تدوير المياه والحد من الهدر (الفواقد).

4-       الابتكارات في الادارة المتكاملة لموارد المياه (تنمية المياه المعاد استخدامها لتلبية احتياجات قطاع الزراعة او التحلية المشتركة للمياه في قطاع الصناعة).

5-       محفظة منوعة لإدارة المياه (تعظيم الاستفادة من التخزين السطحي وتخزين المياه الجوفية، وتطوير موارد مائية غير تقليدية  كالتحلية واعادة التدوير واعادة الشحن، والحد من التسربات والفواقد، وتشجيع الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها.

6-       زيادة التنسيق المؤسسي بين قطاعات المياه والطاقة والزراعة من اجل تعزيز جهود ادارة المياه (زيادة الوضع التنظيمي وتبادل البيانات والمعلومات بالتوازي مع سياسات تأخذ في اعتبارها الطاقة والزراعة).

7-       الحوافز المناسبة لتشجيع وفورات المياه وترشيدها واعادة تخصيصها.

8-       تدعيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص للتغلب على المشاكل التشغيلية التي تتعرض لها مرافق المياه.

9-       تحفيز وتشجيع دور التمويل المقدم من القطاع الخاص للبنية التحتية المائية (الاهتمام المتزايد بتعبئة رأس المال الخاص لتلبية الاحتياجات التمويلية الهائلة للبنية التحتية المائية).

10-     تعزيز المزيد من الثقة وتضافر الجهود على المستوى الاقليمي في مجال المياه.

11-     إشراك المجتمع المدني و توعيته بقضايا المياه والحفاظ عليها وترشيد استخداماتها لضمان نجاح عملية الادارة المتكاملة للموارد المائية المتاحة. حيث تدعو الحاجة الي حوافز واضحة قوية وتعبئة موارد تمويلية كبيرة (ضخ استثمارات كبيرة).

اهم درس مستفاد من الخبرة الاقليمية والعالمية هو ان التكنولوجيا والسياسات والادارة المؤسسية يجب ان تتطور معا لتحقيق الامن المائي والغذائي (تحلية المياه، الادارة المتكاملة لكل من الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية، خدمات المياه والحد من المخاطر المرتبطة بالمياه، تخطيط الموارد المائية وادارتها والمؤسسات ونظم المعلومات والبنية التحتية وادارة المخاطر والحوافز للحصول على مزيد من المياه وتخزينها، وتخصيصها وايصالها على نحو اكثر كفاءة ومع الحفاظ على جودة الموارد المائية واستدامتها).

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى