الأخبارالانتاجالمياهحوارات و مقالاتمشروعات الري

د صفوت عبد الدايم يكتب: زراعة القمح في الوادي الجديد… وإستدامة المياه

خبير دولي في الموارد مائية

طالعتنا جريدة الأهرام الصادرة بتاريخ ٦ مارس ٢٠١٩ في صفحتها الثالثة عشر بمقال يبشر بصحوة حقيقية تشهدها محافظة الوادي الجديد في القطاع الزراعي امتدت لمحصول القمح التي بلغت المساحة المنزرعة منه ٢٠٠ ألف فدان، وخبر الصحوة الزراعية في الوادي الجديد في حد ذاته يسعدنا كثيرا بعد أن طال الحديث والتساؤل عن تأخر هذه الصحوة في ظل توفر موارد المياه والأراضي علاوة علي المناخ الملائم للزراعة في الوادي الجديد.

ورغم ذلك إلا أن الزراعة في هذه المنطقة لا بد أن تأخذ في الاعتبار عناصر أكثر من مجرد توفر المياه والأراضي  من شأنها أن تحدد ماذا نزرع محليا علي أسس الاستدامة والاقتصاد وهما عنصران أساسيان في رسم السياسات الزراعية الحديثة بما يتناسب مع طبيعة مصادر المياه في حالة الوادي الجديد علي وجه الخصوص الذي يعتمد علي مياه جوفية غير متجددة تعرضت في أحقاب سابقة للاستنزاف في غياب التخطيط والإدارة الرشيدة مما تسبب في هبوط مناسيبها واستدعت الحاجة إلي رفع المياه الجوفية من أعماق غير قليلة.

ومن الطبيعي أن ذلك يحتاج إلي توفير واستهلاك طاقة ترفع من تكاليف مستلزمات الإنتاج بشكل كبير مقارنة بتكاليف الزراعة المطرية والسطحية، ومن ثم فإن قيمة المنتج الاقتصادية لا بد أن تعوض تكاليف الإنتاج أو تزيد عليه لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود.

والعامل الآخر الأكثر علاقة بالاستدامة هو أن المساحات المزروعة عموما لا بد أن تحدد علي أساس عدم زيادة استنزاف الخزان الجوفي بما يتسبب زيادة كبيرة في هبوط مناسيبه الي ما دون العمق المناسب للسحب الاقتصادي علاوة علي إحتمال تدهور نوعية المياه الجوفية.

من هنا يلزم أن تكون سياسة التوسع الزراعي في ظروف الوادي الجديد قائمة علي هذه الأسس في اختيار نوع المحاصيل التي تزرع وتنافسيتها الاقتصادية محليا وعالميا في ظل الواقع الذي نستورد فيه بالفعل محاصيل ونصدر أخري؛ وتحديدا بالنسبة للقمح فهو ينتج في مناطق من العالم تسود فيها الأمطار مثل روسيا وأوكرانيا وكندا وأستراليا وغيرها أي أن تكاليف الري تكاد تكون معدومة.

وفي المقابل هناك محاصيل عالية القيمة تجود في مناخ الوادي الجديد مثل الخضروات والفواكه والنباتات الطبية والعطرية تتوق لها الأسواق العالمية كما يمكن لها أن تغذي صناعات محلية تفتح فرص عمالة أكبر وأسواق خارجية أكثر، وفي ذلك يكون العامل المتعلق بالموارد المائية من حيث كمية المياه العذبة التي تستهلكها وحدة الوزن من المنتج الزراعي المحلي مقارنة بالمنتج الزراعي المستورد في بلد تعاني من ندرة المياه، هو شأن آخر حاسم في رسم سياسة الإنتاج الزراعي علي الأسس المستدامة التي تنادي بها استراتيجية ٢٠٣٠

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى