الأخبارالانتاجالصحة و البيئةامراضانتاج حيواني وداجنيبحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د محمد سيف يكتب: فتاوي في صناعة الدواجن

مدير المعمل المرجعي للرقابة البيطرية على الانتاج الداجني بجمصة

للاسف الشديد تنتشر في حياتنا كمصريين الفتاوي و بالاخص من غير المتخصصين و بعضها ممن مفترض فيهم التخصص فتنتشر الاراء الشاذة و الخطأ و يتم تعميمها كأنها هي الاساس السليم الذي نتبعه و نطبقه
نجد هذا واضحا جليا في الفتاوي الدينية فكما نرى غير المتخصصين في الفتوى و الفقه المقارن هم من يتصدروا المشهد الافتائي و يتناولون باجتهادات خطأ بعض الامور و في بعض الاحيان قد يفتي بعض العالمين او المتخصصين باراء فردية شاذة مكانها هو حلقات العلم و الجلسات العلمية المغلقة و ليس نشرها بين العوام من الناس و على الشاشات لكي تنتشر بين الناس على انها هي الدين الصحيح و الرأي الوحيد السليم و ليس فتوى شاذة او تستند على أصل ضعيف او حتى خطأ …

نجد نفس الحال ينتشر و يمتد لقطاعات كثيرة مثل فتاوي عالم السياسة و فتاوي جماهير كرة القدم و أخيريمتد ذلك أيضا لصناعة الدواجن فنجد نسبة ليست بالقليلة من المربيين بل و بعض من المشرفين أيضا يفتي اما بغير علم او بجهل او على اساس ضعيف يصلح للمناقشات العلمية و ليس للتطبيق

في مقالنا هذا نطرح بعض من تلك الفتاوى و الاجتهادات الغلط التي يقوم بها البعض و تكون نتيجتها خسارة كبيرة و نفوق كبير و اشاعات تؤثر على صناعة تساهم في الاقتصاد القومي المصري و تقوم بتشغيل ما يقرب من 4 مليون ما بين عمالة مباشرة و غير مباشرة و استثمارات تتجاوز ال 70 مليار جنيه

  • أول هذه الافتاءات انه من الافضل ان تتم التربية دون اي لقاحات او تحصينات لأن اللقاحات ” مضروبة ” على حد قول البعض و لهؤلاء أقول لهم مع احترامي الشديد لكم و لكن دماغكم هي المضروبة أو على الاقل لا تعرفون كيف يتم صناعة اللقاحات و ما يمر به من اختبارات و رقابة للتأكد من سلامته فعترات او المعزولات التي يتم تصنيع اللقاح منها اما تكون معزولة محلية او عالمية و في كل الاحوال يتم عمل مقارنة لمادتها الوراثية و المناعة الناتجة منها و لا يتم الموافقة على معزولات بعيدة التوافق عن المعزولات الحقلية في المزارع و ان كان هناك اي تحورات او معزولات جديدة يتم دراستها و يتم تضمينها في اللقاحات كلما لزم الامر .. بعد انتاج اللقاح سواء محليا في مصر او مستوردة من الخارج لا يتم الموافقة على تداول اي تشغيلة منها قبل ان يتم مراجعتها و معايرتها و اثبات خلوها من الملوثات و معرفة كفاءتها و المناعة المكتسبة منها و كذلك الصد و الحماية ضد الامراض التي يتم التحصين تجاهها و ذلك من خلال جهات رقابية متمثلة في معمل الرقابة على المستحضرات البيولوجية
  • و لكن أليس للمربي الحق في رفض ما أقول ؟؟ بالفعل لديه الحق و لكن يجب ان يعرف و نعرف جميعا ان الامر يحتاج لتفسير هام و هو ان اللقاح السليم الذي تم الموافقة عليه يفقد أهميته و يفقد كفاءته نتيجة سوء تداول و سوء تخزين بل و أخطاء في عملية التحصين سواء في تحضير اللقاح او طريقة و مدة اعطاءه … هناك مشاكل في تداول اللقاحات و من لهم الحق في حفظه و تداوله و بيعه فمع وجود موزعين او دخلاء مهنة ( باراميديكال ) لا يهمم سوى الربح المادي دون معرفة علمية لا يعرفها سوى الطبيب البيطري المتخصص فنجد هناك اهمال في حفظ اللقاحات و التأكد من كفاءة الثلاجات لديهم و عدم وجود مولدات كهرباء في حالة انقطاع التيار الكهربائي و عدم مراعاة السعة التخزينية لكل ثلاجة و فريزر مما يقلل من كفاءة التبريد .. نضيف عليها الاهمال في نقل اللقاح من مكان توزيعه الى المزرعة و عدم الحفاظ على دورة التبريد التي لا يجب كسرها حتى تتم عملية التحصين

من الامور الهامة التي تتسبب في فقدان كفاءة اللقاحات هي المياة المستخدمة في المزارع ففي حالة مياه الدولة النقية فقد يكون بها نسبة عالية من الكلور و المنقيات التي تؤدي في حالة استعمالها مباشرة لقتل المحتوى الميكروبي ( بكتيريا او فيروسات ) داخل عبوة اللقاح الحي … حتى في حالة استعمال المياه الجوفية بواسطة الطلمبات فقد تحتوي على أملاح عالية او حمل بكتيري يؤثران بشكل مباشر على اللقاحات بل و على العلاجات بالمضادات الحيوية و العلاجات الاخرى مما يفقدها الغرض من استعمالها و تسوؤ حالة القطيع أكثر و يظن المربي ان العيب في اللقاح المستخدم او في العلاج الذي استخدمه … السؤال الهام : كم مربي قام بتحليل المياه لديه للتأكد من سلامتها و كم مربي التزم بقواعد استخدام اللقاحات و الادوية التي ينصحه بها الطبيب البيطري

بل السؤال الاهم : كم مزرعة عليها اشراف بيطري كامل و سليم يعتمد على طبيب بيطري متخصص في المجال و لا يقتصر تشخيصه على مجموعة أعراض تتشابه في كثير من الامراض دون تأكيد للتشخيص من خلال معمل متخصص.

  • من الفتاوي و الاجتهادات الخطأ أيضا هو اتاحة العلاجات و اللقاحات من أي موزع و تداوله بواسطة أي مربي دون أن يدرك الجميع ان اللقاحات الحية تعتبر قنابل بيولوجية موقوتة تسبب دمار لصناعة الدواجن اذا استعملها غير المتخصص المدرك لأهميتها و دواعي استعمالها .. لكل مرض من الامراض العديد من اللقاحات الحية و الميتة و لكل منها دواعي الاستعمال لها ووقت الاستعمال و جرعات محددة و الاهم هناك نواهي للاستعمال لا يهتم بها الكثيرون بل و لا يهتمون بالتخلص الآمن من العبوات الفارغة او بواقي عملية التحصين و لا يدرك الكثيرون ان الاهمال في استعمال اللقاحات الحية هي بمثابة اعطاء الفرصة لانتشار أوبئة بل و تحورات أيضا للمعزولات خاصة مع عدم اتباع اجراءات الامن الحيوي بالمزارع او عنابر التربية العشوائية التي أطلق عليها عنابر لتحضين الامراض أكثر منها عنابر لتربية الطيور
  • من الاخطاء أيضا هو استعمال المضادات الحيوية دون ضابط او رابط او كما نقول عمال على بطال دون مراعاة للمستجدات التي نراها يوميا في معاملنا من اكتساب الميكروبات لمناعات و مقاومة لكثير من المضادات الحيوية و الاخطر هو استعمال مضادات حيوية مخصصة للاستعمال البشري في مزارع الدواجن و خاصة ما يطلق عليها حقنة البرد بما فيها من أنواع ذات فترة سحب طويلة من الجسم مما يجعل اللحوم بها متبقيات دوائية تؤثر على صحة الانسان و تفقده تأثيره حين يلجأ اليه الانسان لعلاج نفسه من الامراض و لتصحيح ذلك يجب ان يتم استعمال المضادات الحيوية البيطرية فقط و ذات فترة السحب السريعة من جسم الطيور و الاهم هو استعمالها بناء على اختبار حساسية يتم في معمل متخصص به من الكفاءات العلمية ما يجعلنا نختار الافضل و الاكثر كفاءة و تأثيرا مع ضمان أمان المنتج سواء على الطائر او على المستهلك بعد ذلك
  • من الفتاوي أيضا هي دورة الاعشاب و التي يتم فيها التربية على الاعشاب فقط دون علاجات او لقاحات للوقاية و هذا خطأ كبير لأن أي نبات او عشب به مواد فعالة مختلفة و منها ما يكون خطير او له تأثير ضار بجانب مواد أخرى لها تأثير مفيد و لهذا كان العلم في مجال الادوية لاستخلاص المواد الفعالة المفيدة فقط و التي لها تأثير معين نتيجة جرعات معينة تتم بناء على دراسات مستفيضة و مثال على ذلك دواء التاميفلوا البشري المستخدم لعلاج الانفلوانزا فهو مستخلص من نبات الينسون النجمي ( و ليس الينسون العادي ) و لكن بجرعات و تركيزات محددة فعالة يجب ضبطها ليتم الاستفادة منها … و لكن الاستعمال البدائي العشوائي للاعشاب ليس صحيحا و للاسف مع العشوائية قد يفقدها فعاليتها و يجعل الميكروبات أيضا تكتسب مناعات او مقاومة ضد تأثيرها مثل بعض الحالات التي اكتسبت مقاومة من التاميفلو نفسه ( فما بالنا بالعشب الخام ) و يمتد هذا التأثير العشوائي لمقاومة بعض الميكروبات أيضا لبعض المطهرات نتيجة الاسراف في استخدامها او عدم مراعاة طرق الاستعمال و التركيزات و خواص المطهر و غيرها من الامور الكثيرة التي تحتاج لمحاضرة كاملة للحديث عنها لضمان عملية تطهير و تعقيم سليمة
  • من الاخطاء الجوهرية أيضا هي الاستسهال في عملية البناء العشوائي للعنابر بمواد بناء بدائية تمنع و تعيق معها عملية التنظيف و التطهير السليم حتى مع استخدام مطهرات جيدة مما يؤدي لتكرار الاصابة بنفس المشكلة في نفس العنبر في كل دورة و يظن المربي ان المشكلة في التحصين او في أمور أخرى
  • من الاخطاء الجوهرية هي عدم الاهتمام بالمتابعة الدورية قبل و أثناء و بعد الدورة مع معمل متخصص و ليس فقط عيادة او طبيب حقلي لأن هناك مشاكل مرضية كثيرة تتداخل بها الاعراض و الصفة التشريحية و يجب تحديدها بواسطة معامل مجهزة على أعلى مستوى و التشخيص المعملي بها لا يمثل عبء مالي كبير على المربي اذا قارناه بنافق يوم واحد نتيجة التشخيص غير السليم او نتيجة اهمال فحص القطعان و مقومات التربية من مياه و أعلاف … و هنا يجب ان ننوه عن مبادرة دعم المربي الصغير لدعم تكلفة التشخيص المعملي للوقوف على أسباب اي مشكلة تقابل المربي أثناء التربية و هي مبادة ناتجة عن تعاون بين اتحاد منتجي الدواجن و وزارة الزراعة ممثلة في المعمل المرجعي للرقابة البيطرية على الانتاج الداجني و فروعه الستة على مستوى الجمهورية و بالتعاون مع الهيئة العامة للخدمات البيطرية ممثلة في المديريات و الادارات البيطرية بالمحافظات و لهذا نتمنى من المربيين و كذلك الزملاء المشرفين على المزارع بالاستفادة من هذه المبادرة و اللجوء للتشخيص المعملي الدقيق و السريع لضمان تشخيص سليم و بالتالي تدخل علاجي ووقائي سليم ينعكس على انحسار الحالة المرضية و تقليل خسائر المربي و السيطرة على النافق بشكل سليم ينعكس ايجابيا على السيطرة على الحالة الوبائية لأي مرض بل و الوقوف على اي جديد بشأن المعزولات الحقلية للمساهمة في تحديث اللقاحات كلما لزم الامر
  • حلول سريعة سنفرد لها مقالات قادمة : تطبيق الاشراف البيطري الكامل و الفعال على كل مشاريع الانتاج الداجني مع التشديد و منع اي تداول للقاحات الحية لغير الاطباء البيطريين في مراكز للبيع و التداول مجهزة و مراقبة لضمان جودة اللقاحات و كذلك مراعاة البعد الوبائي و طرق الاستعمال و دواعي الاستعمال لها و مصادرة اي لقاحات تتواجد في أي مراكز بيع ليست لأطباء بيطريين و ليست تحت اشراف بيطري كامل مع ضرورة تفعيل قانون 70 لسنة 2009 بشأن تداول الطيور الحية لضمان مراقبة كاملة للمنتج النهائي من اي مزرعة و ضمان خلوه من المسببات المرضية و و المتبقيات الدوائية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى