الأخبارالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د علاء البابلي يكتب: الأمن المائى ما بين تحديات الندرة وكفاءة الإستخدام

مدير معهد بحوث الاراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية وخبير المياه الدولى

يساهم برنامج ( الأمن المائي العربي ) في المرحلة الأولى بتوفير كميات إضافية من المياه عن طريق الترشيد والتوعية وغيرها من الإجراءات التي تحد من الهدر وترفع كفاءة استخدامات المياه ويسعى البرنامج فى مراحل لاحقة إلى تدعيم جهود الأقطار العربية للحصول على تمويل يعزز خطط تنمية الموارد المائية وذلك في إطار برامج تنفذ تحت مظلمة الأمن المائي العربي .

لذلك فإن أهمية الأمن المائي العربي وخطورته سوف تزداد مع مرور الزمن، فلابد من اتخاذ إجراءات فورية وفعالة، وان التحرك ومن خلال برامج محددة يعتبر خطوة نحو تحرك أوسع أكثر فعالية يتناسب مع أبعاد المشكلات المائية القائمة والكامنة ومسئولية التنفيذ والتمويل تقع على كافة الجهات المعنية القطرية والقومية سواء أكانت جهات فنية أو تمويلية.

يرتكز مخطط الأمن المائي العربي على التنسيق والتعاون والعمل المشترك المبرمج بين الأقطار والمنظمات العربية والدولية، ولذلك فان نتائجه وفعاليته سوف تعتبر من المعايير الأساسية لتقييم مدي كفاءة وفعالية التعاون كوسيلة لبلوغ الأهداف المنشودة أن أهم النتائج المتوقعة من جراءة تنفيذ نشاطات وبرامج مخطط الأمن المائي العربي تشمل ما بين:

  • أحداث آلية مرنة غير مكلفة وفعالة تعتمد على القدرات والإمكانات المتاحة في الأقطار والمنظمات العربية وتستعين بعدد من اللجان الفنية حسب تطور برنامج عملها، كما تعتمد على قواعد معلومات ديناميكية، ويمكن لهذه الآلية أن تعزز نفسها وفق الاحتياجات وحسب الإمكانيات المتاحة.
  • وضع سياسة مائية قومية تتحدث باستمرار لمواكبة التطورات والمستجدات ولتلبية الاحتياجات على الساحة العربية في ميدان المياه ويتكامل معها مجموعة البرامج التي تحقق أهداف فرعية .
  • استحداث قواعد معلومات تلبى احتياجات مخطط وبرامج الأمن المائي العربي ، تشمل قواعد فرعية للموارد المائية والسكان والطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة وعن احتياجات الأقطار العربية من الكفاءات والمهارات في شتى المجالات وعلى مختلف المستويات ، وكذلك قواعد للقدرات التدريبية في الجامعات والمعاهد والمؤسسات المائية .
  • تطوير منهجيات العمل وتطويع التقنيات المناسبة وتقييمها بعد دراسة النواحي الفنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ونشر التقنيات الواعدة وعلى أوسع نطاق في المنطقة العربية.
  • وضع أسس للاستخدام الأمثل للموارد المائية وللإدارة المتكاملة للموارد المائية في الأحواض الدولية والقطرية.
  • وضع أسس الجدوى الاقتصادية لمشروعات تنمية الموارد المائية وإجراء دراسات للجدوى الفنية والاقتصادية لمشرعات ذات أولوية في مخطط الأمن المائي العربي، والسعي للحصول على تمويل من المؤسسات التمويلية العربية والدولية للمساهمة في تنفيذ هذه المشروعات.
  • توفير المعلومات والمشورة الفنية للدول التي تسعى لعقد اتفاقيات ثنائية أو إقليمية لاقتسام وإدارة الموارد المائية المشتركة.
  • تنمية الموارد البشرية وتعزيز القدرات المؤسسية ومراجعة التشريعات المائية وتطويرها لتصبح أداة فعالة لتطبيق السياسات المائية القطرية والقومية.
  • توفير مصادر مائية إضافية عن طريق إدارة الطلب أو تنمية موارد المياه أو كليهما.

الحديث عن الأمن المائي، يوضح ما  برز في السنوات الأخيرة  من اهتمام كبير بضرورة تنمية القدرات البشرية في قطاع المياه كمدخل أساسي للتنمية المتواصلة. وقد ترجم هذا الاهتمام في شكل التوصيات وإصدارات عالمية وبرامج تنفيذية صدرت من لقاءات عديدة رعتها الأمم المتحدة وبعض المنظمات العالمية الأخرى المهتمة بقطاع المياه . وتبدو أهمية هذه التوصيات والإصدارات كضرورة حتمية للدول التي تعانى من شح في المياه كالعديد من الدول العربية إن لم يكن كلها . وقد أوضحت العديد من الدراسات أن نصيب الفرد العربي من المياه في العام سيقل عن حاجز الألف متر مكعب ومما يضعه في الفئة التي تصنف بذات المياه النادرة وهو وضع لا مثيل له في السوء في أي منطقة مماثلة في عدد السكان في العالم.

ولقد استخدمت بعض المعايير العالمية لتقدير أعداد الكوادر الرئيسية ( الباحثون ، المهنيون والفنيون ) المفترض توفيرها في قطاع المياه بالدول العربية حتى عام 2030م وتم مقارنتها بالوضع الحالي متخذين من عام 1985م سنة أساس وتم تحليل الوضع الراهن بالنسبة لمؤسسات التأهيل وقدرتها على مقابلة احتياجات المستقبل من كل كادر على حدة .

أتضح من ذلك أن الوضع غير مطمئن ويتطلب برنامج إقليمي عاجل يغطى كل الفئات كما برزت أهمية برنامج التوعية وحشد المشاركة الجماهيرية. واقترحت بعض السبل لتحقيق ذلك الهدف المنشود منها:

  • تحقيق متطلبات التنمية المتواصلة والإدارة المتكاملة لقطاع المياه يوصى بان ينظر لعملية بناء القدرات ( التعليم والتدريب ) بصورة شمولية وهى تبدأ بتحديد القطاعات الفرعية ، ومن ثم نوع العمل المطلوب ، يحدد بعدها نوعية وإعداد الكادر البشرى المطلوب ، ثم وسائل التدريب المناسبة لهم ، ومواقع لتأهيل القادر على إتمام المهمة بكفاءة .
  • الوصول إلى الكفاءة الأعلى الادارة المتكاملة لمصادر المياه يوصى بمراعاة العوامل المؤثرة على تلك الكفاءة وهى تشمل مراعاة التداخل والتأثر بالمصادر الطبيعية الأخرى كالهواء والتربة غيرها وتأثيرات العلوم التطبيقية والطبيعية والاجتماعية كأساس للمعرفة، وحسن تقدير تناقضات وانسجامات متطلبات قطاعات مستخدمي المياه (الزراعة ، الصناعة ، الطاقة ، …الخ ) كل ذلك يمكن تكامله في نموذج يراعى عدة نواحي أهمها : العوامل الاقتصادية والاجتماعية ، العوامل البيئية الأيكولوجية ، العوامل القانونية والمؤسسية والخيارات السياسية .

بالنظر للوضع الخطير لمستقبل المياه في الوطن العربي ولما يعانيه الوضع الحاضر لمؤسسات تأهيل القطاعات البشرية في العديد من الدول العربية ، يقترح البدء فورا في إعداد برنامج إقليمي يهدف إلى بناء القدرات بصورة سليمة ومؤهلة لمقابلة متطلبات المستقبل القريب ، على أن يشمل هذا البرنامج المهام التالية :-

  • إجراء مسوحات قطرية لتقدير إعداد ونوعية الكادر البشرى ( باحثون ، مهنيون، فنيون و حرفيون ) المطلوب لقطاع المياه حالياً وفي المستقبل .
  • عمل مسوحات قطرية متزامنة لحصر مؤسسات التعليم والتدريب الموجودة حاليا لتأهيل الكوادر ، والاصطلاحات والزيادات المطلوبة لها لمقابلة متطلبات واحتياجات المستقبل .
  • التأكيد على أهمية قطاع الباحثين وأساتذة الجامعات ودعم هذه الفئة لتؤدى مهمتها الهامة على راس الهرم المؤسسي لقطاع المياه .
  • إعداد برنامج شامل لتطوير نوعية الخريج للقطاع المهني وذلك بتطوير المناهج الجامعية وترقية وتمييز الأستاذ ، وتحديث وتوفير وسائل التعليم المختلفة ، والاهتمام بالتدريب أثناء الدراسة الجامعية ، وتحسين نظم الادارة الجامعية وتوفير التمويل الذي يساعد على الحفاظ على المستويات التأهيلية بصورة متواصلة ، كما ولابد من تشجيع برامج التوأمة والتبادل الأكاديمي والعلمي بين الجماعات المحلية والإقليمية والعالمية ، هذا بالإضافة غلى تقوية علاقة الجامعة بالجمعيات المهنية والعلمية والمجتمع الذي تخدمه .
  • إعداد برنامج عاجل لتنمية قطاعي الفنيين والحرفيين وذلك بدعم وزيادة عدد مؤسسات التعليم والتدريب القادرة على تأهيل الكادر الكفء من الخريجين ، على أن يراعى هذا البرنامج مسألة تعريف وتصنيف الفنيين والحرفيين وتحديد أنواع أجازات الممارسة لكل مستوى .

لذلك تعتبر المشاركة الجماهيرية عنصر أساسي لنجاح التنمية المتواصلة لمصادر المياه ولن تتم هذه المشاركة إلا بجود وعى وتقدير كبير لأهمية المياه وضرورة المحافظة عليها ، لذا يقترح بان يعد برنامجا إقليميا لتعليم المجتمع وتوعيته بذلك من خلال تحليل الأوضاع الراهنة لنوعية الموارد المائية في مختلف أقطار الوطن العربي

 يمكن بلورة عدد من التوصيات والمقترحات بهدف حماية المصادر المائية أو الحد من تلوثها وتشمل مايلي :

  • إن التدهور الحالي الذي تعاني منه مختلف المصادر المائية في مناطق عدة من الوطن العربي والناجم عن الخطوات التنموية السريعة التي اتخذتها هذه الأقطار وزيادة الطلب على الماء لتلبية الاحتياجات المتزايدة وعدم إعطاء مبدأ الحماية البيئية للموارد المائية ذلك الاهتمام الذي تستحقه إلا بعد أن ظهرت بوادر تدهور واضح على نوعية المياه كان له أو كاد أن يكون له انعكاسات خطيرة على صحة الإنسان ومسيرة التنمية.

 وعليه فإنه لابد من اتخاذ الإجراءات التالية :

  • إجراء تقييم لأوضاع تلوث المياه السطحية والجوفية مع تشخيص مصدر كل تلوث.
  • الإسراع في إقامة شبكات رصد لنوعية المياه ( يتم تحديد حجمها تبعا للأهداف المرجوة منها وتوفير الإمكانيات الفنية والمادية اللازمة لضمان حسن عملها ) .
  • المباشرة في إعداد قواعد معلومات خاصة بنوعية المياه .
  • حث الأقطار العربية لإعطاء اهتمام خاص لإقامة شبكات للصرف الصحي في المناطق السكنية .
  • حث الأقطار العربية على وضع مواصفات وشروط خاصة لحفر خزانات المخلفات الآدمية في المناطق التي تفتقر إلى شبكات الصرف الصحي وبصورة خاصة في الريف وكذلك مقالب القمامة .
  • حث الدول العربية على وضع برامج لتحقيق أكبر نسبة من توصيلات مياه الشرب في الريف وفي المدينة .
  • الحث على إقامة محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي .

 تحقيق الحماية البيئية للموارد المائية يتطلب اتخاذ إجراءات فاعلة لمنع حدوث تلوث وهذا يتطلب مايلي :

  • الحث على إجراء تقييم للآثار البيئية التي قد تنجم عن إقامة المشاريع التنموية الصناعية والزراعية والعمرانية .
  • إصدار التشريعات اللازمة بما فيها المواصفات الفنية للمياه العادمة (الصناعية والزراعية وغيرها ومقالب القمامة الصلبة والسائلة) .
  • تطوير البحوث والتجارب حول التلوث وانتقال الملوثات وطرق وأساليب مكافحته والتنبؤ به وكذلك البحوث الخاصة بإعادة استعمال المياه المعالجة وتطوير التقنيات الحديثة في هذا المجال كالنماذج وأنظمة المعلومات الجغرافية.
  • وضع سياسة مائية بيئية تكفل تحقيق التنمية وتلبية الاحتياجات من المياه لمختلف المجالات مع المحافظة على البيئة .
  • تعميق الدراسات الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية حول الأحواض المائية بالشكل الذي يضمن تفهما أوضح لصفاتها الهيدرولوجية والهيدروليكية ومما يساعد في تحديد حرم الحماية لها والتوسع في إعداد الخرائط لتحديد قابلية المياه الجوفية للتلوث .
  • التوسع في تحقيق مفهوم الإدارة المتكاملة بين المياه السطحية والجوفية وبما يكفل ضمان تأمين الاحتياجات وحماية نوعية مياه كلا من المصدرين.

تحقيق السياسات الوطنية في مجال الحماية البيئية للموارد المائية يتطلب وجود هياكل مؤسسية فعالة وقادرة على تحقيق هذه السياسات ومتابعتها وهذه يتطلب :

  • دعم المؤسسات والهيئات القائمة أو إنشاء المؤسسات التي تتولى وضع السياسات المائية والإشراف على تنفيذها .
  • الاهتمام ببرامج التوعية والإرشاد حول خطورة التلوث وأسبابه والاستغلال الجائر للمياه وإرشاد المجتمعات المحلية حول الاستخدامات السليمة والآمنة للمصادر المائية .
  • العمل على تخفيف الهدر والفواقد قدر الإمكان في شبكات توزيع المياه .
  • متابعة التطورات العالمية في مجال تخطيط وتنمية وحماية الموارد المائية مع المحافظة على البيئة .
  • تعزيز التعاون مع البرامج الإقليمية والدولية في مجال حماية المياه وبصورة خاصة الرصد الدوري لنوعية المياه والعمل على تنفيذ برامج عربية في هذا المجال .

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى