الأخبارالانتاجالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د وائل غيث يكتب: تعديل الممارسات الزراعية والتكنولوجية تحت ظروف الزراعات المطرية الصحراوية

رئيس محطة شمال سيناء (الشيخ زويد) – مركز بحوث الصحراء – مصر

للحديث عن الزراعات المطرية في المناطق الصحراوية والتحديات التي تواجها من ناحية المناخ والتغيرات البيئية في هذه المناطق، ولكن في البداية ما هي مشكلة الزراعات المطرية في بيئاتنا الصحراوية ؟؟؟

تتركز الزراعات المطرية  في جمهورية مصر العربية في الحزام الساحلي الشمالي المتاخم للبحر الأبيض المتوسط والممتد من رفح شرقا حتى السلوم غربا بينما تتركز زراعات الأشجار المثمرة الصحراوية  المطرية ذات الأهمية الاقتصادية مثل النخيل والتين والزيتون والاعناب في مثل هذه المناطق والتي تعتمد اعتمادا كليا في توفير احتياجاتها المائية على مياه الامطار في المقام الأساسي وفي بعض الحالات يلجأ المزارعون المقتدرون الى المياه ا الجوفية لتأمين احتياجات  هذه المزروعات من ريات تكميله لازمة لاستكمال النقص الشديد في المخزون الرطوبي في تربة جذور هذه الأشجار ومن المعلوم ان المناطق الساحلية المتاخمة لمسطح  البحر الأبيض المتوسط تتميز بمحتوي أفضل نسبيا من الامطار عن المناطق الأخرى  البعيدة عن الساحل الشمالي أي ان الامطار ستقل بوضوح كلما اتجهنا جنوبا  ولقد سجلت بيانات الأرصاد الجوية في رفح المصرية المعدل الأعلى على مستوى الجمهورية في سقوط الامطار حيث كانت فيما مضى تقارب ال 300 مللي تناقصت مؤخرا بسبب ظروف التغيرات المناخية الى ما دون 250 مللي سنويا

ومن المعلوم ان الأشجار المثمرة التي تحتاج إلى كميات قليلة من مياه الري  ولها قدرة على تحمل اجهادات الجفاف والملوحة والظروف البيئة المعاكسة تندرج تلقائيا تحت تصنيف  الفواكه الصحراوية لأنها تنمو على مياه الأمطار القليلة او بعض مياه الابار الارتوازية مرتفع الملوحة لذا فهي تتحمل العطش والاجهادات الصحراوية الشديدة بكفاءة  لأن المولى عز وجل قد حباها بصفات وخصائص مورفولوجيا وفسيولوجية لا يمتلكها غيرها من الأشجار من أهم هذه الخصائص هو وجود طبقة شمعية سميكة واشواك وشعيرات وزغب على الأوراق  تقلل من عملية النتح كما إن جذورها لها القدرة على التعمق والانتشار لمسافات بعيدة في التربة طولا وعرضا  بحثا عن الرطوبة.

ومن المعلوم ان المناطق الساحلية الشمالية في مناطق دول المغرب العربي الشقيقة  ذات الحظ الاوفر في استقبال مياه الامطار حيث ترتفع معدلات الامطار الى ما يزيد عن 400 مللي سنويا تستطيع فيها هذه الأشجار الصحراوية ان تعتمد  بشكل مقبول على مياه الامطار في نموها وانتاجها وذلك بسبب كفاية هذه المعدلات حيث يعتبر المعدل من300-450/ مم سنوياً معدل كافي لنجاح زراعات مثل الزيتون والتين والعنب بعليا بشكل إنتاجي اقتصادي جيد دون حدوث نقص موازى في المحصول لعدم كفاية مقنناته المائية.

اما في جمهورية مصر العربية وفى سواحلنا الشمالية بالتحديد تقل معدلات التساقط الى ما دون 200 مللي في سنوات المطر الجيد والخير الوفير اما في السنوات الشحيحة تقل فيها المعدلات عن 100 مللي لتصبح المشكلة اشد خطورة وأوضح اثرا أي اننا باختصار وفى أحسن الظروف سوف لا نتمكن من تحصيل نصف الاحتياج المائي المطلوب لسد احتياجات هذه المزروعات

وعليه سوف تحتاج هذه الاشجار تحت الظروف الموضحة الى ما يقارب من نصف المقنن الرسمي كي يضاف لها كري تكميلي للحصول على إنتاجية الظروف المثلى اقتصاديا بالمقاييس المتعارف عليها عالميا.

وللتغلب على هذا النقص الواضح لا نرى بدا من ان ننصح اخواننا المزارعين الراشدين الى عدد من الوسائل والممارسات الرشيدة التي تحد من فقد الماء من التربة او النبات وتعظم الاستفادة بأقصى درجة ممكنة من كميات المياه المحدودة والمتاحة تحت ظروف الزراعات البعلية بكل الوسائل الممكنة وحبذا لو طبقت هذه الإجراءات مجتمعه كمنظومة واحدة لكانت النتائج عندها أوضح وأعظم اثرا ومن أكثر هذه الوسائل فاعليةً والامثلة للتوضيح وليست للحصر ما يلي:

  •  الاهتمام باتباع أساليب الري التكميلي وأساليب حصاد مياه الامطار ما أمكن مع توفير مستلزمات ذلك من  (ابار جوفية – خزانات مطرية –سدود ترابية او خرسانية تخزينية – تقنيات حصاد وتخزين مياه السيول –  تحلية مياه البحر) أي محاولة الاستفادة بأي مخصصات إضافية تكون صالحة للري  تسد الفجوة المشار اليها سلفا هذا من جانب ومن جانب اخر تعظيم تقنيات المحافظة والاستفادة من كل قطرة مياه متاحه باتباع نظم الري المطورة والحديثة الملائمة للبيئات الصحراوية القاسية مثل أساليب الري التحت سطحي والري بتكنولوجيا النانو واستخدام تقنيات التجفيف الجزئي المتبادل للمجموع الجذري للأشجار المثمرة  وغيرها من تقنيات تشجيعا لتنشيط نمو هذه الجذور المروية بأساليب الري الموضوعي بشكل جيد في التربة افقيا وراسيا وتعزيز قدرتها على الامتصاص واستخلاص الرطوبة
  • تقليل السطح الناتح من أوراق الاشجار عن طريق أساليب معينة من التقليم المنوط بها تشذيب وتشبيب الأشجار وبناء هيكلها، لخلق حالة من التوازن المائي للشجرة ودعم توجهها في المسار الإنتاجي بلا احمال زائدة
  • اختيار النوع والصنف الملائم فلكل مكان خصوصية معينة ونمط إنتاجي معين لكن عموما تميل الزراعات البعلية الى الانحياز الى الأصناف المبكرة في الاثمار والنضج فالأنواع التي تثمر في مايو أفضل كثيرا من تلك التي تثمر في يونيو وما تثمر في يونيو أفضل مما تثمر في يوليو وهكذا وكلما قصرت دورة الحياة الإنتاجية قلت اعبائها المائية بشكل واضح.
  • الاهتمام بمصدات للرياح حول الحقول وخصوصاً في المناطق المفتوحة المعرضة لذلك وهذا يعمل على تقليل حركة الرياح لاسيما الرياح الحارة وبذلك نتحاشى البخر الزائد من سطح التربة والنتح الزائد من أوراق النباتات المنزرعة.
  • استخدام بعض المواد الكيماوية الصديقة للبيئة التي ترش على الاوراق ومن شأتها تقليل عملية فقد الماء بالنتح وهذه المواد تختلف في ميكانيكية عملها وتتنوع من مادة لأخرى.
  • استخدام وسائل منع البخر من سطح التربة ويأتي في مقدمتها عمليات الحرث  المتكرر وخربشة التربة فكلما تمكن المزارع من عمل عدة حرثات عقب موسم المطر عزز ذلك من كميات الرطوبة المدخرة في التربة وقلل من فقدها عن طريق البخر لأنه هنا يقوم بتكسير الخاصية الشعرية التي تبخر الرطوبة المدخرة في التربة مع ارتفاع الحرارة  ثم يلى ذلك استعمال مواد التغطية المختلفة لتغطية سطح التربة لتقليل تعرض التربة المباشر لدرجات الحرارة وبالتالي تقليل عملية فقد الماء  منها عن طريق البخر والى جانب ذلك الحد او الاقلال من نمو الحشائش المنافسة للنبات على مخزونه الرطوبي وتستخدم مواد مختلفة في تغطية سطح التربة مثل مخلفات بعض المحاصيل (حطب الذرة، قش الارز، تبن القمح، والشعير) ويستعمل في التغطية ايضاً البلاستيك المصنوع من البولي ايثيلين بألوان مختلفة، وقد يستعمل الورق او البيتموس والزلط والمخلفات الزراعية الجافه.
  • تحت الظروف الصحراوية لابد من الاهتمام والتركيز على تقنيات التسميد العضوي الطبيعي والاسمدة الحيوية بالكائنات الحية الدقيقة التي تعمل على تثبيت الازوت الجوي وتيسير الفسفور في التربة وتنشط نمو الجذور وتضاعف حجمها وقدرتها على الامتصاص وغير ذلك من الفوائد الكثيرة ومن اهم هذه الانواع (الميكوريزا- الخميرة – الريزوباكتيرين – الفسفورين –  الطحالب البحرية – الازولا … الخ ) وأيضا الأسمدة الغير تقليديه مثل مستخلصات النباتات والهيوميك والفولفيك اسيد والتي تعمل على تحسين امداد المزروعات باحتياجاتها الغذائية وكذلك تحسن قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء والعناصر وتحسن بنائها.
  • تطبيق بعض المعاملات البستانية المتخصصة مثل التطعيم على أصول متحملة للإجهادات وعمليات أخرى مثل تقليم الجذور والتحليق والرش بمنظمات النمو واستعمال المواد الكاسرة للسكون وكل ما يمكن ان يخلق توازنا أكثر بين الشجرة ومسطحها الأخضر وكميات الرطوبة الأرضية المتاحة وتوجهها الإنتاجي في تناغم بديع يحقق الغايات المنشودة من الاستثمار الزراعي بشكل مؤثر.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

مبيدات كنزا جروب

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى