اخبار لايتالأخبارالانتاجالصحة و البيئةبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د أحمد جلال يكتب:تربية الحيوانات والصيد في مصر القديمة

عميد كلية الزراعة – جامعة عين شمس – مصر

اعتقد المصريين القدماء أن العلاقة المتوازنة بين البشر والحيوانات والنباتات عنصراً أساسياً في النظام الكوني. وهكذا يعتقد أن البشر والحيوانات والنباتات أعضاء في وحدة واحدة.

ولذلك كانت الحيوانات، سواء المستأنسة أو البرية، مصدرًا مهمًا للروحانية، والرفقة، والعيش للمصريين القدماء. كانت بعض منتجات الأرض السوداء مخصصة للاستخدام ليس من قبل المصريين فقط ولكن من قبل مرافقيهم ومساعديهم ومصدر رزق للحيوانات الأليفة.

وفرت المساحات الخضراء من البرسيم المزروع والنباتات الاخرى أعلافًا للماشية بشكل خاص. غالبًا ما تتجول القطعان بحثًا عن المروج والمراعي، فضلاً عن القش المتبقي في الحقول بعد موسم الحصاد.

ربما ورث المصريون بعض القطعان الحيوانية في أشكالهم المحلية الحالية من آسيا الصغرى، وربما عبر بعض أجزاء من شمال أفريقيا. كانت تربية الماشية بالفعل نشاطًا روتينيًا في المستوطنات القديمة من العصر الحجري والحديث وبخاصة في الفيوم وعلى الحافة الغربية من الدلتا، كما يمكننا أن نستخلص من أجزاء من العظام الموجودة في المقابر والحفريات ما قبل التاريخ.

تتميز رسومات الكهوف في صعيد مصر والنوبة بالماشية المستأنسة وكذلك مشاهد صيد الطيور الحية. شهدت الأزمنة التاريخية زيادة مستمرة ليس فقط في الإنتاج الزراعي بل في عدد وحجم القطعان الحيوانية التي كانت، مثل الأراضي، مملوكة لأصحاب الأملاك الضخمة.

هؤلاء الرجال كان لديهم مديريهم ومشرفوهم بالإضافة إلى مساعديهم مثل “حاملات الدلو” و “الأعلاف”. كان هناك تخصص فى تربية نوع واحد من الماشية الحيوانية مثل الأغنام، والماعز، والخنازير والحمير، والمها (التي حاولوا استئناسها خلال المملكة القديمة)، والخيول (التي أدخلت في المملكة الحديثة)، والإوز والدواجن الأخرى، وحتى الكلاب.
في مشاهد الرسومات الموجودة فى المقابر يمكننا تمييز الرعاة بمظهرهم الواضح والذى يصورهم كأفراد سريعي الخطى يقدمون أنفسهم لراحة هذه المخلوقات من خلال التغذية وخلافة وكانوا عادة غير حليقين، ولكن يوجد بعض الشعر القليل أو لا يوجد على رؤوسهم. وكانوا يضعون أسلحتهم مطوية ويحملون على أكتافهم عصا طويلة ذات لسان متدلي معلق (للحماية من الرياح والشمس) ومجموعة من الأواني والطعام. ونراهم يجلبون حيواناتهم إلى أصحاب الأملاك، وهم يحلبون القطعان، ويطعمون الصغار، ويساعدون القطعان للوصول الى الانهار، وما إلى ذلك.

كما احتفظ كل مزارع بعدد صغير من الحيوانات لنفسه لتقديم مساعدة لا غنى عنها في مختلف المهام، سواء كانت هذه المهام متعلقة بالعمل أو الحصول على الحليب واللحوم والصوف.
كانت الماشية المقرنة horned cattle من اول الحيوانات المزرعية التي نشأت في الفترة ما قبل التاريخ. والموثق من خلال العظام والرسومات فى فترة ما قبل الأسرات والمملكة القديمة، ان الماشية كانت تحتوي على قرون طويلة الشكل مثل الموجود الان في السودان، على الرغم أنها لم تعد موجودة في مصر نفسها الان.

خلال ختام المملكة القديمة ظهرت السلالات ذات القرون القصيرة، ويعتقد بعض الخبراء أن الأصناف ذات القرن الطويل كانت إما مشردة، أو تم القضاء عليها من خلال بعض الأوبئة. لا توجد سجلات مصرية قديمة للجاموس الهندي الأسود العظيم الشائع في البلاد اليوم، رغم أن البعض يعتبر أن جاموس الماء قد يكون موجودًا، وفي الأزمنة المبكرة للجاموس الأفريقي أيضًا.

يتكون القطيع من اعداد أناث cows اكبر من الذكور bulls علما بأنه لا يوجد دليل واضح على وجود ذكور الابقار (الثيران oxen).

في وقت النهار يتم خروج الماشية الى المراعي أو حقول الحصاد. لضمان عدم اتلاف العشب، كانت الحيوانات مربوطة بحبال سميكة من ألياف النخيل إلى الحجارة المدفونة في الأرض. ولحمايتهم من الوحوش البرية واللصوص، كانت الأبقار تسكن فى اعشاش مستديرة ليلا، ويحدث ذلك ايضاً فى أشهر الشتاء الباردة مع وجود فواصل فى هذه الحظائر.

يظهر نموذج خشبي في مقبرة من القرن الحادي عشر للنبيل مكتري في الدير البحري واحدًا يحتوي على مقصورتين وباب متصل. في الماشية الأربعة الخلفية تتغذى من الحوض الصغير؛ في النصف الثاني يقوم الرجلان بتسمين زوج من الأبقار متجهة للذبح بينما يقف الحارس في كل مكان بعصاه في المدخل. تم ربط الحيوانات فى صفوف من الأوتاد الخشبية السميكة مثل تلك التي عثر عليها أثناء التنقيب في مدينة جورب في المملكة الحديثة.

شكلت قطعان الماشية الكبيرة رأس المال الأساسي للمدن الكبيرة. يظهر هذا في نموذج خشبي آخر من قبر مكتري حيث نرى صاحب الأرض يجلس مع ابنه في جناح، يراقب قطعانه في نوع من مسيرة الماضي. مما لا شك فيه أن هذه المناسبة كانت عبارة عن تعداد للماشية لأغراض الضريبة، كما هو موضح من خلال وجود أربعة كتبة. صف من الرعاة يديرون الماشية في ملف واحد. هناك ثلاثة رجال عدّ الأرقام بصوت عال بينما الراعي الرئيسي ينحني ويركع أمام المالك.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى