الأخبارالعالمالمياهالنيلبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د علي البحراوي يكتب: أهمية فهم لغة الأرقام المائية

خبير دولي في إدارة المياه واستاذ بهندسة عين شمس – مصر

يعتبرالاستخدام السليم للأرقام المائية ذو أهمية كبيرة عند الكتابة في موضوع إدارة المياه وتزداد أهميته إذا كان مكتوبا من قبل خبراء وواضعى خطط واستراتيجيات المياه. واستخدام لغة مشتركة بين الخبراء عند التعامل مع هذه الأرقام يسهل التفاهم والاتصال بين المتخصصين في هذا المجال. ومعنى الأرقام وتنسيقها ودقتها والوحدات المستخدمة واتساق المصطلحات هي بعض الأمور التي يجب الاهتمام بها.

والموضوع تزداد أهميته إذا كان المتلقي غير متخصص حيث يضيف الكاتب إلى ما سبق أن القارئ غير ملم بأساسيات علوم المياه.

فإذا سألنا أنفسنا عن معاني كلمة الماء في الثقافات المختلفة فسنجد أن سكان الأرض يشتركون في فهم أهمية العطش بالنسبة لاستمرار الحياه، فالمياه هي احتياج أساسي للبشرية وتدفقها يمر خلال الحدود الجغرافية والمعتقدات الدينية والموروثات الثقافية.

وإذا سالنا أنفسنا ما هو الرقم المائي نجد أن له قيمة عددية ووحدة تعريفية تحدد ما إذا كان الرقم يعبر عن حجم الأتربة او معدل تدفق المياه أو منسوب القاع أو طول المجرى أو تركيز الملوثات أوغيرها. وضاف إلى ذلك دقة التعبير عن القيمة  من حيث عدد الأرقام العشرية لتحديد القيمة. وفي جميع الأحوال فإن هذا الرقم يعبر عن معنى ذو أهمية لحياة الإنسان.

فعلى سبيل المثال فإن نصيب الفرد من المياه في كل دولة، مصادر الطاقة المائية التي يمكن توليدها، النسبة المئوية للسكان بدون خدمات للصرف الصحي والمياه النظيفة هي أرقام مائية متداولة. والرقم الأخير قد يبدو بسيطا ولكنه أكثر تعقيدا مما يظهر فقد يعني بطريقة ضمنية أن هناك ملايين من البشر ليست لديهم مياه نظيفة ويقضون ساعات طويلة في البحث عن مصدر لمياه الشرب والاستخدامات المنزلية وأن أعداد كييرة من الأطفال يموتون من أمراض متعلقة بتلوث المياه.

من الصعب الحصول على بيانات جيدة وهي عادة ما تجمع بطريقة غير منتظمة ولا يتم وضعها في تقارير بطريقة مفيدة أو متسقة. وإذا تم جمعها، قد لا يتم تصنيفها أو توزيعها. ومما يجعل الموضوع اكثر تعقيدا هو وجود معايير وتقنيات مختلفة من القياسات حسب المنطقة الجغرافية وسنة تحليل البيانات. كما أن وحدات القياس مختلفة ويتم جمع البيانات من قبل أفراد مختلفين ذوي مهارات وأهداف ونوايا مختلفة. لذلك فمن المهم معرفة المزيد عن البيانات وكيفية جمعها.

تستخدم  البيانات المشتقة بدلا من البيانات الشاملة بسبب تكلفة العمل الميداني عالي الجودة وزيادة تطور الحواسيب مع انخفاض تكلفتها. وعلى سبيل المثال يمكن الحساب التقريبي لكمية المياه المستخدمة في القطاع الزراعي باستخدام أنواع المحاصيل وأنماط الزراعة ومعدلات الاستهلاك والمناخ وطريقة الري.

ويعزى التغير في قيم البيانات إلى الطبيعة العشوائية والعوامل البشرية كما يعزى عدم التيقن إلى عدم اكتمال المعرفة. وقد تتطلب دراسة نوعية المياه في بحيرة مختلطة جيدا بضعة عينات، في حين أن دراسة طبقة المياه الجوفية غير المتجانسة قد تتطلب مئات العينات.

قد يكون التعبيرعن كمية كبيرة من البيانات في صورة قيمة واحدة مثل المتوسط الحسابي مفيدا، ولكن المتوسطات قد تخفي  الطابع الإحصائي لتوزيع البيانات. لذلك فإنه ينبغي الإشارة عند ذكر المتوسطات إلى الفترة الزمنية والقيم الصغرى والكبرى للبيانات. كما أن هناك صعوبة في مقارنة قياسات نوعية المياه من دراسات مختلفة بسبب اختلاف تقنيات التحليل والتعامل مع العينات.

كما نلاحظ أن هناك عدم اتساق في قياس وتقييم وإعداد التقاريرعن بيانات المياه، وأن التعريفات قد تتغير مع الزمن لأسباب عملية أو سياسية. وعلى سبيل المثال فإن التغيير في تعريف “مياه الشرب الآمنة” يمكن أن ينتج عنه تغير غير حقيقي في عدد الأفراد بدون خدمات مياه نظيفة.

أما فيما يتعلق بالحدود بين الدول فإن تغيير الحدود السياسية يمكن أن يؤدي إلى تغيير جذري في تعريف الموارد الطبيعية. إن التغيرات تحدث باستمرار في أسماء الدول وحدودها. وعلى سبيل المثال فإن تفكك الاتحاد السوفيتي يغير من درجة توافر المياه واستخدام المعلومات وعدد “الأنهار الدولية” للدول المستحدثة.

ونادرا ما تتطابق الحدود السياسية مع الحدود الهيدرولوجية، ولذلك فإن المياه قد تكون مصدرا متزايدا للتوتر بين الدول. ولهذا فقد تقيد بعض البلدان الإفصاح عن البيانات البيئية والموارد استنادا إلى “الأمن القومي” (مثل إسرائيل والهند). وهذه النقطة الأخيرة قد تقيد التعاون في مجال إدارة المياه بين البلاد المتشاطئة وتقلل من فرص التمويل الدولي لمشروعات المياه المشتركة. ولهذا فإن مراكز الأبحاث العالمية تقوم حاليا باستخدام ما يعرف بالمحاسبة المائية لتحل محل حسابات الميزان المائي نظرا لدقتها واعتمادها على صور الأقمار الصناعية ونظم المعلومات الجغرافية للحصول على أرقام مائية لا تستند على التقارير الوطنية لكميات المياه.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى