اخبار لايتالأخبارالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمتفرقاتمصر

د. حسام الإمام يكتب : عسل اسود…”شقة فيصل”

“شقة فيصل” .. مسلسل رمضانى قام فيه الرائع صلاح عبد الله بدور فيصل . وفى إحدى الحلقات مات فيصل فجأة على كرسيه بين أسرته . رحل تاركاً خلفه الكثير من التساؤلات . وقبلها لم يخلو الموقف من بعض التعليقات من الحبايب والأقارب : مات وهو يضحك ، أليس ذلك هو حسن الخاتمة ؟ … كان سئ  الطباع ومزعج لكل من حوله ، مدمن خمور ولا يبالى لأمر أى شئ فى الدنيا ، حتى ابنه الوحيد لم يكن يعرف اسمه ، غارق فى الديون … لكن والله كان طيب وجدع ومش بيزعل حد .. الله يرحمه ، لا تجوز عليه إلا الرحمة .

مات فيصل ، مات وسره معاه ، فلا أحد يدرى هل ترك إرثاً أم لا ، والمقربون منه يقولون لم يكن معه شئ وهذا كان واضح وضوح الشمس على ملابسه ومأكله وحياته عموماً .

شخصيته الكاريكاتورية جعلتنى أشعر به ينظر من عالمه الآخر على الجميع ، ويضحك ضحكته المعروفة ويقول بصوته الجهورى : أحسن ، آه لو تعرفوا أنا فرحان فيكم قد إيه .. أنا عارف مين كان بيتمنى موتى علشان ياخد شقتى ، ومين كان مستنى قرشين ، ومين كان واقف جنبى ومش منتظر شئ . عارف كل واحد جواه ايه كويس جدا .. ولذلك قررت أسيبكم محتارين .. عايزين شقة فيصل ؟ خدوها ودوروا فيها على حلمكم اللى انتوا مش عارفين تحققوه ..

ترى كم “فيصل” موجود بهذا الشكل فى حياتنا ؟ أعتقد أنهم كثيرون . فيصل فى “شقة فيصل” هو نموذج موجود بالفعل ، هو الحاضر الغائب ، هو من ينطق أمامك بالحكمة وعبرة السنين منحوتة على وجهه ، ولا يطبقها على نفسه . هو من قد تجد له زوجة وأولاد فى كل بلد زارها ، ولا يعرفهم ولا يعرفونه . تضحك كثيراً إذا جالسته ، وقد يستهويك إذا حادثته ، لكن لا تتمنى أبداً أن تكون مثله . هو من يتساءل الناس كلما رأوه عن سبب واحد لوجوده فى الحياة ، وغالباً يرون أن عدم وجوده ربما كان أفضل .

رغم ذلك ، ورغم عدم اكتراث هذا الـــ”فيصل” لأى شئ فى الدنيا سوى مزاجه الشخصى وهفواته ، إلا أن وجوده فى الحياة قد أصبح حقيقة وواقع شاء من شاء وأبى من أبى . وسوف يترتب على أفعاله العجيبة الغريبة آثاراً بعد رحيله ، وسوف نراها فى أشياء كثيرة قد يكون بعضها صالح ، مثل ابنه الشاب الطيب الذى يبحث عن مستقبل وحياة كريمة ، والذى قد يكون سبباً فى يوم من الايام لأن يترحم الناس على “فيصل” لأنه أنجب هذا الشاب الصالح . وقد يكون بعض ما ترك غير صالح ، مثل زوجته التى لا يأمن أحد من جيرانها شر لسانها ، وسيكون لزوجها الراحل نصيب كبير من نقمتهم ولعناتهم لأنه أبلاهم بها .

فيصل وشقته عبره وعظه لكل “فيصل” آخر ، عسى أن يعيد ضبط تفاصيله التى ترهق كل من يعرفه .

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى