الأخبارالاقتصادالانتاجانتاج حيواني وداجنيبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د أحمد جلال يكتب: الدواجن ضرورة أم رفاهية

عميد كلية الزراعة- جامعة عين شمس- مصر

بالأمس القريب كانت الدواجن ومنتجاتها غذاء للفقراء رفاهية للأغنياء أما اليوم فاصبح لا عزاء للفقراء، حيث اصبحت الدواجن ومنتجاتها من الرفاهيات وليست من الضروريات وليس ذلك بسبب تعفف الفقراء ولكن يرجع السبب الى ارتفاع اسعار الدواجن ومنتجاتها بحيث اصبحت تمثل عبأ على كاهل الفقراء ومحدودي الدخل، ويرجع تاريخ صناعة الدواجن الى بداية الستينات حيث تحولت من مرحلة التربية الى مرحلة الصناعة عندما اصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرار جمهوري بإنشاء الشركة المتحدة للإنتاج الداجني والتي كانت تعد من اكبر الشركات على مستوى الوطن العربي والأفريقي.

ساهمت هذه الشركة فى سد جزء كبير من احتياجات المواطنين من البروتين الحيواني حتى اوائل التسعينات، حتى تم خصصتها وبيعها للقطاع الخاص.
التحول السياسي وصناعة الدواجن.
تأثرت صناعة الدواجن فى مصر بالتغيرات السياسية خلال العقود السابقة، وقد ادى ذلك الى وجود تذبذب فى اسعارها ومدى تواجدها بالكميات التى تسد احتياجات المواطنين، فمن المعروف ان الدواجن ومنتجاتها يتم توفيرها من مصدرين هما القطاع الريفي والذى يساهم بحوالي 20-25% والقطاع التجاري والذى يساهم بحوالي 75-80% من جملة المنتج داخل البلاد.
الامن الغذائي امن قومي
فى منتصف السبعينات وبعد معاهدة السلام مع اسرائيل تم استيراد بيض مائدة من اسرائيل وذلك لقرب المسافة وكانت الاسعار مرضية وتلبى الاحتياجات، ولكن تم زيادة اسعار البيض المستورد مما مثل عبأ على كاهل المستهلكين ومن هنا ايقن الرئيس الراحل انور السادات بأهمية الامن الغذائي كأمن قومي وبدء فى الانفتاح واعطى التصاريح للقطاع الخاص للدخول الى السوق لتلبية احتياجات المواطنين من اللحوم البيضاء والبيض مما ادى الى ازدهار هذه الصناعة فى مصر وبدأت فى النمو والتطور ولكن كانت هناك عشوائية الانتاج والتربية حيث افتقرت الصناعة الى التكامل الراسي التعاقدي.
ازمة الادارة وادارة الازمة
حققت صناعة الدواجن نجاحات متتالية حتى وصلت الى مرحلة الاكتفاء الذاتي من اللحوم البيضاء وبيض المائدة وقد بلغت جملة الاستثمارات حوالى 45 مليار جنية مصري بالإضافة الى توفير فرص عمل لحوالي 2 مليون مواطن، فى عام 2006 تعرضت صناعة الدواجن الى كبوة كبيرة وهى ظهور فيروس انفلونزا الطيور والتي اثرت على الصناعة بصورة هائلة ما زلنا نعانى منها حتى الان، ولم يكن السبب هو ظهور مرض انفلونزا الطيور حيث انه ظهر فى معظم دول العالم ولكن سبب المشكلة كانوا هم القائمين على حل المشكلة حيث انهم لم يديروا الازمة بالطرق السليمة التى تحمى الصناعة ومن هنا تبين اننا غير قادرين على ادارة الازمات التى تتعرض لها الصناعة وعلى العكس من ذلك حولنها الى ازمة ادارة، وامتد ذلك الى تحويل هذه الازمة الى المصالح الشخصية لحساب اشخاص او شركات.
القطاع التجاري ظالم ام مظلوم
من المعروف ان القطاع التجاري يوفر حوالى 80% من احتياجات المواطنين من اللحوم البيضاء والبيض الا انه يعتمد فى معظم مدخلاته على الاستيراد من الخارج سواء الجدود او الامهات او الاعلاف (الاذرة الصفراء وكسب فول الصويا والاضافات وخلافة) مما جعلة يتأثر بأسعار صرف الدولار وبالتالي التذبذب فى الاسعار طوال السنة مما ادى الى عدم وجود سياسة تسويقية أو سعرية محددة، كما ان القطاع التجاري ينظر الى هذه الصناعة من منظور مالي فقط ولا ينظر اليها من منظور اقتصادي الا هو مدى تأثير الصناعة على البنيان الاقتصادي القومي، لذا كان يجب على الدولة ان تتدخل بوضع التشريعات المنظمة لهذه الصناعة لحماية البنيان الاقتصادي القومي.
هل هناك فرص للاستثمار في صناعة الدواجن وما هي التحديات؟
تعتبر صناعة الدواجن قطاعا جذابا للاستثمار نتيجة كبر حجم السوق الداخلية لاستهلاك لحوم الدواجن ووجود إمكانات توسعية كبيرة بسبب النمو السكاني، ونمو الاستهلاك الفردي المتأثر بالتحسن العام لاقتصاد البلاد. وتمتلك مصر العديد من نقاط القوى فيما يخص تلك الصناعة وهى ان مصر لديها حق الوصول إلى الموانئ البحرية كما ان سياسة الحكومة المصرية تهدف إلى حماية المنتج المحلي.

ويعتبر نمو الناتج المحلي الإجمالي احد العوامل المحفزة والهامة للصناعة نتيجة زيادة الدخل الفردي والتحضر وتنمية الطبقات محدودة الدخل. ومن أهم التحديات التي تواجه الاستثمار في صناعة الدواجن المشاكل الحالية لأنفلونزا الطيور والاعتماد الكبير على المدخلات المستوردة (مكونات الاعلاف) بالإضافة الى المخاطر البيولوجية وسلوك المستهلكين، وليس ذلك فقط ولكن أسعار الدولار التي تعتبر المحرك الأساسي في أسعار الدواجن داخل السوق المصري.
ومن خلال ما سبق يتبين لنا انه لا يمكن تنفيذ سياسة واستراتيجية وطنية لتطوير الدواجن إلا من خلال المشاركة الكاملة للقطاع الخاص، واننا فى حاجة ملحة لقاعدة بيانات تمكن متخذ القرار من الحفاظ على بنيان هذه الصناعة على اسس علمية سليمة من خلال بيانات صحيحة وموثقة، فالإدارة السليمة هى فن وعلم اتخاذ القرار، ولا يمكن اتخاذ القرار الا من خلال قواعد البيانات التى تقدم الى متخذي القرار.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى