الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةامراضبحوث ومنظماتصحةمصرنحل وعسل

د محمود عبدالسميع يكتب: هل يعني اختفاء النحل فناء البشرية؟!

أستاذ تربية نحل العسل بكلية الزراعة- جامعة عين شمس

خبير نحل العسل للمنظمة العربية للتنمية الزراعية- جامعة الدول العربية- بوزارة الزراعة- المملكة العربية السعودية سابقا

يساهم الإنتاج الزراعي بفروعه المختلفة بدرجه كبيرة في إجمالي الدخل القومي لكثير من الدول، وتعتبر مهنة تربية نحل العسل أحد المشاريع الزراعية الهامة. ونحل العسل حشرات إجتماعية تعيش في طوائف على أعلى مستويات الحياة التعاونية يؤدى فيها كل فرد عمله بإخلاص غريزي موروث وقد يضحى بحياته في سبيل الدفاع عن خليته. وقد ورد ذكر النحل في كل الأديان السملوية، وفى العصر الإسلامي أصبح للنحل والعسل مكانة عالية بعد أن نزلت في القرآن الكريم سورة سميت بسورة النحل إذ قال عنه الله سبحانه وتعالى:

وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ* ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). سورة النحل (آية 68، 69).

ومن المعروف ان لنحل العسل أهمية إقتصادية عظيمة تتمثل في:

  • ينتج النحل العسل والشمع والغذاء الملكي وسم النحل ويجمع حبوب اللقاح والبروبوليس، وقد ثبت أن لهذه المنتجات أهمية كبري لصحة الإنسان وشفاؤه من الأمراض.
  • إنتاج الملكات بأعداد كبيرة وبيعها أو إدخالها علي نويات نحل جديدة لتكوين طرود أو طوائف جديدة لزيادة اعداد الخلايا بالمنحل.
  • إنتاج طرود نحل بأعداد كبيرة والاحتفاظ بها لزيادة عدد الطوائف بالمنحل أو لبيعها وبالتالي زيادة دخل النحال.
  • يعتبر نحل العسل من أفضل الحشرات الملقحة لأزهار النباتات نتيجة تنقلها من زهرة إلي أخرى أثناء جمع حبوب اللقاح والرحيق مما يعمل علي التلقيح الخلطى للأزهار بنقل حبوب اللقاح من زهرة لأخرى وزيادة إنتاج المحصول بنسبة 25-50% أو أكثر حسب نوع المحصول، ولذا لو تم توفير العدد اللازم من طوائف النحل الكافي لتلقيح محاصيلنا الزراعية لحققنا زيادة مذهلة في الإنتاج الزراعي بمعدلات تفوق ما يمكن الحصول عليه من تحسين الخدمة أو زيادة التسميد. وتزداد أهمية النحل في التلقيح الخلطى كلما تطورت وسائل الزراعة التي تقضي علي الحشرات الملقحة البرية حيث يمثل النحل 80% من مجموع الحشرات الملقحة المختلفة.

 كما تعتبر مشاريع تربية النحل من المشاريع القومية الناجحة وعليه تشجيع الإستثمار في مجال تربية نحل العسل حيث:

  • لاتحتاج مشاريع النحل مبالغ كبيرة مقارنة بالمشاريع التجارية الأخرى ودورة رأس المال سريعة.
  • كثرة وتنوع منتجات النحل (عسل النحل- غذاء ملكات النحل- شمع النحل- حبوب اللقاح- البروبوليس (العكبر)- سم النحل) وجميعها يفيد في الإستشفاء من كثير من الأمراض التي انتشرت في الوقت الحالي
  • يمكن إنتاج بيوت ملكات النحل وملكات النحل العذارى او الملقحة وتسويقها.
  • يمكن تقسيم وإنتاج طرود النحل وتسويقها.
  • مهنة النحل سهلة التعلم يمكن لجميع أفراد الأسره تعلمها وممارستها.
  • يساهم النحل بدرجة كبيرة في حل مشكلة البطالة ولايحتاج العمل بالمنحل تفرغاً كاملاً.
  • توفر النحالين الذين يشرفون على المناحل نظير الحصول على نسبة معينة من الإنتاج او مقابل اجر شهري.
  • الطلب على العسل ومنتجات النحل الأخرى مستمر ويمكن حفظه/حفظها لفترات طويلة دون تلف فلا يضطر المنتجين لبيعه/بيعها بأسعار منخفضة.
  • شعور المزارعين بخطر الإعتماد على مشروع واحد مثل القطن أو غيره نظراً لتعرض أسعاره للانخفاض في بعض السنوات.
  • مناسبة الظروف الجوية لتربية النحل في مصر وتوفر النباتات المزهرة طول العام تقريباً.
  • لاتحتاج مشاريع النحل أرض مملوكة فيمكن إستئجار قطعة أرض او وضعه فوق سطوح المنازل/الحظائر أو نقله من مكان لآخر.
  • دور المشاريع الأخرى التي تقوم على تعبئة وتغليف وتداول منتجات النحل.

الا انه ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة موت النحل او مايسمى بظاهرة إختفاء النحل والتي إنتشرت بدرجة واسعة في معظم دول العالم منها جمهورية مصر العربية، حيث تنبّه أصحاب مزارع النحل والمزارعون والعلماء في اميركا الشمالية لهذه الظاهرة منذ العام 2006 وأطلقوا عليها اسم «”خلل انهيار مستعمرات النحل“ وبحلول 2007 سُجل انخفاض في عدد النحل في الولايات المتحدة بنسبة 32 في المائة وفي 2008 بلغ الانخفاض 36 في المائة ثم 29 في المائة العام في 2010، ويتوقع لإحصاءات عام 2013 أن تكون بنفس الدرجة من السوء إن لم تكن أسوأ تبعا لمختلف المصادر العلمية التي ظلت تتناول هذا الخبر على صفحات الإنترنت خاصة في الآونة الأخيرة. تتضح المشكلة بشكل خاص في وادي كاليفورنيا الأوسط الذي يضم 60 مليونا من شجر اللوز الذي تمتد صفوفه لمسافة 640 كيلومترا ويطرح 80 في المائة من إجمالي إنتاج اللوز في العالم، أما المأزق فهو ان هذا الوادي يعتمد كلية في هذا الإنتاج على نحل العسل. صحيفة «نيويورك تايمز» خرجت بأنباء سارة تولدت من أبحاث مكثفة مشتركة بين العلماء العسكريين في ميريلاند وعلماء الحشرات في مونتانا.

كما أشارت بعض الدراسات العلمية ان 90% من المناحل الجبلية في السعودية أصبحت خاوية على عروشها (رغم عملها لآلاف السنين ككهوف تفيض عسلا حارقا يستعمل من جودته كدواء) بمنطقة الفقرة، ومنطقة الفقرة وهي عبارة عن مصيف جبلي مرتفع يدعى الفقرة (بكسر الفاء) .. تبعد عن المدينة المنورة ب 80 كيلومترا وتتميز بكثرة العسل الطبيعي (أو هكذا كانت) وبرودة جوها صيفا وشتاء (بفضل ارتفاعها 1800 متر عن سطح البحر).

فهل يرجع السبب وراء هذه الظاهرة او تشير أصابع الإتهام الى تورط أبراج الجوال (الهاتف المحمول) ام الى ظاهرة  الاحتباس الحراري والتغير المناخي أم إلى إصابة النحل بفيروس الشلل وكثير من الأمراض الأخرى ام الى المبيدات الحشرية والأسمدة الصناعية وجميعها قد تؤثر في الجهاز العصبي للنحلة أو تسممها عبر رحيق الأزهار ام الى ظاهرة الأصناف النباتية المهجنة وراثباً!!!!!!

وهناك من يعيد اختفاء النحل إلى الجفاف وقلة الأمطار!!!!!! ولكن نسبة كبيرة من النحل اختفت أيضا من لبنان وتركيا وفرنسا واستراليا وأمريكا وكندا.. ففي لبنان وتركيا مثلا اختفى 55% من النحل منذ عقد التسعينيات، وفي أمريكا اختفى 35% منذ عام 2000 فقط (بل وصلت النسبة الى 90% في بعض الولايات الشرقية)، أما في كندا وبولندا وفرنسا فانخفض انتاج المناحل الطبيعية بنسبة 35 إلى45% في آخر عقدين فقط …..فالأمر يحتاج الى كثير من الدراسات وتكاتف كثير من الأجهزة للوقوف على هذه الظاهرة وحماية طوائف النحل لمساهمتها بدرجة كبيرة ومباشرة في زيادة إنتاجية وجودة المشاريع الزراعية……

فهل إذا اختفى النحل من وجه الأرض.. يبقى للبشرية اربع سنوات قبل فنائها!!!!!!! وهل هذه هي نظرية آينشتاين الثالثة!!!!! فبدون نحل لا يكون تلقيح، وبدون تلقيح لا يكون نبات، وبدون نبات لا يكون حيوان، ثم لا إنسان، هذه الكلمات لا تنسب لشاعر إنما لألبرت آينشتاين نفسه فهل ستكون هذه هي النظرية الثالثة ؟.

وتصبح هذه الكلمات المخيفة مرعبة إذا علمنا أن العلماء ينظرون بحيرة مطبقة الى حقيقة أن النحل – وخاصة نحل العسل المسؤول عن تلقيح النباتات – يختفي بالجملة في مختلف أرجاء العالم ولسبب أو أسباب لا يعلمها أحد حتى الآن، كما أن اختفاء النحلة أعظم من اختفاء زجاجات العسل من أرفف المتاجر، فالنحلة مسؤولة عن تلقيح 75% من نباتات العالم المثمرة وأكثر من 130 محصولا رئيسيا للبشر وفي حال اختفائها لن يتاح لنا غير زراعة محاصيل قليلة كالأرز والذرة والبطاطس.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى