الأخبارالاقتصادالانتاجالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د عطية الجيار  يكتب: الاستثمار في الموارد المائية (2)

  الاستاذ بمعهد بحوث الاراضي والمياه والبيئة – جيزة –  مصر – المستشار لوزيري الزراعة والري بدولة رواندا

والخبير الدولى للمياة  لدول حوض نهر النيل

 

أن معرفة كيفية استثمار المياه العذبة أمراً ضرورياً بقطاع المال والأعمال، ومن المعلوم أن الماء هو مصدر الحياة لكن يمكن أن يكون أيضاً مصدراً لتنويع المحافظ، وندرة المياه في الوقت الحاضر يخلق فرصاً استثمارية جيدة.ويراهن العديد من الخبراء الاقتصاديين على أن الماء وخصوصاً المياه العذبة ستصبح سلعة باهظة الثمن على غرار النفط والمعادن الثمينة كالذهب والفضة مستقبلاً، ويعزو هؤلاء الأخصائيون هذا الأمر إلى أن الموارد المائية الصالحة للشرب محدودة، في حين أن تعداد السكان في العالم يتزايد بشكل كبير.

ونتيجة الظروف الاقتصادية الحالية التي تتسم بعدم اليقين في أوساط المستثمرين والتوترات الجيوسياسية المتزايدة في مناطق مختلفة من انحاء العالم. لذلك يبحث العديد من المستثمرين على حلول استثمارية بديلة سواء لتحقيق الربح أو لتنويع محافظهم وتقليل المخاطر، وهو البحث في كيفية الاستثمار الحالي للمياه واعتماد طرق الاستثمار الأمثل للمياه السطحية و الجوفية.والسبب الرئيسي للتوجه الجديد نحو الاستثمار في الأنشطة المتعلقة بالمياه، هو تزايد نسبة السكان في حين أن هذا المورد الحيوي يبقى موجوداً بكميات محدودة، فضلاً عن أن مشكلة التلوث تسلط الضوء على الحاجة إلى المياه العذبة والنظيفة أو الصالحة للشرب وبالتالي تزايد الاهتمام بالاستثمار في الموارد المائية.

تشكل المياه ما يزيد عن 70% من سطح الكرة الأرضية إلا أن ما يفوق ثلثي هذه النسبة غير صالح للشرب، أي أن نسبة المياه العذبة هي 0.76% فقط.وتقدر بعض الاحصائيات أنه بحلول سنة 2030 فإن الموارد المائية الصالحة للشرب لن تكفي سوى نسبة لا تتعدى 70% من مجموع السكان.في حين يزداد النمو السكاني العالمي بشكل مطرد، وتعانى العديد من المناطق حول العالم نقصاً حاداً في الموارد المائية سواء للاستهلاك البشري، أو لأغراض فلاحية أو صناعية، فمنظمة الأمم المتحدة تقدر أن ما يفوق 1.7 مليار من السكان في العالم في 2030سنة سيعانون من نقص في الموارد المائية أو عدم القدرة على الحصول على مياه نقية صالحة للشرب.كما ان العديد من المنظمات العالمية الأخرى تتوقع حدوث اختلال كبير بين نسبة الطلب على المياه والموارد المائية المتاحة خلال السنوات العشر القادمة.عامل آخر قد يزيد من حدة النقص في الموارد المائية ، هو ظاهرة الاحتباس الحراري التي من شأنها أن تزيد الأمر سوءاً.فحسب علماء الجيولوجيا وعلماء المناخ ظاهره الاحتباس الحراري ستزيد من حرارة الكرة الأرضية ما سيؤدي إلى إذابة الجليد في العديد من مناطق العالم على غرار القطب الشمالي والجنوبي، ما سينتج اختلاط العديد من الموارد المائية العذبة بالمياه المالحة ما سيؤدي لجعل المياة غير صالحة .

على الرغم من أن الماء ليس أصلاً، على الأقل لحد الآن، يمكن تداوله أو الاستثمار فيه بشكل مباشر في أسواق المال العالمية، إلا أنه يمكنك سلك بعض الطرق للاستثمار في المياه، على غرارشراء اسهم الشركات التي يتعلق نشاطها بالمياه كشركات تزويد المدن بالمياه الصالحة للشرب، أو شركات التنقيب على المياه الجوفية، أو الشركات التي تقدم خدمات تتعلق بمعالجة المياه، تحليتها، أو تصميم البنى التحتية لتوصيل المياه الصالحة للشرب للمنازل.بالإضافة للاستثمار في بعض صناديق المؤشرات المتدولة التي أنشئت حديثاً والتي تقوم بتعقب أداء الشركات التي تعتمد في أنشطتها الرئيسية على الماء، وتتيح هذه الصناديق الوصول إلى أسهم الشركات ذات الصلة بقطاع المياه مقابل رسوم منخفضة، غالباً ما تكون أقل من 0.50٪ من إجمالي استثماراتك.وايضا نجد أن الاستثمار في حقوق المياه إحدى الطرق المتبعة للاستفادة من هذا المورد، والتي تتيح للمستثمرين الوصول إلى المياه من مصادر “المياه النظيفة” مثل البحيرات والمياه الجوفية والأنهار.ويمكن الاستثمار فى مشاریع عملاقة بجمیع صورھا، ومنھا مشاریع تحلیة المیاه المالحة ومعالجة میاه الصرف الصحي والخزن الاستراتیجي، وذلك من خلال الخطط الاستراتیجیة لمشاریع المیاه للدولة بالإضافة الى محطات المعالجة الصغیرة المستقلة.

حل آخر يمكن أن تلجأ إليه، هو اللجوء لشراء البقع الأرضية التي تحتوي على مياة سطحية صالحة ، أو البقع الأرضية التي تحتوي على مياه جوفية.ويمكن أن يكون شراء أو تأجير الأراضي الزراعية وسيلة مربحة للاستثمار في المياه، إذ يعرف المزارعون الناجحون أن الوصول إلى المياه عنصر حاسم في زيادة الربح، وخاصة في المناطق التي تشهد زيادة في نقص المياة. ومن خلال الاستثمار في الأراضي الزراعية بكميات كبيرة، يمكنك الاستفادة من الغلة القوية من المنتجات والمواد الغذائية. ويكون الاستثمار في المياه خطوة مربحة، لكن هناك بعض المخاطر المرتبطة بالمسائل القانونية والتنظيمية ومستويات العرض والطلب.

ويجب ان يكون المستثمر على دراية بخصائص وأنظمة ملكية أو تأجير أو كيفية استثمار المياه العذبة.وكيفية شراء حقوق مائية أو تأجيرها مباشرة، أن حقوق المياه تنظمها الحكومات على جميع المستويات الثلاثة، الدولية و الاقليمية والمحلية، وهذا يمكن أن يجعل الاستثمار في المياه أكثر تعقيداً من الاستثمار في الأسهم والسلع التقليدية.ويجب أن تعرف حقوقك والتزاماتك القانونية، فالعقود المرتبطة باستثمار أراضي زراعية أو مصدرة للمياه غالباً ما تكون معقدة . كما يجب عليك معرفة المخاطر والوقائع المرتبطة بالاستثمار المباشر في المياه، الذي يتطلب الكثير من البحث لمعرفة حقيقة العرض والطلب.

أن فرص الاستثمار في قطاع المیاه جيدة ولكن يلزم الحلول التمویلیة للمطورین والجھات المالیة والتمویلیة لزیادة التعاون ولضمان الاستدامة المالیة لمشاریع قطاع المیاه، وذلك بأشراك عدد من المستثمرین المحلیین والأجانب المھتمین بقطاع المیاه، إلى جانب ممثلین لعدد من بیوت التمویل والبنوك على المستویین المحلي والدولي . وعلى ذلك يجب  تشكيل غرفة الاستثمارات المائية ، تضم المستثمرين ذوي الصِّلة بقطاعات الزراعة والصناعة والإسكان.وإنشاء وحدة البصمة المائية للاقتصاد الاخضر.والشروع في برنامج الكودالمحلى المائي.وإنشاء وحدة توطين التكنولوجيا المائية.ورابطة مستخدمي المياه،. و إنشاء مجموعة الإعلام المائية.و إعداد تعديلات قوانين الري والصرف، والصرف الصحي والبيئة والإسكان . وتعميم شبكات الري بالرش وبالتنقيط ، وكذلك طلمبات الطاقة الشمسية ومحطات تحلية المياه  وأخيرا تشجيع زراعة الصوب الزراعية بنوعيها الهيدروبونيك والاكوابونيك.

ختاماً، شهدت السنوات الأخيرة طفرة وتقدم في كيفية استثمار المياه العذبة وزيادة الطلب على الاستثمارات التي تسعى إلى الاستفادة من الحاجة إلى المياه العذبة النظيفة، والبحث عن طرق الاستثمار الأمثل للمياه السطحية والجوفية،عن طريق توفير التمويل المالى و التكنولوجيا المائية, إذا استمر هذا الاتجاه سيتمكن المستثمرون من رؤية مجموعة من الاستثمارات الجديدة التي تعرض هذه السلعة الثمينة ودورها في تحقيق الامن الغذائي بما توفرة من مصدر دائم ومستديم ونظيف من المياة . وأنه من الحكمة البحث عن حلول للمشكلة، تكون تكميلية، مع الجهود السياسية المبذولة، شريطة أن تكون واقعية، وقابلة للتنفيذ، وغير تقليدية، وتعتمد على الابتكار والإبداع، مؤكداً أن المسئولية تضامنية، بين المواطن بالترشيد، والمستثمرين والصناع بالشراكة، والعلماء بالبحث العلمي، والإعلام بالتوعية والتحذير، والحكومات بتذليل العقبات.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى