أفريقياالأخبارالاقتصادالانتاجالعربى للمياهالمناخالمياهالنيلبحوث ومنظمات

خبير دولي يوضح حقيقة مراوغات أثيوبيا لعدم التوافق حول ملف سد النهضة

>> أبوزيد: تجاهل أديس أبابا لضرورة تأمين تصرفات دول المصب أثناء التشغيل السنوي وتصوير حجم الملء الأول على أنه الحجم الكلي لخزان سد النهضة

أكد الدكتور خالد محمود أبو زيد، الخبير الدولي في المياه والمدير الإقليمي لإدارة الموارد المائية بمركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا، ان أسباب عدم التوصل لاتفاق خلال مفاوضات سد النهضة بالعاصمة السودانية الخرطوم يرجع للتجاهل الأثيوبي لدراسة البدائل المختلفة المقترحة للملء الأول والتشغيل السنوي لسد النهضة، ولأهمية تأمين التصرفات اللازمة لدول المصب، بالإضافة إلى الهاجس الأثيوبي تجاه عدم الإعتراف الضمني بحصة مصر والسودان، والمراوغة الأثيوبية في تعريف حجم الملء الاول والتشغيل السنوي.
وأضاف “أبو زيد”، في تصريحات صحفية لـ”المصري اليوم”، أن من الأمور الهامة التي يجب على الدول الثلاث الاتفاق عليها أولا هي أن الهدف من المفاوضات هو تحديد قواعد الملء الاول (الحجم والفترة الزمنية) وقواعد التشغيل السنوي، والتي تعني التشغيل الدوري للسد وليس أثناء فترة الملء فقط كما يريد الجانب الأثيوبي أن يصوره دون التصريح عنه علنا.  ويستطيع القارئ للتصاريح الرسمية لمصر وأثيوبيا أن يستشف ذلك بسهولة، فالتصريح المصري يوضح إصرار الجانب الأثيوبي على قصر التفاوض حول الملء والتشغيل أثناء الملء فقط، والتصريح الأثيوبي يتركها عائمة حتى يظن المجتمع الدولي أنه ليس لديه مانع من التفاوض حول التشغيل، مع أنه يعرقل التفاوض حول التشغيل السنوي.
واوضح أبوزيد أنه وفقا لنتائج الدراسات المكتبية المستقلة التي قام بها مركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا، يتطلب تقليل الأضرار على دول المصب (مصر والسودان) أن يكون حجم الملء الأول حتي أدنى منسوب تخزين مطلوب لتشغيل التوربينات وهو ما يُسمي “بالتخزين الميت”، وهو التخزين المطلوب لكي يغطي منسوب المياه منسوب أعلى التوربينات، وهو حجم المياه الذي سيظل داخل خزان سد النهضة على المدى الطويل أثناء التشغيل ولن يتم تصريفه، علما بأن هناك توربيناتان على منسوب منخفض و14 توربينة على منسوب أعلى”. ومع أخذ عامل أمان يمكن تقدير حجم الملء الأول هذا بحوالي 15 مليار متر مكعب، ويوفر هذا الحجم السعة التخزينية المطلوبة لاستيعاب التصرف السنوي للنيل الأزرق وتخزينه مؤقتا لحين تصريفه على مدار العام من خلال التشغيل السنوي للتوربينات.
وشدد “أبوزيد”، علي أهمية الاتفاق على حجم الملء الأول الذي يعطي أقل الأضرار قبل التحدث عن عدد سنوات الملء، وربط ذلك بقواعد التشغيل السنوي.
واضاف، أن طريقة التشغيل لها التأثير الأكبر علي التصرفات الواصلة لدول المصب، موضحا أنه إذا كان متوسط مناسيب بحيرة سد النهضة أثناء التشغيل مرتفعا سيصاحب ذلك كميات أكبر من فواقد البخر من سطح البحيرة وفواقد التسرب من قاع البحيرة. والتأثير التراكمي لهذه الفواقد من عام لاَخر له الأثر الأكبر علي مخزون بحيرة السد العالي في مصر والسودان والذي يحكم قواعد استخدام مصر والسودان لحصصهم المائية. فهذه الفواقد ستنتقص مما كان سيتم تخزينه في بحيرة السد العالي.
وأضاف الخبير الدولي للمياه ان مخزون بحيرة السد العالي هو الذي يتم الاستفادة منه في سنوات الجفاف أو سنوات التصرفات المنخفضة لنهر النيل مشيرا إلي أن إيراد نهر النيل مُتغير من عام لآخر.  واوضح ان تصرف النيل الأزرق المقام عليه سد النهضة، يأتي تقريبا 85% منه عند الحدود الإثيوبية السودانية خلال 4 أشهر من يوليو إلى أكتوبر وهي فترة تساقط معظم الأمطار على الهضبة الإثيوبية، وهي الفترة التي يتحدد في نهايتها حجم الإيراد السنوي للنيل الأزرق وما إذا كان أقل أو أكثر من المتوسط.
وأوضح “أبوزيد”، ان تقدير حجم التخزين الميت على أنه حجم الملء الأول يتيح المجال لتخزين أعلى تصرف محتمل خلال الأربعة أشهر للاستفادة منه في توليد الطاقة وتصريفه بالكامل خلال العام يعطي الفرصة لاستيعاب السد لتصرفات العام التالي ولأثيوبيا أن تستفيد من كامل التصرف السنوي في توليد الطاقة. ومن هنا تأتي أهمية الربط بين قواعد وحجم الملء الأول وقواعد التشغيل السنوي.
وكشف أنه في حالة البدء في عملية الملء قبل اتفاق الدول الثلاث على قواعد الملء الأول، فذلك يعتبر خرق لاتفاق إعلان المبادئ. حيث أن أهم بنود هذا الإعلان هو الاتفاق على قواعد الملء الأول والتشغيل السنوي للسد، بناءً على نتائج الدراسات المشتركة والتي تعثرت بسبب رفض الجانب الإثيوبي لـ”التقرير الاستهلالي” للدراسات المشتركة وهو التقرير الأول الذي يتم فيه توصيف منهجية الدراسات والمبادئ والافتراضات والنواحي العلمية المتعلقة بإجراء دراسات سد النهضة.
وأوضح “أبوزيد”، ان  الجانب الأثيوبي إعترض على بعض الأمور منها توصيف “السيناريو المرجعي” والسيناريو المرجعي هو “سيناريو الأساس” الذى يمثل الوضع قبل إنشاء السد، ويتم الرجوع إليه لمعرفة الآثار المُترتبة على بناء السد ولمقارنة تصرفات النيل الأزرق بعد إنشاء السد بالوضع قبل إنشاء السد، وذلك أيضا لرصد التغييرات التي قد تحدث لتصرفات النيل الأزرق بسبب وجود السد الجديد.
وأشار إلي أن القواعد العلمية المُتعارف عليها دولياً لإجراء دراسات تقييم الأثر وخاصة دراسات تقييم الآثار الهيدرولوجية والبيئية والاجتماعية للسدود تقارن الوضع قبل الإنشاء بسيناريوهات الوضع بعد الإنشاء لتُعبر عن الآثار المترتبة على هذا المنشأ الجديد، والذي يتسبب في تغيرات للظروف الطبيعية للنهر.
وأوضح “أبوزيد”، إن السيناريو “المرجعي” لابد أن يمثل الوضع قبل إنشاء السد. بينما يريد الجانب الإثيوبي أن يشمل السيناريو المرجعي وجود سد النهضة مما كان سيفرغ الدراسات من محتواها وأهدافها. وقد تسببت مثل هذه الاعتراضات من الجانب الإثيوبي على تقرير المكتب الاستشاري في تعثر الدراسات المشتركة وتوقفها، رغم ان المكتب الذي ينفذها هو مكتب استشاري مستقل ومتفق عليه.  كانت هذه الدراسات ستمثل المرجع الذي يتم الاستفادة منه في تحديد السيناريوهات الأفضل للملء الأول والتشغيل السنوي والتي تعطي أقل الأضرار.
واردف أبوزيد أنه على الجانب الأثيوبي التخلي عن الزج بموضوع عدم الاعتراف بالاتفاقيات السابقة والقائمة لتقاسم المياه،  وعدم إقحام ذلك في مفاوضات سد النهضة كما تضمن بيان الحكومة الأثيوبية عقب الاجتماع الثلاثي الأخير لوزراء الرى، خاصةً وأن القيادات السياسية المتعاقبة أكدت في تصريحاتها المتتالية عدم الإضرار بالمياه الواصلة لمصر، وترجمة ذلك فنياً هو عدم التأثير على متوسط تصرف النيل الازرق “المرجعي” (قبل إنشاء سد النهضة)، حيث أن هذا التصرف هو أهم تصرف تم على أساسه تحديد حصة مصر المائية والتي إكتسبت حق استخدامها وإعادة استخدام صرفها لعشرات السنين، وتحتاج لأضعاف اضعافها لتلبية احتياجاتها المائية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى