خبير موارد مائية

ان كنت لا تدرى فتلك مصيبة..وان كنت تدرى فالمصيبة اعظم

بيت شعر لابن القيم قاله فى سياق قديم لكنه يصلح الان لنتوجه به للمجتمع الدولى كله ونتسائل عن قدر المامه بمشكلة سد النهضة. وهل يدرى عن المشكلة وابعادها ام لا يدرى وكلاهما مصيبة كما قال الشاعر.

طفا التساؤل على السطح بعد ان نال آبى احمد رئيس الوزراء الاثيوبى جائزة نوبل للسلام. نالها منفردا لينضم لقائمة شرف تضم 116 شخصا نالوا الجائزة منذ اقرارها عام 1901 . نالها منفردا بينما جرت العادة ان يتشارك فيها شخصان او ثلاثة ونالها بعد فترة وجيزة من توليه منصبه لم تتعد العام ونصف العام.

تقدير كبير من اللجنة النرويجية التى ساقت اسبابا اهمها تحقيق السلام مع اريتريا، الخصم القديم ذو الشعب الذى لا يتجاوز تعداده الستة مليون نسمة. بينما السلام المائى مع مصر ذات ال 100 مليون نسمة مازال قيد التفاوض منذ 2011.

بعد استبعاد كل نظريات المؤامرة السخيفة التى تبرر الاحداث نتيجة قوى غير مرئية نسمع عنها ولا نراها، أتسائل هل يدرك العالم بمنظماته الدولية ومراكز تأثيره بشكل كاف ابعاد مشكلة كبيرة مثل سد النهضة ؟ هل يدرك العالم بمنظماته ومراكز تأثيره مدى الضرر البالغ الذى سيصيب شعبا يتجاوز تعداده المائة مليون نسمة يشغلوا منطقة مركزية فى قلب العالم، وفى بؤرة الاحداث الساخنة من كافة الاتجاهات.

وهل يدرك العالم بمنظماته الدولية ومراكز ابحاثه ونقاط تأثيره درجة التداعيات السلبية لهذا الضرر الذى لن يقتصر على مصر وحدها

ثم سؤال مفصلى يجب ان نبحث عن اجابته بصراحة. ما هى الصورة المستقرة فى اذهان العالم عن طرفى المشكلة الرئيسيين مصر واثيوبيا.

هل هى مصر الدولة القوية القادرة التى تستأثر بكل ايراد النهر وتمنع باقى الدول الفقيرة والضعيفة من الانتفاع وتحقيق التنمية.

هل هى مصر التى تحمل فوق اكتافها شعبا ضخما يحتاج مأكلا ومشربا وتنمية تحقق له الحد الادنى فى حياة كريمة. هل العالم يدرى بشكل كاف ان سنوات ملو خزان سد النهضة سواء سنة او ثلاثة او عشر سنوات لن تكون فارقة ومؤثرة على اثيوبيا التى امضت آلآف السنين بدون سد النهضة.

فماذا يضير لو اصطبرت بضع سنوات لمنع ضرر مؤكد علينا؟. بينما مصر التى استقرت حياتها وشعبها على فيض مائى سنوى ليس لها بديل عنه  منذ ما قبل التاريخ المكتوي، وهو ما يعطيها كل الحق حينما تطلب استطالة فترة الملء فهو مطلب شرعى ومنصف وعادل. 

ننتقل الى حزمة مختلفة من الاسئلة. ما عدد القنوات الاعلامية الدولية التى غطت موضوع سد النهضة منذ اثيرت المشكلة فى منتصف 2011. لا اتحدث بالطبع على قنواتنا المحلية التى لا يشاهدها سوانا واحيانا العاملين فيها مع اسرهم واصدقائهم، لكنى اتحدث عن القنوات ذات التأثير الواسع فى الرأى العام الدولى مثل سى ان ان وسى ان بى سى وبى بى سى.

وهل التغطية المقدمة كانت موضوعية وتنحاز للحقيقة كما نراها، ام كانت سلبية ام التزمت الحياد؟

نفس الاسئلة نوجهها بخصوص الصحف ووكالات الانباء الدولية: الصينية رويترز وبلومبيرج وفرانس برس وسكاى نيوز والواشنطن بوست ونيويور تايمز.

كم قناة تمت دعوة مراسليها لزيارة المحافظات التى تعانى من شح المياه، الفيوم مثال جيد فهى محافظة تتطابق فيها ثلاثة دوائر: نقص المياه وتدنى الدخل وانتشار التطرف. الدقهلية وكفر الشيخ والبحيرة فى موسم اقصى الاحتياجات الصيفى والمزارعون يقضون الليل على جسور الترع فى انتظار مناوبة المياه.

هل رآهم من احد بخلاف مهندسى الرى المصريين؟

العجز السنوى الذى يتجاوز ال20 مليار متر مكعب ويتم استعواضه من مياه الصرف الزراعى رديئة النوعية هل يدرى به العالم ؟..

هل هناك دراسة اعلامية عكفت على تحليل الصورة الذهنية لسد النهضة على المستوى الدولى؟ سواء منظمات او افراد

نحتاج خطة اعلامية رشيدة توجهها الدولة من بعيد. تركز الضوء على معاناة البسطاء من المصريين من نقص المياه. صورة طفل وهو يشتكى من هذا النقص تنقل صوره وكالة دولية يمكن ان تؤدى لتأثير اقوى من تصريح رسمى لمسؤول كبير وتطيره وكالة الانباء المحلية ثم لايلقى له العالم بالا.

سيدة تعول اسرة وتقوم بزراعة ورى ارضها بنفسها تتحدث عن معاناتها فى الرى. نحتاج ان تتبنى منظمات المجتمع المدني حملة قوية لاظهر التأثيرات السلبية لسد النهضة. نحتاج ان تتبنى جمعيات المصريين العاملين بالخارج حملات لتعريف رجل الشارع الاوروبى والامريكى والصينى بهذا التأثير السلبى المتوقع. 

 

عدم دراية العالم بحقيقة مسألة سد النهضة مصيبة. والتأخير فى تنفيذ حملة اعلامية دولية  لكى يعرف العالم الحقيقة مصيبة أعظم.