الأخبارالانتاجالصحة و البيئةالمناخالمياهامراضبحوث ومنظماتصحةمصر

د محمد إبراهيم يكتب: تأثير التغيرات المناخية علي التناسل والإستراتيجيات المتاحة للتغلب علي أثارها

باحث أول بمعهد بحوث صحة الحيوان- معمل الزقازيق – مركز البحوث الزراعية

تمثل مرحلة البلوغ نقطة فاصلة في حياة حيوانات المزرعة حيث يصبح الحيوان مؤهلا للتزاوج تمهيدا لولادة عجول صغيرة جنبا إلي جنب مع إنتاج الحليب. وتتأثر بداية هذه المرحلة بعوامل متعددة منها ما هوبيئي حيث التغذية والتاريخ المرضي والظروف المناخية والموسم الذي يصادف وقت البلوغ ومنها ما هو وراثي حيث يشمل تأثير درجة القرابة وتأثير وزن الحيوان وحجم الجسم في داخل السلالة.

هرمونات التناسل يختلف مصدرها ما بين هرمونات الفص الأمامي للغدة النخامية[ FSH, LH, LTH (Prolactin H)]  وهرمون الأوكسيتوسين الذي تفرزه الغدة تحت المهادية ويتم تخزينه في الفص الخلفي للغدة النخامية، هذا بالإضافة إلي هرمونات المبيض والتي تشمل هرمون الإستروجين وهرمون البروجستيرون بالإضافة إلي هرمون الريلاكسين وتعتبر بطانة جدار الرحم نفسه هي ثالث مصدر لهرمونات التناسل حيث تفرز هرمون البروستاجلاندين والذي يمثل الصيحة الكبري في علاج كثير من مشاكل التناسليات.

تمثل دورة الشياع الفترة ما بين شياعين متتاليين وتقدربحوالي 12- 24 ساعة  في الأبقار وغالبا ما تكون 24-48 ساعة في الأغنام والماعز. ويمثل هرمون البروستاجلاندين  الشرارة الأساسية لثورة دورة الشياع حيث يؤدي لتحطم وتكسير الجسم الأصفر الموجود علي المبيض من الدورة السابقة مما يودي إلي هبوط حاد في مستوي هرمون البروجستيرون والذي يؤدي إلي زيادة الهرمون المحفز لنشاط حويصلات جراف (FSH) فيحفز تكوين الحويصلات التي تحتوي علي البويضات وحينما يزداد السائل الموجود بها والذي يحتوي علي كميات متزايدة من هرمون الشياع (الإستروجين) تبدأ علامات الشياع في الظهور المفاجئ، وعند التبويض يتكون الجسم النزفي(Corpus haemoragicum) والذي يتحول سريعا إلي الجسم الأصفر(CL) الذي يقوم بدوره بإفراز هرمون الحمل (البروجستيرون) والذي يحافظ علي الحمل إن تم التلقيح والإخصاب .وإلا فالدخول إلي دورة جديدة.

وعموما فإن دورة الشياع لها ثلاث أشكال مختلفة، فتتميز الحيوانات البرية بأن لها دورة شياع واحدة في العام فهي وحيدة دورة الشياع، وتمثل الأبقار المثال الواضح للنوع الثاني من أنواع الشياع وهو الحيوانات عديدة الشياع والتي ليس لها موسم معين للتزاوج وتظهر علامات الشياع بصفة دورية علي مدار العام في حين يندرج الجاموس وكذلك الجمال (النوق) علي إستحياء في هذه المجموعة، وأما عن النوع الثالث من أنواع دورات الشياع فهو الشياع الموسمي المتعدد كما هو الحال في الأمهار والأغنام حيث تظهر دورات الشياع بإنتظام داخل مواسم التزاوج الخاصة بكل منهما.

التغيرات المناخية التي تؤثر في التناسل تتمثل في التغير في درجة حرارة الجو المحيط وزيادة الرطوبة النسبية وأشعة الشمس المباشرة فضلا علي بعض التأثير الناتج عن زيادة الضعط الجوي أوسرعة الرياح.

ومن المعلوم أن ظاهرة الإحتباس الحراري بما تشمله من إرتفاع في درجة حرارة الجو المحيط بالحيوان مع إرتفاع الرطوبة النسبية يمثل عائقا كبيرا لتناسل طبيعي نموذجي. يؤدي الإحتباس الحراري إلي مشاكل فسيولوجبة عديدة من شأنها أن تؤدي إلي خلل واضح في الخصوبة حيث يؤدي الإحتباس الحراري إلي تأثير سلبي واضح علي الجهاز الهضمي وهرمونات الدم مما قد يؤدي إلي توقف الشياع. كما ثبت أن الإحتباس الحراري قد يؤدي إلي نقص في هرمون الإستروجين مما قد يؤدي إلي الشياع الصامت في الجاموس.

يزيد الإحتباس الحراري من مستوي هرمون البرولاكتين مما قد يتسبب في توقف دورة الشياع وبالتالي ضعف الخصوبة في الجاموس، فضلا علي أنه قد ثبت أن الإحتباس الحراري قد أفضي إلي نقص حاد في هرمونات الجونادوتروبين مما أدي إلي ضعف في نمو حويصلات جراف وضمورها وعدم التبويض. هذا وقد يؤدي إلي نقص في تخليق هرمون   LHو الإستروجين مما قد يتسبب في ضعف شديد في تطور ونمو حويصلات جراف والذي يؤثر سلبا بل وقد  يؤدي إلي توقف نشاط المبيض تماما في الأبقار.

أما عن تأثير الإحتباس الحراري علي عدم الإخصاب وتكرار الشياع فإنه قد يتسبب في زيادة الفترة ما بين التلقيحتين بدون إخصاب أو موت الأجنة المبكر في أيامه الأولي. هذا وقد يؤدي الإحتباس الحراري إلي إرتفاع درجة حرارة الرحم ونقص تدفق الدم الواصل إليه مما يقلل من نمو وتطور الجنين و الذي قد يتسبب في الموت المبكر للأجنة.

يؤدي الإحتباس الحراري إلي نقص في هرمون البروجستيرون والذي قد يكون سبب رئيسي لتشوه البويضات ( عدم التطور الطبيعي للبويضات) أوالفشل في إنغماس البويضة المخصبة في جدار الرحم وبالتالي موت مبكر للأجنة وتكرار الشياع. فقد أثبتت الأبحاث في هذا المجال أن زيادة الإحتباس الحراري لمدة تتراوح ما بين 3-5 أسابيع قبل التلقيح قد قللت نسبة الإخصاب.

الإستراتيجيات المتاحة للتغلب علي أثار التغيرات المناخية في المزارع

ومن فضل الله أن هناك الكثير من الإستراتيجيات المتاحة للتغلب علي أثار التغيرات المناخية في المزارع أولها هو إنتاج سلالات مقاومة لدرجات الحرارة المرتفعة ومن الجدير بالذكر أنه كلما كان الحيوان ذو إنتاج عالي من اللبن كلما كان عرضة أكثر لتأثيرالإحتباس الحراري فالإنتاج المرتفع يتناسب تناسبا عكسيا مع درجة تحمل الحيوان لدرجات حرارة الجو المرتفعة، هذا ومن المؤكد أن السلالات الهجين من الأبقار تتأقلم تناسليا أفضل من السلالات النقية وبذلك يمكن تحسين مقاومة الحيوانات للإحتباس الحراري مع تحسين الأداء التناسلي عن طريق الخلط مع الحيوانات المحلية.

ومن الطرق المتبعة لإنتاج سلالات مقاومة لدرجات الحرارة المرتفعة هو إنتخاب سلالات مقاومة للإحتباس الحراري من السلالات عالية الإدرار وكذلك إدخال جينات التأقلم علي درجات الحرارة العالية إلي القطعان وذلك من الجينات المعروف عنها علاقتها بمضادات الأكسدة أو الجينات المرتبطة بالمقدرة علي تحمل درجات الحرارة العالية في الجاموس مثل ATP A1gene, ATP B2 gene ,Osteopontin)  ( HSP70 gene,

وثاني هذه الإستراتيجيات المتبعة للتغلب علي أثار التغيرات المناخية في المزارع هو تحوير نظام التغذية فالإحتباس الحراري يؤدي إلي نقص حاد في إستهلاك العليقة ونقص حاد في كمية العليقة الجافة التي يأكلها الحيوان فضلا عن النقص في معدل هضم العليقة الجافة (digestibility) والنقص في كمية البروتين التي يأكلها الحيوان والنقص في نسبة البروتين/ الطاقة مما يؤدي إلي خلل في ميزان الطاقة ((Negative energy balance.

ولذلك يجب التغذية علي عليقة تحتوي علي مركزات وبروتين مهضوم قابل للتحلل الحيوي وألياف عالية الجودة كما ونوعا وإضافات دهون مع الإهتمام بإضافات الأعلاف المهمة جدا لتثبيت بيئة الكرش وتفادي الحموضة الزائدة وتحسين تمثيل الطاقة. إن إضافة النياسين يمثل خطوة قد تكون مهمة في تفادي الإحتباس الحراري في الأبقار كما ثبت أن إضافة مضادات الأكسدة أثناء الإحتياس الحراري تؤدي إلي نحسين الخصوبة عن طريق تقليل الإجهاد التأكسدي خصوصا في الجاموس.

أما عن ثالث هذه الإستراتيجيات فهو تحوير وتعديل وتطوير البيئة المحيطة بالحيوان حيث تمثل المفتاح الرئيسي لحل مشكلة الإحتباس الحراري وذلك عن طريق عمل مظلات فوق الحيوانات لتحمي الحيوانات من أشعة الشمس المباشرة إلا أنها لا تقلل من درجة حرارة الجو ولا الرطوبة النسبية و الأفضل هو سور من الأشجار المرتفعة حول وربما داخل المزرعة بالإضافة إلي عمل نظام تبريد ببخار الماء داخل المزرعة إما بنظام بخار الماء الضبابي والذي يستخدم قطرات من بخار الماء الصغيرة جدا والتي تنتشرفي تيارات الهواء ثم تتبخر سريعا فتبرد الهواء المحيط. أو نظام الرشاشات والتي لا تبرد الهواء بقدر ما تبلل الجلد والشعر في الجاموس والأبقار ثم ما يلبث أن يتبخر هذا البلل ليبرد الجلد والشعر ويتميز هذا النظام بأنه فعال جدا إذا كانت هناك حركة للهواء.

كما أن هناك نظاما رائعا يعتمد علي تبريد الهواء ميكانيكيا بإستخدام نظام وسادة التبريد والذي يعمل عن طريق اللبادة المبردة بالماء والشفاط. حيث يقوم  الشفاط القوي الموجود في الإتجاه الثاني للمزرعة المغلقة بسحب الهواء من المزرعة ليدخل الهواء المبرد من طريق واحد عبر المرور علي اللبادة المبردة بالماء و الموجودة بمدخل المزرعة كما يتم في النظام المغلق في مزارع الدواجن.

إن إتباع برامج التلقيح الإصطناعي المحددة الوقت تمثل الحل الرابع لمشكلة الإحتباس الحراري في مزارع الحيوانات الكبيرة. فإذا كان الإحتباس الحراري يقلل من طول فترة الشياع وشدتة مما يؤدي إلي زيادة نسبة حالات عدم الشياع وحالات الشياع الصامت فإن هذا النظام يتيح إكتشاف الشياع وتحديد الوقت المناسب للتلقيح عشوائيا.

ومن ذلك: طريقة التزامن الشبقي(PGF2 Synchronization)  وذلك بحقن جرعة من البروستاجلاندين والتي قد تؤدي للتخلص من الجسم الأصفر الموجود علي المبيض ودخول الحيوان في دورة شبق جديدة في غضون 3-5 أيام بنسبة تصل إلي 65-70% وأما عن الحيوانات التي لم تدخل في شياع فيتم تكرار جرعة البروستاجلاندين لها بعد مرور 11-12 يوم من الجرعة الأولي مع تلقيح الحيوانات عشوائيا بعد 80 ساعة من الحقنة الثانية.

يمثل البرنامج الثاني من برامج التلقيح الإصطناعي المحددة وهو نظام حقن الجونادوتروبين بروستاجلاندين جونادوتروبين والمعروف بنظام (GPG- protocol) البرنامج المفضل لدي القائمين علي المزارع الكبري لسهولته وتنصح به وتفخمه شركات الأدوية المختصة نظرا لربحيته العالية لهذة الشركات، ونظام GPG نظام يعتمد علي حقن جرعتين من الجونادوتروبين لتنشيط المبيض يتوسطهم جرعة من البروستاجلاندين لإذابة الجسم الأصفر إن وجد وذلك بطريقة عشوائية لجميع أبقار المزرعة دون الرجوع لفحص المبايض لتحديد ما تحمله المبايض والتعامل الحرفي معها.

كما أن هناك نظاما ثالثا ولكنه أقل شيوعا في مصر وهو نظام القشة المشبعة بهرمون البروجستيرون  CIDR)) والتي تثبت داخل جدار الرحم لعدة أسابيع فتزيد من مستوي هرمون البروجستيرون في الدم ثم تنزع من داخل الرحم فيقل مستوي هرمون البروجستيرون فجأة مما يحفز نشاط هرمون (FSH) وهرمون الإستروجين ودخول الحيوان في شياع واضح مع التبويض.

الحمد لله الذي وهب مصر جوا معتدلا يغلب عليه الإستقرار. إلا أن العالم بأسره قد بدأ يتعرض لموجة من التغيرات المناخية والإحتباسات الحرارية المتنامية التي وجب معها إعداد العدة لأية تطورات مستقبلية. حفظ الله مصر وأهلها وجيشها وأرضها ونيلها، ووقانا من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى