الأخبار

د محمد بدوي يكتب: التسميد المتكامل  لنخيل التمور وإنتاج التمور العضوية

أستاذ الأراضى – معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة – مصر

مدير عام مصنع الإمارات للأسمدة البيولوجية

العين – الإمارات العربية المتحدة

لمحة تاريخية:

نخلة التمر:

نخلة التمر هي سيدة الشجر عرفت زراعتها في عصور ما قبل التاريخ وورد ذكرها في بعض النصوص الأثرية إنها الشجرة المقدسة التي يناطح سعفها السماء وتتعمق جذورها في الأعماق البعيدة في التربة. وهي الشجرة التي يعتمد عليها العباد في رزقهم وهي بحق شجرة الحياة. يجود ويكثر زراعتها فى الوطن العربى ويسوق منتجاتها فى جميع دول العالم. و يجب تصحيح الإعتقاد السائد بأن النخيل ليست بحاجة للتسميد وذلك بتكثيف الإرشاد الزراعي للمزارعين والإستفادة من نتائج البحث العلمي حيث تعمل إضافة الأسمدة للنخلة كغيرها من المزروعات على الإستجابة للسماد والتسميد بتحسن نموها وزيادة محصولها وتحسين خصائص التمور المنتجة.

وفي إطار البرنامج الطموح لزراعة نخيل التمر فى مصر الحبيبة نتمنى التدقيق فى إختيار الأصناف الجيدة وخصوصا ما يناسب الأجواء والتربة المصرية مع الإلتزام الكامل بالعناية ببرامج خدمة النخيل وذلك لضمان المشروع والذى نتمنى أن يساهم في الأمن الغذائى وكذلك دعم الإقتصاد المصرى من خلال تصدير المنتج لجلب العملة الصعبة للبلاد

القيمة الغذائية للتمور:

يعد التمر مادة غذائية متكاملة، إذ يحتوي على معظم المركبات الأساسية من كربوهيدرات وبروتينات وفيتامينات وأملاح معدنية. يحتوي التمر على عنصر الفوسفور الذي يدخل في تركيب العظام والأسنان، وتتمثل أهميته في تغذية الخلايا العصبية في الدماغ، كما يدخل في تركيب مواد الوراثة، فيما يساعد عنصر البوتاسيوم على صفاء الذهن، والقدرة على التفكير والتركيز وتوازن الماء في الجسم. كما أن التمر من أغنى المواد الغذائية من حيث إمداد جسم الإنسان بالطاقة الحرارية اللازمة للحركة والنشاط، نتيجة إحتوائه على نسبة مرتفعة من السكريات تصل إلى نحو80 %، محسوبة على أساس الوزن الطازج للتمور. عند مقارنة القيمة الحرارية للتمور بالنسبة للأطعمة والفاكهة الأخرى التي يتناولها الفرد، نجد أن التمر يتفوق؛ ففي الأرز المطبوخ تعطي كل 100 جرام 180 سعراً حراري ،ً وفي الخبز 225 سعراً حراري ،ً وفي لحم الضأن الخالي من الدهن 224 سعراً حراري ،ً وبالمقابل نجد أن الكيلوجرام الواحد من التمر يكفي لسد حاجة الفرد من الطاقة الحرارية التي يحتاجها في اليوم، والتي تقدر بنحو 3000 سعر حراري. تعد التمور غذاء سريع الهضم سهل الامتصاص، وفي الحديث النبوي الشريف “إن التمر يذهب الداء ولا داء فيه”، ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم “من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر”. تناول التمور يضفي الراحة والسكينة، ويريح الأعصاب، فمن كان معكر المزاج عصبي فإن التمر يشارك مع غيره من الخضراوات والفواكه كالمشمش والجزر والسبانخ واللوز، في إضفاء النشاط والسكينة والحركة على الجسم. ويستخدم التمر في علاج فقر الدم لإحتوائه على نسبة عالية من الحديد، كما يحتوي على حمض الفوليك “أحد فيتامينات ب المركب”، ويعد التمر ملينا طبيعيا مثاليا لاحتوائه على ألياف سليولوزية. وقد إختار الله سبحانه وتعالى، وهو العليم الخبير، لمريم إبنة عمران عليها السلام التمر لتأكله حينما كانت في المخاض، وكان التمر بالنسبة لامرأة أنهكها المخاض غذاء ودواء يساعدها على إستعادة قواها. ويحتوي التمر على مواد تساعد على إنقباض الرحم وعودته إلى وضعه الطبيعي، وتعمل مجموعة الفيتامينات فيه على إدخال الراحة والهدوء على النفس، كما أن الحديد ينشط تكوين الهيموجلوبين لتعويض الدم الفاقد أثناء الولادة، وقد حث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على ذلك، حيث قال “أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر، فإن من كان طعامها في نفاسها التمر خرج ولدها حليم ،ً فإنه كان طعام مريم حين ولدت ولو علم الله طعام خيراً من التمر لأطعمها إياه”. وإفطار الصائم في شهر رمضان على التمور فيه حكمة عظيمة، حيث يعطي التمر الصائم جرعة مركزة من الغذاء تخفف من شعوره بالجوع وشراهته للأكل. كما ينشط التمر العصارات الهضمية ويقي من الإمساك ويعدل الحموضة في المعدة وفي الدم، وفي ذلك يقول الحديث الشريف “إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور”. وتعد التمور من محاصيل الفاكهة التي لها قيمة غذائية عالية لاحتوائها على كثير من الفيتامينات والأملاح المعدنية ومصادر الطاقة، وتستهلك في مراحل نضجها المختلفة “البسر والخلال والرطب والتمر”، حيث أصبحت ذات قيمة اقتصادية جيدة

للمنتجين من خلال الصناعات التحويلية، مثل: عسل التمر، والسكر السائل، والمربيات، والمشروبات المرطبة، والمعجنات والحلويات، والمنتجات اللبنية، وأغذية الأطفال، والخل والمخللات، وخميرة الخبز، وتمر الدين، وزبدة التمر، كذلك إستخراج الزيت من النوى، بالإضافة إلى بعض الهرمونات والمضادات الحيوية كالبنسلين والأورمايسين.

ومن أهم فوائد تناول التمور حسب الدراسات الطبية والأكاديمية المسجلة رسميًا، الوقاية من هشاشة العظام وترققها، لأنها تحتوي علي نسبة جيدة من الكالسيوم، والتمر يوجد به ألياف تكافح الإمساك وأملاحه تعدل من حموضة الدم التي تسبب حصي الكلي وإرتفاع ضغط الدم، والنقرس والبواسير، وتناوله علي الريق يقضي علي ديدان البطن ويعالج خشونة الحلق والبحة، ومن عجائب التمور، إذا تم تناول تمرتين تحولت إلي سكريات، ولو تناول المرء ثلاث تمرات تحولت إلي كربوهيدرات.

التحديات التي تواجه صناعة التمور:

ويعتبر أهم التحديات التي تواجه صناعة التمور وتصديرها في البلدان العربية ضعف الترويج للمنتجات والعلامات التجارية بالأسواق الخارجية، وعدم إجراء دراسات للأسواق المستهدفة، والتنافس السلبي بين المصدرين، والمنافسة الشديدة من الدول المنافسة، وعدم التزام بعض المنتجين بالمواصفات، وعدم وجود تحالفات وتكتلات تصديرية، وعدم حصول معظم المنتجين علي شهادات الجودة وعضوية المجلس التصديري، وبقلة عدد الأصناف الإقتصادية ذات القيمة التصديرية المرتفعة، وإنخفاض جودة الثمار الناتجة نتيجة عدم إلمام أو تطبيق المزارع والمنتج بالعمليات الفنية والمعاملات الزراعية المناسبة، وإنخفاض عدد مزارع النخيل الحاصلة على شهادة الممارسات الزراعية الجيدة (جلوبال جاب)، بالإضافة إلي نقص الإهتمام بمعاملات ما بعد الحصاد من أعمال فرز وتدريج وتجفيف وتخزين وتخلص من إصابات حشرية وتنظيف وتعبئة وتغليف وتعظيم القيمة المضافة، وعدم كفاية المخازن المبردة والمجمدة، ونقص الوعي بالأسلوب السليم لتخزين التمور وحمايتها من الإصابة الحشرية، وعدم تنظيم حلقة الربط بين المزارعين والمصنعين، وإرتفاع الفاقد في بعض أصناف التمور خاصةً التمور الرطبة.

إنتاج التمور العضوية:

إن طرق الزراعة التقليدية الحديثة تعتمد على الإستعمال المتزايد للأسمدة الكيميائية ومبيدات الآفات المصنعة التي تلوث البيئة وأيضا المنتجات الزراعية. فنتيجة لهذا الإستخدام المفرط للمبيدات الكيميائية والأسمدة المعدنية المختلفة المصنعة حدث خلل في التوازن البيئي وكان نتيجة هذا الخلل سلبيات كثيرة جداً أهمها ما حدث من أضرار لصحة الإنسان والحيوان.
وعندما أدرك الإنسان هذه الحقيقة إتجه إلى الطبيعة ومن هنا بدأت الأصوات تنادي بالبعد عن إستخدام المبيدات الكيميائية المختلفة والتي كانت سبباً في العديد من الأمراض للإنسان. فلم يعد مقبولاً أن تغمس ثمار الفاكهة الجميلة واللذيذة في محلول سام قبل أن تقدم على مائدة طعام الإنسان ليتناول السم في الفاكهة وما يتبع ذلك من حدوث أمراض ومشاكل صحية للإنسان والنبات والحيوان، وكذلك البيئة التي طالما عشنا بها مع أن هذه البيئة ليست ملكاً لنا بل لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا.

لذلك ظهرت الزراعة العضوية كحقيقة ناصعة ترد بكل قوة على النظام الزراعي الشائع الذي يقوم على إستخدام الكيمياويات لإنتاج غذاء للإنسان, وبالتالي فالزراعة العضوية تمكِّن من إنتاج غذاء صحي آمن خال من السموم وبكميات وفيرة حسب الإحتياج، ولكن هذا الإنتاج يحتاج إلى علم ومعرفة، فالزراعة العضوية هي نموذج مطور من الزراعة النظيفة وهي تحتاج إلى كثير من المبادرات والخبرات بالإضافة إلى تحمل المسئولية لكي تكون ناجحة.
وإن اصطلاح الزراعة العضوية يشير إلى العملية التي تحاول تقليل الآثار السلبية على البيئة ابتداءً من إعداد التربة إلى مرحلة الإنتاج مروراً بالحصاد والنقل والتعبئة والتصنيع وإلى تسويق المنتجات الغذائية. لذا تستند الزراعة العضوية على التقليل من إستعمال المدخلات الخارجية, وتفادي إستعمال المخصبات المصنعة ومبيدات الآفات وأي مواد ضارة للبيئة وصحة الإنسان. والمنتج يوصف (بالعضوي) إذا كانت كل مراحل الإنتاج تخضع لمعايير معينة وضعت بواسطة مقاييس عضوية وطنية أو دولية.
وإن التحول من الزراعات التقليدية إلى الزراعات العضوية لإنتاج تمور عضوية أخذ يتنامى في السنوات العشرين الأخيرة حيث بلغت المبيعات للمنتجات العضوية عام 2011م 60 مليار دولار (IFOAM, 2012).بينما زادت مبيعات الغذاء العضوى إلى 103 بليون دولار عام 2018.

التسميد:

تحتاج شجرة النخيل كغيرها من أشجار الفاكهة الأخرى إلى العناصر الغذائية المكتملة لتنمو جيدا أو تزداد ثمارها وتتحسن نوعية الثمار ويستدل على سوء تغذية النخيل بإصفرار السعف وقلة عدده وصغر حجمه مما يؤدي إلى قلة الثمار .

السماد العضوي :

يستخدم التسميد العضوي لإمداد النخلة بإحتياجاتها من بعض العناصر وخاصة العناصر النادرة بالإضافة إلى الأثر الفيزيائي في التربة فالمواد العضوية تساعد على تحسين خواص التربة الطبيعية وتزيد من قدرتها على الإحتفاظ بالماء .

ويضاف بمعدل 50 -75 كجم للنخلة البالغة المثمرة وبمعدل 25 كجم للنخيل الصغير وذلك بنشره حول الساق وعلى بعد حوالي 50سم من ساق النخلة وخلطه داخل التربة جيدا ثم الري مباشرة ويتم إضافته خلال شهر أكتوبر- نوفمبر ديسمبر.

 السماد الكيماوي :

يفضل إستخدام الأسمدة المركبة التي تحتوي على العناصر الغذائية التي تحتاجها النخلة بكميات كبيرة وهي عناصر النتروجين ، الفوسفور ، البوتاسيوم والتي يرمز لها بالرمز NPK إلى جانب إحتوائها على العناصر الغذائية الصغرى وتضاف بمعدل 1-2 كجم حسب حجم وعمر الشجرة وطاقتها الإنتاجية وذلك في شهر يناير وإبريل ومايو وأكتوبر ويمكن إضافة سماد اليوريا في شهر فبراير بمعدل 1 كجم للأشجار الكبيرة تضاف على دفعتين وتقل الكمية كلما قل حجم وعمر الشجرة، أما الأشجار التي لم تصل إلى طور الإثمار يمكن إضافة كميات مناسبة على دفعات صغيرة في أي وقت لتحسين النمو الخضري عليها .

الزراعة العضوية لأشجار النخيل:

التسميد بسماد النوايع:

سماد النوايع هو سماد بيولوجي أنتج خصيصا للوفاء بإحتياجات شجرة النخيل. وهو خليط من المواد العضوية الحيوانية والنباتية والمضاف لها مسحوق السمك والطحالب البحرية وحمض الهيومك وذلك بنسب تضمن تأمين مستوي مناسب من العتاصر الغذائية يعمل علي تحسين جودة المنتج كما ونوعا. والسماد ملقح ببكتريا تثبيت النيتروجين الجوي وبكتريا مذيبة للفوسفات. وقد تمت عليه العديد من التجارب والتى أفادت بأن هذا السماد يزيد المحصول بنسبة 35% مع تحسن المذاق وطول فترة تخزين التمور علاوة على أنه بطيئ التحلل ويبقى فى التربة يغذى الشجرة طول موسم النمو. ومن هنا جاءت أهميته فى بساطة عملية التسميد بتقليل العمالة اللازمة.

خواص سماد النوايع البيولوجى:

  • مصدر رئيسي للعناصر السمادية التي تفي بجميع إحتياجات شجرة النخيل.
  • بطئ التحلل مما يضمن إنسياب العناصر الغذائية وبتركيز مناسب طوال فترة النمو والإنتاج.
  • غني بالعناصر الكبري والصغري.
  • ذو جدوي إقتصادية حيث يمكن أن يضاعف الإنتاج.
  • يعمل علي زيادة وتنشيط الكائنات الدقيقة المفيدة لخصوبة التربة.
  • ينشط المجموع الجذري ويزيد من إنتاجية النخلة.
  • غني بمحتواه من الدبال.
  • يوفر المياه المستخدمة في الري.
  • معالج حراريا وخال من بذور الحشائش والنيماتودا والحشرات الضارة.
  • خالي من الروائح الكريهة التي تجذب الحشرات الضارة خصوصا العاقور ومضاف له أوراق النيم المبيدة للحشرات.
  • يعتبر أحد برامج الزراعة العضوية لإنتاج التمور.
  • يحمي البيئة من التلوث وذلك بتقليل الإعتماد علي الكيماويات الزراعية.

جدول (1 ) أثر تسميد أشجار النخيل علي زيادة المحصول وجودته

المعاملة وزن التمر وزن الرطب الثمار التالفة المجموع
كنترول 2.64 1.07 0.84 4.55
معاملة تقليدية 4.55 1.69 0.61 685
معاملة التسميد العادي 5.16 0.85 0.54 6.55
معاملة التسميد بالنوايع 5.51 2.25 0.65 8.41

كان هناك إستجابة واضحة بزيادة محصول التمر والرطب عند تسميد أشجار النخيل وجاءت جميع المعاملات أفضل من الكنترول  كما في جدول رقم 1. وكان أفضل المعاملات هي التي تم تسميدها بسماد النوايع الى تفوقت على التسميد التقلبدى.

برنامج تسميد أشجار النخيل بسماد النوايع

  • يضاف سماد النوايع بمعدل 3-5 كجم من عمر النخلة.
  • يفضل إضافة لقاح الميكروفرت بمعدل 100 ملل للنخلة.
  • يضاف سماد النوايع مرة واحدة في شهور نوفمبر – ديسمبر.
  • سماد سوبر النوايع يشمل (المغذيات السابقة 100 % عضوي).

الخلاصة:

  • إن عملية تسميد النخيل تعتبر ضرورية ويجب عدم إهمالها للحصول علي محصول إقتصادي.
  • يجب تصحيح الإعتقاد السائد بأن النخيل ليست بحاجة للتسميد وذلك بتكثيف الإرشاد الزراعي للمزارعين والإستفادة من نتائج البحث العلمي.
  • كمية السماد الازمة للنخلة تعتمد علي نوع التربة – عمق القطاع الأرضي – عمر النخلة – صنف النخلة.
  • الإهتمام ببرامج الزراعة العضوية.
  • الإهتمام ببرامج المكافحة الحيوية.

طريقة التسميد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى