الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةامراضانتاج حيواني وداجنيصحةمصر

د نورالدين عبدالحميد : وبائية “البروسيلا” ودور الخنازير في نقل المرض للإنسان والحيوان

 معهد بحوث الصحة الحيوانية- مركز البحوث الزراعية -مصر

مرض الإجهاض المعدي (البروسيلا) هو مرض معدي وبائي يصيب بصورة أولية الأبقار والأغنام والماعز والجمال والخنازير كما يصيب بشكل ثانوي جميع الحيوانات الأخرى بما فيها الحيوانات البرية، وتتميز الإصابة في الحيوان بعاصفة من الإجهاض خصوصاً عند ظهوره لأول مرة في المزرعة، ثم يتبع ذلك حالات فردية متقطعة من الإجهاض في المواسم التالية للإصابة ويصاحب ذلك بعض المشاكل التناسلية مثل إحتباس المشيمة والتهاب الرحم وضعف الخصوبة  والتهاب وتورم المفاصل، وفي الذكور تتميز الإصابة بالتهاب في الخصيتين والبربخ مع التهاب وتورم المفاصل.

ويعتبر مرض البروسيلا من أهم الأمراض المشتركة والتي تنتقل من الحيوانات المصابة إلى الإنسان مسببة مرض الحمى المالطية أو الحمى المتموجة. بالإضافة إلى ذلك فإن مرض الإجهاض المعدي هو من الأمراض التي تهدد مشاريع تنمية الثروة الحيوانية كما يسبب خسائر اقتصادية فادحة خصوصاً لمربي الثروة الحيوانية.

تعد الإصابة بميكروب البروسيلا في الخنازير من الامراض المشتركة التي تصيب الانسان ولا تقل في ضراوتها عن الإصابة بالبروسيلا المالطية او المجهضة مع إمكانية انتقال هذا النوع من ميكروبات البروسيلا الي الحيوانات المخالطة للخنازير (العوائل غير النمطية) وخاصة إذا تم تربيتها مع الماشية والجاموس والأغنام والماعز معًا في نفس الحظائر.

اما بالنسبة لأعراض البروسيلا الخنازيرية في الانسان فإنها تتشابه مع الاعراض التي تسببها البروسيلا ميليتنسيز (المالطية) وتتمثل في الحمي المتموجة، التهاب في المفاصل، التعرق، الشعور بقشعريرة، فقدان الشهية، الصداع، ألم في العضلات والمفاصل والظهر، مع حدوث اكتئاب أحيانا وهي أعراض تتشابه وتتداخل مع العديد من الأمراض

أما بالنسبة لأعراض المرض في الخنازير فهي في شكل اجهاضات في أي مرحلة من مراحل الحمل مع حدوث التهابات مزمنة في الأعضاء التناسلية للحيوان المصاب مما قد تؤدي الي العقم التام او المؤقت بالإضافة إلي حدوث التهابات في المفاصل وعرج في الحيوان المصاب وقد تتفاقم إلى حدوث شلل خلفي مع حدوث التهابات في الخصية والبربخ في الذكور ويوجد خمس أنواع حيوية من البروسيلا سويس منتشرة حول العالم وأكثرها ضراوة وإصابة للإنسان هي النوع الحيوي 1 والموجود بمصر بجانب البروسيلا سويس النوع الحيوي 3.

ولقد أفادت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن تعداد الخنازير في مصر يبلغ حوالي 10.000 حيوان في عام 2017 بالرغم من ان البيانات السابقة التي تم ذكرها وتتعلق بتعداد الخنازير في مصر بالأبحاث المنشورة في الادبيات العلمية العالمية هي 29500 حيوان وذلك عام 2001. ويرجع السبب في انخفاض هذا العدد إلى قيام المسؤولين بالتخلص من اعداد كبيرة جدا من الخنازير عام 2009 تخوفاً من انتشار وتفشي مرض انفلونزا الخنازير بمصر.

ويعزى عزل البروسيلا سويس (الخنازيرية) من الأبقار المخالطة إلى العدوى غير المباشرة الناتجة من التربية المختلطة غير المنضبطة للخنازير والابقار في نفس الاماكن وعادة لا يظهر أي أعراض عند الإصابة  بالميكروب في الابقار  وهنا تكمن خطورة الإصابة بالميكروب حيث يمكن ان يتم إفراز الميكروب بنسبة عالية في البان تلك الأبقار مما قد يزيد من خطورة انتقال المرض إلي الانسان إذا استهلكت تلك الالبان دون معاملتها حراريا او من منتجات الالبان الملوثة بالميكروب حيث يمثل هذا النوع من العدوى مصدر قلق كبير إذا لم يتم تنفيذ برامج مكافحة الميكروب في الخنازير المحلية خاصا بعد ثبوت حدوث إصابات بشرية بالميكروب من ذي قبل حيث تم عزل الميكروب من الانسان لأول مرة بمصر عام 1996 وتم أيضا عزله من البان الابقار عام  2014 و 2015 وبنهاية عام 2019  تم تأكيد الإصابة بالبروسيلا ميليتنسيز (المالطية) و سويس (الخنازيرية) بالخنازير المذبوحة بالمجازر بالفحص السيرولوجي والجزيئي.

يتأثر استهلاك لحوم الخنازير في العديد من الدول حول العالم بعدة عوامل منها الثقافة والدين والتي تؤثر بدورها على انتشار المرض فلا توجد بيانات رسمية حول استيراد لحم الخنزير أو الخنازير الحية خلال الثلاثين عام الماضية باستثناء التي نوهت عنها منظمة الأغذية والزراعة في عام 2016 باستيراد مصر نحو 18 رأسًا من المملكة المتحدة. وتربى الخنازير في مصر للحد من تلوث القمامة وتراكمها بالشوارع حيث يعيش العديد من ممن يعملون بجمع القمامة لسنين عدة على فرزها وإعادة تدويرها بورش صغيرة بالإضافة ألي تربية الخنازير للتخلص من القمامة حيث ان لحوم الخنازير لا تستهلك إلا من قبل بعض الاخوة المسيحيين أو السائحون ببعض الفنادق والأجانب المقيمين بمصر فلا يعول من قريب او بعيد على تلك اللحوم لسد الفجوة الغذائية كما يعول علي لحوم الماشية والاغنام والماعز والإبل نتيجة حرمة استهلاك لحوم الخنازير بالدين الإسلامي.

علاوة على ذلك، فإن الأرقام الضبابية وغياب البيانات حول معدل الانتشار السيرولوجي للمرض في الخنازير والإنسان الملامس في مصر، ونظرا لما تلعبه الخنازير من ادورا محورية في نقل العدوى للحيونات المخالطة والانسان. ونظرا لقلة الابحاث المتخصصة  لدراسة  الوضع الوبائي لمرض البروسيلا بالخنازير في مصر لذا تم طرح تلك الرؤية المتخصصة لانه اصبح من الضرورة معرفة الدور الذي تلعبه الخنازير في نشر العدوى بالبروسيلا تحت الظروف البيئية المصرية.

والحاجة إلي معرفة تعداد الخنازير الحقيقي وغير الافتراضي حيث لا يتم تضمين الخنازير رسميا في بروتوكولات الفحص للمرض مثلها مثل الأبل لذلك ، فإن دراسة المرض في الخنازير والمربيين المحكتين بها والحيوانات المخالطة لها في مصر يتطلب إبرازًا وتركيزًا وتوضيحاُ حيث تقودنا المشكلات المذكورة أعلاه إلى البحث عن الارتباط الوراثي للأنماط الوراثية المحلية للبروسيلا سويس المعزولة في مصر مع نظيراتها المدرجة ببنك العترات العالمي و كذلك دراسة حساسية العترات المعزولة للمضادات الحيوية والبحث عن الجينات المقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة في علاج المرض بالإنسان للوقوف علي مدي مقاومتها لتلك المضادات من عدمه وهو من الضرورة الملحة وخاصة بعد عزل الميكروب من الانسان.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى