اسماكالأخبارالصحة و البيئةبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د أسماء خليل: حمض اللاكتيك والنياسين وحفظ الأسماك

معهد بحوث صحة الحيوان المعمل الفرعي بكفر الشيخ – مركز البحوث الزراعية – مصر

الثروة السمكية تعد واحدة من أهم المصادر الطبيعية التي استغلها الإنسان منذ القدم عن طريق الصيد، حيث يبلغ الإنتاج العالمي من الأسماك حوالي 75 مليون طن في كل عام، تسهم الدول النامية فيه بحوالي 48%.

ويحصل الإنسان على 14 % من البروتين الحيواني من الأسماك، و نجد أن الأسماك تعتبر مصدر هام للغذاء وللبروتين بصفة خاصة، ومن ثم يمكن أن تحقق الأمن الغذائي، وفى الوقت نفسه تعتبر مصدر هام للدخل القومي وللاقتصاد.

تعد الأسماك مصدرا غذائيا هاما للإنسان لما تحتوى عليه من عناصر غذائية أساسية كالبروتينات بنسبة اكثر من 18.5% طبقا لمنظمة الأغذية والزراعة والتي تكون سهلة الهضم وتحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية الضرورية للإنسان والتي لايستطيع الجسم تخليقها.

والاسمك لا تعد مصدراً للبروتين الحيواني فقط، وإنما هو مصدر للدهون الضرورية الغير مشبعة  والفيتامينات والمعادن. ويمتاز السمك بكونه غنى بالكالسيوم والحديد واليود خاصة الأنواع البحرية منها، ومن المعروف علمياً أن احتياجات الفرد من اليود يمكن تغطيتها من خلال تناول كيلو سمك واحد فقط .

ورغم أهمية الأسماك، قد تكون مصدرا للأمراض لما قد تحمله من مسببات مرضية نتيجة عوامل مختلفة كطريقة صيدها وتسويقها وتداولها غير السليم أو تلوث البيئة التي تعيش فيها أو تعرضها للعديد من العوامل التي تؤثر في جودتها، ما يجعلها مادة غذائية سريعة الفساد، وبشكل أكبر من اللحوم الحمراء نظرا لطبيعة تركيبها الكيميائي، وللنشاط الكبير لإنزيماتها الذاتية، ولكونها بيئة مثالية لنمو معظم أنواع الميكروبات.لذا فإن الحفاظ عليها يتطلب عناية فائقة منذ لحظة انتشالها من الماء وحتى يتم استهلاكها أو حفظها، وقد تم ابتكار العديد من الطرق لحفظ وتجهيز الأسماك ومنها التبريد والتجميد والتعبئة في علب حافظة والتمليح والتجفيف والتدخين والتخليل.

وفساد الاسماك يتوقف بصورة اساسية على الحمل الميكروبى الابتدائى وعوامل التلوث ، وقد تبين ان البكتيريا التى توجد فى الطبقة اللزجة على سطح الاسماك ، او التى توجد فى منطقة الخياشيم والامعاء او الثلج المجروش هى التى تسبب فساد الاسماك بصورة رئيسية .

يحدث التسمم الغذائي من الأسماك نتيجة تناول أسماك فاسدة أي أسماك بدأت في التحلل نتيجة لتزايد البكتريا والميكروبات الدقيقة التي تفرز سموما، علي سبيل المثال الميكروبات المحبة للبرودة والتي تتسبب في فساد الأسماك المخزنة هوائيا في درجات حرارة مبردة وأيضا الميكروبات المعوية وهناك العديد من الأعراض التي تحدث نتيجة التسمم الغذائي منها القىء والغثيان وإسهال ذو طابع مائي أو دموى وألام في البطن وتشنجات والحمى وقد تبدأ العلامات والأعراض في غضون ساعات بعد التناول ، أو قد تبدأ بعد أيام أو حتى أسابيع وعادةً ما يستمر الشعور بالمرض الذي يُسببه التسمم الغذائي من عدة ساعات إلى عدة أيام.

ويعتبر التبريد وحفظ الأسماك في ثلج مجروش أو في الثلاجات عقب إخراجها من الماء مباشرة أهم وسائل حفظ الأسماك، وخاصة أن سرعة فساد الأسماك تزداد في درجات حرارة أعلى من الصفر المئوي، وتحدث في الأسماك عقب خروجها من الماء عدة تغيرات، حيث يتجمع بروتين الخلايا ويتصلب الجسم وتعتبر هذه دلالة هامة على كون الأسماك مازالت طازجة، فبمجرد زوال عملية التصلب، تبدأ عملية التحلل الذاتي التي تنشأ عن فعل الأنزيمات على الأنسجة مسببة ليونتها ثم تغيراً في طعمها ورائحتها.

ويعمل التبريد على تعطيل هذه العملية وليس توقفها تماماُ، إذ يتطلب إيقافها الوصول لدرجة حرارة التجمد، وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن التجمد يوقف عمل الإنزيمات المسببة للتحلل أو العفونة، إلا أنه هو الآخر يحدث بعض التغيرات غير المرغوبة.ومن المعروف انه يمكن حفظ الاسماك لمدة 3 ايام على درجة حرارة 5 مئوى فى حين يمكن ان تحفظ لمدة 8 ايام على درجة حرارة الصفر المئوى .

وعموما لاطالة الفترة التخزينية للأسماك المبردة فلابد من تقليل التلوث الابتدائى مع خفض درجة الحرارة قدر الامكان وعدم تذبذبها ومعاملة الاسماك بأى اسلوب مصرح بة لاطالة الفترة التخزينية مثل مضادات الاكسدة الطبيعية وطريقة الحفظ الحيوي (الحفظ البيولوجي).

ويتحقق الحفظ البيولوجي بإضافة مضادات الميكروبات مثل النياسين أو عن طريق زيادة حموضة العضلات السمكية، حيث تتوقف معظم البكتيريا عن التكاثر عندما يكون الأس الهيدروجيني أقل من 4.5. وتزداد الحموضة عن طريق التخمر أو التسمين أو بإضافة الأحماض (الخليك، الليمون، اللاكتيك) مباشرة إلى المنتجات السمكية.

اتجهت الأبحاث العلمية في مجال صناعة الاغذية إلي إستخدام بعض الاحماض العضوية واملاحها كبدائل للمواد الحافظة الكيميائية نتيجة لقدرتها الفسيولوجية وكفائتها حتي في وجود أس هيدروجيني منخفض يتجه للحمضية وطعمها الطبيعي وقدرتها علي تقليل العد البكتيرى وإيقاف نمو ميكروبات التسمم الغذائي والفطريات، وبالتالي زيادة مدة الصلاحية.

حمض اللاكتيك هو أحد الأحماض العضوية وهو عبارة عن نوع خاص من الأحماض الكربوكسيلية الذي يتم إنتاجه في الجسم بشكل طبيعي من خلال خلايا الدم الحمراء، والعضلات، وخلايا الجلد ، ويطلق عليه أحيانًا حمض اللبنيك لأنه ينتج عن طريق نوع خاص من البكتيريا تتواجد في الحليب واللبن، كما يوجد في أنواع خاصة من الفاكهة، ولهذا الحمض دور كبير في العمليات الحيوية في الجسم، ويتميز بالطعم الحامض. يتوقف تأثير حمض اللاكتيك علي الاسماك كمضاد ميكروبي علي بعض العوامل وتشمل تركيز الحمض، مدة الغمر، نوع الاسماك، درجة تلوث الاسماك بالميكروبات وكذلك حالة التخزين.

اوضحت الابحاث العلمية ان حمض اللاكتيك يؤدى الي تقليل عدد الميكروبات الهوائية واللاهوائية والميكروبات المحبة للبرودة والقولونية، وتم تصنيفه علي أنه آمن بواسطة هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية.

يعتبر النياسين مادة حافظة طبيعية تنمو داخل منتجات الألبان كالزبادى والجبن، حيث تنتجه بكتيريا الستربتوكوكس لاكتيس.  وتم عزل مادة النياسين واستخلاصها للمرة الأولى فى الثلاثينيات من القرن الماضى، وإنتاجها لأول مرة على الإطلاق كان في 1950.

ومن الجدير بالذكر ان النياسين هو مركب عديد البيبتايد حيث يتكون من سبعة أحماض أمينية. وهو عبارة عن مضاد حيوي، ذوبانه في الماء تعتمد على الأس الهيدروجيني فهو ذائب في الوسط الحامضي (الأس الهيدروجيني أقل من 5) وغير ذائب عند الأس الهيدروجيني 7. تظهر فعاليته كمادة حافظة عند الأس الهيدروجيني ما بين 6.5 – 6.8، وهو غير فعال ضد بكتيريا التسمم البوتيوليني وفعال ضد البكتيريا موجبة الجرام، وبكتيريا حامض اللاكتيك والستربتوكوكس والباسيلاس والكلوستريديوم. يضاف النيسين كمادة حافظة لكل من الأجبان بتركيز 12 جزء بالبليون ومنتجات الألبان بتركيز 9 جزء بالبليون وللأغذية المعلبة بتركيز 9 جزء بالبليون أيضاً.

وتتسم مادة النياسين بأنها بلا لون أو طعم ويمكن هضمها بسرعة بمساعدة الانزيمات في المعدة ، وتضيفها بعض شركات الأغذية إلى الأطعمة لحفظها، بإضافة 37.5 ملى جرام لكل كيلو، كما تستخدمها بعض شركات الأدوية فى تصنيع بعض الكريمات والمستحضرات الصيدلية التى تكافح الميكروبات والعدوى البكتيرية، وتستخدم أيضاً لتنظيف ضرع البقر والجاموس قبل حلب لبنها.

فسر الباحثون فاعلية النياسين في مكافحة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، بأنها تهاجم البكتيريا في بعض الأجزاء الساكنة منها قبل أن تُحدث مقاومة للمضادات الحيوية، وتقضي على الغشاء الحيوي “بيوفيلم” الذي يحمي خلايا البكتيريا المكدسة معاً ويجعلها تقاوم المضادات الحيوية.

وفيما يتعلق بصحة وسلامة النياسين فإن المعلومات المتوفرة تشير إلى أنه خالي من أية سمية ولا يسبب أية حساسية عند استخدامه بتراكيز أعلى من تلك المسموح باستعمالها منه. ومما يجدر ذكره أن النياسين مسموح باستخدامه كمادة حافظة حسب التشريعات الدولية للمواد الحافظة التي تصدرها لجنة الجفكا المنبثقة عن منظمتي الصحة والأغذية والزراعة الدوليتين.

ومن هنا تنبثق أهمية هذه الدراسة التي تهدف إلى استعراض أهمية معاملة الأسماك بحمض اللاكتيك والنياسين وبتركيزات مختلفة لإطالة الفترة التخزينية للأسماك مما يساعد علي حماية صحة وسلامة المستهلك من خطر التسمم الغذائى.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى