الأخبارالصحة و البيئةالعالمالمياهالوطن العربىامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتصحةمصر

د محمد بدوي: تأثير التغيرات المناخية و الجفاف والتصحر على مستقبل الأمن الغذائي

أستاذ علوم الأراضي – معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة – مصر

مدير عام مصنع الإمارات للأسمدة البيولوجية

إن التغيرات المناخية و الجفاف والتصحر تعتبر ظواهر سلبية على الزراعة و تهدد مستقبل الأمن الغذائي العربي  وللتعرف على ذلك سوف نناقش مسبباتها والعوامل اللازمة لمجابهتها والتخفيف من أثارها السلبية.

الإحتباس الحراري والتغيرات المناخية:

تعد ظاهرة الإحتباس الحراري والتغيرات المناخية مشكلة عالمية طويلة الأجل تنطوي على تفاعلات معقدة لها تداعيات على النظم الطبيعية والاقتصادية والمؤسسية والإجتماعية والتكنولوجية ، حيث أكدت جميع التقارير التقييمية للهيئة المعنية بتغير المناخ على الإجماع العلمي بأن التغيرات المناخية حقيقة قائمة لها تداعياتها وتأثيراتها على المستوى الدولي والإقليمي والوطني..

التغيرات المناخية:

يُمكن التعبير عن مفهوم التغيرات المناخية بأنّها إحدى القضايا التي يُعاني منها العالم في الوقت الحالي، وتظهر هذه القضية أو المشكلة العالمية على شكل تحوّل أنماط الطقس الأمر الذي يُهدد إنتاج الطعام وارتفاع مستويات سطح البحر الذي يزيد من خطر تشكّل الفيضانات الكارثية، ويجب البدء في البحث عن الحلول العملية منذ هذه اللحظة للتمكّن  من إيقافها؛ حيث إن تبني تأثيرات هذه التغيرات في المستقبل سيكون أكثر صعوبةً، بالإضافة إلى ارتفاع التكلفة المالية؛ لذلك يجب البحث عن مُسببات هذه القضية التي قد تعود جذورها للأنشطة البشرية.

دور الإنسان في التغيرات المناخية:

 

ظهرَ في تقرير التقييم الخامس النّاتج عن الهيئة الحكومية الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ أن هُناك احتمالًا قد يزيد عن ٩٥٪؜ في أن الأنشطة البشرية أسهمت في رفع درجة حرارة الأرض على مدى السنوات الخمسين الماضية، حيث إنّ الأنشطة الصناعية التي تعتمد عليها الحياة الحديثة أو الحضارة قد رفعت معدلات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من ٢٨٠ جزءً من المليون إلى ٤٠٠ جزءٍ من المليون خلال هذه الفترة، كما ذكرت هذه الهيئة أن هُناك احتمالًا قد يزيد عن ٩٥٪؜ أيضًا أنّ غازات الدفيئة التي يُنتجها الإنسان كثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروجين قد تسببت في رفع درجة حرارة الأرض بشكلٍ كبيرٍ خلال الفترة الماضية.

إن تغير المناخ والإحترار العالمي ناجم عن ظاهرة الإحتباس الحراري، وهي عملية طبيعية يحتفظ بها الغلاف الجوي ببعض حرارة الشمس، مما يسمح للأرض بالحفاظ على الظروف اللازمة لإستضافة الحياة، ودون تأثير الاحتباس الحراري، فإن متوسط درجة حرارة الكوكب سيكون -180 درجة مئوية.

المشكلة هي أن الأنشطة البشرية اليومية تزيد من تأثير ظاهرة الإحتباس الحراري، مما يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الكوكب بشكل أكبر.ومن أهم الأسباب وراء الاحترار العالمي:زيادة في الغازات الدفيئة.إزالة الغابات.تدمير النظم الإيكولوجية البحرية.الزيادة السكانية.يتفق الخبراء على أن الثورة الصناعية كانت نقطة التحول عندما بدأت إنبعاثات غازات الدفيئة التي تدخل الغلاف الجوي في الإرتفاع وكانت الثورة الصناعية نفسها ناتجة عن ثورات أصغر: الزراعة، والتكنولوجيا، والديموغرافية، والنقل، والتمويل وخلق نموذج جديد للإنتاج والإستهلاك.كان التأثير الرئيسي هو الزيادة في درجة حرارة الكوكب العالمية، التي ارتفعت 1.1 درجة مئوية منذ هذه الفترة، على الرغم من أنه من المقدر أنه بحلول نهاية القرن الحالي، قد يرتفع ميزان الحرارة بنسبة 2.7 درجة مئوية.

عواقب تغير المناخ:

عواقب تغير المناخ إن الزيادة العالمية في درجات الحرارة تؤدي إلى عواقب وخيمة، مما يهدد بقاء نباتات وحيوانات الأرض، بما في ذلك البشر، وتشمل أسوأ آثار تغير المناخ ذوبان الكتلة الجليدية في القطبين، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، مما ينتج عنه فيضان وتهديد البيئات الساحلية التي من خلالها تخاطر الدول الجزرية الصغيرة بالاختفاء بالكامل.كما يزيد تغير المناخ من ظهور ظواهر مناخية عنيفة أكثر، مثل الجفاف، والحرائق، وموت الأنواع الحيوانية والنباتية، والفيضانات من الأنهار والبحيرات، وتدمير السلسلة الغذائية والموارد الاقتصادية، خاصة في البلدان النامية.شاهد أيضًا: على سطح الارض التأثيرات البيئية الملحوظة والمتوقعة للتغير المناخي ويشمل التغير في النظم البيئية والتصحر.تغيير في النظم الإيكولوجية والتصحر.ذوبان القطبين وإرتفاع مستوى سطح البحر.الظواهر الجوية المتطرفة.إنقراض الأنواع.

كيف يمكننا تجنب تغير المناخ:

.كيف يمكننا تجنب تغير المناخ؟أولاً لا يمكن تجنب تغير المناخ، ويمكن التخفيف من آثاره والتكيف مع عواقبه، أي يمكننا مكافحته من خلال تطبيق تدابير صغيرة وكبيرة الحجم تساعد على إبطاء تغير المناخ، وتُعرف هذه الإجراءات بتدابير التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه .وبتسليط الضوءعلى تأثيرات المناخ في ظاهرة الإحتباس الحراري الحالية التي تصل إلى درجة مئوية واحدة بالإضافة إلى مخاطر الوصول إلى درجة حرارة 1.5 درجة مئوية والخسائر التي لا رجعة فيها والتي قد تحدث عند درجة حرارة 2 درجة مئوية أو المزيد من الإحترار.

آثار تغير المناخ على الحياة البرية من المرجح أن يكون الإحترار العالمي أكبر سبب لإنقراض الأنواع في هذا القرن، وتقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إن إرتفاع متوسط درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية قد يعرض 20-30٪ من الأنواع لخطر الإنقراض، وإذا كان الكوكب يدفئ بأكثر من درجتين مئويتين، ستواجه معظم النظم الإيكولوجية صعوبة.التغيرات المناخية في العالم.

فيما يلي بعض الأمثلة على كيفية تغير المناخ الذي قد يزيد من التحديات التي نواجهها بالفعل:تغير المناخ يتضخم في المناطق القطبية حيث تعد الأطراف الشمالية والجنوبية للأرض ضرورية لتنظيم مناخ كوكبنا وهي معرضة بشكل خاص آثار الإحتباس الحراري، والتي لها عواقب عالمية.

  1. تغير المناخ في القطب الشمالي يزيد متوسط درجات حرارة الهواء في المنطقة بحوالي 5 درجات مئوية خلال المائة عام الماضية وتظهر البيانات الحديثة أنه لن يكون هناك أي غطاء جليدي بحري صيفي تقريبًا في القطب الشمالي خلال العقود القليلة القادمة.
  2. تغير المناخ في أنتاركتيكاتعد الطبقة الجليدية في أنتاركتيكا أكبر كتلة فردية من الجليد على الأرض، حيث تمثل حوالي 90٪ من إجمالي المياه العذبة على سطح الأرض وتمتد على مساحة تقارب 14 مليون كيلومتر مربع.يلعب هذا الجليد دورًا حيويًا في التأثير على مناخ العالم، ويعكس طاقة الشمس ويساعد في تنظيم درجات الحرارة العالمية.تعد أجزاء من غرب شبه القارة القطبية الجنوبية من بين أسرع الأماكن إرتفاعًا في درجة حرارة الأرض ومن المحتمل أن يكون للذوبان على نطاق صغير آثار كبيرة على إرتفاع مستوى سطح البحر.

3-  تغير المناخ والمحليات تعد المحيطات “أحواض كربونية” حيوية، بمعنى أنها تمتص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، وتمنعها من الوصول إلى الغلاف الجوي العلوي، وزيادة درجات حرارة الماء وتركيزات ثاني أكسيد الكربون أعلى من المعتاد، مما يجعل المحيطات أكثر حمضية وتؤثر بالفعل على المحيطات.تشهد المحيطات بالفعل تغيرات واسعة النطاق عند إرتفاع درجة حرارة 1 درجة مئوية، مع توقع بلوغ عتبات حرجة عند 1.5 درجة مئوية وما فوق.

4- تغير المناخ والغابات للغابات أهمية حيوية لأنها تمتص ثاني أكسيد الكربون، وهو الغاز الدفء الرئيسي المسؤول عن ظاهرة الاحتباس الحراري، ويساعد في تنظيم مناخ العالم، كما أنها موطن لعدد لا يحصى من النباتات والحيوانات.الآثار تختلف في أنواع مختلفة من الغابات، ومن المحتمل أن تتأثر الغابات الشمالية الواقعة في القطب الشمالي بشدة بشكل خاص، مع تراجع خطوط الأشجار تدريجياً شمالاً مع إرتفاع درجات الحرارة.في الغابات المدارية مثل الأمازون، حيث يوجد تنوع بيولوجي وفير، ويمكن مستويات متواضعة من تغير المناخ أن تسبب مستويات عالية من الإنقراض.عندما يتم تدمير مساحات شاسعة من الغابات، فإنها تكون كارثية على الأنواع والمجتمعات المحلية التي تعتمد عليها، مما يزيد من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي ويضعنا في مسار للإحتباس الحراري الجامح.5. تغير المناخ والمياه العذبةتغير المناخ له آثار خطيرة على شبكات المياه في العالم من خلال المزيد من الفيضانات والجفاف، ويمكن أن يحتوي الهواء الدافئ على نسبة أعلى من الماء، مما يجعل أنماط هطول الأمطار أكثر تطرفًا. وأخيرًا في نهاية رحلتنا عن بحث عن التغيرات المناخية في العالم، يجب على الأفراد والحكومات والمؤسسات المحلية أن تتكاتف معًا من أجل دعم السبل التي تؤدي إلى الحفاظ على النظم البيئية والإيكولوجية بسلام بعيدًا عن التغيرات المناخية التي تؤذي كل الكائنات الحية.

تغير المناخ في العالم العربي.. المخاطر والحلول العملية:

 

المنطقة العربية، ليست بمنأى عن التأثيرات السلبية والخطيرة لهذه الظاهرة، بل هي توجد في قلب المشكلة المناخية الكبرى التي يواجهها العالم ألا وهي التصحر ونقص المياه. فما هي التأثيرات الناتجة عن التغيرات المناخية في العالم العربي وما هي السبل الممكنة للحد منها:

إرتفاع درجات الحرارة:

وشهدت المنطقة العربية ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة على امتداد العقود الماضية ما يزيد في انتشار ظاهرة الجفاف والتصحر التي تعاني منها معظم الدول العربية تقريبا.

ومع إرتفاع نسب السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية في الدول العربية، والتي بلغت 98 في المئة في الكويت على سبيل المثال، ازداد الطلب على الطاقة لتوفير التبريد صيفا والتدفئة شتاء.

ويؤدي ارتفاع الطلب على الطاقة إلى ارتفاع انبعاث الغازات السامة في الجو، وهنا مكمن الداء.
وحذر البنك الدولي خلال ندوة حول التغيرات المناخية أقيمت العام الماضي في العاصمة القطرية الدوحة من أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستشهد ارتفاعا في معدل درجات الحرارة يبلغ ست درجات مئوية بحلول عام 2050.

وقال البنك الدولي في دراسات أجريت للغرض ذاته إن المنطقة ستشهد ارتفاعا في معدلات الحرارة ونقصا في الأمطار وانتشارا كبيرا لظاهرة الجفاف والتصحر. وحذر البنك من النتائج الوخيمة لهذه التغيرات المناخية على الأمن الغذائي لسكان الدول العربية وخصوصا المياه التي باتت شبه منعدمة في العديد من المناطق الجافة في المنطقة.

الجفاف: ظاهرة تهدد مستقبل الأمن الغذائي العربي:

وحذرت مسودة تقرير أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن التغير المناخي العالمي قد يؤدي إلى نزاعات دامية وتهجير ملايين الأشخاص في المنطقة العربية، بالإضافة إلى إلحاق أضرار هائلة باقتصاديات هذه الدول.

ويرسم التقرير صورة متشائمة لتداعيات التغير المناخي على سكان الدول العربية، لا سيما في ظل انعدام تساقط الأمطار وتراجع حجم المحاصيل الزراعية بنسبة اثني في المئة كل عشر سنوات على المستوى العالمي.

ويحذر التقرير كذلك من تأثير التغيرات المناخية على جودة المواد الغذائية التي ستشهد تراجعا حادا قد يؤثر على صحة الإنسان، هذا ضافة إلى الأمراض المنقولة عن طريق المياه أو المياه الملوثة.

يصف الخبراء معنى التغير المناخي بأنه إختلال في الظروف المناخية المعتادة كالحرارة وأنماط الرياح والأمطار، التي تميز كل منطقة على الأرض، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تأثيرات هائلة على الأنظمة الحيوية الطبيعية على المدى الطويل.

وتصنف هذه التغيرات وفق خبراء البيئة إلى نوعين، أحدهما مصدره الإنسان ويحمل المسؤولية الأكبر عن تلك التغيرات بنسبة 87% والأخر مصدره الطبيعة ذاتها، ويمثل ذلك النسبة الأقل وهي 13%، وتشير دراسة حديثة، أجراها فريق من الباحثين الدوليين في جامعات “إكستير” البريطانية و”فاجينينجين” الهولندية و”مونبلييه” الفرنسية، إلى أن البلدان الإستوائية، التي تنتمي لها المنطقة العربية، تميل إلى أن تكون الأقل إصداراً لغازات الدفيئة، مقارنة بدول نصف الكرة الأرضية الشمالي الأكثر إصداراً، ومع ذلك ستكون الأكثر معاناة من التقلبات المناخية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من ظاهرة عدم المساواة المتصلة بالمناخ. إن “تقلبات درجة الحرارة في المناطق الإستوائية ستؤثر على الأنظمة البيولوجية، وتهدد الأمن الغذائي، وتمثل خطورة على الزراعة والبشر والاقتصاد، وتهدد الأنواع الحيوانية والنباتية، وتؤدي إلى تجفيف التربة الإستوائية، بسبب زيادة التبخر مع إرتفاع درجات الحرارة”.

زراعات تتحمل الجفاف :

ويقول الدكتور مجدى علام: “رغم ما شهدته المنطقة العربية طيلة العقود الماضية من إرتفاع شديد في درجات الحرارة وهو ما ينبئ بمزيد من الجفاف والتصحر، لكننا كنا لا نلحظ جدية في الشعور بحجم المشكلة، وهو الوضع الذي بدأ يتغير مع تفاقم المشكلة”. وسجلت الصيف الماضي مدينة العمارة العراقية ومنطقة مطربة بالكويت أعلى معدل درجات حرارة في العالم، إذ وصلت درجة الحرارة إلى 51 درجة مئوية. وحذر البنك الدولي في تقرير صدر العام الماضي من أن معدلات درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستزيد 6 درجات مئوية بحلول عام 2050، وهو ما يعني أنها قد تصل إلى 55 أو 56 درجة مئوية. وحذر البنك من النتائج الوخيمة لهذه التغيرات المناخية المسببة للجفاف، على الأمن الغذائي لسكان الدول العربية، وهو ما يفرض حلولا عاجلة بدأت تتخذها الدول العربية.

ومن الحلول التي بدأت تتخذها الدول العربية هو الإتجاه إلى النباتات المتحملة للحرارة، كما تجري مراكز الأبحاث جهودها لإدخال الجينات المسؤولة عن تحمل الحرارة في النباتات المميزة بذلك إلى النباتات الأخرى الغذائية، كما يؤكد الدكتور علام.

وكانت مصر أعلنت على سبيل المثال في التوجه إلى المحاصيل الموفرة للمياه، وتقليص المساحات المزروعة من النباتات المستهلكة للمياه مثل الأرز وقصب السكر، وطرح نبات “الإستيفيا” كبديل عن قصب السكر في هذا الإطار.

وتوجد زراعة هذا النبات في المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة, حيث تساعد الحرارة العالية على زيادة النمو الخضري, ولا يحتاج هذا النبات سوى خُمس الأرض المطلوبة لإنتاج القصب، ويحتاج إلى مياه أقل بنسبة 90%، ولذلك فهو الخيار المثالي للدول التي تعاني من شح المياه، ويعادل إنتاج الفدان الواحد من هذا النبات زراعة 80 فداناً كاملة من بنجر السكر.

ومن الجهود المبذولة في هذا الإطار أيضاً، إتجاه بعض الدول ومنها الإمارات إلى الزراعات الملحية، التي تروى بمياه البحار، في محاولة للتغلب على نقص المياه بسبب التغيرات المناخية.

وأظهرت تجارب نفذها المركز الدولي للزراعات الملحية بدبي بالتعاون مع الحكومة الإماراتية نجاح زراعة نبات الساليكورنيا باستخدام مياه البحار. والساليكورنيا نبات محب للملح، يُستخدم كغذاء وعلف، فضلاً عن إستخدامه في إنتاج الوقود الحيوي، وهو نبات حولي مزهر ثنائي الفلقة، يتكاثر بالبذور وتحوي الثمرة العصارية منه على بذرة واحدة تنبت في بداية الربيع، وتنمو بشكل طبيعي على شواطئ البحار، حيث تعد من أكثر النباتات تحملاً للملوحة، ويمكن أن تنمو بعيداً عن المياه في المناطق التي يزيد معدل الأمطار فيها عن 1000 ميليمتر. ومن الجهود الأخرى التي تبذل في هذا الإطار إنتاج صنف الأرز الصيني المقاوم للملوحة في صحراء دبي. وأظهرت الاختبارات أن أعلى محصول لهذا النوع من الأرز الهجين المتحمل للملوحة والقلوية تجاوز 7.8 طن لكل هكتار.

التصحر:

ويعتبر التصحر وتدهور الأراضي من المشاكل البيئية الرئيسية والتي ترجع إلى الإستخدام غير المستدام والجائر للموارد الطبيعية، وتلعب العوامل المناخية السائدة ودوراً كبيراً في تفاقمها، ولم تعد تقتصرعلى كونها مشكلة محلية بل أصبحت عالمية مثيرة للقلق، خاصة في ظل إستمرار التحديات الطبيعية والضغوط البشرية وفي مقدمتها ظاهرة تغير المناخ والتي يترتب عليها تداعيات إقتصادية وإجتماعية وبيئية .
وتشير التقارير الصادرة عن إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وإلى أن العالم يفقد سنوياً نحو 24 مليار طن من التربة الخصبة، و12 مليار هكتار من الأراضي بسبب التصحر والجفاف، إضافة إلى أن 52% من الأراضي الزراعية تعرضت للتردي بدرجات متفاوتة، الأمر الذي ينطوي على إنعكاسات سلبية على الجهود المحلية والإقليمية والدولية الموجهة لمكافحة الفقر وتحقيق الأمن الغذائي

وفى دولة الإمارات العربية المتحدة “بذلت الدولة جهوداً عدة لمكافحة التصحر على الرغم من قسوة الظروف المناخية التي تشهدها ومنها إنشاء المحميات الطبيعية، حيث بلغ عدد المعلن الرسمي منها 27 محمية، وزراعة أعداد كبيرة من الأشجار بهدف تجميل الشوارع والحدائق وزراعة المنتزهات والغابات وتثبيت الرمال ومنع إنجراف التربة حتى تصبح مصدات للرياح، وبلغت مساحة الغابات المزروعة و318 ألف هكتار. وإعداد خريطة للتربة بالدولة وبهدف توفير قاعدة بيانات حول توزيع مختلف أنواع التربة، وتحديد المناطق القابلة للإستصلاح الزراعي والإستخدامات الأخرى، للوصول إلى فهم دقيق مبني على أسس علمية .

وتضمنت المسودة مجموعة من الموجهات الرئيسية منها تحسين حالة النظم البيئية المتأثرة والتركيز على دور برامج مكافحة التصحر في حفظ التنوع البيولوجي والحد من تغير المناخ وزيادة التوعية والتعليم على المستوى الوطني والاهتمام بقضايا التصحر وتدهور الأراضي والجفاف وبناء القدرات والتطوير المؤسسي والتشريعي ومواكبة التطور العالمي العلمي والتقني والمعرفي في مجال مكافحة التصحر وتدهور الأراضي والتخفيف من آثار الجفاف” .
وتعد المحافظة على التنوع البيولوجي في الصحراء – على حد قول علوان – أحد المحاور المهمة في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر، واقترحت في هذا الصدد مجموعة من المبادرات تتمثل في توسيع إنشاء المحميات الطبيعية بهدف المساهمة في المحافظة على التنوع البيولوجي وإجراء مسوحات دورية للأنواع النباتية، وتحديد الأنواع المهددة بخطر الانقراض، وتنفيذ مشاريع حماية الغطاء النباتي الطبيعي حول التجمعات السكانية والمنشآت الاقتصادية، وإنشاء الأحزمة الخضراء حول المدن والمنشآت الاقتصادية وعلى جوانب الطرق مع الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة في الري .

ويرى سلطان علوان وكيل وزارة التغيرات المناخية والبيئة فى الإمارات أن أفضل الممارسات لمكافحة التصحر المعترف بها دولياً، والتي تبنتها الإستراتيجية تركز على إنتهاج عدة آليات منها تطبيق تقنيات الإدارة المستدامة للأراضي، وتنويع الإنتاج، وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، والحد من التعرية، وتضمنت الإستراتيجية أيضاً عدة مبادرات منها تنفيذ مشاريع حماية الغطاء النباتي الطبيعي حول التجمعات السكانية والمباني، وإنشاء الأحزمة الخضراء حول المدن والمنشآت الاقتصادية وعلى جوانب الطرق مع الإستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة في الري، وتنفيذ برامج تشجع على إستخدام المياه بكفاءة، وترشيد إستخدامها في زراعة المحاصيل ذات الإحتياجات المائية القليلة والمقاومة للجفاف والملوحة، وضع خطط لتعميم تطبيق أساليب الري الحديث وتنظيم الري وللتقليل من عمليات التبخر، وتعزيز إستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة وفي ري الحدائق والمناظر الطبيعية وبعض المحاصيل الزراعية وإستخدامها في بعض المجالات الصناعية

وتعد الإدارة السيئة للأراضي الزراعية السبب الأول والرئيسي في تحويلها إلى صحراوية، وكذلك زراعة محاصيل غير مناسبة للتربة

التغير المناخى والتركيبة المحصولية:

إن إرتفاع درجات الحرارة يؤدى إلى زيادة عملية “النتح” ما يعني إحتياجات أكبر للمياه للمحاصيل الزراعية.وإن تقلص فصل الشتاء وإرتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى التخلص من محاصيل تحتاج إلى فترة أطول من درجات الحرارة المنخفضة مثل المشمش والبرقوق والخوخ وزراعة محاصيل بدلا منها أقل إحتياجا للبرودة.

وإن التغيرات المناخية على المدى البعيد ستؤدى إلى تغيير التركيبة المحصولية وتركيبة الحشرات أيضا، فهناك بعض المحاصيل البستانية مثل البطاطس أصبحت تصاب ببعض الآفات لم تكن تصاب بها من قبل في الشتاء.

ويوصى العلماء بالمحافظة على النظام البيئي والتنوع البيولوجي في الزراعات خاصة بالمناطق الزراعية الحديثة ومناطق المشروعات الزراعية الكبرى بالأراضي الجديدة ومشروع المليون فدان وحمايتها من التلوث حفاظا على التنوع البيولوجي. وكذلك وضع برامج تنموية زراعية تعمل من خلال التغيرات المناخية المتوقعة وتفادي أثارها السلبية والتكيف معها، وزيادة الوعي بقضايا التغيرات المناخية والتكيف معها.

علاوة على التوسع في إستخدام تكنولوجيا الري الحديثة التي توفر كميات الري في الأراضي الصحراوية والمستصلحة حديثا وأيضا في أراضي الوادي والدلتا وإستخدام أنماط الزراعات التي تعظم العائد الإنتاجي مقابل وحدة المياه المستخدمة.

وكذلك مراقبة إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري والعمل على تقليلها، وتحديد البصمة الكربونية للمنتجات الزراعية وغيرها. وإدخال محاصيل جديدة مثل ادخال أصناف محسنة من محصول “الكسافا” المنتشر زراعته بقارى أسيا وأفريقيا وزراعته بالأراضي المصرية، لإستخراج الدقيق والنشا منه، واضافته إلى دقيق القمح لزيادة معدل الاكتفاء الذاتي من الدقيق وذلك لقليص فاتورة شراء القمح وتوفير مساحات من الأرض لإنتاج محاصيل مناسبة للإحتياج  وذلك حسب السياسة الزراعية.

ما هي ظاهرة الدفيئة؟

تم تسمية ظاهرة الدفيئة إشارة إلى البيوت الزجاجية التقليدية (الدفيئات الزجاجية) التي تعمل فيها الجدران الزجاجية على تقليل التدفق الهوائي وزيادة درجة حرارة الهواء الذي ينحبس داخلها.

ويُذكر أن مناخ الأرض يعتمد بشكل رئيسي على الشمس حيث يتناثر نحو 30 بالمائة من ضوء الشمس مرة أخرى في الفضاء ويمتص الغلاف الجوي بعضاً منه بينما يمتص سطح الأرض الباقي. كما يعكس سطح الأرض جزءاً من ضوء الشمس في صورة طاقة متحركة يطلق عليها اسم الإشعاعات تحت الحمراء.

وما يحدث هو تأخر خروج الإشعاعات تحت الحمراء بسبب “الغازات الدفيئة” مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والأوزون والميثان، والتي تجعل الإشعاعات تحت الحمراء ترتد مرة أخرى، ما يؤدي إلى رفع درجة حرارة طبقات الغلاف الجوي السفلى وسطح الأرض.

وعلى الرغم من أن الغازات الدفيئة تشكل واحد بالمائة فقط من الغلاف الجوي، إلا أنها تشكل غطاء حول الأرض أو سقفاً زجاجياً لبيت زجاجي، الأمر الذي يحبس السخونة ويبقي على درجة حرارة الكرة الأرضية عند 30 درجة وهي درجة مرتفعة عما لو كان الأمر غير ذلك.

ومع ذلك، تساهم الأنشطة البشرية في جعل هذا الغطاء “أكثر سمكاً” لأن المستويات الطبيعية لهذه الغازات يدعمها انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن احتراق الفحم والنفط والغاز الطبيعي، من خلال انبعاث مزيد من الميثان وأكسيد النيتروز التي تنتج من الأنشطة الزراعية والتغيرات في استخدام الأرض، ومن خلال الغازات الصناعية طويلة العمر التي لا تنتج بصورة طبيعية.  هذه التغيرات المناخية باتت أحد أهم الظواهر التي يواجهها كوكب الأرض اليوم. وحسب خبراء المناخ، فإن 13 في المئة فقط من هذه التغيرات مصدرها الطبيعة ذاتها فيما يتحمل الإنسان مسؤولية 87 في المئة من الأسباب التي أدت إلى حدوثها وتفاقمها.  المنطقة العربية، ليست بمنأى عن التأثيرات السلبية والخطيرة لهذه الظاهرة، بل هي توجد في قلب المشكلة المناخية الكبرى التي يواجهها العالم ألا وهي التصحر ونقص المياه.

فما هي التأثيرات الناتجة عن التغيرات المناخية في العالم العربي وما هي السبل الممكنة للحد منها:

الجفاف: ظاهرة تهدد مستقبل الأمن الغذائي العربي:

وحذرت مسودة تقرير أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن التغير المناخي العالمي قد يؤدي إلى نزاعات دامية وتهجير ملايين الأشخاص في المنطقة العربية، بالإضافة إلى إلحاق أضرار هائلة باقتصاديات هذه الدول. ويرسم التقرير صورة متشائمة لتداعيات التغير المناخي على سكان الدول العربية، لا سيما في ظل انعدام تساقط الأمطار وتراجع حجم المحاصيل الزراعية بنسبة اثني في المئة كل عشر سنوات على المستوى العالمي. ويحذر التقرير كذلك من تأثير التغيرات المناخية على جودة المواد الغذائية التي ستشهد تراجعا حادا قد يؤثر على صحة الإنسان، هذا إضافة إلى الأمراض المنقولة عن طريق المياه أو المياه الملوثة.

 

التصحر: خطر يتهدد الدول العربية

تعد ظاهرة التصحر، واحدة من أكبر المشكلات البيئية التي تهدد جميع الدول العربية دون استثناء. وتعرف اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر هذه الظاهرة بـ”تدهور الأرض في المناطق القاحلة وشبه القاحلة وفي المناطق الجافة وشبه الرطبة”. من هنا، يتبين أن التصحر هو أحد المشكلات البيئية الخطيرة التي تواجه الدول العربية حاليا وهو يتطور بنسق متسارع حيث تبلغ نسبة الأراضي المعرضة للتصحر 40 في المئة من مساحة اليابسة، حسب الأمم المتحدة.  وتشير تقارير الأمم المتحدة المتعلقة بالبيئة إلى أن أغلب المناطق المعرضة للتصحر تقع في العالم العربي. وتشير هذه التقارير إلى أن حوالي 357.500 كم2 من الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة في عدد من الدول العربية أصبحت واقعة تحت تأثير التصحر. وشهدت دول مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، تحول 650.000 كم2 من أراضيها إلى أراض متصحرة خلال 50 سنة فقط، حسب الأمم المتحدة. أما في دول الخليج والشرق الأوسط فإن ظاهرة التصحر باتت تكتسح مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة ما يمثل تهديدا للأمن القومي الغذائي والمائي لهذه الدول.

الحلول الممكنة للتغيرات المناخية:

تدعو الأمم المتحدة والمنظمات البيئية العالمية إلى الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهو المصدر الرئيس للغازات الدفيئة، وتقليص الاعتماد على النفط كمصدر أساسي لتوليد الطاقة. فالطبيعة تقدم مجموعة من الخيارات البديلة من أجل توفير مصادر للطاقة المتجددة كالشمس والهواء والأمواج والكتلة الحيوية. وترى المنظمات الدولية أن تطبيق هذه الحلول لا يسبب أي تنازل من طرف المواطنين عن أنماط حياتهم، بل سيخول لهم الدخول إلى عصر جديد من الطاقة يسمح لهم بالمحافظة على البيئة وتجنب سيناريوهات كارثية لمستقبل البشرية ذاتها، في حال تواصل نسق التغيرات المناخية على ما هو عليه اليوم.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى