أفريقياالأخبارالمياهالنيلمصر

د خالد وصيف يكتب: أوراق سد النهضة في الملفات المصرية والأثيوبية

خبير موارد مائية

 

حينما نقارن الملفين المصرى والاثيوبى فى عام 2011 وعام 202 نتأكد ان هناك ضوءا يبدو من بعيد فى النفق الذى انحشر فيه ملف سد النهضة. بعد ان تم اعداد ملف مصرى مدعوم باسانيد قانونية حديثة وحلفاء اقوياء وجهات دولية معتبرة.. منذ رفضها لاتفاقية تقاسم فوائد بناء السد العالى عام 1959 وتقوم الدعاية الاثيوبية على منطق بسيط يتميز بالدهاء. الضعف فى مقابل القوة، اثيوبيا الطرف الضعيف الذى يعانى من تدنى معدلات التنمية وانتشار الفقر بينما تستأثر مصر القوية بنصيب الاسد فى مياه النهر، بل وتفرض على باقى دول الحوض الحصول على موافقتها قبل القيام باى انشاءات على مجرى النهر. المنطق الاثيوبى كان يتجاهل الوضع التاريخى المستقر لالاف السنين لتدفقات نهر النيل، والذى على اساسه قامت حضارة وعاش شعب اتسع تعداده ليجاوز المائة مليون نسمة، كما يتجاهل ايضا وجود وفرة مائية غزيرة ناتجة من الامطار فى كل دول الحوض (فيما عدا مصر) بما يجعل تلك الدول تعتمد على مياه نهر النيل بدرجة اقل بكثير من الدولة المصرية..

بالرغم من ذلك فان المنطق الاثيوبى كان يجد غالبا اذانا صاغية على المستوى الدولى، وكثيرا ما كنت افاجأ حين حضورى مؤتمرات متعلقة بالموارد المائية ويشارك فيها خبراء دوليون، حينما استشف تعاطفا مبطنا مع المنطق الاثيوبى. اعتماد الملف المصرى على الحقوق التاريخية لم يكن كافيا للفوز فى معركة كبيرة كالتى نخوضها منذ عام 2011 لحماية مصالحنا المائية، وحتى الاتفاقيات التاريخية التى كانت تعزز الملف المصرى كانت ترفضها اثيوبيا بحجة توقيعها خلال الفترة الاستعمارية، كما تحفظت عليها دول الحوض الاخرى حين الاعداد لاتفاقية مبادرة حوض النيل، المجمدة منذ سنوات.

ما حدث منذ 2014 هو تعزيز الملف المصرى باسانيد قوية لدعمه اولها اتفاق المبادئ الذى وضع لاول مرة اطارا قانونيا حديثا للتعامل مع سد النهضة، وهو اطار توافقى بتوقيع اطرافه الثلاثة الممثلين لدولهم المستقلة وكاملة السيادة، ليفقد الملف الاثيوبى ورقة التذرع بالفترة الاستعمارية. فى 2011 كانت مصر منفردة تواجه اثيوبيا بحقها فى حماية امنها المائى، وفى 2020 اصبح فى الملف المصرى ورقة تأييد من البنك الدولى، اكبر جهة ممولة للمشروعات على مستوى العالم كله، وورقة اخرى داعمة من الولايات المتحدة راعية الجولة الاخيرة من المفاوضات، وفى الملف المصرى ورقة مهمة وهى المبادرة بالتوقيع بالاحرف الاولى على مسودة الاتفاقية، لتجذب مزيدا من التعاطف مع المنطق المصرى المنصف والمتوازن، وتفقد الملف الاثيوبى ورقة الاستضعاف التى اجادت استخدامها سنوات طويلة. فى الملف المصرى رفض امريكى واضح وصريح لبدء ملو بحيرة السد قبل الاتفاق على آليات التخزين، وفى الملف الاثيوبى انسحاب غير مبرر افقده قوة المنطق وسلامة الحجة.

الملف الاثيوبى به ورقة الامر الواقع de facto، سد شرعوا فى بنائه منذ تسع سنوات ويعلو البناء يوما تلو الآخر فى محاولة لفرض حقيقة وجودية على الارض. وتلك اهم ورقة يلعب بها الاثيوبيون. لكن البناء كله يفقد قيمته طالما لم يبدأ تخزين المياه. وهنا يأتى الرفض المصرى الامريكى والمدعوم من البنك الدولى واضحا وصريحا، فلن يتم ملو للخزان قبل توقيع الاتفاق.

الورقة الاعلامية بالملف المصرى تبدو شديدة الاحترافية، لم تستخدم لغة الاستعلاء او القوة او الحقوق المنفردة، لكنها حريصة على ابراز لغة المصالح المشتركة والتوازن بين الحقوق والواجبات، والحرص على مصالح كل الاطراف. الورقة الاعلامية الاثيوبية تستخدم لغة خشنة تخاطب به الداخل وتفقد به تعاطف الخارج.

الملف المصرى بالاوراق الداعمة التى اضيفت له منذ 2011 يمثل فرشة جيدة لاى تحرك مصرى على اى مستوى لحماية حقوقنا المشروعة

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى