الأخبارالاقتصادالانتاجالمياهبحوث ومنظماتمصر

د أسامة سلام يكتب: هل ستحـــــدث مجـــــاعة كورونا؟

خبير موارد مائية بهيئة البيئة أبو ظبي – الامارات العربية المتحدة

الأمن الغذائي العالمي يعتمد بصورة أساسية على التجارة الدولية للغذاء ومع قيام العديد من الدول باتخاذ إجراءات احترازية لوقف انتشار كوفيد-19، وما صاحب ذلك من إجراءات تنظيمية لتقليل الآثار المحتملة لانتشار الوباء ومنها بالطبع تقييد حركة السفر والتجارة ومنها بالطبع امدادات الغذاء مما يتطلب مواجهة العواقب غير المقصودة على التجارة العالمية والأمن الغذائي الوطني والإقليمي.

لذا اكدت منظمة الزراعة والغذاء (الفاو) أنه ينبغي على الدول التأكد من أن أية إجراءات متعلقة بالتجارة لا تعطل سلاسل الإمدادات الغذائية، بما في ذلك عرقلة حركة عمال الزراعة وتأخير مرور حاويات الطعام عبر الحدود، حتى لا يؤدي ذلك إلى تلف المواد سريعة التلف وزيادة هدر الغذاء. حيث يترك تعطيل سلسلة الإمدادات الغذائية، عواقب وخيمة على السكان الأكثر ضعفاً والذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بصورة أو بأخرى.

وطبقا للمنظمة فإن عدم اليقين بشأن توافر الغذاء سيتسبب في عزوف بعض الدول المنتجة عن تصدير المواد والاغذية، مما يخلق نقصاً في السوق العالمية. ويمكن لمثل ردود الفعل هذه أن تغير التوازن بين العرض والطلب الغذائي، بما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.  وهذه التدابير سوف تضر بشكل خاص بالدول ذات الدخل المنخفض والتي تعاني من عجز غذائي.

والنتيجة؟

بسبب القيود المفروضة بسبب كوفيد-19، يجب على كل الدول بذل كل الجهود الممكنة لضمان تدفق التجارة بأكبر قدر ممكن لتجنب نقص الغذاء. كما أن من المهم جداً حماية منتجي الأغذية والعمال الزراعيين على مستوى التصنيع والتجزئة لتقليل انتشار المرض ضمن هذا القطاع إلى الحد الأدنى والمحافظة على سلاسل امداد الأغذية. ويجب أن يظل المستهلكون، وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً فيهم، قادرين على الوصول إلى الغذاء داخل مجتمعاتهم وفقاً لمتطلبات السلامة الصارمة.

توقعات الفاو المتعلقة بالإنتاج العالمي للغذاء2020

في موجز لمنظمة الأغذية والزراعة عن إمدادات الحبوب والطلب عليها هذا الشهر، رفعت الفاو تقديراتها لإنتاج الحبوب العالمي في عام 2019 إلى 2721 مليون طن، بزيادة بلغت 2.4 في المائة عن عام 2018. وبحسب النوع، تبلغ تقديرات الفاو للعام 2019 الآن 445 مليون طن للحبوب الخشنة، و763 مليون طن للقمح، و512 مليون طن للأرز. إلى جانب المخزونات الوفيرة.

والحل؟

سيساعد ذلك في حماية أسواق المواد الغذائية من الاضطرابات خلال اجتياح وباء فيروس كورفيد – 19. وقالت الفاو إنه في الوقت الذي تفرض فيه الاضطرابات المحلية، والتي تعود بمعظمها إلى قضايا لوجستية، تحديات على سلاسل الإمدادات الغذائية في بعض الأسواق، فإن من غير المرجح أن يكون لمدتها وحجمها المتوقع تأثير كبير على أسواق الغذاء العالمية.

توقعت الفاو انخفاض الانتاج في الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما سيتم تعويضه بوفرة الإنتاج المتوقع في روسيا الاتحادية والهند وباكستان. أما فيما يخص الذرة، الحبوب الخشنة الرئيسية، فمن المتوقع أن تشهد البرازيل والأرجنتين موسم حصاد وفير، ومن المتوقع أن يتعافى إنتاج الذرة في جنوب إفريقيا بقوة بعد الجفاف الذي أصابها العام الماضي. وفي البلدان الأخرى، قد تتأثر قرارات الزراع بانكماش أسعار الذرة العالمية.

وتأثير ذلك علي حركة التجارة الدولية في المنتجات الغذائية؟

انخفضت أسعار الغذاء العالمية بشكل حاد في مارس. وكان هذا الانخفاض مدفوعاً في غالبه بتقلص الطلب نتيجة آثار جائحة كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط العالمية بسبب توقعات التباطؤ الاقتصادي في الغالب مع قيام الحكومات بفرض قيود استجابة للأزمة الصحية، وهو ما إنعكس علي تسجيل مؤشر الفاو لأسعار السكر “الانخفاض الأكبر”، حيث تراجع بنسبة 19.1 في المائة عن الشهر الماضي. وتشمل أسباب ذلك انخفاض الطلب الناجم عن الاستهلاك داخل المنزل المرتبط بتدابير الحجر التي تفرضها العديد من البلدان، وانخفاض الطلب من منتجي الإيثانول بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام.

وماذا أيضا؟

انخفض مؤشر الفاو لأسعار الزيوت النباتية بنسبة 12.0 في المائة في شهر واحد، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار زيت النخيل المرتبط بهبوط أسعار الزيوت المعدنية الخام وارتفاع الشكوك حول تأثير الجائحة على أسواق الزيوت النباتية في جميع أنحاء العالم. واتبعت أسعار زيت فول الصويا وزيت اللفت نفس الاتجاه.

كما انخفض مؤشر الفاو لأسعار منتجات الألبان بنسبة 3.0 في المائة، مدفوعاً بانخفاض الأسعار والطلب العالمي على واردات مساحيق الحليب منزوع الدسم والحليب كامل الدسم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الاضطرابات في سلاسل إمدادات الألبان بسبب تدابير الاحتواء التي تهدف إلى السيطرة على انتشار كوفيد-19، وانخفض مؤشر الفاو لأسعار الحبوب في مارس بنسبة 1.9 في المائة مقارنة بشهر فبراير/شباط ووقف عند مستواه تقريباً في مارس/آذار 2019. وتراجعت أسعار القمح الدولية، حيث فاقت آثار الإمدادات العالمية الكبيرة وتوقعات المحاصيل المواتية بشكل عام آثار زيادة الطلب على الواردات من شمال أفريقيا وبعض قيود التصدير الصغيرة التي فرضتها روسيا الاتحادية.

ولقد انخفضت أسعار الذرة نتيجة الإمدادات الكبيرة وضعف الطلب من قطاع الوقود الحيوي. وعلى النقيض من ذلك، ارتفعت أسعار الأرز العالمية للشهر الثالث على التوالي، مع ارتفاع أسعار أرز إنديكا بسبب تكدس المخزونات التي أثارتها المخاوف بشأن الجائحة والتقارير التي تفيد بأن فيتنام قد تفرض حظراً على التصدير- وهو ما قللت الحكومة من شأنه منذ ذلك الحين.

وانخفض مؤشر الفاو لأسعار اللحوم بنسبة 0.6 في المائة، مدفوعاً بانخفاض الأسعار الدولية للحوم الأغنام والأبقار، التي تتوافر للتصدير بكميات كبيرة وتقل القدرة على التجارة فيها بسبب التحديات اللوجستية. لكن أسعار لحوم الخنزير ارتفعت وسط تزايد الطلب العالمي، مع تعرقل عمل مرافق المعالجة بسبب القيود المفروضة على حركة العمال.

الإجــــــــــــــراءات الوطنية

تراقب الفاو والحكومات ومنها مصر بالطبع عن كثب الأسعار والقضايا اللوجستية المتعلقة بالسلع الغذائية وكذلك المشكلات الناشئة التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الاضطرابات المحتملة في الإمدادات الغذائية خلال الجائحة. وفي إطار تحرك الحكومة المصرية ضمن سلسلة جهودها الاستباقية لتوفير السلع الأساسية وتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي منها، وذلك من خلال جهود ضبط الأسواق، وتشديد الرقابة على منافذ البيع، ومكافحة الممارسات الاحتكارية، فضلا عن تعزيز دور أجهزة حماية المستهلك لضمان توفر مختلف السلع للمواطنين.

وقد اكدت الفاو متابعتها بإجراءات التجارة المتعلقة بالأغذية، وبمستويات إنتاج الأغذية واستهلاكها والمخزون، وكذلك بأسعار المواد الغذائية، وأنها متاحة للجميع في الوقت الحقيقي. هذا يقلل من عدم اليقين ويسمح للمنتجين والمستهلكين والتجار باتخاذ قرارات مستنيرة. وقبل أي شيء آخر، فإنه يساعد على احتواء عمليات الشراء الناجمة عن الذعر وتكديس الطعام والمواد الأساسية الأخرى.

وقد حان الوقت لإظهار التضامن والعمل بمسؤولية والالتزام بهدفنا المشترك المتمثل في تعزيز الأمن الغذائي وسلامة الأغذية والتغذية وتحسين الرفاهية العامة للناس حول العالم. يجب أن نضمن أن استجابتنا لكوفيد-19 لا تخلق دون قصد نقصاً غير مبرر في المواد الأساسية وتؤدي إلى تفاقم الجوع وسوء التغذية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى