الأخبارالاقتصادالانتاجامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتصحةمصر

د عبدالسلام منشاوي: كيف تعوض درجات الحرارة المعتدلة أضرار عاصفة التنين علي القمح؟

 رئيس بحوث القمح – معهد بحوث المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية -مصر

منذ فترة قليلة تعرضت مصر وكثيرا من الدول إلى موجة من الأمطار والعاصفة الترابية الشديدة والتي سميت وقتها بعاصفة التنين، وتباينت الآراء حول الضرر الناتج عنها وخصوصا أن قطاع الزراعة من أكبر القطاعات الذي يتأثر بالتقلبات الجوية بكامل صورها وأشكالها.

وقد نال محصول القمح جزء كبير من هذه الآراء والتعليقات وكثرت التصريحات. ثم وجدنا بعد هذه الموجة اعتدال في درجات الحرارة، كما أن التوقعات تفيد بأن الفترة الباقية من شهر ابريل تكون الحرارة بها معتدلة ولا تتجاوز 27 درجة مئوية وهذا يعزز من فترة امتلاء الحبوب للقمح ويكون الامتلاء جيد ويؤدي إلى طول فترة الامتلاء نسبيا وقد يعوض إلى حد ما الأضرار الناتجة عن عاصفة التنين في القمح.

لذلك رأيت أن أكتب عن تأثيرات الحرارة العالية أو ما يطلق عليه بالإجهاد الحراري على طور الامتلاء وانعكاسها على الإنتاجية من محصول الحبوب .

القمح  من المحاصيل عالية التكيف على نطاق واسع من العالم حيث يزرع من المناطق المعتدلة المروية إلى الجافة  وعالية الأمطار، ومن الرطب الدافئ إلى البيئات الباردة الجافة.

يرجع السبب الرئيس للتكيف على النطاق الواسع للقمح  لطبيعة معقدة من الجينوم، والتي توفر مرونة عالية للمحصول. والقمح نبات C3 وعلى هذا النحو فإنه يزدهر في بيئات باردة ويعد من محاصيل الجو المعتدل، حيث يفضل المناخً الأكثر برودة للنمو والتكاثر، وتعتبر درجات الحرارة المرتفعة خلال نمو المحصول ومراحل امتلاء الحبوب مصدر قلق كبير للمنتجين.

الناتج النهائي لمحصول القمح من الممكن أن يتأثر  بشكل كبير بدرجات الحرارة  إما من خلال الصقيع أو الإجهاد الحراري. وتعرف  القدرة الإنتاجية علي أنها محصول الصنف المتكيف (المتأقلم) والذي ينمو تحث المعاملات المثلى وفي غياب الاجهادات الحية والغير حية. ويتم الحصول على الإنتاجية العالية من خلال تجمع مكونات المحصول للقمح مع بعضها البعض لإعطاء  أفضل عدد من الحبوب لكل وحدة مساحة بالإضافة إلى وزن الحبة.

و يتكون عدد الحبوب المنتج من النباتات في المتر المربع من، عدد السنابل للنبات، عدد السنيبلات للسنبلة، عدد الأزهار للسنيبلة، وعدد الأزهار الخصبة للسنيبلة. ونظرا لتأثيرات التعويضية بين المكونات فمن الصعب عزل تأثير مكون محصول معين على عدد الحبوب. ويعتمد وزن الحبة بدرجة كبيرة على الصنف ولكن قد يكون ذلك مرتبطا إلى حد كبير بإمدادات التمثيل الضوئي والتخزين بعد التزهير.

ومع ذلك، ينبغي التأكيد على أن إنتاجية محصول الحبوب محدودة بدرجة أكبر بواسطة حجم المستودع (السعة التخزينية = عدد الحبوب) أكثر مما توفره إمدادات ما بعد التزهير، أي أن عدد الحبوب الأعلى يعطي إنتاجية أعلى. قد تقلل درجات الحرارة المرتفعة أثناء امتلاء الحبوب من فترة الامتلاء، وفي هذه الحالة قد يصبح المصدر مقيدًا ويقل المحصول .

ومن المعلوم أن محصول القمح قد يزداد بزيادة وزن الحبة عن طرق زيادة معدل امتلاء الحبوب.  تحد درجات الحرارة المرتفعة من إنتاجية القمح، حيث إنها تسرع تطور النباتات وتؤثر على وجه التحديد في الأعضاء الزهرية، وتشكيل الثمار، وكذلك، أداء جهاز التمثيل الضوئي.

وقد تختلف درجة حرارة أعضاء النبات في الحقل عن درجة الحرارة في الهواء بعدة درجات، ويزيد هذا الفرق مع معدل أكبر من النتح ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻘﻤﺢ دون ﻧﻘﺺ ﻓﻲ ﻣﺎء اﻟﺘﺮﺑﺔ. يقلل الإجهاد الحراري إجمالي الكتلة الحيوية فوق الأرض ومحصول الحبوب في القمح.

يعد الإجهاد الحراري بعد الإزهار (الإجهاد الحراري النهائي أو أثناء فترة الامتلاء) أحد أهم العوامل المحددة التي تؤثر على نمو وإنتاج القمح الربيعي. وتعتبر درجة الحرارة المثلى لفترة امتلاء الحبوب هي من 20-27  درجة مئوية.

كما أن انخفاض الإنتاجية يرجع إلى انخفاض وزن الحبوب، عندما ترتفع درجات الحرارة عن 30 درجة مئوية في فترة امتلاء الحبوب. ويؤثر الإجهاد الحراري في مرحلة الامتلاء بشكل رئيسي على التمثيل المتاح، ونقل صافي التمثيل الضوئي إلى الحبوب، وتخليق النشا وترسبه في الحبوب النامية وتكون النتيجة الحقيقية هي انخفاض وزن الحبة.

إن التأثير على العمليات الفسيولوجية والكيميائية الحيوية والجزيئية للنبات بسبب درجات الحرارة العالية يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية المحصولية. ويعتمد النقص في الإنتاجية الناتج عن تعرض النبات لدرجات الحرارة التي تتجاوز الحد الأمثل على شدة ومدة ووقت حدوث الإجهاد، ومرحلة نمو النباتات.

أهم العوامل المرتبطة بانخفاض الإنتاجية تحت ظروف الإجهاد الحراري هي زيادة العقم وقت التلقيح، وقصر موسم النمو، والتأثيرات على التمثيل الضوئي، النتح والتنفس و تثبيط تخليق النشا في تطور الحبوب وتسريع الشيخوخة.

إن تعرض النباتات إلى درجات حرارة مرتفعة عن درجات الحرارة المناسبة يؤدي إلى نقص وزن الحبوب بمعدل 4 إلى 8 ٪ لكل درجة مئوية أعلى من 30 درجة مئوية، ويقابل ذلك جزئياً فترة امتلاء حبوب قصيرة، ولكن التأثيرات أكثر تعقيداً بكثير لحدوث الشيخوخة المبكرة ومن ناحية أخرى تقلل من استيعاب الإمدادات للحبوب. كما تقلل الحرارة المرتفعة من عدد الخلايا النهائية في الاندوسبرم، مما يقلل من وزن الحبوب.

يمكن للنبات تحمل الإجهاد الحراري  من خلال تخليق بروتينات لمواجهة صدمة الحرارة Heat Shock Proteins (HSP). حيث تتميز الأصناف المتحملة بالاستجابة النباتية للصدمة الحرارية بالإنتاج السريع لمجموعة محددة من البروتينات للحصول على درجات حرارة فائقة.

يحدث هذا عندما تتعرض الخلايا النباتية فجأة لدرجات حرارة تتراوح من 5 إلى 10 درجات مئوية فوق درجة الحرارة الطبيعية للنمو الفسيولوجي. ومن الواضح  أن التراكيب الوراثية التي تتمتع بقدرة أكبر على تحمل الحرارة تعمل على تخليق مركبات HSP بتركيز أعلى. 

أثناء امتلاء الحبوب، التخزين يكون متاح للحبوب من مصدرين هما الكتلة الحيوية الجديدة الناتجة عن عملية التمثيل الضوئي والكربوهيدرات القابلة للذوبان في الماء المخزنة في الغالب في الساق وقواعد الأوراق قبل طرد السنابل والتزهير. في حالة ظروف الإجهاد الحراري، سيتم إنهاء نمو الحبوب مبكرًا نتيجة موت الأوراق قبل نهاية امتلاء الحبوب، وسينخفض ​​محصول الحبوب ليس فقط بسبب انخفاض الإشعاع الذي تم اعتراضه ولكن أيضًا، بسبب أنه لن يتم نقل كل تجمع الكربوهيدرات المخزن إلى الحبوب.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى