اسعار السلعالأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةالوطن العربىامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتصحةمصر

د محمد بدوي يكتب: الأمن الغذائى فى زمن إنتشار كورونا

أستاذ علوم الأراضي – معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة – مصر

مدير عام مصنع الإمارات للأسمدة البيولوجية

الأمن الغذائى:

يحتاج الإنسان إلى الغذاء لسد إحتياجات الجسم من العناصر الغذائية للنمو والطاقة اللازمة لأجهزة الجسم ووقايته من الأمراض وأمراض سوء التغذية. وتختلف إحتياجات الجسم للطعام حسب الفترة العمرية للإنسان بمعنى حاجة الرضيع تختلف عن حاجة الطفل عن حاجة الشباب عما هو الحال فى مراحل الشيخوخة. وفى كل المراحل يجب تأمين الغذاء الصحى كما ونوعا بالشكل الأمن لضمان نمو الجسم وحمايته من الأمراض.

ويتعلق الأمن الغذائي الأسري حين يحصل كل أفراد العائلة في كل الأوقات علي ما يكفي من غذاء كافي لحياة صحية وفعالة. ولايعيش الأفراد الآمنون غذائيًا في جوع أو تهديد بالموت جوعًا. في المقابل، يُعد إنعدام الأمن الغذائي وضعًا من ”  التوفر المحدود أو غير المضمون  تغذويًا من حيث كفاية الطعام وسلامته أو محدودية أو عدم ضمان القدرة على حيازة نوعية غذاء مقبولة بطرق مقبولة اجتماعيًا ” ، وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية.و يتضمن الأمن الغذائي تدابيرًا للتكيف مع أي خلل مستقبلًا أو عدم وفرة الإمدادات الغذائية الجوهرية الناجمة عن عناصر خطر متنوعة مثل فترات الجفاف، و تعطل الملاحة البحرية، و نقص الوقود، وتذبذب الإقتصاد، والحروب.في الفترة من 2011 إلي 2013، قُدر عدد الأفراد الذين كانوا يعانون من الجوع المزمن ب842 مليون نسمة.

ولقد شهد العالم في الآونة الأخيرة تدهوراً في مستويات  الأمن الغذائي؛ إذ يعاني ما يفوق 950 مليون فرد من الجوع حول العالم، وما زاد الأمر صعوبة هو عدم القدرة على رفع مستوى الإستغلال للأراضي والتغير المناخي بالإضافة إلى ندرة المياه..

ولقد تكررت المجاعات مرارًا في تاريخ العالم. حيث قتل بعضها الملايين وقلصت إلي حد كبير أعداد السكان علي نطاق واسع.ويعتبر الجفاف والحروب أكثر أسباب المجاعات شيوعًا، إلا أن  أشد المجاعات في التاريخ ترجع أسبابها إلي السياسات الاقتصادية وإستخدم الطُغاة وقادة الحروب الطعام كسلاحًا سياسيًا، وذلك بمكافأة أنصارهم به وحرمان المناطق التي تعارض حُكمهم من إمدادات الغذاء. في ظل هذة الظروف، صار الغذاء عملة يُمكن بواسطها شراء الدعم، وصارت المجاعات سلاحًا مؤثرًا ضد المعارضة السياسية.

ويواجه العالم تحديات الأمن الغذائى فى العديد من بلدان العالم خصوصا دول العالم الثالث في أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية. ويزداد أعداد الجياع وأعداد المصابون بسوء التغذية نظرا للعديد من التحديات التى تواجه قطاعات الزراعة مثل:

1 – زيادة عدد السكان (إنفجار سكانى).

2 – محدودية الأراضى الزراعية وتدهوره.ا

3-  محدودية الموارد المائية وسوء إستعماله.ا

4 – التغيرات المناخية.

5 – إهدار الغذاء.

6 – تلف وفقد  جزء كبير من المحاصيل (30%)  ما بعد الحصاد بسبب سوء التخزين والتداول.

7 _ زمن الأوبئة والحروب وإحتمالات الكساد التجارى ومحدودية توفير الغذاء من الخارج.

8 – وضع قيود دولية على حركة المواد الغذائية.

9 – إنخفاض فى إنتاجية المحاصيل للعديد من الأسباب.

10 – عدم توفر العمالة الكافية لتزايد الأوبئة والأمراض.

11 – إرتفاع أسعار السلع المستوردة من الخارج.

إنتشار جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19):

وقد بدأ عام 2020 بإنتشار وباء فيروس الكورونا المستجد والذى أثر سلبا على الإقتصاد العالمى وأوقف العديد من الأنشطة مثل السفر والسياحة وتحديد الأنشطة الصناعية وأغلق المدارس والجامعات وحصد العديد من الأرواح. ومن هنا جاء الحديث عن أهمية الأمن الغذائى فى أيامنا هذه. حيث أنه من لا يملك قوته لا يملك إرادته. وأعتقد أن مفهوم الأمن الغذائى أثناء الحروب والأزمات قد يتخطى هذا المفهوم لأنه يصبح مسألة حياة أو موت من الجوع وسوء التغذية.

وقد شغلت قضية تأمين الغذاء كل من الأفراد والمجتمع والمؤسسات والحكومات لتأمين حاجة الشعوب من الغذاء. وهناك مبادرات وإهتمام من الافراد والأسر لتأمين جزء من إحتياجاتها عن طريق:

1 – زراعة الأسطح

2 – زراعة الحديقة المنزلية

3 – زراعة البلكونات

4 – تغيير النمط الغذائى وتقليل الهدر فى الطعام.

وهذه المبادرات إيجابية حيث أنه يكون هناك فرصة لإنتاج غذاء صحى يساهم فى تأمين جزء كبير من إحتياج الأسرة ويخفف الضغط على الدولة لتأمين غذاء السكان بالإضافة لضمان جودته والحصول عليه طازجا.

وعلى مستوى الدولة فإنه يكون  تحقيق الأمن الغذائي لأي أمة, قضية محورية  ويجب عدم تركها للظروف المتغيرة, ولا للعوامل الخارجية لتتحكم فيها، وإنما يجب السعي وبكل جدية إلى ضمان أمن مستديم من خلال زيادة العناية بالقطاع الزراعي وتوسيع قاعدة العمل فى القطاع الزراعى وتحسين الإنتاجية وتشجيع ودعم القطاع الزراعى على مستوى الإنتاج والبحوث بتطبيق التكنولوجيات التى تزيد الإنتاج من وحدة المساحة ودعم المزارعين فنيا ومساعدتهم لتسويق منتجاتهم.

مستويات الأمن الغذائى:

يُشير مُصطلح الأمن الغذائي إلى توفّر الغذاء للأفراد دون أي نقص، ويتحقق الأمن الغذائي فعلاً عندما يكون الفرد لا يخشى الجوع أو أنه لا يتعرض له.

وينشطر الأمن الغذائي إلى مستويين رئيسيّين وهما المطلق والنسبي، فيعرف المطلق بأنه قيام الدولة الواحدة بإنتاج الغذاء داخلها بمستوى يتساوى مع الطلب المحلي ومعدلاته أو قد يفوقها أحياناً، ويمكن إعتباره غالباً بأنّه يحقق مفهوم الإكتفاء الذاتي الكامل، أما الأمن الغذائي النسبي فإنه يشير إلى مدى قدرة الدولة على إنتاج وإيجاد ما يحتاجه الشعب أو الأفراد من سلع وغذاء بشكل كلي أو جزئي. وتعريف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) للأمن الغذائي أنه يتحقق عندما ”تتوافر لجميع الناس، وفي كل الأوقات، الإمكانات المادية، والاجتماعية، والاقتصادية؛ للحصول على غذاء كاف، ومأمون، ومغذٍّ؛ لتلبية احتياجاتهم التغذوية، وأفضلياتهم الغذائية؛ ليعيشوا حياة مفعمة بالنشاط، والصحة“.

يُشير إستقرار الغذاء إلي القدرة علي الحصول عليه علي مدار الوقت. قد يكون إنعدام الأمن الغذائي مؤقتًا، أو موسميًا، أو مزمنًا. فيما يتعلق بعدم الأمن الغذائي المؤقت، قد لا يتوافر الغذاء خلال فترات زمنية معينة. أما عن مستوي إنتاجية الغذاء، تؤدي الكوارث الطبيعية  وفترات الشُح إلي تراجع المحاصيل وانخفاض المعروض من اغذية. كما تُخفض النزاعات الأهلية إمكانية الوصول إلي الطعام.  ويتسبب تذبذب الأسواق وإرتفاع أسعار الطعام المفرط في انعدام الأمن الغذائي مؤقتًا. قد تتسبب عوامل آخري في إنعدام الأمن الغذائي مؤقتًا مثل فقدان العمل أو الإنتاجية التي قد تكون ناتجة عن الإصابة بأمراض. ينتج إنعدام الأمن الغذائي الموسمي عن أنماط المواسم الزراعية المنتظمة خلال إنتاج الغذاء. يُعرف إنعدام الأمن الغذائي المزمن ( أو الدائم ) علي المدي الطويل بالإفتقار المستمر للغذاء الكافِ. في هذة الحالة، تتعرض الأسرة علي الدوام إلي مخاطر العجز عن إقتناء الطعام لتلبية إحتياجات أفرادها. يرتبط عدم الأمن الغذائي المزمن والمؤقت، منذ أن يتسبب عدم الأمن الغذائي الإنتقالي في جعل الأسر أكثر عرضة إلى انعدام الأمن الغذائي المزمن.

 هدر الأغذية وخسائر ما بعد الحصاد:

ينتهي بنا الحال سنويًّا إلى هدر ثلث الأغذية المنتجة عالميًّا. ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، قد ترقى هذه النسبة إلى 1.3 مليار طن من الأغذية، أو خسارة اقتصادية تعادل 750 مليار دولار أمريكي، وانبعاث 3.3 مليارات طن من غازات الاحتباس الحراري بلا داع.

في العالم المتقدم، ينجم كثير من الهدر من جراء إلقاء المجمّعات التجارية والمستهلكين للأغذية في القمامة. في حين يحدث الهدر في العالم النامي -على الأغلب- عندما تفسد المحاصيل الغذائية بعد الحصاد. وترجع أسباب خسائر ما بعد الحصاد إلى التخزين غير المناسب، أو عدم القدرة على نقل المحصول أو الوصول إلى الأسواق.

وتلعب العادات الإستهلاكية دورًا مهمًّا في إنعدام الأمن الغذائي، بسبب تأثيرها على أنواع الأغذية التي تنتج، والموارد اللازمة لزراعتها.

إن ما يستهلك من لحوم في العالم قد زاد حاليًّا إلى قرابة أربعة أضعاف في السنوات الخمسين الماضية؛ لتلبية طلب قطاع الطبقة المتوسطة المتنامي. وإن النظم الغذائية التي قوامها اللحوم تتسم بكثافة إستهلاك الطاقة والمياه، بشكل يفوق بكثير النظم الغذائية القائمة أساسًا على الكربوهيدرات. إذ يتطلب إنتاج كيلوجرام واحد من القمح –مثلاً- 1500 لتر من المياه، في حين أن نفس الكمية من لحم البقر تتطلب عشرة أضعاف كمية المياه. وبالمثل، يُستخدم نحو ثلث إنتاجنا من الحبوب في تغذية الحيوانات بدلاً من الإنسان.

وحددت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ف.ا.و، أربع ركائز للأمن الغذائي ألا وهي: التوافر، والقدرة علي الحصول عليه، والإستخدام، والإستقرار. وإعترفت منظمة الأمم المتحدة  بالحق في الغذاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948.

وتشير توقعات الأمم المتحدة إلي إستمرار زيادة السكان مستقبليًا ( مع إنخفاض مطّرد في معدل النمو السكاني)، فمن المتوقع أن يبلغ تعداد السكان العالمي 9.8 بليون بحلول عام 2050 و 11.2 بليون بحلول 2100.  وفقًا لتقديرات شعبة السكان التابعة للأمم المتحدة لعام 2150 يتراوح تعداد السكان بين 3.2 و 24.8 بليون؛ بينما تؤيد النمذجة الرياضية تقديرًا أقل. تساءل بعض المحللون عن مدي استدامة النمو السكان العالمى المتواصل، مسلطون الضوء علي الضغوط المتزايدة علي البيئة، و الإمدادات الغذائية العالمية، ومصادر الطاقة. ومن ثَم تُدرس حلولًا لإطعام البلايين الزائدة من البشر في المستقبل وتُوثق. يخلد واحد من سبعة أفراد في كوكبنا إلي النوم جوعانًا. يعاني البشر بفعل التضخم السكاني، يموت 25000 شخصًا جراء سوء التغذية والجوع والأمراض ذات الصلة.

مفهوم الأمن الغذائي:

هناك عددا من المفاهيم التي أطلقت على الأمن الغذائي آخرها التعريف الذي أطلقته قمة الغذاء المنعقدة في عام 1996 والذي إنطوى على توسيع المفهوم لكي يتضمن السلامة الغذائية والتوازن في المكونات المغذية ليكون بذلك أكثر تعريفا للأمن الغذائي. ويؤكد هذا المفهوم أن “الأمن الغذائي على المستويات الفردية والأسرية والوطنية والإقليمية والعالمية يتحقق عندما يكون لدى الجميع وفي جميع الأوقات إمكانية الحصول المادي على حاجاتهم و تفضيلاتهم الغذائية لممارسة حياة فاعلة وصحية”

الفجوة الغذائية:

تعني الفجوة الغذائية الفرق بين ما نستطيع إنتاجه من السلع والمواد الغذائية ، وبين ما يكفى الإحتياجات الأساسية لتوفير الغذاء لمجموع السكان , وقد تتصف الفجوة الغذائية بالتذبذب من سنة لأخرى بسبب التغير في الإنتاج الزراعي (النباتي والحيواني) وحجم الإستهلاك وتقلبات الأسعار العالمية للسلع الغذائية

الإكتفاء الذاتي :

وهو القدرة على تحقيق الاعتماد الكامل على النفس وعلى الموارد والإمكانات الذاتية في إنتاج كل إحتياجات المجتمع الغذائية محليا. وهنا نؤكد على أن الأمن الغذائي فى الوطن العربى يمكن تحقيقه رغم العديد من التحديات التى تواجه قطاع الزراعة بإتباع الأتى:

  • تقليل الهدر فى الطعام.
  • تغيير النمط الإستهلاكى للطعام.
  • زيادة غلة المحصول من وحدة المساحة.
  • إدخال التكنولوجيا الحديثة والميكنة فى الزراعة.
  • زراعة محاصيل تناسب التربة والمناخ لضمان إنتاج محصول وفير بأقل التكاليف.
  • تقليل الفاقد من المحاصيل بعد الحصاد وذلك بالتداول والتخزين السليم.
  • الإستخدام الأمثل للموارد الطبيعية.

وعليه فإنه من الضرورى دعم القطاع الزراعى لتشجيع المزارعين على زراعة الأرض ودعمهم ماليا وفنيا لتخطى أى معوقات تؤثر بالسلب علي إنتاجية الأراضى وعلى تأمين الغذاء لكل الناس. وللإعلام دور هام فى توجيه الناس لعدم هدر الأغذية والإهتمام بالغذاء الصحى لرفع مناعة أجسامنا حتى نواجه هذا التحدى الخطير من إنتشار فيروس الكرونا اللعين.

حفظ الله البلاد والعباد

 

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى