الأخبار

د مسعد قطب : التركيب المحصولى المقترح  لإحتواء مشكلة الأمن الغذائي لمواجهة تداعيات “كورونا” (الإستفادة من تجربة يوسف والي)

أستاذ المناخ الزراعي، والرئيس الأسبق لبحوث المناخ الزراعي والهيئة الزراعية المصرية

جهود كبيرة في مصر تمت خلال السنوات الماضية لتحسين الإنتاجية الزراعية الأفقية والراسية وتم ضخ مليارات الجنيهات في إستصلاح الأراضي الزراعية وأنشاء البنية التحتية، ومع ذلك وحتي الآن والفجوة الغذائية فى مصر في تزايد مستمر وتبلع حالياً أكثر من 60 % مما يمثل عبء كبير جداً على الموازنة العامة للدولة حيث تصل واردات مصر من السلع الغذائية لأكثر من 11 مليار دولار (بقيمة 227 مليارا و714 مليون جنيه خلال عام 2018).

ومع تزايد مخاطر إنتشار الإصابة بفيروس كورونا (COVID-19) على مستوي العالم، ولا يوجد حتى يومنا هذا لقاح أو دواء محدد مضاد لمرض فيروس كورونا مما يثير الرعب  في العالم أجمع  من جائحة كورونا وآثارها، وكان البعض يتوقع بأن يحد فصل الصيف من إنتشار الفيروس التاجى، ولكن الإحصاءات الواردة من منظمة الصحة العالمية تشير إلى تزيد تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 وتزيد أعداد حالات الإصابة والوفيات فى معظم دول العالم. بالرغم من الإجراءات الإحترازية التي تطبقها معظم دول العالم، ويواصل فيروس كورونا المستجد إنتشاره لأكثر من مليوني مصاب وحصد الأرواح مما يثير المزيد من الذعر والرعب والهلع فى العالم كله بسبب آثار أزمة كورونا.

لا يزال حجم تأثير فيروس كورونا غير واضح ويمثل تخوفاً كبيراً على الأمن الغذائي العالمي والمصري وخاصة مع الفجوة الغذائية الكبيرة فى مصر، وخاصة فى ظل الإجراءات التي أتخذتها الدول المنتجة للغذاء بتجميد حركة التجارة والتصدير بين الدول لتلبية الإحتياجات الوطنية، مما يستدعي ضرورة إتخاذ التدابير اللازمة لتلبية الإحتياجات الوطنية المصرية من الغذاء وزيادة المخزون الإستراتيجي من الغذاء وخاصة المحاصيل الإستراتيجية لضمان إستقرار أسعار السوق والأمن الغذائي المصري، ومن بين هذة التدابير وأهمها تعديل التركيب المحصولى لإحتواء مشكلة الأمن الغذائي المصري فى ظل تداعيات فيروس كورونا.

الظروف الحالية تحتاج منا جميعاً بذل المزيد من الجهد والمال لتوفير الغذاء الآمن للمواطنين، وهذا لا يأتي إلا بإستغلال كل ما هو متاح من تقدم علمي وتقني لزيادة الإنتاج لمواجهة التحديات (نقص الموارد المائية – التغيرات المناخية وتقلباتها الجوية) والطلب المتزايد على الغذاء للتغلب علي الفجوة الغذائية فى مصر.

 

التركيب المحصولى المقترح لإحتواء مشكلة الأمن الغذائي المصري فى ظل تداعيات فيروس كورونا

يتطلب الأمر إعادة النظر في خطة التركيب المحصولى لإحتواء مشكلة الأمن الغذائي المصري فى ظل تداعيات فيروس كورونا لدعم تغطية الفجوة من بعض الحاصلات من خلال المساحات المستهدفة للزراعات الصيفية والشتوية لخفض الفجوة الغذائية فى مصر

  • مقترح التركيب المحصولي الصيفي لدعم تغطية الفجوة من بعض الحاصلات كالأتي:
  • مقترح التركيب المحصولي للزراعات الشتوي لدعم تغطية الفجوة من بعض الحاصلات كالأتي:

بعض المحاصيل يتم تحميلها على محاصيل الفاكهة لتعظيم العائد من وحدتي الأرض والمياه

 

متطلبات تقليل الفجوة الغذائية لتحقيق الأمن الغذائي المصري

أولاً: متطلبات فنية لتحقيق الأمن الغذائي المصري:

  • القمح: تعويض العجز فى القمح المستورد من خلال
  • زيادة المساحة وزيادة نسبة الخلط في رغيف العيش مع الذرة
  • شراء أكبر كميه ممكنه من القمح المحلي هذا العام حتي لو استلزم ذلك رفع سعر توريد القمح لتخزين أكبر كمية ومنع إستخدامها كأعلاف.
  • مراجعه سياسه منظومه رغيف الخبز من جميع الزوايا حتي نضع أيدينا علي الإستهلاك الحقيقي ونستبعد كل فاقد فى التداول وكذلك أوجه الفساد المختلفة التي ينتج عنها إستهلاك غير حقيقي.
  • البرسيم: تعويض النقص في مساحة البرسيم عن طريق التقاوي عالية الإنتاجية مع الإعتماد على السيلاج و الأعلاف غير التقليدية والبديلة لسد الفجوة العلفية.
  • محاصيل الزيوت
  • زراعة فول صويا توفر 90 الف طن زيت صويا بخلاف منتجات الصويا الأخرى والتي تستخدم فى إنتاج الأعلاف المركزة.
  • زراعة عباد الشمس توفر 60 الف طن زيت.
  • زراعة القطن توفر 100 الف طن زيت بذرة قطن.
  • بالإضافة إلى الزيت الناتج من الذرة الشامية والسمسم والفول السوداني.
  • أعلاف مركزة: زراعة الذرة الشامية (صفراء وبيضاء) وناتج كسب عصر بذرة القطن بجانب زراعات فول الصويا والذرة الرفيعة.
  • زيادة نسبة التغطية بالتقاوي المعتمدة والجيدة عالية الإنتاجية بسعر مناسب لكافة الحاصلات الإستراتيجية لرفع الكفاءة الإنتاجية الراسية بحوالى 30% أعلى من الوضع الحالى من نفس المساحة المنزرعة.
  • إختيار المحاصيل المتحملة للجفاف والظروف البيئية القاسية مثل الذرة الرفيعة والقادرة على إنتزاع المياه من التربة وتتحمل الظروف المناخية القاسية لذلك تجود فى افريقيا.
  • إعادة بناء الثقة بين المؤسسات الزراعية والفلاحين والمنتجيين الزراعيين لتحقيق الأمن الغذائي.
  • الإهتمام بالإرشاد الزراعى لتضييق الفجوة بين الطاقة الإنتاجية الممكنة للأصناف وبين الإنتاجية الفعليه وتشجيع ودعم الممارسات الزراعية الجيدة والإدارة المزرعية المتكاملة.
  • تفعيل دور مركز البحوث الزراعية لإيجاد أنسب الحلول للمشكلات الزراعية طبقا لما تسفر عنه نتائج البحوث والتجارب التطبيقية وبما يتلائم والظروف البيئية لكل منطقة.
    • الإرتقاء بإنتاج التقاوي وإحكام الرقابة على إنتاجها وتداولها والترويج للتقاوي الحديثة وتداولها (نباتية وسلالات حيوانية وداجنة وسمكية) بصفة دورية.
    • الإدارة الرشيدة للموارد المائية وإستخداماتها.
    • توفير حلول لتحسين قدرة القطاع الزراعي على التعاطي مع الأزمات الإنتاجية كالتغيرات المناخية.
    • مراقبة جودة المبيدات والاسمدة وتوفيرها بأسعار معقولة.
  • مكافحة الفساد بكافة قطاعات وزارة الزراعة ورصد مظاهر الفساد وأسبابه ومحاسبة الفاسدين وإتخاذ الإجراءات التي تمنع الفساد مستقبلاً لبناء الثقة مع الفلاح والمستثمر

ثانياً: التحفيز على الزراعة من خلال تخفيف الأعباء عن الفلاح والمستثمر الزراعي.

  • مراجعة أثمان تقنين الأراضي الصحراوية والتي أصبحت تمثل أحد أهم عقبات التوسع الزراعي في الأراضي الصحراوية بسبب معاملتها علي أنها أرض زراعية مع تأجيل أقساط تقنين الأراضي لمدة عام وجدولتها على فترات زمنية تسمح بالسداد من ربحية الزراعة من نفس المساحة.
  • تخفيض أسعار الطاقة (السولار والبنزين) والكهرباء للإستخدامات الزراعية.
  • تفعيل القرار الجمهوري بالقانون رقم 126 لسنة 2014 بإنشاء صندوق التكافل الزراعى لتعويض الفلاحين في حالة تعرضهم لخسائر الكوارث الطبيعية مثل تقلبات المناخ – مخاطر الآفات-…. الخ).
  • أتاحة تمويل لمستلزمات الإنتاج الزراعي والعمل على خفض تكاليفها ( أسمدة – مبيدات – تقاوي- ميكنة زراعية) ومنع إحتكار السواق وتدبير إحتياجات القطاع الزراعي.
  • مراجعة فوائد القروض الإستثمارية التي يقدمها البنك الزراعي المصري لتكون الفوائد مثل القطاعات الأخري وتوفير مزيد من الخدمات للمزارعين ومنحهم الإئتمان بشكل ميسر.
  • مبادرة لتوفير مزيد من القروض للمزارعين بالبطاقة الزراعية الذكية «كارت الفلاح» ومنحهم الإئتمان بشكل ميسر حيث أن القطاع الزراعى خلافا لغيره من القطاعات غير الزراعية فهو قطاع يستحق الدعم على أساس أنه لا يحقق ربحية موازية لربحية القطاعات الأخرى ، ثم إنه يعيش عليه نحو نصف سكان مصر والأغلبية العظمى منهم يضربهم الفقر ومع ذلك يتم منح القطاعات الأخري مثل المشروعات الصناعية مزايا إئتمانية بفوائد مخفضة مثل مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة بفائدة مخفضة 5%. لذلك يتطلب الأمر مبادرة مماثلة للتمويل لكل من لدية كارت الفلاح وخاصة فى مناطق الإستصلاح، مع إتاحة تمويل كبير يسمح بإقامة المشروعات الزراعية ويكون الضمان الرئيسي هو البطاقة الزراعية وذلك لأن الكثير ممن لديهم كارت فلاح لا يمكنهم إقامة شركات للإستفادة من مبادرات البنك المركزي لأن الكثير منهم موظف أو حائز صغير.
  • تحمل الدولة لكآفة النفقات اللازمة لتغيير وتحديث أساليب الري والتحول إلى تكنولوجيات المحافظة على المياه لتحقيق الإدارة الرشيدة للموارد المائية وإستخداماتها فى ظل ندرة المياه وتوفير التشريعات والسياسات الداعمة لتقننين إستخدام المياه مع التشديد على تطبيقها.

 

ثالثاً: تفعيل دور الزراعات التعاقدية لتسويق المحاصيل الإستراتيجية لضمان زراعتها بالمساحة المطلوبة.

الهدف: حماية المزرعيين من التعرض للتقلبات السعرية العنيفة مسبقاً والتخطيط السليم للإنتاجه وذلك من خلال شراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالإتفاق مع الإتحادات والنقابات والجمعيات الزراعية.

  • ضرورة إعلان أسعار شراء المحاصيل الإستراتيجية من المزارعين قبل موسم الزراعة وبسعر وعائد مجزى وعدم ربطها بالأسعار العالمية حتى لو اضطرت الدولة لدعمه حتي لا يكون الفلاح عرضة للخسارة بسبب تقلبات الأسعار العالمية، وبالتالى عزوف المزارعين عن زراعتها، مما يجعل البلاد عرضة لعدم الوفاء بالإحتياجات الوطنية فى مرحلة من المراحل، إذا توقف إستيراد تلك السلع من المصدر.
  • المحاصيل (الذرة الصفراء – القمح –الذرة – القطن – قصب السكر – المحاصيل الزيتية – الاعلاف المركزة – الفول البلدي).
  • المسئولية وزارة الزراعة (إتحاد منتجي الدواجن- البنك الزراعي المصري – الجمعية العامة للإصلاح الزراعي-الإتحاد التعاوني) وزارة التموين ووزارة المالية.

 

رابعاً: التنسيق بين الوزارات لتأمين الامن الغذائي المصري وتحقيق ربحية مستمرة للفلاح

تحرر الزراعة المصرية أدي إلى ضعف قدرة الدولة على التحكم فى التركيب المحصولى والدورة الزراعية وبالتالي دعم الأولويات الزراعية لضبط السيطرة على السوق. وأدي ذلك إلي إتجاة المزارعيين والمنتجين إلى زراعة المحاصيل المربحة لهم مما تسبب فى تذبذب الإنتاج والأنتاجية ونتج عنه تراجع مساهمة الزراعة فى الدخل القومي وحجم القوة العاملة بالقطاع الزراعي.

لذلك فأن منظومة الأمن الغذائي هي منظومة متكاملة ولا يصلح الوضع الحالي والذي يضع وزارة الزراعة كوزارة خدمات إنتاج زراعي فقط ووزارة التموين وزارة لتسويق الأنتاج الزراعي برؤية أقتصادية بحته لا تراعي أبعاد الأمن الغذائي، وتضع الفلاح والمستثمر الزراعي في مهب الريح العاتيه. لهذا فأن التنسيق والإدارة المتكاملة لملف للأمن الغذائي أصبحت ضرورة وطنية وتكون من خلال وزير زراعة بدرجة نائب رئيس وزراء حتي يكون له اليد العليا لتحقيق الأمن الغذائي وحماية الفلاحيين والمنتجين الزراعيين (وما حدث في زمن الدكتور يوسف والي ليس عبثاُ أو صدفة) حيث أن الإنتاج الزراعي يتطلب تنسيق بين وزارات الزراعة الري التموين المالية والصناعة والتجارة والبحث العلمي.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى