الأخبارحوارات و مقالاتمصر

محمد سعد يكتب: المنوفية التي لا يعرفها أحد …” الحلقة 2″

ولم تكن كمشيش هي النقطة الوحيدة في تاريخ مقاومة الاحتلال.

فتاريخ المنوفية حافل يرجع إلى العصر الفرعوني وقد اكتسبت بعض مدن المنوفية أسماءها نتيجة لأحداث تاريخية هامة مرت بالمحافظة مثل مدينة الشهداء الذي كان اسمها قديما (كفر الشهداء ) وسميت بهذا الاسم منذ النصف الثاني من القرن الأول الهجري بعد الموقعة التي دارت على أرضها سنة 65 هجرية بين أهل مصر من أنصار عبد الله بن الزبير بقيادة عبد الله بن حجرم وبين الجيش الأموي بقيادة مروان بن الحكم.

وانتهت المعركة بانتصار مروان ثم دفن المصريون قتلاهم في ذلك الموضع بجوار قرية “سرسنا “فاشتهر بين أهلها باسم “مقابر الشهداء”وكان بجوار تلك المقابر كفر صغير عرف منذ ذلك الوقت باسم “كفر الشهداء” ثم تحول الكفر إلى قرية ورد ذكرها في تاريخ محمد على باشا باسم “سرسنا والشهداء” ثم فصلت ناحية الشهداء نهائيا بزمام خاص , وفى 11 يونيو 1941 أصبحت الشهداء هي المركز السادس من مراكز مديرية المنوفية.

ورغم مساحة المنوفية الصغيرة فقد كان لها دور بارز في التاريخ المصري الحديث وخاصة في مسار الحركة الفلاحية في مصر نظرا لطبيعة المحافظة الزراعية ومع حادثة ” دنشواي “بدأت عبقرية المكان والإنسان المنوفي في الظهور. ففي صيف عام 1906 وبالتحديد في يوم الأربعاء 13 يونيه 1906 م في قرية دنشواي

كانت مجموعة من جنود الإنجليز بقياده الميجور ( كوفيين ) يتجولون بالقرب من القرية المنكوبة وكان الميجور مغرما بصيد الحمام فأقنع الميجور كوفين رجاله وهم كابتن بول ، ملازمين بورثر _ سميث ، طبيب بيطري ملازم بوستك بان يتراهنوا لاصطياد الحمام من على أشجار دنشواي.

وكان كوفين ، بول ، بوستك يطلقون الأعيرة لاصطياد الحمام بجوار الأشجار على جانبا الطريق الزراعي ولكن تشاء الأقدار أن يتوغل بورثر ، سميث داخل القرية لوجود أبراج الحمام ويصوب ( بورثر ) بندقيته الى جرن الحمام الخاص بالشيخ ( محمد عبد النبي ) مؤذن القرية فتفقد زوجه الشيخ وعيها بعد أن أصابها عيار طائش .

وتنتقل الشائعات بصرعه غير عاديه بين أهل القرية : أن الضباط الانجليز قد قتلوا زوجه الشيخ واحرقوا الجرن فيتدافعوا للفتك بهم حيث فيما يبدوا أن مؤذن القرية نادي بالجهاد ضد الكفار ومن ناحية الإنجليز حاول (كوفين ) أن يظهر العدل لأهل القرية فقام بورثر بالقبض على الجندى صاحب العيار الطائش وجرده من سلاحه ويتخلى عن بعض مقتنياته حتى يتم التحقيق معه .

ولكن أهل القرية الغاضبين صمموا على الفتك بهم فأسرع ( بول ، بوستك ) بالهرب لإحضار النجدة من المعسكر
وفى الطريق سقط بول مغشيا عليه من اثر العطش وأشعة الشمس الحارقة وواصل بوستك العدو لثمانية كيلوا مترات إلى أن وصل معسكر الجيش الإنجليزي في كمشيش .

ويقوم جنود المعسكر لنجدة المحتجزين في القرية ولكنهم في الطريق يجدون سيد احمد سعيد وهو شاب مصري كان يساعد بول الملقى أرضا وكان قد فارق الحياة فيظنون انه قتله فطاردوه إلى أن سقط فانهالوا عليه بالسمكي .
ويندفع الجنود الإنجليز باتجاه القرية ويتم مهاجمه البيوت والأجران والحقول و…….. فقبضوا على ستون و نجح ثمانية في الهرب من رجال وشباب القرية واحتجزوهم داخل الجامع تمهيدا لمحاكمتهم.

وأصر اللورد كرومر الغاضب جدا مما حدث لضباطه وإهانتهم وموت أحدهم والقبض على بقيتهم من أهالي القرية وصمم على الانتقام من أهل القرية وإلا فالعواقب ستكون وخيمة على مصر.

وشكل محكمة مكونة من :
بطرس غالى : رئيس المحكمة
احمد فتحي زغلول : عضو المحكمة وكاتب حيثيات الحكم
إبراهيم الهلباوي : المحامى الذي عين من قبل المحكمة للدفاع عن المتهمين ..!!

ومن المؤسف أن إبراهيم الهلباوي المحامى الذي من المفروض أن يدافع عن المتهمين كان يقوم بشرح أبعاد ما قام به الأهالي ضد السادة الأفاضل ضباط الجيش الانجليزي.

إنتهت المحاكمة بالاتي:
• إعدام أربعه
• جلد اثني عشر
• اشغال شاقه للباقين ( ست وثلاثون )
ويذكر المؤرخون عن العقاب الإلهي لأعضاء المحكمة .
اللورد كرومر : تم نقله من مصر بعد أن ظل مده ربع قرن كحاكم عسكري
بطرس غالى : تم اغتياله بيد ( إبراهيم الوردانى ) احد رجال الحزب الوطني
احمد فتحي زغلول : توفى 1914 بعد أن لاقى الأمرين من معامله الناس.
إبراهيم الهلباوي : توفى 1940 بعد أن ذاق الذل والهوان والتصق به لقب جلاد دنشواي حتى مماته……..

إلى اللقاء في الحلقة القادمة … 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى