الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د خالد العامري يكتب: الأمن الاقتصادي وفيروس كورونا

استاذ المايكروبيولوجي و المناعة و البيولوجيا الجزيئية بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة – نقيب عام أطباء بيطريين مصر .

التباعد الاجتماعي هو المؤدي الرئيسي للتباعد الاقتصادي حيث طبيعة الأزمة التي يمر بها العالم تقتضي أن نقول للناس توقف عن الذهاب إلى المتاجر والمطاعم وأماكن العمل و غيرها من الأماكن لإبطاء حركة الوباء مما ينعكس على حركة التجارة و الصناعة سلبا بالركود وربما الكساد.

و هذه المرة هذة الأزمة الإقتصادية مختلفة تماما عن الأزمات السابقة. ففي عام 2008 كانت الأزمة في الأوراق المالية و اسواق الائتمان و وقتها عالج العالم الاقتصاد المتأزم بضح كميات كبيرة من السيولة النقدية و لم يقم بإصلاحات حقيقية لمنظومة الاقتصاد العالمي و هنا و عند ضخ هذه السيولة فطبيعي ان يزيد الطلب و الاستهلاك و اذا لم يفعل الأهالي لحرصهم الشديد بعد اى ازمة اقتصادية تقوم الحكومة بالإنفاق نيابة عنهم مما يخلق الطلب الاقتصادي اللازم لدفع الاقتصاد إلى الوضع الطبيعي.

لكن هذ ليست ازمة عام 2008 عندما كان الاقتصاد على حاله ولكن أسواق الائتمان كانت مجمدة. الاقتصاد الحقيقي في حالة أزمة حقيقية فليست كل الأسواق تعمل و لا تستطيع الشركات و المصانع استدعاء أطقمها العاملة و الماهرة التي دائما ما تصنع الفارق و يضطر ملايين الموظفين و البشر الجلوس في المنزل.

لماذا؟

من اجل الإحتماء من خطر الإصابة بهذا الفيروس الخطير مما يؤثر على الأوضاع التجارية و الصناعية و ينعكس بالتالي على الاسواق المالية. و هذه المرة الأزمة ليست ازمة مالية ممكن علاجها بضخ سيولة نقدية لكن هذه المرة هناك ذعر من فيروس قاتل مرعب اصاب الجميع بالشلل التام و أوقف حركة المجتمع و هناك محاولات من الشركات لمحاولة معالجة هذة الأزمة بتخفيض عدد الموظفين القائمين على راس العمل من اجل تسيير الاعمال إلا أن هناك خمول اقتصادى واضح في معظم القطاعات حتى يمر هذا الخطر و نحن الآن على وشك أن نشهد تراجعا مذهلا في النشاط الاقتصادي على مستوى كل دول العالم و لم يحدث من قبل على هذا النهج.

و قد يحدث توقف مفاجئ لبعض الأنشطة الإقتصادية و بعض الشركات و خاصة الصغيرة منها و سينخفض الناتج المحلي بشكل واضح مما سيؤثر على مقدرة الشركات على الإحتفاظ بموظفيهم و سيفقد الكثير وظائفهم و سيصعب التنبؤ بوجهة الاقتصاد في المرحلة القادمة سواء محليا او اقليميا او عالميا.

و حتى اذا هدأت موجات هذا الفيروس فسيكون لدى المستهلك خوف من ان يصرف أمواله لفترة ليست بالقليلة حتى يستعيد الهدوء النفسي و أمنه و آمانه و يتخلص من ذعره الناتج و الناجم عن هذه الإزمة الوبائية التي تجتاح العالم مما سيؤدي الي تباطؤ النمو الاقتصادي .

وماذا بعد ذلك؟

ستتخلى شركات كثيرة و خاصة الكبيرة عن فكرة التوسع في الإستثمار و ستؤجل معظم توسعاتها او حتى رغبتها في انشاء مصانع جديدة او حتى مجرد تجديدات في مكاتبها هنا و هناك مما سيؤدي الي موت اكلينيكي للاقتصاد و خاصة اذا استمر سيناريو الكابوس مع استمرار هذا الفيروس خارج السيطرة و الذي سيؤدي ايضا الي عدم قدرة البنوك على تحصيل مديونيتها لدى الشركات و المصانع و قد يقلل من سقف التسهيلات للبعض الآخر .

سيؤدي ذلك الي إجهاد حقيقي للمؤسسات المالية سواء من ناحية التدفقات المالية او من ناحية القدرة على تحصيل ديونها و هنا سيكتمل مشهد الأزمة الاقتصادية بتوابع من الأزمات المالية مما سيؤدي الي معاناة في الخمس سنوات القادمة لا قدر الله

هنا لا أتكلم عن ازمة محلية و لكن ايضا اقليمية و عالمية . لذلك على الحكومات عمل التدابير الاقتصادية اللازمة من الآن و منها التخلي عن بعض مشروعاتها ايضا التوسعية حتى يكون لديها السيولة النقدية الحقيقية القائمة على اقتصاد واقعي لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الشركات و المصانع سواء العام او الخاص و عليها ان تؤجل معظم مشروعاتها و إلا يتوقع مواجهة ازمة عنيفة في ذلك الشأن.

على الحكومات ايضا أن تبذل قصارى جهدها في التوعية لمحاولة السيطرة على هذا الوباء الخطير الذي يضرب اقتصاد الدول و المؤسسات و الأفراد في مقتل و التأكيد على اتخاذ كل التدابير و الإحتراظات المطلوبة لتحقيق الأمن الاقتصادي للسنوات القادمة ام ستنتهج الحكومات نهجا آخر و ستتخلى عن دورها في انقاذ بعض المؤسسات من أجل الاستحواذ مقابل الدعم …

مجرد طرح و مجرد رأى.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى