الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د فوزي أبودنيا يكتب: ماهي الأخطار التي تهدد إنتاج الألبان؟

>>إنتاج الألبان في العالم 700 مليون طن، 85% منها حليب بقري

 مدير معهد بحوث الإنتاج الحيوانى السابق

 من حين لآخر تنتشر بعض التوصيات التي تحذر من التعاطي مع الحليب ومشتقاته بدعوى أن الحليب له جانب آخر ضار غير الجانب الصحي الذي نعرفه جميعا إلا أن الأمر ازداد بحدة في الأونه الأخيرة. ليس هذا وحسب بل تداولت الصحافة ومواقع لإنترنت تحذيرا بإن الألبان تكون ملوثة بالهرمونات والمضادات الحيوية، الأمر الذي يسبب أضرارا صحية خطيرة على المستهلكين، وامتدت تلك التحذيرات لتنال أيضا من اللحوم البيضاء والحمراء والخضار.

ولا أعرف في الحقيقة هل هذا ضمن حملة تقليل الاستهلاك للمنتجات الحيوانية نتيجة الادعاء بتأثير الحيوانات الزراعية ومساهمتها في التغيرات المناخية نتيجة الانبعاثات من الغازات الدفيئة التي تطلقها هذه الحيوانات من معدتها أو تنتج عن تخمرات الروث الناتج منها، وبالتالي هناك رغبة محمومة في تقليص عدد ودور الثروة الحيوانية في توفير الاحتياجات الغذائية للإنسان من بروتين ودهون وغيرها.

قد تكون بعض هذه التوصيات حقيقية ونتاج بحوث تم إجرائها، لكن هناك كثير من البحوث التي تم نشرها وفى دوريات علمية لها ثقلها العلمي ولكن بعد فوات السنين ظهرت نتائج معاكسة بتوصيات مغايرة.

إلا أن بعض تقارير خرجت من منظمات دولية منوطة بهذه الأمور سواء صحة الإنسان أو الحيوان أو منظمة الفاو نفسها للوقوف على الحقيقة في هذا الأمر وشارك بالرأي عدد كبير من الخبراء والمختصين.

وفى قراءة لهذه التقارير، نجد أن الآراء قد تباينت في سرد التوصيات، بيد أنها اتفقت على خطر الهرمونات والمضادات الحيوية، وضرورة الحذر منها. وفيما ورد في تقرير مشترك للمنظمة الأوروبية للتعاون والتنمية، ومنظمة التجارة العالمية «يبلغ إنتاج الألبان في العالم 700 مليون طن، 85% منها حليب بقري»، وتتوقع تقارير دولية «زيادة إنتاج الحليب في العالم بمعدل 180 مليون طن حتى 2024 تنتج منها الدول النامية 78% وتنتج منها الدول العربية 3.5 مليون طن، حيث ارتفع استهلاك الدول العربية من الحليب إلى 2.1 مليون طن بدلا من 1.8 مليون طن قبل 4 أعوام.

إلا أنه في بعض التقارير التي يروج لها النباتيين وللأغذية النباتية والتي تم نشرها، ذكر فيها الفارق بين الطعام النباتي وبين الطعام الحيواني، وفى الجزء الخاص بالحليب والصحة، تمت الإشارة إلى أن «اللبن به سكر – لاكتوز – وهو يسبب مشاكل لمن يعانون من مرض الحساسية، ويذكر أن المصابين به حول العالم حوالي 70% من البشر، معنى ذلك يعتبر اللبن ضارا لـ 7 من بين كل 10 أشخاص على وجه الأرض. فيما تضيف بعض التقارير من المختصين في مجال كمياء التغذية أن الألبان ليست جيدة للصحة، وقد تصيب بالسرطان وتجعله ينمو بشكل أسرع حيث تساعد في زيادة معدل دخول المادة الكيميائية داخل الخلية، وتزيد من الإنزيم الذي يتسبب في ربطها بالحمض النووي، ما يجعله يتفاعل ويتغير إذا كان الجسم غير قادر على إصلاحه فيصبح لدينا خلية جديدة قادرة على البدء بمرض السرطان.

في الواقع فإن العديد من الأبحاث العلمية تؤكد على أن الحليب ومنتجات الألبان تعتبر عوامل وقائية ضد معظم السرطانات، وأن ما تم الاستشهاد به من قبل البعض على مخاطر الحليب «كلام مرسل» ومن بينها أن البروتين مسبب للسرطان، وعلميا هذا القول يمثل كلاما غير علمي ومبتورا جدا. وأن من يروجون لذلك يعتمدون على الاستشهاد بالأبحاث الإحصائية التي لا يعول عليه كثيرا حيث لا تعتمد على أي دليل مادي والحقيقة أنه لا يوجد تأصيل علمي على أن منتجات الحليب تسبب هشاشة العظام

من ناحية أخرى تشير بعض التقارير الى أن دهن الألبان يؤدي إلى تصلب الشرايين وأمراض القلب. هذا وقد أشارت بعض التقارير إلى وجود علاقة بين الحليب وبين هشاشة العظام فحليب الأم متعادل ولبن البقر حامضي عندما يدخل الجسم يأخذ الكالسيوم من العظم لمعادلة توازنه، وهو الأمر الذي يسبب هشاشة في العظام ويزيد المخاط، والحساسية، لذلك عندما يصاب الإنسان بالربو والبرد يمنعه الطبيب من تناول اللبن والبيض.

في البلدان التي لا تشرب اللبن لديهم عظام قوية جدا ونسبة الإصابة بالكسور ضعيفة، والبلاد التي تتناول الكثير من الألبان لديهم الكثير من مرضى السرطان، والإصابة بالمزيد من الكسور، مثل هولندا التي لديها أعلى معدل للإصابة بسرطان الثدي. وفى الحقيقة أن القول بأن حليب الأبقار شديد الحموضة قول فيه تدليس كبير وقوي، لكون أن الحليب ليس شديد الحموضة فالرقم الهيدروجيني المتعلق به هو 6.8 أما الوسط المتعادل فرقمه 7 وكلما اتجهنا نحو الصفر ترتفع معدلات الحموضة، وبالتالي فالحليب تقريبا متعادل ونسب الحموضة فيه ضعيفة جدا، ولا تستدعي الزعم بأن الدم لكي يعادل تلك الحموضة يسحب الكالسيوم من العظم، وحتى لو افترضنا جدلاً أن ذلك صحيح لماذا لا يستخدم الدم الكالسيوم الموجود في الحليب.

ويشير أيضا بعض المختصين إلى أنه عند أجراء العلماء بحوثا على عينات منتقاة من البشر، سيدات ورجال، وجدوا أن العينات التي يتناول أفرادها 3 أكواب من الحليب باليوم نسبة الوفيات داخلها ضعف العينات التي تتناول كوبا واحدا من الحليب. فإن البعض الأخر يشير إلى أن تلك الدراسات أكدت ذلك للنساء فقط، لكن بالنسبة للرجال لم يحدث شيء، كما أن تلك الأبحاث أكدت أن معدل الوفيات في الأفراد الذين يتناولون الأجبان والزبادي واللبن الرايب أقل ممن لا يتناولونها.

فيما أضاف هؤلاء المختصين إلى أن الفارق بين لبن أمهات الأبقار وأمهات البشر، أن حليب أمهات البشر فيه – الواي بروتين – وهو سهل الهضم ويكون العضلات، كما أن الأنسولين لا يستجيب له، لكن حليب الأبقار به نوعان من الكازين وهما – ايه وان، وايه تو – وأن هذا الكازين يعمل بالضبط مثل الجلوتين ويشبه الصمغ في الأمعاء ويضر بها، وهو مرتبط بسرطان البروستاتا وحساسية الصدر، وأكزيما الجلد، والتهاب الجيوب الأنفية المستمر، ويدخل هذا الكازين المخ ويسبب إدمان الحليب ومشتقاته.

وفى المقابل إذا كانت بعض الأبحاث أكدت أن بروتين الكازين وهو البروتين الأساسي الموجود في الحليب له أعراض جانبية، فإن الكثير من الأبحاث أشارت إلى فوائده الجمة، حيث يحتوي على كافة الأحماض الأمينية التي يحتاجها الجسم ويأخذها من مصادر خارجية، ويساهم في بناء الألياف العضلية، وتقوية الجهاز المناعي، ويقلل الدهون بشكل كبير.

لكن الملاحظ أن البقر إنخفضت أعداده إلي النصف في العالم، والحليب تضاعف 3 مرات، ويعزى ذلك إلى الاهتمام ببرامج التحسين الوراثى في الماشية لزيادة الإنتاجية في مقابل تخفيف المنطلق من الغازات الدفيئة إلا أن بعض التقارير قد أشارت أن بعض من المزارع الكبرى تعطي الأبقار هرمونات تضاعف الإنتاج من الألبان، وهو ما يترتب عليه الإصابة بسرطانات البروستاتا. وأيضاً المضادات الحيوية التي تأخذها الأبقار يوميا تصب في الحليب، وعندما يشرب الناس الحليب تموت البكتيريا في الجسم، وعندما تهاجم أي بكتيريا الجسم تجد مناعته ضعيفة وبالتالي لا تكون المضادات الحيوية فعالة في مقاومتها بالشكل المفروض.

وحول الهرمونات والمضادات الحيوية التي تعطى للأبقار المنتجة للحليب على صحة الإنسان فإن نتائج هذه البحوث سليمة حيث اعتمدت على نتائج مادية، حيث يقوم بعض ملاك مزارع الأبقار بحقن الحيوانات المنتجة للحليب فيها بالمضادات الحيوية أو الهرمونات، والتي تنزل في الحليب وتدخل جسم المستهلكين، متسببة في خلق أجسام مقاومة للمضاد الحيوي.

وفى هذه النقطة فإن المشكلة لا تكمن في الحليب ومشتقاته إنما المشكلة تكمن في المنتجين والمصنعين والمربين الذين يغشونه، وعلى نفس المبدأ نستطيع أن نقول عن مزارع الخضروات والفاكهة يجري أيضاً رشها بالكيماويات والمخصبات والمبيدات، وبالتالي هل نتوقف عن استهلاك الخضار لأن عددا من المزارعين يرشون التربة بنفس المواد التي تمثل مخصبات ومبيدات ومضادات للحشرات، وفى الحقيقة فإن تلك المواد التي ترش للخضار والفاكهة أشد ضررا وخطورة على صحة الإنسان من الحليب الطازج المنتج من أبقار تتناول الهرمونات والمضادات الحيوية.

وبالتالي فإننا إذا أوقفنا استهلاك الحليب ومنتجاته، يتوجب علينا أن نتوقف عن استهلاك الخضار والفاكهة من منطلق مبدأ المعاملة بالمثل، لأن الكل يستخدم المبيدات والهرمونات أو المخصبات، لكون أنه إذا كانت المضادات الحيوية تتسبب في خلق أجسام مقاومة للمضاد الحيوي بجسم الإنسان هل هذا أخطر على صحة الإنسان، أم الأخطر على صحته دخول مواد سامة كالمبيدات والهرمونات الكيماوية التي لها تأثير تراكمي سام، والجرعة منها التي تدخل جسم الإنسان وتتراكم بأنسجته ولا يمكن التخلص منها متسببة في سرطانات وغيرها من الأمراض المزمنة، لذلك بدلاً من أن نقول لا نشرب الحليب أو منتجات الألبان بسبب حقن الأبقار وتعاطيها الهرمونات من الأفضل أن أبحث عن مصدر سليم للحليب الطازج ومشتقاته، تماما كما أحرص على استهلاك خضار عضوي وفاكهة عضوية”.

 فى هذا الإطار لابد أن نذكر أن بعض مزارع الدواجن لا تستخدم في عمليات التربية إلا المواد الطبيعية والصديقة للبيئة، وأن هذه المزارع تتمتع بقدرات إنتاجية عالية تجعله قادراً على تغطية نسبة كبيرة من احتياجات السوق الحالية والمستقبلية من الدجاج الطازج للدول التي تنحو هذا النهج. ويستخدم ملاك هذه المزارع بدائل للمضادات الحيوية، ومن بينها أعشاب طبيعية إلى جانب بودرة الثوم، وتخلط تلك المواد الطبيعية مع الأعلاف كبديل طبيعي للمضادات الحيوية.

وللحديث بقية

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى