الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د عاطف كامل يكتب: السياحة البيئية المستدامة فى مصر ومواجهة فيروس كورونا

التوقف الحاليّ في «السياحة» فرصة للتوجه نحو السياحة البيئية المستدامة، يتوازى ذلك مع محاولات تجنب آثار التغير المناخي

رئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان- كلية الطب البيطرى- جامعة قناة السويس

وخبير التنوع البيولوجى ببرنماج الأمم المتحدة للتنمية UNDP

خبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية بمنظمة اليونسكو UNESCO

خبير بيئى بوزارة البيئة – جمهورية مصر العربية

أرتكزت السياحة في مصر على التراث الثقافي في وادي النيل .وخلال العقدين الماضيين اجتذب التراث الطبيعي المتنوع ) المحميات الطبيعية ( المزيد من السياح في مصر. وعليه إعتمدت الحكومة خطة كبيرة لتنمية السياحة البيئية خاصة في محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء اللذان يمثلان أكثر من نصف التنمية السياحية في مصر علاوة على مجالات مباشره على الساحل الشمالي والصحراء الغربية الغنية بالتراث الثقافى وتنوع الموارد الطبيعية.

وقد صل الإستثمار في السياحة عالمياً إلى عائد قدره 1.3 ترليون دولار سنوياً ( بلغ عدد السياح في العام العام المضي 960 مليون سائح ) كما أن 1 من كل 12 فرد يعملون الآن في صناعة السياحة، تعتمد رؤية وزارة السياحة على انه بحلول عام 2020 يصل عدد السياح إلى 30 مليون سائح بعائد يصل إلى 30 بليون دولار سنوياً. وكذلك تعتمد رؤية وزارة البيئة على زيادة زوار المحميات الطبيعية لتصل عائدتها إلى 10 بليون دولار سنوياً، مع ضرورة تنوع في المنتج السياحي والتركيز على السياحة البيئية. كما أن هناك العديد من الصناعات الأخرى (الزراعة بما تتضمنه من صناعات غذائية متنوعة، الصناعات الدوائية، الزيوت العطرية والصناعات المرتبطة بها، الثروة السمكية، الثروة التعدينية…. الخ).مما يوفر وظائف غير مباشرة (6 مليون وظيفة) تعمل على نمو صناعات وتجارة مرتبطة بالنظم البيئية، منها الضرائب والنقل.

ويرتبط مفهوم السياحة البيئية المستدامة بالنقل المستدام، فالسياحة تعتمد على الوقود الأحفوري مما يؤثر على التغير المناخي، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 72% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في السياحة تأتي بسبب النقل و24% من أماكن الإقامة، بينما يمثل الطيران وحده 55% من تلك الانبعاثات.

وللحد من تلك الانبعاثات الكربونية التي تسببها الطائرات، تسعى مصانع الطائرات إلى ابتكار محركات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود مما يعني انخفاض الانبعاثات الكربونية، كما تحاول بعض الدول فرض تعويض على الطيران الدولي ويستخدم هذا التعويض لتمويل أنشطة خفض الانبعاثات الكربونية.

هناك عدة مصطلحات أخرى يستخدمها الناس عند الحديث عن السياحة المستدامة مثل السياحة المسئولة والسياحة الخضراء، وتعمل هذه السياحة على الحفاظ على الثروات الطبيعية وموارد البيئة وتقليل النفايات مما يدعم المجتمع المحلي والاقتصاد ويقلل من الازدحام والتلوث ويعزز البيئة الطبيعية.

وظهر مصطلح السياحة الخضراء لأول مرة في التسعينيات من القرن الماضي وهو مصطلح يجمع بين السياحة البيئية والسياحة الخضراء والسفر المستدام، يدور هذا المصطلح حول أن نكون واعين بالإجابة عن أسئلة مثل: كيف نذهب؟ وأين نذهب؟ ولماذا؟ وماذا سنفعل في أثناء سفرنا؟ وماذا سنفعل عندما نعود؟ بهدف أساسي هو الحد من البصمة الكربونية للسياحة وإعادة تدوير الطعام والتغلب على اشكال التلوث وخاصة التلوث البلاستيكى في المناطق السياحية للحفاظ على البيئة. وتطور هذا المصطلح مؤخرًا وأصبح يُشار إليه بالسياحة المستدامة وهي تعني محاولة إحداث الزائر تأثير إيجابي على البيئة والمجتمع و الاقتصاد في المكان الذي يزوره، ويشمل ذلك النقل الدولي والنقل المحلي والإقامة والترفية والطعام والتسوق.

الفرق بين السياحة الخضراء والسياحة البيئية والسياحة المستدامة

يعد مصطلح السياحة الخضراء المصطلح الأقدم فيما يتعلق بحماية البيئة والحفاظ عليها، لكن الفنادق بدأت في استخدامه كعلامة تجارية للتسويق لنفسها على أنها صديقة للبيئة، رغم ذلك كثير من تلك الفنادق لا تستخدم برامج الحفاظ على المياه وإعادة التدوير واستخدام أدوات صديقة للبيئة، لذا ظهر بعد ذلك مصطلحا السياحة البيئية والسياحة المستدامة.

تشير السياحة البيئية إلى السفر للمناطق الطبيعية التي تحافظ على البيئة (المحميات الطبيعية بأشكالها) ورفاهية السكان المحليين وتتجه نحو الحفاظ على الحياة البرية والبحرية، يجب أن يتأكد المشاركون في تلك السياحة من حماية المواقع التي يذهبون إليها من التأثير الخارجي غير الطبيعي.

أما السياحة المستدامة فهي أشمل وأوسع من السياحة البيئية، حيث تهتم بالجوانب البيئة والاقتصادية والاجتماعية لتنمية السياحة وتحقيق توازن مناسب بينهم لضمان استدامتها، كما تهتم بالمجتمع المحلي وحصوله على فرص عمل وتسعى إلى زيادة الفوائد وتقليل الآثار السلبية للسياحة.

كيف يساهم العنصر البشرى في تحقيق السياحة البيئية المستدامة؟

يشكل العنصر البشري الجزء الأهم في السياحة، لذا كلما ازداد الوعي البيئى بين المسافرين والسائحين تمكنا من تطبيق مفهوم السياحة المستدامة، ولكي نحقق ذلك يستطيع السائح القيام بعدة أمور من بينها: استخدام النقل البري قدر الإمكان للحد من البصمة الكربونية واستخدام حقائب قابلة لإعادة الاستخدام وحمل أدوات طعام فضية لاستخدامها بدلًا من البلاستيكية وتناول الطعام المحلي بدلًا من شراء أطعمة باهظة الثمن، يساعد ذلك أيضًا على اكتشاف المأكولات المحلية لمختلف البلاد والاستمتاع بها.

قطاع السياحة فى مصر

أرتكزت السياحة في مصر على التراث الثقافي في وادي النيل .وخلال العقدين الماضيين اجتذب التراث الطبيعي المتنوع  ( المحميات الطبيعية ) المزيد من السياح في مصر. وعليه إعتمدت الحكومة خطة كبيرة لتنمية السياحة خاصة في محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء اللذان يمثلان أكثر من نصف التنمية السياحية في مصر علاوة على مجالات مباشره على الساحل الشمالي والصحراء الغربية

– تساهم السياحة الوافدة بـ15% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

– يرتبط بالنشاط السياحي نحو ثلاثة ملايين مصري.

– يعمل في القطاع السياحي بشكل مباشر أكثر من ثلاثمئة ألف، بحسب بيانات رسمية.

– بلغ نصيب القطاع الخاص نحو 98% من النشاط السياحي.

– بلغ عدد السياح الوافدين على مصر أكثر من 12 مليون سائح، وفق أرقام رسمية عن العام الماضي، وكان متوقعا زيادة الرقم بنسبة 30% وفق بيانات رسمية.

– حقق القطاع السياحي إيرادات بلغت نحو 12.6 مليار دولار في العام المالي 2018-2019.

وتسببت الأزمة الاقتصادية الحالية أيضًا في انخفاض القوة الشرائية للسكان بشكل عام وللسائحين كذلك واتجاههم نحو التسوق المحلي، مما ساهم في انخفاض معدلات التلوث والحفاظ على البيئة وانخفاض نسبة الفائض.

مصر- توجه جديد للسياحة بسبب كورونا.. هل ينجح؟

أعلنت الحكومة المصرية عن السماح بإعادة فتح الفنادق أمام السياحة الداخلية بشكل جزئي، لكن البعض يخشى من تبعات القرار، في حين يعلق آخرون عليه الآمال وسط ضغوط مالية متزايدة على جميع المعنيين، فهل ينجح التوجه الجديد؟

عودة السياحة بشروط!

من المفترض أن تعيد الفنادق في مصر فتح أبوابها، أمام السياحة الداخلية، بشرط تطبيق عدد من الإجراءات الوقائية للحصول على ”شهادة صلاحية صحية“، بالتنسيق مع وزارتي الصحة والإسكان.  ووفقا لبيان صادر عن مجلس الوزراء المصري، على الفنادق الالتزام بتوفير عيادة وطبيب مقيم ومواد للتعقيم وإخضاع العاملين لفحوص، فضلا عن توفير طابق في الفندق أو مبنى صغير كمنطقة حجر عند الاشتباه أو اكتشاف حالة مصابة بالفيروس.

السياحة البيئية المستدامة وفيروس كورونا

لقد كان لظهور وأنتشارجائحة فيروس كورونا تأثير كبير على حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية فى مختلف البلدان، فقد قلبت حياتنا جميعًا رأسًا على عقب، ورغم تأثيرها الواسع طويل المدى على قطاع السياحة، فإن الخبراء يعتقدون أنها فرصة جيدة لتحقيق نتائج إيجابية في المدن وتحسين البنية التحتية السياحية والتوجه نحو السياحة البيئية المستدامة.

أدت الجائحة كذلك إلى توجه المجتمعات نحو السياحة الداخلية، بالإضافة إلى التوجه نحو المناطق الطبيعية بشكل أكبر لتجنب الأماكن المغلقة والمزدحمة لمنع انتشار الفيروس، كما اتجه أصحاب الشركات السياحية إلى تقديم بدائل مستدامة للتسويق لأنفسهم بشكل أكبر والحصول على ثقة المستهلكين، فالسياحة البيئية المستدامة أصبحت ضرورة في عصرنا الحاليّ للحفاظ على الحياة، لذا لم يعد أمام الشركات السياحية خيار إلا السعي لتطبيقها.

يرى الخبراء أن التوقف الحاليّ في مجال السياحة فرصة لإجراء تغييرات هيكلية والتوجه نحو السياحة البيئية المستدامة، يتوازى ذلك مع محاولات تجنب آثار التغير المناخي ومحاولة معالجته في أقرب وقت ممكن، فبسبب القيود الحاليّة سيتجه الناس إلى السياحة الداخلية وخاصة في المناطق الطبيعية مما يحد من حركة الطيران الكبيرة التي تسبب زيادة الانبعاثات الكربونية بنسبة كبيرة.

في النهاية، فإن الشركات المصرية التي كانت تؤمن بالسياحة البيئية المستدامة وتقدم منتجات سياحية بيئة متميزة ومنتجات قائمة على التراث الطبيعي والثقافي المحلي سوف تحافظ على تطبيق الإجراءات الإحترازية والتباعد ولا تساهم في الاكتظاظ، لكى تنجح في مواجهة الوباء وستكون أكثر مقاومة للأوبئة المستقبلية وستكون قادرة على التكيف مع التغيرات المسقبلية غيرالمتوقعة، ويجب أن تلعب الدول والكيانات الكبرى دورًا كبيرًا في إعادة توجيه السياحة البيئية لتناسب المستقبل المليء بالتحديات المختلفة الغير متوقعة.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى