الأخبارالاقتصادالانتاجالمياهبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د علي إسماعيل يكتب: الادارة المتكاملة لمنظومة الري الحقلي واستدامة التنمية الزراعية

>>تحديث الري يوفر 11% من المخصصات المائية لكل فدان

إستاذ ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية – مصر

إن ندرة وشح المياه سوف تؤثر على القطاع الزراعى اكثر من القطاعات الاخرى ، وفي ظل جميع السيناريوهات التي يتم وضعها والعمل من خلالها ربما تكون هي اهم الخطوات البناءة نحو استراتيجية واضحة وفعالة ينفذها القطاع الزراعي بمشاركة شركاء التنمية وادارة الموارد المائية ومن خلال اليات فعالة وفاعلة في تغيير مفهوم ادارة المياة من نهج الوفرة الي نهج الندرة .
من المتوقع ان ينخفض متوسط المياه المخصصة لكل فدان بنحو يتراوح من 6% الى 11% خلال العشرة سنوات القادمة مع تفعيل منظومة تحديث الري الحفلي وتبني فكر متكامل لمنظومة التحديث وتطوير نظم الري علي مستوي الحقل مع تنفيذ حزم الممارسات الزراعية الجيدة ونشر ثقافة الوعي باهمية تحديث منظومة الري طبقا لطبيعة التربة والمناطق المناخية والاهداف الاستراتيجية للانتاج الزراعي والمحاصيل المنررعة وتأمين احتياجات السكان من الغذاء .
الحفاظ على القطاع الزراعى بوصفه احد الدعامات الاساسية للاقتصاد الوطنى ، فإن القطاع يحتاج الى التكيف مع حالة ندرة المياه عن طريق قدرة القطاع علي تطوير منظومة الري الحقلي وتحديثها والاستفادة من البحوث العلمية المرتبطة بالاصناف والسلالات عالية الانتاجية المتحملة للجفاف وقصيرة العمر والممارسات الزراعية.
وتعد الممارسات الزراعية أحد أهم توفير مياه الري من خلال التسوية بالليزر والزراعة علي المصاطب والحرث تحت التربة واضافة الجبس الزراعي وصيانة المصارف ورفع كفاءتها لحماية التربة من التملح والقلونة وتقليل احتياجات الغسيل مع رفع مستوي خصوبة التربة وصيانة المجاري المائية وخاصة قنوات الري الرئيسية والفرعية لتوصيل المياه بالمقنن المائي لزمامات الاراضي المنزرعة دون عجز او نقصان وفي التوقيتات المناسبة مع تحديث المنظومة لتوفير المياه بشكل دائم مع تحديث نظم الري في الاراضي الجديدة التي تعتمد علي الري السطحي وليس الجوفي.
لماذا؟
لدعم قدرتها علي الوفاء بالاحتياجات المطلوبة لنظم الري المجدث وبالتالي تفعيل المستهدف من ذيادة انتاجية وحدة الارض بإنتاجية وحدة المياه وتحقيق المستهدف من استصلاح اراضي جديدة تتطلبها خطة التنمية الاقتصادية مع ذيادة معدلات النمو السكاني لاستدامة التنمية الزراعية وذيادة الانتاج الزراعي .
وبناء عليه فان الميزان المائي لمصر يمر بعجز دائم ومتراكم في التوازن المطلوب بين العرض الكلي والطلب الكلي المتزايد بمعدل متزايد بزياده عدد السكان متمثله في مشروعات المجتمعات العمرانيه والقري الجديده علي مستوي الاسكان والتوسع في زياده مشروعات الاستصلاح القوميه والاهليه في الاراضي الجديده الامر الذي بات ومن المؤكد تضأل نصيب الفرد من المياه الي اقل من ٦٠٠ متر مكعب الي ٤٥٠ متر مكعب في السنه عام ٢٠٢٥ .
ومن المتوقع ان يصل نصيب الفرد عام ٢٠٥٠ الي ادني من ٣٥٠ متر مكعب في السنه وذلك لزياده متوسط معدل النمو السكاني ٢% ويصل استهلاك الفرد الي ٢٤٧ لتر/ يوم وبالتالي سوف يصل عدد السكان عام ٢٠٥٠ الي ١٧٢ مليون نسمه الامر الذي يتطلب زياده الموارد لتصل الي نحو ٩٧ مليار متر مكعب.
وكل ذلك يؤكد علي فجوه مائيه كبيره. لذا من الاهمية رفع الكفاءه الاقتصاديه علي مستوي الحقل التي تعمل علي توفير المياه وزياده الانتاجيه من وحدة المياه والارض الامر الذي يجعل الاولويه لمشروعات تطوير الري الاولويه الاولي لاهميتها وخاصة المساقي والمراوي ونظم الري داخل الحقل وخاصة مع نظم الري الحديثة كالري بالرش والتنقيط لرفع كفاءة الاستخدام من 55 % الي 90% بما يعني الاستفادة بتعديل الكفاءة المستخدمة في النظام مع الممارسات الزراعية المتبعة والتي تتطلبها ذيادة الكفاءة الكلية لمردود وحدة المياه في داخل الحقل عنها في المجاري المائية لترع النقل والتوزيع التي يمكن ان تعود لمنظومة الري بشكل اخر من خلال كفاءة نظام الري العام واعادة تدوير المياه التي تصل الي 76% علي المستوي القومي وهي اعلي كفاءة لنظام ري في العالم.
وقد يعد نظام الري في مصر مثالاً ممتازًا لنظام متعدد الاستخدامات للمياه لدورة ذات كفاءة عالمية عالية تصل الي 76- 78 % لاستخدمات المياه واعادة تدويرها وقد تصل الي مستويات اعلي بعد انشاء محطات معالجة بحر البقر والمحسمة وغيرها من المحطات وتحلية مياه البحر واعادة استخدام كل قطرة مياه في مكانها المناسب .
ولكن كفاءات النظام تعد منخفضة علي المستوي الداخلي علي مستوي التوزيع والنقل والاستخدام في الحقل . وتهتم مصر بتوسيع المساحة المروية بمياه نهر النيل دون تقليل الإنتاجية العالية للمناطق المروية الحالية بل تعمل علي تعظيم الانتاجية لكل من وحدة الارض مقابل وحدة المياه المستخدمه .
ولإنجاز هذا سوف يتطلب برنامج قومي يحتاج الي دعم ورعاية وشراكة من كافة الجهات من اجل الحفاظ علي مظومة تطوير وتحديث الري ورفع كفاءة الاستخدام والقدرة علي التوعية الاعلامية وذيادة وعي النشيء بالمدارس والجامعات والمزارعين بالحقول والسكان والمصالح الحكومية ( الاستخدمات المنزلية ومعالجة مشاكل التسرب في المياه داخل شبكة التوزيع لمياه الشرب والصرف الصحي) . فإن توجيه جهود المحافظة نحو المناطق التي تكون فيها دورات الاستخدام المتعددة ممكنة فان ذلك يمثل نجاح لادارة المنظومة وبالتالي ذيادة الكفاءة [الكفاءة الفعالة] لتكن عالية جدًا بالفعل مما يؤدي إلى وفورات حقيقية في المياه تصل الي النسب المستهدفة والتي تبلغ 10 بالمائة من اجمالي الموازنة المائية .
إن استمرار نجاح الزراعة المصرية واستدامة التنمية الزراعية بها واستخدام المياه بالصورة المثلي وفرض تحديات عليها قد دخلت حقبة جديدة من الاهمية واصبحت المياه ومحدداتها مع ندرتها العامل الاساسي في تطوير وتحديث الزراعة المصرية في ظل التحول من الوفرة الي الندرة .،
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي النتيجة المتوقعة والتحديات التي يمكن ان تواجه الزراعة الحديثة ؟؟؟ وقضية تطويرها مع الزيادة السكانية الحادة والمضطردة التي تلتهم الكثير من عوائد التنمية والضغوط الواقعة علي وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي واجهزتها المختلفة رغم انها وزارة خدمية ( بحوث وارشاد وسياسات تنظيمية ورقابية) ومطالبتها بتلبية حاجة السكان من الغذاء وتوفيره وقضية استهلاك 80 % من الموارد المائية في مصر رغم ان تلك المياه يستهلكها المزارعين في النشاط الزراعي ككل الذي يعمل به اكثر من 50 بالمائة من السكان مع نظرة البعض الي انخفاض عائد المتر المكعب من المياه في الزراعة بالمقارنة مع العائد من الانشطة الاخري للاستخدمات متناسيا ان قضية الامن الغذائي وتوفير حاجة السكان جزء اساسي من الامن القومي الاستراتيجي .
فهل تسمح عمليات تدوير المياه وترشيدها في الزراعة في حل جزء من نقص الموارد المائية الواردة علي المدي القصير ؟؟؟ ام ان استقطاب موارد مائية جديدة كحصاد مياه الامطار وتحلية المياه نصف المالحة من البحيرات ربما تكون هي الجزء الاساسي والفعال في توفير متطلبات مياه الشرب والصناعة والتي تقلل الضغط علي حصة المياه المخصصة للزراعة واستصلاح الاراضي وان معالجة مياه الصرف الصحي والصناعي واستخدامها مع مياه الصرف الزراعي مرة اخري بمواصفات تصلح لانتاج مجموعة من المحاصيل الزراعية هو طوق النجاه مع وجود مشروعات عملاقة للدولة المصرية كمحطات معالجة ( المحسمة – سرابيوم – بحر البقر) وغيرها من المحطات والتي توجه مياها بعد المعالجة لاستصلاح الاراضي وذيادة الرقعة الزراعية ضمن البرنامج الذي يوليه السيد الرئيس اهمية خاصة بتحسين نوعية المياه للزراعة وذيادة معدلات التنقية والمعالجة كمورد هام من الموارد المائية . ام ان التوجه العلمي ودور البحث العلمي الزراعي في انتاج الاصناف واستخدام تكنولوجيا الهندسة الوراثية قادرين علي حل جزء من هذة المشكلة بتوفير اصناف من المحاصيل تتحمل الملوحة والجفاف والتغيرات المناخية وتعزز دورها في المدي القصر لحل مشكلة ندرة المياه مع علماء التربية للاصناف النباتية المختلفة .
قضية المياه في مصر ذات شقين
– الشق الاول منها الفجوة المتزايدة بين العرض والطلب والثاني تدهور نوعية المياه. وقد اتضح ان مصر تواجه تحديين رئيسيين هما : فقدان المياه وسوء نوعية المياه. “تفقد مصر حوالي 50٪ من مياهها العذبة من خلال سوء الصيانة للإمدادات ومشكلات التوزيع وعملية تلوث المياه ” مشددة على أن عدد كبير من الأمراض التي تنقلها المياه . حيث تؤثر المياه الملوثة أيضًا على توازن النظم البيئية ، وجودة التربة ، وتتسرب إلى طبقات المياه الجوفية. و “تحتاج مصر إلى وضع معايير قوية لجودة المياه والتحكم في الاسمدة ومبيدات الآفات والنفايات الموجودة في المياه.” وتجدر الإشارة هنا إلى أن فقدان المياه وتسربها دون الاستفادة منها بالشكل الكافي ربما يمثل اهم التحديات في الوقت الراهن الذي يجب معالجته والحد منه حتي يتعظم معه مستوي الاستفادة .
ان المياه المفقودة ليعاد استخدامها ضمن المنظومة مرة اخري داخل منظومة الري سواء كانت من المياه الجوفيه او مياه الصرف الزراعي وان مشكلة تدهور نوعية المياه مترابطان بحجم المياه المتاحة لأغراض محددة مقيدة بجودتها واعادة استخدامها في الزراعة مع تحديث منظومة الري واستكمال مفهوم الادارة المتكاملة للمياه داخل منظومة الري الحقلي .
ومن ناحية أخرى ، قد يتسبب الطلب المتزايد على موارد المياه المحدودة في تدهور الجودة الذي يؤثرعلي تزايد عدد السكان و خاصة في مناطق الأحياء الفقيرة والأنشطة الصناعية والتحضر والتلوث والتغيرات المناخية وكلها تؤثرسلبًا على جودة المياه. علاوة على ذلك ، فإن ارتفاع جودة المياه يعني انخفاض خطر نقص المياه عند مستوى معين من الإنتاج إلى جانب ذلك يؤدي ارتفاع جودة المياه إلى إنتاجية نسبية أعلى مع العوامل الزراعية الأخرى وخاصة الأراضي وانتاجيتها المحصولية . وبالتالي ،
فمن الأهمية بمكان أن تضع مصر استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز إمدادات المياه من الموارد التقليدية وغير التقليدية وكذلك الحفاظ على جودة المياه وتحسين نوعيتها بصورة افضل وهناك حاجة ملحة لاكتساب المزيد من الأفكار حول جودة المياه وآثارها على الإنتاجية الزراعية.
وان الاثار المرتبطة بالتحسينات في نوعية المياه والأراضي ربما يشجع علي توفير تقييمات كمية لتأثير التحسينات النوعية لادارة المياه وكذا لأنواع مختلفة من نوعيات مختلفة لمياه الري تحت ظروف ندرة المياه. وما مدى أهمية الآثار المحتملة لانخفاضات مياه النيل على القطاع الزراعي والاقتصاد ككل؟ و ما هي التحسينات الكافية في كفاءة الري المطلوبة لتعويض الخسائر المحتملة لمياه النيل ؟
ضرورة الاستثمار في تأمين الموارد المائية غير التقليدية مع البحث عن استراتيجية بديلة قابلة للتطبيق لاستراتيجية كفاءة الري وبالتالي فإن المهام الملحة هي إعادة تقييم إنتاجية مياه الري والأراضي وكذلك كفاءة نظام الري الحالي والادارة الشاملة والمتوازنة لمنظومة الري من خلال الادارة المتكاملة للموارد المائية في كافة الانشطة ودراسة الطلب علي المياه والاحتياجات ووضع الاولويات ودراسة التخصيص الأمثل للموارد المائية واهم موارد التنمية لهذه الموارد بمضمون شامل يسمح برفع كفاءة الاستخدام وتوفيرها بشكل اقتصادي دون ظهور خلل اجتماعي او اقتصادي يترتب علي ذلك . وان دراسة الآثار المحتملة للتغيرات في كفاءة الري المرتبطة بالتحسينات في نوعية المياه وكفاءة التوزيع والاستهلاك أمر بالغ الأهمية للاقتصاد المصري لتوفير الاحتياجات المائية المطلوبة والملائمة لمعظم الاحتياجات المختلفة سواء الزراعية او الانشطة السكانية او الصناعية

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى