الأخبارالاقتصادالصحة و البيئةحوارات و مقالات

د  عاطف كامل يكتب: «سلامة الغذاء» تبدأ بسلامة النظم البيئية

>>لا بد معرفة أصول المنتجات الزراعية كبذرة طبيعية أو معدلة جينيا مرورا بسلامة التربة وطرق الزراعة والري المستخدمة والعناية والتخصيب ومكافحة الحشرات والحصاد والحفظ والتخزين

رئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان – خبير بيئى بوزارة البيئة

قضية سلامة الغذاء، لا تنفصل عن سلامة البيئة عامة. بما يعني سلامة واستدامة الموارد والعناصر الاساسية للحياة وخاصة سلامة التربة والمياه والهواء وانتاج واستهلاك الطاقة… وكل ما يطلق عليه النظم الايكولوجية عامة.

فعند الحديث عن  سلامة الغذاء فان معالجة مشكلة سلامة الغذاء باتت امرا في غاية التعقيد في ظل اعتماد انظمة اقتصادية حرة من كل قيد ونظم انتاجية واستهلاكية.

ومع ثورة صناعية لا تعرف الحدود وقد انتجت آلاف المواد الكيميائية التي اصبحنا نعيش ونتعايش معها بشكل يومي وفي كل تفاصيل حياتنا، والتي تتبادل التأثير في ما بينها بشكل بات يستحيل معه، فصل المواد ومعرفة تأثيراتها وانعكاسات استخدامها على الصحة العامة والمحيط الحيوى … مما صعّب ايضا تشخيص سبل السلامة والامراض وايجاد طرق للعلاج والمراقبة والصلاحيات.

فسلامة الغذاء بحد ذاته بات مفهوما يصعب تحديده وفصل جميع المؤثرات عنة بشكل مباشر او غير مباشر. وبات علينا ان ندقق كثيرا عندما نتحدث عن سلامة منتج زراعي او حيواني بشكل كامل ومتكامل في كل دورة حياته مع أثرة على صحة وسلامة العاملين فيه.

فلا يمكن الحكم على اي منتج زراعي اذا لم نعرف أصلة منذ النشأة كبذرة (طبيعية او معدلة جينيا) الى سلامة التربة وطرق الزراعة والري المستخدمة والعناية والتخصيب ومكافحة الحشرات والحصاد والحفظ والتخزين والنقل والبيع.

وكذلك الامر بالنسبة الى المنتجات الحيوانية والتربية في المزارع وطرق تقديم العلف وانواع الاعلاف والعلاج والادوية البيطرية المستخدمة والأعمار المختلفة وظروف العيش وطرق السلخ والتنظيف والنقل والحفظ والتبريد والتغليف والتعقيم… الخ وطرق المراقبة والفحص والتدقيق والمراقبة واخذ العينات (الدورية والمفاجئة).

كما يجب تقديم العينات الغذائية في المختبرات، للكشف عن اي مشكلات (بكتيرية معروفة او شائعة ام عن مواد كيميائية يمكن ان تتراكم وان تشكل امراض معدية) ومن يدفع الكلفة… الخ.

فسلامة الغذاء الصحي أمر هام وبات مرتبطا ارتباطا وثيقا باقتصاد السوق عامة وبقواعد التجارة بشكل كبير وبطبيعة انظمة ايكولوجية (بيئية) مختلفة ومدى سلامتها وانظمة صحية واقتصادية وزراعية وتجارية واجتماعية متداخلة بشكل كبير.

وهناك إختلافات هامة تتعلق بالآراء أو التصورات والمبادئ والإجراءات الواجب إتباعها في قوانين التغذية بين دول العالم، وحتى بين المقاطعات داخل كل دولة ايضا.

كما هناك انظمة واجهزة ذات صلاحيات مختلفة داخل الدولة نفسها تتعامل مع سلامة الغذاء، هذه الإختلافات فى  الصلاحيات يمكن أن تعرقل أو تمنع اجراءات مراقبة الغذاء بطريقة صحية وسليمة وتخلق بالتالي حالات من اذواج المهام يمكن أيضاً او تؤثر مباشرة في تأدية السوق واذواجية المهام.

لذلك كانت هناك محاولات في مصرلانتاج قانون جديد لسلامة للغذاء من خلال الهيئة القومية لسلامة الغذاء يحاول ان يخفف من مشكلة تضارب الصلاحيات ويحاول تحديدها وتقسيم مسئولياتها بين الوزارات المعنية ( وزارة الصحة ووزارة الزراعة الممثلة فى الهيئة العامة للخدمات البيطرية) والمسئولة عن صحة وسلامة الغذاء تمهيدا لتوضيح وتحميل المسؤوليات، مما يوجب تشريع قانون جديد موحد وشامل يحل جميع اشكاليات تضارب الصلاحيات والمهام .

وقد تم وضع مسودة مشروع قانون سلامة الغذاء العام 2018 من خلال الهيئة القومية لسلامة الغذاء ولم يحصل التوافق حولها بسبب النزاع حول الصلاحيات التي تتقاسمها وزارة الزراعة ممثلة فى الهيئة العامة للخدمات ووزارة الصحة . تعيد فتح النقاش حول هذا القانون الذي يعتبر محوريا لتأمين صحة وسلامة الغذاء في جميع قطاعات الدولة من فنادق ومطاعم وجميع أنواع المحلات التى تقدم أغذية للمتابعة والتأكد من تقديم أطعمة أمنة وسليمة وجيدة صحياً .

وبعد تحديد المسئوليات بين الجهات المسئولة التي تشرف علي صحة وسلامة الغذاء، باتت هناك سهولة فى تحديد ماهية الغذاء نفسه ومصدرة (حيوانى او نباتى) ونوع البيئة التى تم زرعاتها. وهو ما يفترض ان يبدأ به اي قانون تنظيمي يبحث في سلامة الغذاء.

فاذا كان الغذاء هو ما نتناوله من طعام وماء ويشمل كافة المواد والمنتجات الطبيعية في الاصل، ونظرا لإتجاة العام الأن للأهتمام بسلامة الغذاء وسلامة البيئة اصبحت دساتير وقوانين العالم بعد الثورة الصناعية وثورة تكنولوجية الاتصالات والمواصلات وازدهار التجارة العالمية اصبحت ملزمة باضافة المنتجات «المصنعة كلياً أو جزئياً»، والمنتجات «المحلية والمستوردة»، المعدة لاستهلاك الإنسان مدعمة بالشهادات الصحية تثيت خلوها من الأمراض بما يضمن جودة وسلامة الغذاء لضمان صحة الإنسان.

المنتجات الحيوانات و الزراعية

ولابد من ادراج قوانين الغذاء مع اغذية الحيوانات الاليفة المختلفة سواء التي تشاركنا بقايا مأكولاتنا او تلك التي لديها اطعمتها الخاصة والتي تعيش معنا والتي اصبحنا نشترك معها في الامراض المشتركة سواء البكتيرية والفيروسية وتبادل نقلها وكيف يمكن لانظمة الغذاء الحديثة ان تحرص على ان تشملها.

البحث عن مصدر الغذاء ( حيوانيا او نباتياً)

ومن أجل أن نتعرض لسلامة الغذاء بطريقة شامـلة وموضوعية يجب أن يكون هناك تحديد واسع وشامل لقانون صحة وسلامة االغذاء الذي يغطي شريحة واسعة من القوانين المباشـرة وغير المباشرة والمتعلقة بصحة الغذاء والتغذية السليمة، وتشمل أيضا جميع المواد المتعلقة بالطعام، مثل طعام ذات أصل حيوانى، وغير ذلك من المنتجات الزراعية على مستوى المحاصيل الأولية.
وكي نتأكد من صحة وسلامة الغذاء، فإنه من الضروري أن نأخذ بالاعتبار كافة مصادر الطعام حيوانيا كان او نباتياً، تسلسلياً، بدءاً بالمحاصيل الأولية والمنتجات الحيوانية كافة، بما فيها بيع وتأمين وصول الغذاء الى المستهلك الى معايير مراقبة صحة وسلامة العاملين القائمين علي إعداد الأغذية والمنتجات بأنواعها وتطبيق نظام تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة (Hazard Analysis Critical Control Points (HACCP) وهو نظام وقائي يعنى بسلامة الغذاء من خلال تحديد الأخطارHAZARDS التي تهدد سلامته، سواء أكانت بيولوجية أوكيميائية أو فيزيائية، ومن ثم تحديد النقاط الحرجة CCPs التي يلزم السيطرة عليها لضمان سلامة المنتج.… لأن كل عنصر او حلقة من السلسلة قد يكون لها أثر ما في سلامة الغذاء مع ضمان سلامة النظم الأيكولوجية التى ينتج الغذاء بها.

لقد أثبتت التجارب انه من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار المنتجات  والمحاصيل الزراعية ، وطرق تصنيعها، ونقلها وتوزيعها كطعام معطى للحيوانات المنتجة للحوم والألبان والتي تشمل ايضا المنتجات الحيوانية والتي يمكن ان تستعمل كطعام لمزارع السمك مع ضمان سلامتة حتى لايؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في صحة وسلامة المستهلك.

دورالمختبرات والمقاييس

مع الأهتمام بجودة وصحة وسلامة الغذاء في تصنيع الغذاء اصبحت المختبرات تلعب دورا مركزيا في اخذ العينات بشكل دورى ودائم وعشوائياً والكشف والفحص الدقيق للتأكد من سلامة الغذاء وخلوة من مسببات الأمراضرواستمرارية العناية بالمحافظة على نظم الجودة.

وذلك بعد ان يتم وضع المواصفات والمقاييس لكل سلعة او نوع، كي يتم اختبار مدى مطابقة المواصفات اثناء اجراء تلك الاختبارات.
ومن اجل أن يكون هناك عامل ثقة في القاعدة العلمية لقانون الغذاء وتقدير المخاطر يجب التأكيد على الاستقلالية وعلى الطريقة الشفافة لتوفـر المعلومات والمدلولات العلمية. بالاضافة الى ضرورة تحديد مكونات السلع على ملصقات بشكل واضح ومراقبة مدى تقيد المنتج بما هو معلن على ملصقات العبوات. على ان يتم توفير المعلومات عن طريقة الانتاج والمكونات لكل طالب معلومات من الجهات الرسمية وغير الرسمية.

مبدأ الاحتراس

في كل عمليات التقييم للغذاء، لا سيما الاغذية الجديدة التي لم يتم اختبارها او تلك التي ليس هناك مختبرات مجهزة بعد لاختبارها، يفترض ان يطبق «مبدأ الاحتراس» وان يمنع ادخالها او انتاجها وتسويقها.
كما تستدعي سلامة الغذاء وحماية المستهلك وجود مؤسسات غير حكومية، منظمات متخصصة ومراكز ابحاث وكليات جامعية… يفترض حماية دورها المراقب في القوانين وتأمين حقها بالحصول على المعلومات والوصول اليها سواء عند المنتجين او المسوقين او عند الاجهزة الرسمية المعنية.

والتأكد من مدى عدالة القوانين العابرة للحدود لا سيما تلك المتعلقة بالتجارة الدولية ومطالب تحريرها من أي قيد. وضمان موافقة مسبقة من البلدان المستوردة للاغذية وحماية المحاصيل الوطنية والتقليدية.
كما هناك ضرورة لدعم المنشورات العلمية والتقنية المتعلقة بصناعة الغذاء والتغذية السليمة التي يمكن ان تنتجها الوزارات المختصة او الجمعيات الاهلية المختصة. ودعم البحث العلمي ذات الصلة.
والحرص على ان تحصل بعض المضافات التي تستخدم لتحسين الانتاج النباتي والحيواني كالمبيدات السامة والمخصبات والمضادات والمغذيات ومواد التنظيف والتعقيم والادوات المستخدمة لتأمين شروط سلامة العاملين… الى تراخيص مسبقة وان تخضع لاختبارات للتأكد من المواصفات وان يتم التنبه والتوعية لطرق الاستخدام ومراقبة حسن الاستعمال لناحية المقادير وتوقيت الاستخدام.
كما يفترض ان يحدد القانون نظاما لتبادل المعلومات بين الوزارات المعنية بالاضافة الى وضع شروط لتعيين اللجان العلمية والقانونية التي يفترض ان تشرف على حسن تطبيق قانون الغذاء وتحديد مهماتها وضمان استقلاليتها وطرق اتخاذها للقرارات.

كما يجب ان تمول هذه الهيئة العلمية من الميزانية العامة للدولة. وعلى اللجنة ان تضع نظم التتبع لدورة حياة الغذاء وان تعنى بمتابعة ومراقبة سلسلة الغذاء كلها.

تتبع السلسلة

يجب أن تخضع الأغذية للمقاييس الدولية وان تطبق حتى لا تسببت مخاطر لصحة الإنسان، او الحيوان أو نتيجة  تأثير البيئة المحيطة مثل (زيادة معدلات التلوث او استخادم تقاوى غير جيدة او تأثرات التغيرات المناخية). ويفـترض بقـانون الغذاء ان يطبق على كل مختلف مراحل التصنيع والإنتاج، طرق توزيع الغذاء وطرق التخزين. ومراقبة مراحل الإنتاج والتحضير والتوزيع، أي الانتاج الأولي للطعام لحين تخزينه ونقله وبيعه ووصولة للمستهلك النهائي. ويقصد بـ«الانتاج الأولي» المحصول أكان مربّى أو مُختضنا أو ناميا على مواد أولية، بما فيها المحاصيل، الحليب، وحيوانات المزارع قبل ذبحها. وتشمل ايضاً عمليات الصيد لا سيما صيد السمك وجني المحاصيل البرية.

الخلاصة ومتطلبات السلامة (سلامة الغذاء من سلامة البيئة)

الغذاء يجب أن يتم زراعتة بطريقة جيدة فى نظام بيئي سليم  لتقليل معدلات التلوث بأشكالة واختيارالأسمدة والتغيرات المناخية وأثرها علي جودة وسلامة الأغذية يجب الا يعرض في الأسواق اذا كان غير سليم. والغذاء يعتبر غير سليم: اذا كان مضراً بالصحة. وغير مناسب للاستهلاك الأدمى.

اما في تحديد ما إذا كان الغذاء غير سليم فيؤخذ بالاعتبار الحالات العادية في استعمال الغذاء من قبل المستهلك وفي كل حالة في الانتاج والتحضير والتوزيع.

وبالمعلومات المعطاة للمستهلك بما فيها المعلومات المدرجة على الملصقات وتواريخ الضلاحية أو أي معلومات متوفرة للمستهلك لتشمل تجنب مخاطر انتهاء صلاحيات الأغذية وانعكاساتها المضرّة بالصحة والناتجة عن أي صنف معين أو أصناف من الأطعمة.

اما من ناحية تحديد اذا كان أي طعام مُضـّرا بالصحة فعلينا أن نأخذ في الحسبان: ليس فقط اذا سبّب ضرراً سريعاً بعد فترة قصيرة أو فترة طويلة على صحة الانسان الذي تناوله انما على الأجيال اللاحقة ايضا، وذلك لاحتمال تجمع بقايا السموم والتي تظهر لاحقاً.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى