الأخبارالصحة و البيئةالمناخالمياهحوارات و مقالاتمصر

د ياسر عبدالحكيم يرصد تفاصيل مخاطر المناخ علي القطاع الزراعي

>>تقليل مساحة المحاصيل المسرفة فى الاستهلاك المائي مثل الأرز وقصب السكر

أستاذ أقلمة النبات المساعد مركز بحوث الصحراء – مصر

يعتبر قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التى سوف تتأثر سلبيا بهذه الظاهرة. هذا ومن المتوقع أن تؤثر التغيرات المناخية على إنتاجية الأراضي الزراعية بداية من التأثير على خواص الأرض الطبيعية والكيميائية والحيوية ومرورا بانتشار الآفات والحشرات والأمراض وغيرها من المشاكل وانتهاء بالتأثير على المحصول المنتج.

تعتبر ظاهرة التغيرات المناخية ظاهرة عالمية ولها تأثيراتها المحلية نظراً لإختلافات طبيعة وحساسية النظم البيئية في كل منطقة. ولذا فمن الضروري تقدير مدى تأثر مصر ومواردها الطبيعية بتلك التغيرات.

وتعتبر الزراعة المصرية ذات حساسية خاصة للتغيرات المناخية، حيث تتواجد في بيئة قاحلة وهشة تعتمد أساساً على مياه نهر النيل وتتأثر بالتغيرات المناخية المتوقعة من خلال ما يلي:

  • سوف تؤدى الزيادة المتوقعة في درجات الحرارة وتغير نمطها الموسمي إلى نقص الإنتاجية الزراعية لبعض المحاصيل والحيوانات المزرعية، وكذا إلى تغيرات في النطاقات الزراعية البيئية.
  • حدوث تأثيرات سلبية على المناطق الزراعية الهامشية وزيادة معدلات التصحر.
  • سوف يؤدى ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة البخر وزيادة استهلاك المياه.
  • حدوث تأثيرات اجتماعية واقتصادية كهجرة العمالة من المناطق الهامشية والساحلية.
  • الارتفاع المحتمل لمستوى سطح البحر وأثره السلبي على الأراضي الزراعية بالدلتا.

وعند تحليل البيانات المأخوذة من مواقع شاطئية بمصر خلال الفترة من 1930 إلى 1980 ، ووجد أن مستوى سطح البحر ارتفع خلال تلك الفترة بنحو 11.35 سنتيمتر في مناطق رشيد ودمياط، كما أكدت الدراسات حدوث تراجع في خط الشاطئ في العصر الحديث مقارنة بما كان عليه في القرن التاسع عشر.

وتشير التقديرات إلى أن حدوث زيادة تتراوح بين متر ومترين في مستوى سطح البحر سوف يدمر ُ ربع الأراضي الزراعية في الدلتا بما يترتب على ذلك من اضطرار 8 ملايين نسمة للهجرة.

وعند دراسة التأثير المتوقع للتغيرات المناخية على إنتاجية الذرة والقمح والأرز، ُوجد أنها سوف تؤدي إلى تناقص إنتاجية القمح بنحو 18 %والشعير والذرة الشامية بنحو 19 %، بينما سينقص محصول الأرز بحوالي 17 %.

ولقد اهتم بعض الباحثين بالعوامل المسببة للأمراض التي قد تصيب المحاصيل نتيجة التغيرات المناخية، حيث ستحدث بعض التبدلات الوظيفية والحيوية في النبات العائل من ناحية، كما أن تغير مستوى ثاني أكسيد الكربون سوف يؤثر على الوظائف الفسيولوجية للآفات الحشرية من جهة أخرى، ومن ثم تحدث تغيرات هامة في سلوك الحشرات نتيجة الدفء الحراري والتغيرات المناخية الأخرى مما قد يؤدى إلى قصر دورة حياة الحشرات وتزايد أعداد تجمعاتها بسرعة كبيرة.

وأسهمت الآليات التنظيمية لكل من معاهدة كيوتو والخطة التجارية الأوروبية في تأسيس سوق ناشئة لتجارة المواد الكربونية، حيث من المفيد دراسة ذلك والعمل على تفعيل هذه الآلية كأداة تنموية.

وفى ضوء هذه الأوضاع المتوقعة، يصبح من الضروري اتخاذ الإجراءات وتنفيذ البرامج التي تمكن من التواؤم مع الآثار المتوقعة لتلك التغيرات على الزراعة المصرية.

التأثير المتوقع على الإنتاجية والاستهلاك المائى للمحاصيل الزراعية:

أظهرت النتائج التى أجريت فى وحدة بحوث الأرصاد الجوية الزراعية والتغير فى المناخ التابعة لمعهد بحوث الاراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية من سنة 1991 وحتى الآن أن نتائج التنبؤ بعيد المدى باستخدام نماذج المحاكاة وسيناريوهات تغير المناخ المختلفة أن التغيرات المناخية وما تسببه من ارتفاع فى درجة حرارة سطح الأرض سوف تؤثر سلبيا على إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية المصرية حيث تسبب نقص شديد فى إنتاجية معظم محاصيل الغذاء الرئيسية فى مصر بالإضافة إلى زيادة الاحتياجات المائية اللازمة لها.

نتائج دراسات الحساسية للتغيرات المناخية:

أساس هذه النتائج تجارب حقلية اجريت فى الحقل لتجميع البيانات الخاصة بالنماذج المختلفة وذلك لإجراء عملية معايرة وتأييد للنماذج قبل استخدامها للتأكد من امكانية تنبؤها بدقة تحت ظروفنا المصرية. وقد اجريت دراسات المحاكاة على المناطق المناخية الزراعية المختلفة فى مصر لمدة 25-40 سنة .

وقد أوضحت نتائج هذه الدراسات ما يلى :

  • القمح:

انتاجية محصول القمح سوف تقل حوالى 9 %اذا ارتفعت درجة الحرارة 2°م ، وسوف يصل معدل النقص الى 18 % اذا ارتفعت درجة الحرارة 4°م. وسوف يزداد الاستهلاك المائي لهذا المحصول حوالى 5.2 %بالمقارنة بالاستهلاك المائي له تحت ظروف الجو الحالي .

  • الذرة الشامية:

انتاجية محصول الذرة الشامية سوف تقل حوالى 19 %بحلول منتصف هذا القرن )عند ارتفاع درجة الحرارة حوالى 5- 3°م( وذلك بالمقارنة بالإنتاجية تحت الظروف الجوية الحالية ، وسوف يزداد استهلاكها المائى حوالى 8%.

  • القطن:

سوف تؤثر التغيرات المناخية تأثيرا ايجابيا على إنتاجية محصول القطن، وسوف يزداد إنتاجيته حوالى 17 %إذا ارتفعت درجة حرارة الجو 2°م ، وسوف يصل معدل الزيادة فى هذا المحصول إلى حوالى 31 % تحت ظروف ارتفاع درجة الحرارة 4°م ومن ناحية اخرى سوف يزداد استهلاكه المائي حوالى 10 %مقارنا باستهلاكه المائي تحت الظروف الجوية الحالية .

  • الذرة الرفيعة:

محصول الذرة الرفيعة سوف ينخفض حوالى 19 %والاستهلاك المائى له سوف يزداد حوالى % 8 .

  • الشعير:

انتاجية محصول الشعير سوف تنخفض حوالى 18 %واستهلاكه المائى سوف ينخفض حوالى 2% .

  • الأرز:

انتاجيته سوف تنخفض حوالى 11 %مقارنة بإنتاجيته تحت الظروف الجوية الحالية ، فى حين يزداد استهلاكه المائي حوالى 16%.

  • فول الصويا:

انتاجية محصول فول الصويا سوف تتأثر سلبيا بشدة تحت ظروف التغيرات المناخية وسوف يصل متوسط معدل النقص على مستوى الجمهورية بحلول منتصف هذا القرن حوالى 28 % واستهلاكه المائي سوف يزداد حوالي 15%.

  • عباد الشمس:

محصول عباد الشمس من المحاصيل الحساسة لإرتفاع درجة الحرارة وسوف تنخفض انتاجيته حوالى 21 %فى شمال الدلتا،  27 %فى مصر الوسطى،  38 %فى مصر العليا بمتوسط نقص على مستوى الجمهورية حوالى 29 % وسوف يزداد استهلاكه المائي فى المتوسط حوالى 6%.

  • الطماطم:

محصول الطماطم من المحاصيل الحساسة جدا لإرتفاع درجة الحرارة وسوف تنخفض انتاجيتها حوالى 14 %اذا ارتفعت درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية  حين أن هذا النقص سوف يصل الى حوالى 51 % اذا ارتفعت درجة الحرارة  3.5 درجة مئوية .

  • قصب السكر:

تشير نتائج دراسات أثر التغيرات المناخية على انتاجية السكر من محصول قصب السكر أن هذه

التغيرات سوف تسبب نقص الإنتاجية 24.5  % وزيادة فى الاستهلاك المائى حوالى 2.3 % ونقص فى العائد المحصولى من

وحدة المياه حوالى25.6 %  .

 

التأثير على صافى عائد المزرعة

اجريت دراسات على اقتصاديات التغيرات المناخية المستقبلية لمحصولي قصب السكر وعباد الشمس وقد أوضحت نتائج هذه الدراسات مايلى:

محصول قصب السكر :

سوف ينخفض صافى عائد الفدان تحت الظروف المناخية المستقبلية ليصل الى 1846 جنيه مصرى. وبمقارنة هذا العائد مع العائد الحالى والذى يصل الى 3316 جنيه مصرى نكون وصلنا الى نسبة نقص حوالى 44 % هذا اذا كان المزارع يمتلك أرضه فى حين أن نسبة النقص سوف تصل الى 70 % اذا كان المزارع يؤجر الأرض أى اذا خصمنا ايجار الأرض من صافى العائد.

محصول عباد الشمس :

سوف ينخفض صافى عائد الفدان من 1238 جنيه مصرى تحت الظروف الحالية الى 688 جنيه مصرى تحت الظروف المستقبلية وهذا يمثل نسبة نقص فى صافى العائد حوالى 44 % فى حالة المزارع الذى يمتلك أرضه ، وبالنسبة للمزارع الذى يؤجر الأرض سوف تصل نسبة النقص الى 63%.

كيفية مواجهة الآثار السلبية الناجمة عن التغيرات المناخية :

تعتبر دراسات الاقلمه من أهم الوسائل لتخفيف الأثر السلبى وزيادة تحسين الأثر الإيجابي لهذه الظاهرة. وقد أجريت العديد من دراسات الاقلمه فى هذا الشأن وكان من نتيجتها امكانية التغلب أو على الأقل تخفيف حدة النقص فى انتاجية المحاصيل التى تأثرت سلبيا بهذه الظاهرة.

ويمكن توضيح نتائج بعض هذه الدراسات فى الآتى:

  • محصول القطن:

هناك العديد من أصناف القطن بعضها عالى الإنتاج والبعض الآخر أقل إنتاجية وقد أوضحت النتائج أن زراعة الأصناف العالية الإنتاجية فى أنسب ميعاد للزراعة لكل منطقة مناخية سوف يؤدى الى زيادة انتاجية هذا المحصول تحت ظروف التغيرات المناخية12- 27  % كما أن زيادة كمية المياه المضافة يصاحبها زيادة الإنتاج حوالى 9  %وزيادة الكثافة النباتية يصاحبها زيادة حوالى 2 .%جداول 1 ،2 توضح بعض هذه النتائج.

  • القمح والذرة الشامية:

أوضحت النتائج أن زراعة الأصناف العالية الإنتاجية يمكنها أن تحقق زيادة كبيرة فى الإنتاجية تصل الى أكثر من 60 %مقارنة بالأصناف القليلة الإنتاجية. كما أن زراعة الأصناف العالية الإنتاجية هذه فى أنسب ميعاد للزراعة يمكن أن يحقق زيادة أخرى تصل الى 2-4 % فى حالة محصول القمح وحوالى 7-11 %فى حالة محصول الذرة الشامية. هذا بالإضافة الى أن إضافة كمية النيتروجين المثلى يمكنها أن تحقق زيادة هى الأخرى حوالى 5 % فى حالة القمح ، و  6-11 % في حالة الذرة الشامية.

  • الطماطم:

أوضحت نتائج دراسات الأقلمة التى اجريت على محصول الطماطم أن زراعة الطماطم فى الفترة من 10-20 فبراير يمكنها أن تؤدى الى زيادة انتاجية محصول الطماطم تحت ظروف التغير في المناخ حوالى 25-34 % بالمقارنة بالزراعة فى الفترة من 1-10 مارس. كما أن زيادة كمية مياه الرى المضافة 100-200مم/ موسم يمكنها أن تحقق زيادة أخرى فى انتاجية محصول الطماطم 4- 5%  .

  • عباد الشمس:

أوضحت نتائج دراسات الأقلمة أن تغيير ميعاد زراعة عباد الشمس تحت ظروف التغيرات المناخية من 1-10 يونيو الى 1-10 مايو يمكنه أن يقلل كثيرا من الآثار السلبية للتغيرات المناخية على انتاجية هذا المحصول. فمثال على سبيل المثال فى منطقة مصر الوسطى أمكن زيادة انتاجية محصول بذور عباد الشمس 13-18 % عند الزراعة خلال الفترة 1-10 مايو مقارنة بالفترة 1-10 يونيو.

  • قصب السكر:

تشير نتائج دراسات الأقلمة الى أن تغيير ميعاد زراعة قصب السكر تحت ظروف التغيرات المناخية من 1-15 مارس الى 1-15 فبراير يمكنه أن يحقق زيادة فى انتاجية محصول السكر من قصب السكر حوالى 12% .

مما تقدم يمكن القول أن التغيرات المناخية بحلول عام 2050 سوف تؤدى إلى خفض إنتاجية معظم المحاصيل الرئيسية فى مصر وزيادة الاستهلاك المائي لها. ويصاحب انخفاض إنتاجية هذه المحاصيل خفض العائد المزرعى. ودراسات الاقلمه هى أفضل السبل لخفض الضرر الناجم عن هذه الظاهرة .

ومن أهم استراتيجيات الأقلمة المقترحة فى هذا الشأن ما يلى:

  • استنباط أصناف جديدة تتحمل الحرارة العالية والملوحة والجفاف وهى الظروف التى سوف تكون سائدة تحت ظروف التغيرات المناخية.
  • استنباط أصناف جديدة موسم نموها قصير لتقليل الاحتياجات المائية اللازمة لها.
  • تغيير مواعيد الزراعة بما يلائم الظروف الجوية الجديدة ، وكذلك زراعة الأصناف المناسبة في المناطق المناخية المناسبة لها لزيادة العائد المحصولى من وحدة المياه لكل محصول.
  • تقليل مساحة المحاصيل المسرفة فى الاستهلاك المائي لها أو على الأقل عدم زيادة المساحة المقررة لها )مثل الأرز وقصب السكر.
  • زراعة محاصيل بديلة تعطى نفس الغرض ويكون استهلاكها المائي وموسم نموها أقل مثل زراعة بنجر السكر بدلا من قصب السكر  وفى هذه الاستراتيجية يجب أن نأخذ فى اعتبارنا أن هذا المحصول هو محصول رئيسى فى مصر العليا بالإضافة إلى المصانع والصناعات الثانوية والعمالة القائمة على هذا المحصو(
  • الرى فى المواعيد المناسبة وبكمية المياه المناسبة فى كل رية حفاظا على كل قطرة مياه والتي سوف نكون فى أمس الحاجة إليها تحت ظروف التغيرات المناخية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى