الأخبارالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د عبدالسلام منشاوي يكشف:حقيقة مرض الصدأ الأصفر على القمح بمصر هذا العام

>>لا ينصح بالرش الوقائي للصدأ الأصفر، واستمرار متابعة الفحص والتعامل مع الإصابة بالرش الفوري

رئيس بحوث متفرغ – قسم بحوث القمح-معهد المحاصيل الحقلية-مركز البحوث الزراعية – مصر

كالعادة في معظم السنوات في مثل هذا الموعد من موسم نمو القمح يكثر الجدل حول موضوع مرض الصدأ الأصفر في القمح. ويختلف هذا الجدل من موسم لموسم حسب درجة انتشار الإصابة وموعد ظهور المرض وتطوره. وقد يستغل البعض الظروف للترويج لمنتجات معينة حسب ظروف المرض. وحتى في المواسم التي لا يمثل المرض خطورة تذكر مثل الموسم الحالي بفضل الله فنجد من يروج للرش بالمبيدات الفطرية وبعض المواد الأخرى بدعوى الرش الوقائي وزيادة المناعة لدى النبات. 

نجد أن هناك من يَدَّعون تقديم النصيحة وفي الواقع هم يستغلون الظروف في مثل هذه الحالات، والفلاح يتحسس أي نصيحة لزيادة المحصول. والعجيب أن منهم من يعيش مع المزارعين ويعرفون معاناة الفلاح ولكن يرقصوا على جراح الفقراء. ومن المعلوم أن الكفاءة الإنتاجية تعني حسن أدارة العمليات الزراعية لزيادة الإنتاجية ونقص في المصروفات وبالتالي أي مصروفات ليبس لها مردود بأضعافها يعد سوء إدارة.

موقف مرض الصدأ الأصفر هذا العام على القمح

مرض الصدأ الأصفر من الأصداء التي لا تظهر كل عام بمصر بل يظهر على فترات متفرقة قد تطول أو تقصر حسب الظروف البيئية وتوفر المسبب المرضي الذي يأتي من خارج حدود مصر. وقد يختلف في شدة انتشاره والضرر المترتب عليه في السنوات التي قد يظهر فيها. 

وفي الواقع  أن موقف مرض الصدأ الأصفر هذا العام على القمح بفضل الله لا يمثل أي خطورة تذكر حتى الآن. فلم يتم تسجيل حقل واحد على مستوى الجمهورية به شدة إصابة يعتدد بها وتشكل خطورة. وحينما نتكلم عن مرض الصدأ الأصفر لابد أن نأخذ في الاعتبار ثلاث أمور مهمة جدا وهي موعد ظهور الإصابة ودرجة انتشار المرض وتطور المرض. فهذه الثلاثة ناتجة عن علاقة سلوك السلالات الفسيولوجية للمسبب المرضي وربطها مع الظروف الجوية وعمر النبات والتي تعتبر من العوامل المحددة لموعد ظهور المرض وانتشاره  وتطوره.

ويختلف الواقع هذا العام عن السنوات الماضية والتي تم اكتشاف الإصابة بالمرض فيها في النصف الأخير من شهر يناير. وبالتالي كانت الظروف الجوية وعمر النبات مناسبة جدا وذلك يؤكد أن هناك فرصة كبيرة جدا لتطور المرض وانتشاره وحدوث ضرر كبير وخصوصا أن الطور المعدي وهو الطور اليوريدي المتكرر أصبح موجود داخل القطر المصري وبكثافة والظروف الجوية كانت مناسبة جدا وعمر النبات  أيضا مناسب وعليه كانت هناك خطورة في العامين الماضيين. وكانت التوصية برش الحقول المزروعة بأصناف قابلة للإصابة ولو لم يتم اكتشاف المرض بها. حيث الظروف البيئية كانت مناسبة جدا والإصابة التي كانت موجودة وتطورها تؤكد ذلك وبالتالي اللقاح موجود في كل مكان والأصناف القابلة للإصابة والتي لم يظهر عليها الإصابة مجرد وقت وسوف تظهر لأنها كانت في مرحلة الحضانة وبالتالي تم التوصية برش كل الحقول المزروعة بأصناف قابلة للإصابة.

أما العام الحالي وحتى الآن لم يتم اكتشاف حقل واحد على مستوى الجمهورية به إصابة يعتد بها وقد أوشك الثلث الأول من شهر مارس على الانتهاء وليس للمرض انتشار يذكر ودرجة الحرارة آخذة في الارتفاع، فمن المؤكد أن شاء الله أن لا يكون هناك خطر يذكر من الصدأ الأصفر هذا العام.

  وعليه نؤكد بعدم الرش الوقائي للصدأ الأصفر، حيث يعتبر إهدار مال وزيادة في التلوث البيئي، كما لا يوجد توصية بمبيدات وقائية للصدأ الأصفر. كما نؤكد على استمرار متابعة الفحص وفي حالة تواجد الإصابة بأي درجة يتم التعامل معها بالرش الفوري في البداية حسب التوصيات الفنية الخاصة بوزارة الزراعة. 

التعريف بمرض الصدأ الأصفر على القمح

يصاب محصول القمح في العالم بالعديد من الأمراض سواء كانت مسبباتها فطرية أو بكترية أو فيروسية أو نيماتودية أو مسببات بيئية (الأمراض الفسيولوجية). ومن رحمة الله بنا فهناك العديد من الأمراض موجودة ومنتشرة بالعالم ولكنها غير موجودة بمصر.  

وتحتل أمراض الأصداء الثلاثة المرتبة الأولى من حيث الخطورة، وهي مرض الصدأ الأصفر (المخطط ) ومرض صدأ الأوراق(البرتقالي) ومرض صدأ الساق (الأسود). وتمثل مقاومة أمراض الأصداء شرط أساسي لتسجيل أي صنف من القمح.

وفى حالة حساسيته للإصابة لا يتم تسجيله مهما كانت قدرته الإنتاجية. ويعد مرض الصدأ الأصفر هو الأخطر في مصر حيث تحدث الإصابة في وقت حرج من حياة النبات ويسبب خسائر كبيرة. في حين في مناطق أحرى كثيرة من العالم يعد صدأ الساق هو الأخطر، ولكن في مصر يعد هو الأقل ضرر نظرا لوجود أصناف مصرية مقاومة وكذلك موعد حدوث الإصابة المتأخر والذي لا يمثل مشكلة للقمح بمصر. 

 أهمية المرض: 

الصدأ الأصفر أو المخطط من الأمراض الفطرية التي تنتشر في مصر في بعض السنين ويتسبب عنه خسائر كبيرة في بعض البلاد الأخرى ذات الجو البارد. وهو مرض خطير ويصعب التحكم فيه، حيث تنتقل الجراثيم المسببة له عن طريق الرياح، وينتشر المرض بسرعة ويسبب أضرارا كبيرة قد تصل إلى 100% خاصة على أصناف القمح القابلة للإصابة في بعض المواسم شديدة الإصابة. ويظهر المرض في مختلف أطوار نمو النبات في المناطق المختلفة، إلا أنه في مصر لا يسبب مشكلة إلا في طور النبات البالغ، كما أنه يصيب جميع أجزاء النبات.  وهو أول مرض من أمراض الأصداء  يظهر في مصر.

 المسبب المرضي:

يسبب المرض فطر من الفطريات البازيدية وهو  Pucciniastriiformisf. sp. tritici وهو فطر إجباري التطفل، العائل المتبادل له مع القمح غير موجود بمصر. وبالتالي يأتي المسبب المرضي لمصر سنويا على هيئة جراثيم الصدأ (اليوريدية)  من خارج الحدود المصرية من الدول المجاورة محمول مع الرياح لمسافات قد تصل إلى ألاف الأميال. والجراثيم اليوريدية (جراثيم لاجنسية) هي الطور المتكرر المعدي وهي مستديرة إلى بيضاوية الشكل، وحيدة الخلية، لونها أصفر فاتح. ولذلك لا علاقة بين الإصابة فى المواسم السابقة والموسم الجديد لأن الجراثيم لا تتواجد بالتربة ولا تحمل عن طريق الحبوب وتموت بمجرد جفاف النباتات والحصاد.  كما أن تغذية الإنسان أو الحيوان على نواتج محصول مصاب لا تسبب أي مشاكل أو حدوث أمراض معينة سواء للإنسان أو الحيوان كما أشيع مؤخرا 

 الظروف المناسبة:

يلائم حدوث الإصابة بهذا المرض الجو البارد وتوفر الرطوبة العالية وتواجد طبقة خفيفة من الماء الحر على سطح النبات (لإنبات الجرثومة ودخول أنبوبة العدوى في النسيج النباتي)، وأنسب درجة حرارة تنبت عليها الجراثيم اليوريدية من 10 إلى 15 درجة مئوية ±  2درجة مئوية. وتقل نسبة إنبات الجراثيم بدرجة كبيرة إذا ما ارتفعت درجة الحرارة أعلى من 25 درجة مئوية. كما أن للفرق الواسع بين درجة حرارة الليل والنهار دور كبير في حدوث الإصابة. كما أن الزراعة الكثيفة والري الغزير وزيادة التسميد النيتروجيني كل تلك العوامل تساعد على انتشار المرض في حالة حدوث العدوى. وتظهر الإصابة في نهاية شهر يناير في المواسم شديدة الإصابة،  وتتطور خلال شهري فبراير ومارس.

 أعراض الإصابة:

تظهر أعراض الإصابة على شكل بثرات مسحوقيه تترك آثار في اليد عند ملامستها على هيئة مسحوق أصفر. وتظهر على كل الأجزاء الخضرية من النبات عدا الساق، فهي تظهر على أنصال وأغماد الأوراق بين العروق وعلى السنابل حيث تتكون البثرات بكثرة على عصافات وقنابع الأزهار. وتظهر البثرات اليوريدية صفراء اللون صغيرة الحجم ومنفصلة عن بعضها ومرتبة في صفوف متوازية و متجاورة. والبثرات التيليتية تظهر في نهاية الموسم وهي تماثل في شكلها وتوزيعها البثرات اليوريدية إلا أنها تكون ذات لون بني داكن، و تظل مغطاة ببشرة العائل دون أن تنفجر ويكون ملمسها و مظهرها ناعما. شكل ومظهر الإصابة 

 دورة حدوث المرض:

يقضي الفطر فترة بقائه في غياب العائل الثاني على صورة جراثيم يوريدية على أوراق القمح في النباتات التي تنمو بصورة تلقائية، ثم تنتقل بالرياح لمسافات بعيدة وتكرر الإصابة خلال موسم النمو بواسطة الجراثيم اليوريدية. ولا يوجد للفطر عائل متبادل بمصر، وبالتالي تقتصر دورة حياة الفطر على القمح فقط كعائل رئيسي وحيد.

الإصابة الأولية مصدرها الجراثيم اليوريدية المحمولة مع الرياح والتي تأتي من مناطق بعيدة. وتحدث هذه الجراثيم اليوريدية الإصابة الأولية. والإصابات الثانوية تتسبب فيها الجراثيم اليوريدية الناتجة من النبات المصاب أثناء نموه وتنتقل عن طريق الرياح. وفي أواخر موسم النمو ينتج الفطر جراثيم تيليتية ليحفظ وجوده، وهذه الجراثيم ليس لها دورا في وجود المرض أثناء الموسم التالي.

 المكافحة:

زراعة الأصناف المقاومة هي الطريقة المثلى والأنجح على الإطلاق  لمكافحة الصدأ الأصفر، حيث يجب زراعة أصناف مقاومة تتميز بأن لها درجة ثبات لفترة طويلة تحت ظروف الحقل. وفى هذا الصدد يجب إتباع التوصيات الفنية للمحصول بالشكل الصحيح من حيث موعد الزراعة والسياسة الصنفية وتجنب الزراعة الكثيفة والاعتدال في الري والتسميد النيتروجيني.

المكافحة الكيميائية

 المكافحة الكيماوية تعطي نتائج ممتازة، ولكن يتوقف نجاح المكافحة الكيماوية على عوامل في غاية الأهمية وأهمها وقت اكتشاف الإصابة وتكرار عملية الرش وتطبيقات الرش. لذلك فهناك حاجة ملحة للاكتشاف المبكر للمرض والتحرك الفوري للحد من حدوث ضرر كبير في إنتاج القمح.  ويجب المراقبة والمتابعة المستمرة والتوعية والتحذير من خطورة المرض من أجل حماية المزارعين وللحد من تطور الإصابة وتقليل مستوى الفاقد إلى أقل مستوى ممكن.  كما يجب استخدام المبيدات الموصى بها من قبل الوزارة  والمرفقة بالصورة، وإتباع تعليمات عملية الرش مع إضافة مادة ناشرة لاصقة لثبات المبيد على الأوراق ولزيادة كفاءة عملية الرش. كما يجب الحرص وعدم إضافة أي مغذيات أو مخصبات أو منشطات نمو أو أحماض امينية أو وهيومك أو كبريتات ……الخ مع عملية الرش حيث أن بعضها قد يؤدي إلى تنشيط المسبب المرضي ويزيد خطورة المرض ويؤدي إلى نتيجة عكسية.

اسأل الله العظيم أن يحفظ مصر من كل مكروه

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى