الأخبارالصحة و البيئةحوارات و مقالاتمصر

د تامر عبد الوهاب يكتب: النظام الغذائى المعتدل محور رئيسى لمقاومة فيروس كورونا

>>ترتبط العادات الغذائية أو ما يعرف بالنظام الغذائى بالمنطقة البيئية التي يعيش فيها مجموعة من الأفراد

باحث أول – قسم بحوث التكثيف المحصولى- معهد بحوث المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية

لا يوجد في شرق وشمال العالم الأعداد الرهيبة في الحالات المؤكدة بالإصابة بفيروس كوفيد-19 ، في حين أن غرب وجنوب العالم لديهما أعلى المعدلات في الحالات المؤكدة. هذا هو السؤال المحير؟ ما الذي جعل هذا الفيروس ينتقل بهذه السرعة من شرق العالم إلى غرب العالم في غضون أسابيع قليلة؟. بالطبع لا نستطيع أن نقول أن السفر عبر القارات هو السبب الأصلي، لكن السبب الأصلي يكمن في البيئة الخصبة لانتقال الفيروس، وهي الإنسان والبيئة المحيطة به.

غالبًا ما ترتبط العادات الغذائية أو ما يعرف بالنظام الغذائى بالمنطقة البيئية التي يعيش فيها مجموعة من الأفراد، ومن المعلوم أن العادات الغذائية بطيئة ويصعب تغييرها لأن الغذاء له ارتباطات نفسية مهمة مع الأسرة والمجتمع.

بعض المجتمعات وبخاصة الفقيرة تعتمد فى نظامها الغذائى على الحبوب الأساسية مثل الذرة الشامية والذرة الرفيعة والدخن والأرز.

ولذلك تعانى شعوب العالم النامي من بعض الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وفيروس التهاب الكبد الوبائي سى وأمراض القلب والأوعية الدموية والتى تلعب دور رئيسى فى زيادة عدد الوفيات عند الإصابة بالفيروس القاتل.

تتواجد زيادة مقلقة في انتشار السمنة المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري من النوع الثانى وارتفاع ضغط الدم وأنواع عديدة من السرطان في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما أشارت أحدث الإحصاءات العالمية إلى أن شعوب إفريقيا وآسيا مصابة بمرض السكري أعلى من غيرها من شعوب القارات الأخرى.

ومع ذلك ، تتواجد بعض النظم الغذائية السيئة تنعكس على مشاكل صحية كبيرة في الدول المتقدمة مثل سرطان الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي وأمراض القلب والأوعية الدموية.

المهاجرون المكسيكيون في الولايات المتحدة الأمريكية والذين يعانون من ارتفاع معدلات السمنة يكونوا معرضين بشكل أكبر لخطر الإصابة بمرض السكرى والالتهابات الضارة التى قد تصاحبه.

كما أن معظم الإنجليز يأكلون الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكر ، وأيضًا يتم إضافة الحديد إلى جميع أنواع الدقيق كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية ، مما يشير إلى أن النظام الغذائي في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة كان له آثار سلبية على جهاز المناعة الذاتى. وفي أمريكا الجنوبية ومنطقة البحر الكاريبي ، تسببت السمنة المفرطة لدى الأطفال والبالغين نتيجة سوء النظم الغذائية وقلة النشاط البدني في ارتفاع مستويات مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وغير ذلك من الأمراض غير المعدية.

بالتأكيد يختلف البشر في العالم في استهلاكهم للحوم الحمراء والمأكولات البحرية حسب مستواهم الاقتصادي.

الشعب الأمريكي هو أكبر مستهلك للحوم الحمراء في العالم ، حيث يزيد نصيب الفرد سنويًا عن 120 كجم ، يليه الشعب الأرجنتيني حيث يصل نصيب الفرد إلى حوالي 110 كجم سنويًا.

في البرازيل ونيوزيلندا وإسبانيا يبلغ نصيب الفرد حوالي 100 كجم سنويا ، تليها حصة الفرد في ألمانيا وبولندا ، والتي تصل لحوالي 90 كجم سنويا، إلا أن نصيب الفرد في فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وصلت إلى حوالي 80 كجم سنويا.

من الواضح أن استهلاك اللحوم الحمراء في هذه البلدان كان أحد العوامل الرئيسية لإصابة شعوبها بالفيروس كوفيد-19، الأمر الذي انعكس على الارتفاع الكبير للحالات والوفيات المؤكدة.

رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر من أهم منتجى الكابوريا (61000 طن) ، تليها كندا (32500 طن) والصين (17800 طن) وفقًا لإحصائيات منظمة الأغذية والزراعة عام (2017) منذ عام 2014م ، إلا أن كندا والولايات المتحدة تعتبر من الموردين الرئيسيين للصين.

كما تعتبر دول فرنسا وإيطاليا وإسبانيا دول منتجة ضمن دول الاتحاد الأوروبي حيث تتراوح وارداتها بين 6000 و 9000 طن. ولكن تعتبر فرنسا السوق الرئيسي للكابوريا في أوروبا والمركز الرئيسي لتوزيعها إلى البلدان الأوروبية الأخرى ، ولا سيما المانيا وبلجيكا.

ومن جهة أخرى تشتهر فرنسا بأنها الدولة الرائدة في الاتحاد الأوروبي في إنتاج المحار (حوالي 125000 طن سنويًا) وإسبانيا للقشريات البحرية (حوالي 209000 طن سنويًا) وإيطاليا للرخويات (حوالي 32000 طن سنويًا).

ولذلك أشارت منظمة الصحة العالمية عام 2016م إن انتشار زيادة الوزن والسمنة في الدول الأوروبية يتزايد إلى مستويات مثيرة للقلق. وبناءً على ذلك ، يمكن القول بأن إستهلاك المحار في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا كان نقطة الانطلاق لفيروس كوفيد-19.

وبالتالي فإن النظام الغذائي الشائع في أي دولة والذي يعتمد على الإفراط فى تناول اللحوم الحمراء والمأكولات البحرية الرخوة ، يتسبب بالتأكيد في زيادة مستوى الحديد في الدم عن المستوى الطبيعى مما يزيد من عدد الوفيات وبهاصة فى وجود أمراض مزمنة أخرى. ولذلك يعتمد مستوى تخزين الحديد فى الجسم البشرى على الأنماط الغذائية الفردية حيث كشفت دراسة حديثة أن أعلى استهلاك للخضروات كان للنساء في بلجيكا (حوالي 80٪) ، بينما كان أدنى استهلاك عند الرجال في ألمانيا (أقل من 30٪).

وبالنسبة للأمريكان، أصبحوا أقل نشاطًا خلال الفترة الماضية نتيجة لإرتفاع الوزن والسمنة بمعدل سريع وذلك يرجع للنظام الغذائي في الولايات المتحدة الأمريكية الذى يعتمد على توفير العديد من الأطعمة منخفضة التكلفة وغنية بالسعرات الحرارية ، مما أدي إلى زيادة السعرات الحرارية في النظام الغذائى للإنسان المقيم على أرض الولايات المتحدة الأمريكية وبالتلى أنعكس على زيادة الوزن والسمنة.

كشف بعض العلماء أن لحوم الخفافيش كان يتم تداولها محليًا وإقليميًا فى الصين حيث تقدم بعض قوائم المطاعم في مقاطعات جوانجدونج وجوانجشي هذه اللحوم للزبائن، حيث شوهدت الخفافيش في الأسواق أثناء إنتشار وباء سارس في عام 2003م.

كما زاد الاستهلاك السنوي للزيوت النباتية للفرد في الصين من كيلوجرام واحد في عام 1963م إلى أحد عشر كيلوجرامًا في عام 2003م، وفي قارة آسيا بشكل عام ذات الدخل المتوسط ارتفع الاستهلاك السنوي الإجمالي للفرد من واحد ونصف كيلوجرام إلى ما يقرب من ستة كيلوجرام في فترة زمنية مماثلة حيث زاد الوزن والسمنة لدى الأفراد البالغين من 12 إلى 39٪ في تايلاند ، ومن 15 إلى ما يقرب من 50٪ في ماليزيا ومن 5 إلى حوالي 25٪ في إندونيسيا.

كما إزداد إستهلاك الأغذية المصنعة من 20 كيلوجرام / فرد سنويًا في عام 1999م إلى أكثر من 80 كيلوجرام في عام 2012م في الصين ومن 60 إلى 110 كيلوجرام في تايلاند.

بالنسبة للشرق الأوسط فقد توافرت اللحوم والبيض والمكسرات بنسبة أعلى عن شمال إفريقيا بينما البقوليات والأسماك توافرت في كلا المنطقتين بنفس النسبة تقريبا منذ سنوات قليلة.

وبالنسبة لشعوب أمريكا الجنوبية تتوفر عدة طرق لزيادة امتصاص الحديد من أى وجبة غذائية في أمريكا الجنوبية وأن اختيار الطريقة تعتمد على عدة عوامل ، وخاصة التكلفة المادية، ولكن بشكل عام زاد استهلاك اللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى من الستينيات حتى التسعينيات بالنسبة لشعوب أمريكا الجنوبية. كما يستهلك الأمريكيون الجنوبيون مستويات عالية جدًا من السكر أكثر من ثلاثة أضعاف ما أوصت به منظمة الصحة العالمية. وفى النهاية نستخلص أن النظام الغذائى بكل دولة هو المحور الرئيسى الذى يعتمد عليه فيروس كوفيد-19 فى الإنتقال من إنسان لأخر.

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى