الأخبارالاقتصادالانتاجالصحة و البيئةحوارات و مقالاتمصر

د فوزي أبودنيا يكتب: محاور خفض انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن إنتاج لحوم الأبقار

>>القضاء على إنتاج الميثان المعوي أمر مستحيل تماما لأنه جزء من العمليات البيولوجية التي تحدث داخل كرش الأبقار

 مدير معهد بحوث الإنتاج الحيواني – مركز البحوث الزراعية – مصر

يعد قطاع الثروة الحيوانية من المساهمين الرئيسيين في انبعاثات الغازات الدفيئة، كما يشار إليه كونه أحد أهم أسباب إزالة الغابات وتدهور الأراضي، ولهذا يعتبر قطاع اللحوم من المصادرَ المقلقة للمهتمين بحماية البيئة وداعمي الاستدامة، لكن بالرغم من هذا فإن هناك جهود حثيثة تبذل عالميًّا لزيادة الاستدامة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري حيث أصبح الآن خفض إنتاج الغازات الدفيئة من حيوانات المزرعة إلى النصف واقع ملموس علميا وتطبيقيا في عدة مناطق عبر العالم مما يشير الى أن العالم يسير نحو الطريق الصحيح شريطة أن تحقيق الثلاث محاور التالية:

  • تحسين إدارة الأراضي
  • خفض الطلب على استهلاك اللحوم.
  • تطوير وتحسين كفاءة الإنتاج.

في أحد إصدارات التقارير الحديثة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ذكر التقرير أنه في حال قدر للأبقار أن تصبح دولة، لكانت ثالث أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم.

وفى الحقيقة أن هذا الأمر يشير إلى تحميل قطاع الثروة الحيوانية مسؤولية الإضرار بالمناخ وذلك بسبب الارتفاع المتنامي في الطلب العالمي على اللحوم، والتحول إلى نمط غذائي غني بالبروتينات الحيوانية، مصاحب لذلك زيادة الدخل والرفاهية مع النمو السكاني المتزايد وتيرته.

من المثير في الأمر أنه وخلال الثلاث سنوات الماضية تم إنتاج 60 مليون طن متري من لحوم البقر، كانت الولايات المتحدة في مرتبة المنتج الأكبر عالميًّا (20%) خلال عام 2020، تليها البرازيل والاتحاد الأوروبي، لتمثل مجتمعةً حوالي 50% من إجمالي إنتاج لحوم البقر في العالم، وتشير التوقعات إلى تضاعُف الإنتاج بحلول 2050. يحدث هذا في الوقت الآخذ فيه استهلاك اللحوم -لا سيما لحوم الأبقار في الارتفاع عالميًّا على نحو سريع.

لقد أظهرت نتائج الدراسات التي أجريت على انبعاثات الغازات الدفيئة الحيوانية أن الماشية تنتج حوالي 78% من إجمالي الأنواع الحيوانية الأخرى، على الجانب الأخر فإن إنتاج اللحوم من الأبقار يحظى  وفق للدراسات المنشورة في هذا الصدد بنصيب الأسد، حيث وجد أنه مسؤولًا عن إطلاق ما بين ضعفين إلى تسعة أضعاف حجم الغازات الضارة بالمناخ في المتوسط وذلك عند المقارنة بالمنتجات الحيوانية الأخرى.

كما أن إنتاج اللحوم يتطلب مساحات أكبر من الأراضٍ حيث تصل تلك المساحات المطلوبة إلى 28 قدر من تلك المخصصة لإنتاج لحوم الدواجن على سبيل المثال وكذا منتجات الألبان والبيض مجتمعة.

ويرجع ذلك إلى استهلاكها المرتفع من الأعلاف والرعي مقارنه باللحوم من الأنواع الحيوانية الأخرى.

في الآونة الأخيرة يشهد قطاع الثروة الحيوانية وضع إستراتيجيات لتقليل الانبعاثات ودعم الاستدامة لتقليل التأثير الكبير لهذه الانبعاثات على المناخ. حيث تجرى عديد من المقارنات بين أنظمة الإنتاج التقليدية والمحسنة في آسيا وأستراليا والبرازيل وكندا وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة.

كما هو معلوم لدينا أن القضاء على إنتاج الميثان المعوي أمر مستحيل تماما لأنه جزء من العمليات البيولوجية التي تحدث داخل كرش الأبقار. إلا أنه يمكن وضع استراتيجيات ممنهجة لخفض انطلاق الغاز في الكرش مع إمكانية خفض هذه الغازات المتسببة عن زراعة الأعلاف وذلك بالإدارة الجيدة للأراضي. في الواقع فإن هناك محاولات حثيثة تعمل حقًّا للوصول إلى إستراتيجيات لإنتاج لحوم الماشية مع تقليل الغازات الدفيئة الناتجة.

إن الجهد الدؤوب للباحثين في مجال تربية الماشية يشير إلى أن هناك قدرًا هائلًا من إمكانيات التحسين، إذ أمكن استخدام إستراتيجيات معروفة لإدارة الأراضي من خفض الانبعاثات إلى مستويات بلغت 50% في بعض المناطق، وبخاصة في الولايات المتحدة والبرازيل، وفى الحقيقة فإن فهم أين؟ وكيف؟

يمكن تقليل كثافة انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن إنتاج لحوم الماشية هو أمرٌ بالغ الأهمية عند وضع الخطط المحفزة لخفض الانبعاثات في هذا القطاع.

وتنتظم إستراتيجيات إدارة إنتاج اللحوم من الماشية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة عمومًا في فئتين رئيسيتين، الفئة الأولى تحدد في زيادة الكفاءة لإنتاج المزيد من اللحوم الحمراء لكل وحدة من وحدات الغازات الدفيئة المنبعثة، والثانية في تعزيز احتجاز الكربون في الأراضي لتعويض انبعاثات الغازات من الماشية.

ومن المزايا الأساسية لهذين النهجين التقليل بشكل كبير من معدل تحويل الأراضي العشبية الطبيعية والغابات إلى مزارعٍ جديدة، لما يمثله تجنب تحويل الأراضي من إمكانيات للتخفيف من التغير المناخي، تعادل تقريبًا خفض الانبعاثات بواسطة تحسين إدارة الزراعة والأراضي.

هذا الأمر ينطبق في الدول التي بها مراعى طبيعية أما في الدول التي يستلزم فيها إنتاج الأعلاف فإنه يجب وضع إستراتيجيات مختلفة تعمل على تقليل الانبعاثات الناتجة عن زراعة الأعلاف.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى