د حاتم شرف الدين يكتب: عوادم السيارات تقتل ثروة العالم من النحل

مدرس تربية النحل – كلية الزراعة – جامعة القاهرة
عضو هيئة تحرير مجلة اتحاد النحالين العرب

لا يؤثر تلوث الهواء على صحة الإنسان فحسب ، بل يؤثر أيضًا على صحة الكائنات الحية الأخرى. فمثلا عوادم وقود السيارات معروف أنها تسبب السرطان وأمراض القلب والرئة لدى البشر. وهذه العوادم تؤثر بشكل كبير على حشرة هامة جدًا ألا وهي” نحل العسل”.
هذا وقد أدت الحاجة إلى زيادة كمية الغذاء إلى الحاجة إلى زيادة حجم ومعدات الإنتاج الزراعي.
أدى وجود مساحات كبيرة لمحصول واحد إلى زيادة مشاكل الآفات ، مما تطلب المزيد من المعالجات بالمبيدات مما أدى إلى اختفاء أنواع عديدة من النحل الانفرادي والملقحات لذلك تبرز أهمية النحل كملقح للزهور لإمكانية زيادة أعداده بسهولة ونقله إلى المزارع حيث يتلامس النحل مع المبيدات خلال زيارته.
الهواء والتربة والماء يحتوي على معادن ثقيلة نتيجة الصناعات المختلفة والتي تنتجها عوادم السيارات وحرق القمامة وغيرها ، وكذلك الإشعاعات المنبعثة من أبراج الطاقة الكهربائية وأبراج الهاتف المحمول ، والتي يحمل بعضها شحنات كهربائية تؤثر على النحل وعلى سلوك النحل وتؤثر على قدرة طيران النحل.
ويتم استخدم النحل ومنتجاته كمؤشر على تلوث البيئة بالعناصر الثقيلة والمبيدات والإشعاع والمضادات الحيوية لما له من خصائص سلوكية وتركيبية تمكنه من التعامل مع جميع مكونات البيئة وعند تعرضه للملوثات السابقة فإن هذا يؤثر على الجهاز المناعي وتدهور نحل العسل وهي ظاهرة بيئية خطيرة تؤدي إلى خسائر في إنتاج العديد من المحاصيل الاستراتيجية فضلا عن خسائر كبيرة في عدد خلايا النحل.
أشارت الدراسات الحالية لوجود مواد كيميائية معينة في عادم الوقود مثل أكسيد النيتريك وثاني أكسيد النيتروجين أو غازات أكاسيد النيتروجين والتي تؤدي لتغير رائحة الأزهار التي يجمع منها النحل غذائه وعزوفه عنها
وتعد هذه مشكلة كبيرة لنحل العسل، حيث يستخدم النحل روائح الأزهار للمساعدة في تحديد والتعرف على الزهور التي يتغذى منها.
وعند عدم قدرته على التعرف على هذه المحاصيل سينخفض نسب التلقيح الخلطي للمحاصيل الزراعية بدرجة كبيرة خاصة ونحن البشر نعتمد على النحل لتلقيح مجموعة متنوعة من المحاصيل الزراعية مما يؤدي لخسارة قد تبلغ قيمتها مليارات الدولارات كل عام.
وهذه التغييرات الكيميائية قد تؤثر على كفاءة نحل العسل في البحث عن الطعام ، ويمكن أن تؤثر في النهاية على الأمن الغذائي العالمي.
فمثلا في الهند التي هي أكبر منتج للفاكهة في العالم ، وثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان ، وتحتوي على 9 من أكثر 10 مدن تلوثًا في العالم.
فقد وجد ارتباط وثيق بين نسب تلوث الهواء والتغيرات في بقاء النحل العملاق وهو النوع المنتشر في الهند وزيارة الزهور ومعدل ضربات القلب ومستويات الكريات الدموية والتعبير عن الجينات المتعلقة باستقلاب الدهون والإجهاد والمناعة مما أدى تباعاً لانخفاض تعداد النحل خاصة في المدن والمناطق الحضرية
تلوث الهواء في مصر
احتلت القاهرة المركز الثاني -بعد نيودلهي بالهند لأكثر مدن العالم تلوثًا في الهواء ضمن دراسة أصدرتها منظمة الصحة العالمية في 2016.
كما تشير أيضًا خرائط التوزيع الجغرافي في الدراسة عن نسب الوفيات المبكرة إلى ارتفاع معدلاتها في مصر ووفقًا لتقديرات البنك الدولي ، يحدد تكلفة تلوث الهواء بنحو 5% من الناتج القومي الإجمالي السنوي، ما يعادل 2.42 مليار دولار سنويًّا.
وتعد احتراق عوادم السيارات من أكبر الملوثات بالإضافة لمخلفات الصناعة وعمليات حرق المخلفات الصلبة والمخلفات الزراعية بطرق عشوائية
لذا دائما ما يفضل انشاء المناحل بعيدا عن المناطق الحضرية لتجنب تلوث الهواء مما يؤثر سلبيا على صحة وتعداد نحل العسل وعلى جودة منتجاته.