الأخبارالاقتصادبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د رمضان محمد يكتب: منظومة إستخدام الأشجار مصدات الرياح في أراضي الإستصلاح الجديدة

رئيس قسم الأشجار الخشبية والغابات – معهد البساتين – مركز البحوث الزراعية – مصر

في مناطق الأستصلاح الجديدة الأحزمة الشجرية ومصدات الرياح ضرورة أم رفاهية ؟، وما حقيقة ما يقال على حساب من يتم زراعتها ؟

فهى تستهلك جزء من مياه الري لنموها وتستقطع جزء من الأرض لزراعتها وجزء يبور نتيجة ظلها وتنافس جذورها مع المزروعات الأخرى وكل هذا يؤدي إلى قلة المساحة المنزرعة

دعنا نتحدث أولاً : عن بعض الحقائق التي ذكرتها منظمة الأغذية والزراعة لهذا العام ومن تقريرها الاتي :-

يعيش أكثر من 3 مليار نسمة في مناطق زراعية تشهد مستويات عالية وعالية جداً من نقص المياه

يعيش منهم نحو 1.2 مليار نسمة في أماكن تعاني فيها الزراعة من نقص حاد في المياه وندرة

منهم 44 % في الريف والباقي في المراكز الحضرية الريفية

والمناطق المتأثرة هي شرق وغرب وجنوب أسيا وأسيا الوسطى وشمال أفريقيا

ويعيش نحو 5 % من سكان أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى في ظروف مماثلة (حوالي 50 مليون نسمة تؤثر عليهم موجات الجفاف الشديدة على نحو كارثي)
وتشهد حوالي 11 % من الأراضي الزراعية البعلية في العالم ( 128 مليون هكتار) و 14 % من المراعي (656 مليون هكتار) حالات جفاف متكررة
في حين أن أكثر من 60 % (171 مليون هكتار) من الأراضي الزراعية المروية تعاني من الإجهاد المائي

أما عن مصر :

فهي جزء من العالم ولكن تحدياتها أكبر لعدة عوامل منها : زيادة سكانية مستمرة – سد النهضة وما يتبعه من تأثير- محدودية الموارد المائية والتي تستهلك الزراعة منها حوالي 80 % أو أكثر

ومع الاستجابة لرؤية القيادة السياسية بتقليل الاستيراد

فهذا يتطلب زيادة في الرقعة الزراعية باستصلاح أراضي جديدة – استنباط أصناف عالية الانتاج واحتياجاتها المائية أقل – وكذلك ترشيد استخدام المياه

وبما أن المناطق المستهدف استصلاحها في مصر تقع معظمها في الصحراء الغربية المعرضة لتحرك الكثبان الرملية وأرتفاع درجة الحرارة صيفاً وانخفاضها شتاءً مع دوامات هوائية مثيرة للرمال والاتربة

ولكي يتم زراعة مساحات تلائم متطلباتنا بكميات المياه المتاحة فلابد من تقليل وترشيد استهلاك المياه في الزراعة

ثانياً : نتحدث الأن عن تعريف مصدات الرياح والأحزمة الواقية (الشجرية) وأهداف إنشاءها وتأثيراتها على البيئة :

تعريف مصدات الرياح والاحزمة الواقية

هي حواجز أو عوائق تستخدم لخفض سرعة أو تغيير اتجاه الرياح وهذا ما يؤدى الى تعديل الظروف المناخية وتغيير المناخ الدقيق للمنطقة المحمية، وتتوقف كفاءة المصد على عوامل كثيرة منها أرتفاع الأشجار في مرحلة النضج، عدد صفوف المصد، كثافة التاج، التركيب النوعي، طول وأتجاه المصد.

 أهم أهداف انشاء مصدات الرياح والاحزمة الواقية

  • تحسين الظروف المناخية وتعديل المناخ الدقيق
  • توفير في كميات مياه الري
  • تحسين المحصول كماً وجودة
  • تحسين التربة
  • المساهمة في الحفاظ على التنوع البيولوجي

 تأثير مصدات الرياح

  • على الرطوبة النسبية:

رفع الرطوبة النسبية خلف المصد بمقدار 2-4 % بالمقارنة بالمناطق المكشوفة وهذا ضروري خاصة عند تعرض البلاد لرياح الخماسين الحارة الجافة والتي تؤثر على نضج بعض المحاصيل وأهمها القمح أو على الموالح في بداية العقد.

  • على درجة الحرارة وتنظيم درجة حرارة الليل والنهار

نجد أن درجة الحرارة خلف المصد من الارتفاع الأول حتى الارتفاع الرابع تكون أعلى بمقدار  6 ˚م عنه في الأرض الغير محمية أما باقي المساحة المحمية حتى الارتفاع 24 تكون درجة الحرارة في النهار اقل بمقدار 2-5 ˚م وترتفع درجة الحرارة في الليل بمقدار 1-5˚م بالمقارنة بالمناطق المكشوفة وهذا ضروري بالنسبة لكثير من الحاصلات خاصة في وقت الإزهار والعقد.

  • على كفاءة استخدام مياه الري

يعمل المصد على تقليل سرعة الرياح مما يخفض درجة الحرارة ويقلل من البخر وبالتالي يقلل كمية مياه الري للحاصلات بمعدل يصل الى 3-5 %

  • على تحسين المحصول

يعمل المصد على زيادة المحصول بنسبة تتراوح من 5- 45 % اعتماداً على نوع المحصول المحمي وعوامل كفاءة المصد السابق ذكرها

  • على استهلاك الطاقة

توفير استهلاك الطاقة اللازمة للتبريد أو التدفئة بمقدار 20- 40 %، سواء للمناطق العمرانية والمزارع وغيرها.

  • على حماية مزارع الحيوانات

يقلل برودة الهواء في الشتاء وبالتالي يقل احتياج الحيوان للتغذية الإضافية لمواجهة البرودة بمقدار النصف، أيضاً تقليل الضغط العصبي على الحيوانات وتحسين صحتها. كما يعمل وجود المصد على زيادة معدل المواليد بمقدار 2 % وزيادة ادرار اللبن. وفى الصيف يقلل المصد الاجهاد الحراري على الحيوانات.

  • على انتاج عسل النحل

يعمل المصد على توفير المرعى للنحل من خلال الأشجار المزهرة معظم شهور السنة مثل أشجار الكافور. أو عن طريق خلق بيئة مناسبة لعمل النحل والذي له دور رئيسي في القيام بعملية التلقيح لكثير من المحاصيل.

  • على التغييرات المناخية

تساهم المصدات بدرجة كبيرة في حفظ توازن غازات الغلاف الجوي ومكافحة التغييرات المناخية عن طريق تخزين كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون

  • على العواصف الرملية والترابية

تعمل على خفض سرعة الرياح فتقل قدرتها على حمل الرمال والأتربة وهذا يقلل من الأثر الضار لها

والأن وبعد أن تعرفنا على الأحزمة الشجرية ومصدات الرياح ودورهما في الحماية سوف نتحدث عن دورهما في نقطتين وهما :

  • زيادة إنتاج المحصول من 5 – 45 % بمتوسط 25 %

كيف يكون ذلك ؟

– الرياح في مناطق الأستصلاح الجديدة تكون جافة ومحملة بالأتربة والرمال بالأضافة لسخونتها صيفاً وبالتالي يكون تأثيرها على الأزهار من جهتين :

الأولى : تؤدي إلى سقوط الأزهار وهذا يقلل من المحصول وهذا فعل ميكانيكي للرياح

الثانية : تؤدي إلى أنخفاض عملية العقد (الأخصاب للزهرة) وهذا يقلل من المحصول أيضاً ويتم ذلك عن طريق إما خفض نسبة الرطوبة حول الزهرة أو طمس الزهرة بالأتربة والغبار أو إزاحة حبوب اللقاح بعيداً عن الزهرة

كلنا نعلم أن الزهرة تحتوى على عضو مذكر وهو حبوب اللقاح (المتك) وعضو مؤنث وهو المبيض الذي يتكون من قاعدة المبيض والميسم

ولكي يتم التلقيح للزهرة (أخصاب البويضة) لابد من وقوع حبة اللقاح على الميسم والتصاقها به ثم توفر الرطوبة اللازمة لإنبات حبة اللقاح داخل الميسم لتلقيح البويضة وهذا يتطلب سرعة رياح ورطوبة جوية مناسبة

وهذا ما توفره مصدات الرياح تخفض سرعة الرياح فتؤدي إلى ترسيب ما بها من غبار وأتربة خارج المزرعة وترفع نسبة الرطوبة حول النبات

– درجات الحرارة في الصحراء تكون مرتفعة بالنهار ومنخفضة ليلاً والفرق بينهما كبير وهذا يجعل النبات في حالة فسيولوجية غير مناسبة فينخفض المحصول

بينما وجود مصدات الرياح يؤدي إلى خفض درجة حرارة النهار ورفع درجة حرارة الليل وبالتالي ينخفض الفرق بينهما وهذا ضروري للنبات فتزداد الأنتاجية

ومن هنا يتضح كيفية زيادة كمية المحصول في حالة وجود مصدات للرياح لعدم سقوط الأزهار وتهيئة الجو المناسب للعقد والنمو

2- توفير مياه الري المستخدمة من 3 – 5 % بمتوسط 4 %

وذلك عن طريق الحساب بالأرقام لنموذج لـ 10 ألف فدان محمي بالأحزمة الشجرية الواقية ومصدات الرياح ومتوسط أستهلأك يومي 12 م3 / فدان

والأن سوف نقوم بحساب ما يستهلكه الحزام الشجري ومصدالرياح وما يوفره :

– زراعة الحزام الشجري : وهذا يكون على الحدود الخارجية للمزرعة وهنا سوف يكون 7 صفوف المسافة بين الصفوف 3 م والمسافة بين الاشجار تتوقف على النوع الشجري

وعلى أن يزرع على هيئة رجل غراب وهو يحمي من 20 إلى 25 قدر أرتفاعه (ع) ومتوسط أرتفاعه 15 م

عرض الحزام من كل جانب =( 6 مسافات بينية بين الـ 7 صفوف بعرض 3 م = 18 م ) + 5 م هي منطقة بور من الداخل =23 م

مساحة الحزام من الـ 4 اتجاهات = 23 ×2 × (6000+7000) =598 ألف م2
– زراعة مصدات الرياح الداخلية : يحمي المصد الداخلي مسافة في المتوسط 15 قدر إرتفاعة (ع) وبمتوسط ارتفاع للمصد 15 م

عرض الـ 10 ألف فدان 6000 م والطول 7000 م

المصدات الداخلية الرئيسية : مصد 3 صف بالعرض والطول في المنتصف
مساحته =( 2مسافة بينية 3 م + 2 مسافة يمين وشمال المصد وهى البور 5 م = 2 ×3 + 2 ×5) × (6000- 46 (46 م هي عرض الحزام الشجري من الجهتين) + 7000 – 46 ( 46 هي عرض الحزام الشجري من الجهتين) = 206528 م2

المصدات الداخلية الفرعية : يترك بين أول مصد والحزام 20 أرتفاع المصد (20 ×15 = 300 م ) وبين المصدات  15 أرتفاع المصد (15 × 15 = 225 م)

– العرض نحتاج 24 صف والمسافة بينها 222.4 م

مساحتها = 24 صف × 8 م (4 م من كل جانب للمصد أرض بور) × 6938 (طول المزرعة ناقص منه عرض الحزام من الجهتين) = 1332096 م2

– الطول نحتاج 28 صف والمسافة بينها 226 م

مساحتها = 28 صف × 8 م (4 م من كل جانب للمصد أرض بور) × 5938 (عرض المزرعة ناقص منه عرض الحزام من الجهتين) = 1330112 م2
إجمالي المساحة المستغلة للحزام والمصدات = 598000 + 206528 + 1332096 + 1330112 = 3466736 = 825.4 فدان
المساحة المنزرعة = 10000 – 825.4 = 9174.6 فدان

ماذا وفر المصد؟:

1- في الري متوسط التوفير 4 % ومتوسط الرية للفدان 12م3 / يوم
التوفير = 9174.6 × 4 % = 366.98م3

2- متوسط زيادة في المحصول 25 %

وهذه الزيادة تأتي من لا شيء وبالتالي تم توفير مستلزمات إنتاجها من كميات مياه ري وأرض ومستلزمات زراعية وعمالة وطاقة وغير ذلك وهنا سوف نقوم بحساب ما وفرته من مياه ري

مساحة الأرض التي تعادل الزيادة في الأنتاجية = 9174.6 × 25 %  = 2293.65 فدان

توفير المياه = 2293.65 × 12 م3 / يوم / فدان = 27523.8 م3

اجمالي التوفير من المياه/ يوم = ما تم توفيرة من ري المزروعات (366.98) + ما تم توفيرة من زيادة المحصول (27523.8)  = 27890.78 م3

استهلاك المصد من مياه الري = 825.4 × 12 = 9905 م3

إجمالي التوفير النهائي = 27890 – 9905 = 17985 م3

نسبة استهلاك المصد من المياة إلى التوفير حوالي 35.5 %

المساحة التي يمكن زراعتها بكمية المياه المتوفرة = 17985 ÷ 12 = 1498.75  فدان

إجمالي المساحة المنتجة تعادل = 9174.8 + 1498.75 = 10673.55 فدان

في النهاية المصد لم يكن على حساب إشغال الأرض أو تبويرها أو إستهلاك مياه الري

بل أدى إلى أنتاجيه تزيد عن مساحة الـ 10 ألف فدان بمقدار 673.5 فدان بعد خصم كمية أستهلاكة

*ومن هنا يتضح لنا أن إنشاء الأحزمة الشجرية الواقية ومصدات الرياح لحماية المجتمعات السكانية والزراعية والصناعية والانتاج الحيواني وكذلك مصادر المياه في مناطق الأستصلاح الجديدة ضرورة وليس رفاهية

*بل ومما رأيتة وعايشتة بتجربتي الشخصية في مناطق الأستصلاح الجديدة لا بد من زراعة مصدات الرياح تكون في بداية المشروع

*بل من فوائد المصدات في حالة أن توضع لها خطة للأحلال والتجديد أنها تعمل على توفير الاخشاب التي تستوردها مصر بمليارات الجنيهات سنوياً لسد حاجة السوق المصري من الواح الابلاكاج والكونتر والألواح المنشورة وغيرها. وكذا توفيرالمادة الخام التي يصنع منها عجينة الورق. بالإضافة لتوفير فرص عمل في مجال الزراعة والصناعة

 

 

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى