الأخبارالانتاجحوارات و مقالاتمصر

د نصرة عبدالحق تكتب: الفاقد والمهدر من الغذاء وكيفية الحد من الفاقد الغذائى  

باحث اول بمعهد بحوث تكنولوجيا الاغذية – مركز البحوث الزراعية – مصر

يعتبر موضوع الهدر فى الغذاء من الموضوعات الهامة والمعقدة فى المجتمع لما لها من آثار سلبية صحية واجتماعية واقتصادية وبيئية على المجتمع سواء فى الحضر أو الريف. ولقد اشارت منظمة الاغذية والزراعة ان حوالى 400 مليار دولار خسائر العالم من هدر الطعام و ان  العالم يفقد حوالى 14 % من كميات الطعام المنتجة سنويا .

و لقد اختارت منظمة الاغذية والزراعة يوم 16 اكتوبر من كل عام بالاحتفال  باليوم العالمى للغذاء.

  مشكلة هدر الغذاء فى مصر

ونجد أن مصر من أكثردول منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا كثافةً سكانية، حيث بلغ عدد سكانها قرابة 100 مليون نسمة، ويشكل النمو السريع في أعداد السكان بالإضافة إلى محدودية الموارد المائية والأراضي الصالحة للزراعة ضغطًا كبيرًا على أنظمة الغذاء في الريف والحضر المصري، من حيث الكمية أو حتى فيما يتعلق بتطور الأذواق الغذائية للمواطن المصري نحو الخضراوات والفاكهة الأكثر قيمةً غذائية والأكثر عرضةً للتلف في الوقت ذاته.وفي الوقت الذي يزداد فيه الطلب على المواد الغذائية في مصر، تزداد معدلات الفاقد والهدر، خاصةً فيما يتعلق بالمنتجات الأكثر عرضةً للتلف.

ولقد حذرت  منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) من وصول الفاقد والهدر من الخضراوات والفاكهة في مصر إلى 45-55% من الإنتاج السنوي، في حين يبلغ الفاقد والهدر من الأسماك 40%، ومن الألبان 30%، كما تصل كمية الخسائر للأسباب ذاتها في القمح إلى 1.5 مليون طن سنويًّا، و650 ألف طن من الذرة، و350 ألف طن من البنجر، لتبلغ خسائر الأغذية 11 مليون جنيه سنويًّا.

في هذا الإطار، أشارت “الفاو” إلى 6 مراحل للفقد والهدر على امتداد السلسلة الغذائية، بدايةً من الإنتاج والحصاد، مرورًا بالتخزين، ومن ثم التجهيز والتعبئة، ثم النقل والتوزيع، وأسواق التجزئة والجملة، وصولًا إلى المستهلك في المنازل والفنادق والمطاعم، إذ أرجعت الإهدار في المرحلة الأخيرة إلى أسباب مختلفة، منها نقص الوعي وسوء التخزين وسلوك المستهلك.

 تعريف هدر الغذاء

  يعرف عامة بانه كل الغذاء الصالح للاستهلاك، لكنه لم يستهلك بسبب سوء تخزينه وسوء النقل والتوزيع بعد  الحصاد حتى فساده أو بسبب تخزينه بمعرفة تجارالجملة و التجزئة بغرض احتكاره.او تخزينه بكميات كبيرة من قبل المستهلك.

 أما  الهدر الغذائى المنزلى

  يقصد به أى مادة غذائية خام أو مطبوخة أو مصنعة  يتم التخلص منها بانتهاء صلاحيتها أو فسادها  نتيجة سوء تخزينها وحفظها أو الإفراط فى الکميات المستخدمة منها أکثر من الاحتياج الفعلى على الرغم من أنه کان يمکن الاستفادة منها مرات عدة.

 أسباب هدر الغذاء:-

وجدت الأبحاث أن الأسباب الرئيسة لفقد الغذاء هي ضعف البنية التحتية والسياسات التنظيمية والممارسات السيئة في الزراعة وما بعد الحصاد، والمشاكل المترتبة خلال نقل الغذاء وتوزيعه.

أما على مستوى المستهلك، فيعتبر هدر الغذاء مشكلة سلوكية مستمدة من عاداتنا وأعرافنا وتقاليدنا وسلوكياتنا، إذ تهدر كميات ضخمة أثناء الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية واللقاءات الأسرية وفي المطاعم والفنادق. و يسهم الافتقار إلى الوعي، واعتماد أساليب تسوق سيئة ومفرطة، وعدم التخطيط للوجبات إلى زيادة الهدر.وايضا ويشارك المستوى الاجتماعي بدوره في عمليات الهدرحيث كلما زاد دخل الفرد زاد احتياجه من الغذاء والوجبات السريعة الجاهزة وهذا يسبب هدر فى الطعام المطبوخ فى المنزل ويترك الى ان يفسد اويرمى فى سلة القمامة .

فوبيا الخوف من غلاء الاسعار نجد ربة المنزل تتجه لشراء كميات كبيرة من بعض الاغذية مثل البطاطس والبصل والطماطم ونتيجة لسوء التخزين تفسد هذه الاغذية قبل الاستفادة منها وهذا يعتبر هدر غذائى منزلى بنسبة كبيرة. ايضا انتشار ثقافة العروض فى السوبر ماركت المشهورة حيث تجد الاسرة عروضا على بعض السلع فتقوم بشراء كميات كبيرة عن احتياجتها مثل شراء لحوم او البان وجبن او ارز وانهم لا يلتفتون الى تاريخ الصلاحية  الذى اوشك على الانتهاء .

أضرار هدر الغذاء :-

من اهم اضرار الهدر الغذائى  هدر المال العام للدولة والخاص للاسرة   ايضا يؤدى الى زيادة التلوث البيئى من خلال نمو بعض الميكروبات المحللة للطعام بعد فساده وانتشار عفن الخبز وانتشار الروائح الكريهة  فى الهواء وانتشار الذباب والحشرات  وبالتالى كل هذا يؤثر على البيئة .

أيضا بعض ربات البيوت يلقون المتبقى من زيوت التحمير فى المجارى وهذا بسبب عبء على شبكة المجارى حيث تتراكم الدهون فى المواسير وقد تحدث انسداد لها وهذا يشكل عبء على الدولة. ولقد اطلق برنامج الامم المتحدة للبيئة تحذير هام وخطير من هدر الطعام لما له من تاثير ملوث للبيئة ويسبب ازمات اقتصادية واجتماعية

للحد من مشكلة هدر الغذاء

تتعدد الوسائل المساعدة للتخفيف من مشكلة هدر الغذاء، وتنقسم إلى مشاركة حكومية  وجمعيات اهلية ومشاركة فردية

أولاً- وضع سياسات دولية لتفادي مشاكل الزراعة والحصاد.

ثانياً- اعتماد أساليب متطورة لنقل الغذاء وتوزيعه.

ثالثاً-   تفعيل دور الجمعيات الاهلية فى القرى والنجوع من خلال نشر الوعى بالثقافة الغذائية من خلال معرفة ربيوت بالبيوت بالتالى

  • التسوّق بذكاء وحكمة من خلال وضع قائمة تسوّق مفصلة بالمكونات المطلوبة وتجنب الإفراط في الشراء.

2 – مراقبة تاريخ انتهاء صلاحية الغذاء ووضع الأطعمة الجديدة في الخلف والقديمة في الأمام.

3- تخزين الغذاء بطريقة آمنة وفي الأماكن الصحيحة، فالأكياس أو العلب التي تحتوي على الغذاء المخزن، يجب أن تكون محكمة الغلق. وكذلك، للغذاء المبرد والمثلج، يجب التأكد من برودة الثلاجة باستمرار .

4  – عدم التخلص من بقايا الأطعمة فيمكن استخدامها في عمل وجبات جديدة، أو الالتزام بتخزينها بطريقة ملائمة من أجل إعادة استعمالها في وقت لاحق.

5- عدم الإكثار من كمية الغذاء في الطبق، فعلى الشخص وضع الكمية التي يحتاجها دون زيادة، فهذا يساهم بضبط السعرات الحرارية المستهلكة ويحد من كمية الأطعمة التي يتم هدرها.

6- تجنب طهي أكثر من وجبة في الوقت نفسه والتركيز على خيار واحد لعدم التخلص من فائض الغذاء.

7- التبرع بالغذاء لبنوك الأطعمة لمساعدة الأشخاص الأكثر حاجة وبالتالي تفادي الهدر.

حلول علمية للحد من الهدر الغذائى

ويقدم البحث العلمي حلولًا للتعامل مع مشكلة هدر الطعام في مراحلها المختلفة،

من خلال وضع إستراتيجية لتقليل هدر الطعام تشمل كل مستويات السلسلة الغذائية، ورفع مستوى وعي الأشخاص والمؤسسات بهذه المشكلة، وإجراء مزيد من الاستكشاف على هدر الطعام عند المستويات التعليمية الأقل والأشخاص الفقراء، والذي ربما يكون مختلفًا تماما.

وعلى الرغم من خبرات المرأة وخاصة الريفية فيما يختص بعمليات الشراء والإعداد والطهى والتخزين للغذاء إلا أن کميات الغذاء المهدر داخل المنزل كبيرة. مما يستدعى ضرورة دراسة سلوکياتهن المتعلقة بهدر الغذاء للاستعانة بها کمؤشرات فى تخطيط البرامج الإرشادية الموجهة لرفع مستوى وعيهن وتحسين مهاراتهن وتعديل اتجاهاتهن المتعلقة بعمليات تعاملهن مع الغذاء خلال مراحله المختلفة بدء  من الشراء وحتى الاستهلاک، بالإضافة إلى ضرورة التعاون بين جهاز الإرشادى الزراعى و المؤسسات الحکومية والأهلية ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الدولية بهدف تقليل الفاقد والمهدر من الغذاء إلى أدنى حد ممکن مما يسهم فى حل قضايا الجوع والفقر وتحقيق التنمية الغذائية المستدامة فى ضوء أهداف استرتيجية التنمبة الزراعية 2030.

كما يمكن الاستفادة من قشور الخضراوات والفواكه المهدرة خلال عمليات التجهيز والتعبئة في صناعة مواد مضادة للأكسدة، تطيل العمر الافتراضي للأغذية، عوضًا عن استخدام مواد كيميائية للغرض نفسه”. وهناك ابحاث تناولت دراسة على تقليل هدر الأغذية الذي يحدث خلال عملية التصنيع من خلال إعادة استخدام المخلفات الناتجة، موضحًا: “على سبيل المثال، ينتج عن تصنيع الألبان كميات كبيرة من الشرش، الذي يتم التعامل معه كمخلفات للصناعة، في حين أنه إذا جرى تكثيفه وتحليله بواسطة إنزيمات معينة يمكن استخراج البروتينات منه التي تُستخدم كمكملات غذائية يتناولها الرياضيون.

وكانت ايضا هناك دراسة مشتركة بين مدينة الأبحاث العلمية في الإسكندرية والمركز القومي للبحوث أُجريت في 2017 بعنوان (أفلام الزيت النشطة بيولوجيًّا كتطبيق مضاد للفطريات لحفظ المحاصيل الغذائية بعد الحصاد) قد أظهرت أنه يمكن الاستفادة من النفايات الزراعية بوصفها أحد المصادر الجيدة للمكونات النشطة حيويًّا؛ لحفظ الحبوب من السموم الفطرية بعد الحصاد. وأوضحت الدراسة أنه يمكن من خلال تكنولوجيا الغذاء أيضًا وضع مستشعرات في مواد التعبئة، بحيث يتغير لونها من الأخضر إلى الأحمر مثلًا بمجرد فساد المادة الغذائية، وهو ما يعطي مؤشرًا للمستهلك؛ حتى يتجنب شراءها.

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى