الأخبارالانتاجانتاج حيواني وداجنيبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د أحمد عزب يكتب:  هيكلة الثروة الحيوانية في الريف المصري «ضرورة»؟

استاذ مساعد هندسة النظم الحيوية – معهد بحوث الهندسة الزراعية – دكتوراة فى الهندسة البيئة – جامعة بارى الدومورو – ايطاليا

تعانى القرى المصرية من مشكلات متراكه على مدار اعوام عديدة, فغالبا ما كان ينظر للريف المصرى على مر العصور نظرة تهميش ولم يهتم احد بحل مشكلاته الا فى اضيق الحدود, وكانت الحلول كلها وقتيه وعشوائية لم تقم على دراسات حقيقيه لتقديم الحلول المناسبه وخاصة في مجال الثروة الحيوانية.

وبنظره متعمقه نجد ان القريه المصريه هى العمود الفقرى للجمتمع المصرى,وخاصة في مجال الثروة الحيوانية حيث انها تمثل منظومة الانتاج الاولى لتوفير الامن الغذائى للشعب المصرى, وهناك يعيش اكثر من 58 مليون مواطن مصرى فى قرابه 4741 قرية و31 الف عزبة ونجع فى الوجهين البحرى والقبلى.

وقد اتخذت القيادة السياسية للدولة القرار الصائب, بالتوجه نحو تنمية وتطوير جميع القرى بالريف المصرى تماشيا مع المادة 29 من الدستور والتى تنص على ” الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطني وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وتجريم الاعتداء عليها، كما تلتزم بتنمية الريف ورفع مستوي معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية، وتعمل على تنمية الإنتاج الزراعى والحيوانى، وتشجيع الصناعات التي تقوم عليهما، وتلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والنقابات والجمعيات الزراعية، كما تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الأراضى المستصلحة لصغار الفلاحين وشباب الخريجين، وحماية الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون” ومنها الثروة الحيوانية.

وقد قامت الحكومه بوضع الدراسات وخطط التطوير التى تتضمن مشروعات لمياة الشرب والصرف الصحى, وتطوير الرى الحقلى وتبطين الترع, تطوير وانشاء المدارس والمستشفيات ومراكز الشباب وانشاء مجمعات حكومية حضارية لتقديم الخدمات الى اهل مصر فى جميع قرى الجمهوريه وخاصة في مجال الثروة الحيوانية…. الخ

كل هذا التطوير سوف يغير وجه القرى فى الريف المصرى, ويطيب لى هنا ان اتقدم بطرح اعتقد انه سوف يؤدى الى زيادة  مكاسب عملية التطوير والتنمية لما له تاثير مباشر على البيئه والمجتمع فى قرى الريف المصرى, هذا الطرح يتعلق بتطوير واعادة هيكلة قطاع الثروة الحيوانيه وطرق وممارسات تربيتها فى الريف المصرى.

ونظرة مـتأملة في مجال الثروة الحيوانية فقد عرف الإنسان المصري تربية الحيوانات منذ عصور مصر القديمة فاهتم بتربية الأبقار والأغنام والدواب وجعل منها مصدرا لمساعدته في أعمال الحقل والأعمال الزراعية. ومنذ ذلك الوقت اهتم المصري بالحيوانات واستأنس بها بجواره لكى يستفيد من لحومها وأصوافها ومنتجاتها من الألبان والجبن والسمن.

وقد ظلت هذه الطريقه لتربية الثروة الحيوانية متبعه فى الريف المصرى حتى الان, رغم تطور الحياة فى كافة المجالات, ولقد طال هذا التطورجميع اوجه الزراعه فى مصرى ما عدا طرق وممارسات تربية الثروة الحيوانيه, فقد تطورت جميع طرق الزراعه والرى وما زالت الدوله تولى اكبر اهتمام على الاستمرار فى تطوير الميكنه الزراعية ونظم الزراعة الحديثه وادارة الموارد المائية.

ان الاستمرار فى اتباع الطرق القديمة المتوارثه فى تربيه الثروة الحيوانيه فى دولة مصر الحديثة, لهو اقرب للخساره منه الى الربح, فان تفتت الثروه الحيوانيه بين المزارعين وتربيتها فى حظائر فى كثير من الاحيان تكون فى نفس البيت الذى يسكن فيه المزراع, بالاضافه الى الذهاب بها صباحا للحقول والعوده بها فى المساء للمنازل, وتربية سلالات قديمه معدل تحويل الغذاء فيها سواء للحم او للحليب قليل, كل هذا يعتبر خسارة على المزارع ومن ثم على الدوله.

حيث ان مخلفات الحيوانات التى تتركها فى الطرقات صباحا ومساء, يسهم فى تلوث البيئية ويقلل من الاستفاده من هذه الفضلات على الوجه الامثل, كما انه مع رغبة الدولة فى رصف الشوارع فى القرى وتطوير القرى سوف يكون ذلك مظهر غير حضارى للنهوض بالثروة الحيوانية, بالاضافه الى اتجاة معظم مربى الحيوانات الى تغيير ارضية الحظائر الى ارضيات اسمنتيه لتسهيل عمليات الغسيل والتنظيف, يؤدى ذلك الى صرف جزء من فضلات الحيوانات الى شبكة الصرف الصحى بالقرى وهذا يعتبر حمل زائد على شبكه الصرف, وهناك الكثير من المشكلات التى يحسها الجميع.

ومن هنا نقترح ان تقام جميعات تعاونيه لمربى الثروة الحيوانيه, لتجميع الثروة الحيوانيه فى بيوت ايواء وتربيه خاصه بكل قرية او عدة قرى, واعلم ان هذا الطرح فى ظاهره صعب المنال ولكنه الطريق الاقرب لتحقيق التنمية الشامله والمستدامه فى الريف المصرى.

حيث يؤدى تجميع الثروة الحيوانيه الى الكثير من المكاسب نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر ما يلى:

  1. تقليل الاثار البيئية السلبيه للتربيه المنفرده للحيوانات
  2. تقديم الراعية الطبية البيطريه المناسبه فى الوقت المناسب للثروه الحيوانيه
  3. الادارة المتكامله للمخلفات الحيوانيه الناتجه من التربيه واستخدامها بطرق تحقق عائد اكبر
  4. الحاق مجمعات الالبان ووحدات الحليب الالى بكل بيت ايواء سوف يحقق ربح اكبر عن طريق بيع الحليب ومنتجات الالبان
  5. خلق فرص عمل حقيقيه مباشرة لاهل القرى المصرية
  6. تطبيق نظم تربيه سليمة يتم على اساسها اختيار افضل السلالات على حسب انتاج الحليب ام اللحم

ان مثل هذه الجمعيات التعاونيه ستكون هى المسؤلة عن إدارة الثروة الحيوانيه فى كل قرية او عدة قرى, ويستطيع أهل القرى الراغبين فى الاستثمار فى مجال تربيه الحيوانات بالتواصل المباشر مع مثل هذه الجمعيات لاستثمار اموالهم بطريقه امنه وتحت اشراف حكومى من وزاراتى الزراعه والضمان الاجتماعى.

كما انه قد توجه بعض مشروعات الحكومه الخاصه بدعم المربيين للثروة الحيوانيه الى مثل هذه الجمعيات, فمثلا مشروعات البتلو كل من يرغب فى الحصول على تمويل لهذا المشروع يتقدم من خلال الجمعيات التعاونيه, وكذلك مجمعات الالبان ومراكز الجليب الالى يكون بالتنسيق مع هذه الجمعيات.

واعتقد اننا لو بدائنا فى تبنى هذا الفكر سوف نصل فى يوم من الايام الى تغيير الطريقة التقليديه التى تدار بها الثروة الحيوانيه بمصر. كما اننى ارى ان هذا يتمشى مع تطلعات القيادة السياسية وتطلع الحكومه لتطوير وتنمية الريف المصرى.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى