الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالات

د عبدالسلام منشاوي يكتب: نصائح لمزارعي القمح خلال موجة البرد ومرحلة إمتلاء الحبوب

مربي قمح – رئيس بحوث متفرع بقسم بحوث القمح- معهد المحاصيل الحقلية – مركز البحوث الزراعية – مصر

القمح أهم محاصيل الحبوب، ولا يختلف اثنان على أنه العمود الفقري لحياة شعوب الأرض. ويمثل القمح المكون الأساسي للأمن الغذائي المصري، ولا تزال قضية تحقيق الأمن الغذائي من القمح تأتي في أولوية خاصة واهتمام بالغ من الجميع، سواء كانت حكومة ومستهلكين وزراع. وتحرص الدولة على الاهتمام بهذا المحصول الاستراتيجي وتعتني به عناية خاصة. وقد بلغت المساحة المزروعة بالقمح في مصر هذا العام (2021/2022)  3.650 مليون فدان بزيادة قدرها حوالي200 ألف فدان عن العام الماضي.

ومن المتوقع أن تشهد البلاد في هذه الأيام موجة من التغيرات الجوية وبإذن الله لن يكون هناك ضرر على محصول القمح. ولكن يجب عدم الري خلال هذه الفترة وحتى تستقر الأحوال الجوية لتجنب الري وقت هبوب الرياح والذي يعد أهم أسباب الرقاد. وفي حالة سقوط أمطار أو الري يجب صرف الماء الزائد في أسرع وقت.

وتمتد فترة حياة محصول القمح في مصر من الزراعة إلى الحصاد حوالي 140 – 160 يوم، حسب الصنف وميعاد الزراعة والعوامل الجوية وغيرها. ومعظم زراعات القمح في مصر حاليا في مرحلة الامتلاء ويستمر حتى النضج والتي تعد من المراحل الهامة في حياة النبات. وتتميز هذه المرحلة بتكوين وامتلاء الحبوب وتنتهي باصفرار النباتات.  وتمتد فترة امتلاء الحبوب والنضج  للقمح في مصر من 40-60 يوما حسب الصنف وميعاد الزراعة والعوامل الجوية، وتمر حبة القمح في هذه المرحلة بأطوار عديدة.

ومرحلة امتلاء الحبوب من الفترات الهامة جدا في حياة النبات حيث تساهم بشكل كبيير في الإنتاجية النهائية لمحصول القمح من خلال أحد المكونات الرئيسية له وهي وزن أو حجم الحبوب. لذلك يجب العناية بمحصول القمح في هذه الفترة والمحافظة على الأوراق الخضراء والتي هي بمثابة المصنع لتخليق المادة الجافة والمواد الغذائية والتي من شأنها أن تساهم بدرجة كبيرة جدا في الامتلاء الجيد للحبوب.

وبالنظر إلى أسباب موت الأوراق بعد طرد السنابل في القمح نجد أنه يرجع إلى عدم كفاية النيتروجين وتعرض المحصول للتعطيش والتغريق وتعرض النباتات لإمراض الأوراق والجذور. لذلك يجب العمل على المحافظة على الأوراق خضراء بكل الطرق حتى نضمن امتلاء جيد للحبوب. وبالتالي يجب تلافي  كل العوامل التي تؤدي إلى موت الأوراق في هذه المرحلة.

وتبدأ مرحلة الامتلاء بعد طرد السنابل بحوالي 10ايام حيث تتم عملية التلقيح الذاتي والإخصاب لمحصول القمح، ثم يبدأ تكوين الحبوب بالدخول في الطور المائي حيث يكون كل محتويات الحبة عبارة عن عصارة مائية. ثم تدخل بعد ذلك  في طور النضج اللبني وفي هذا الطور يكون المظهر العام للنباتات أخضر والسنابل خضراء والحبة لازالت بها نسبة عالية من الماء ونسبة منخفضة من المادة الجافة (حوالي 71% ماء و29% مادة جافة) والحبة في هذا الطور قد تم تكشفها ولكنها لم تصل بعد إلى حجمها بالكامل.

ثم بعد ذلك يدخل النبات في طور النضج الأصفر (العجيني)، حيث يتحول لون الأوراق والسنابل إلى اللون الأصفر وذلك لاختفاء الكلوروفيل بالنبات وتتخذ أغلفة الحبوب (القنابع) لونها الخاص بالنضج وتصبح خالية أيضا من الكلوروفيل. وتتماسك محتويات الحبة في سنابل القمح وتصبح عجينة ويتحول لون حامل السنبلة إلى اللون الأصفر وذلك دليل على موت الخلايا حيث أنه من المعروف أن اللون الأخضر في النبات هو علامة الحياة والأصفر هو دليل الموت وبالتالي ينعدم توصيل المواد للتخزين في السنبلة وهذا ما يميز انتهاء العمليات الفسيولوجية بالنبات ويسمى بطور النضج الفسيولوجي وتكون الحبة لينة عجينية.

ثم يدخل بعد ذلك في طور النضج التام وتكون الحبوب في هذا الطور صلبة متماسكة يصعب تشكيلها بين الأصابع ويسهل انفصال الحبوب عن أغلفتها عند فرك السنابل أو هزها، ويتحدد لونها الناضج وهذا هو الطور المعتاد والمناسب لحصاد القمح في مصر. وبعد ذلك يأتي طور النضج الميت وفيه تكون السوق هشة سهلة الكسر ويكون محور السنبلة يميل إلى السقوط والكسر والحبوب تتساقط بسهولة من الأغلفة (القنابع). فإذا تأخر حصاد القمح إلى هذا الطور أصبح معرضا لفقد الكثير من الحبوب وبالتالي يفقد جزءاً من المحصول.

ومن منطلق المحافظة على أوراق النبات خضراء وجب العناية بالري وعدم زيادة المياه عن اللازم حيث يسبب زيادة أو نقص الري مشاكل كثيرة للنباتات، ويختلف عدد الريات بالنسبة لمحصول القمح على حسب نوع التربة والمنطقة والأمطار والأحوال الجوية. وقد يسبب الري المتأخر للقمح مشاكل وخسائر تفوق الاستفادة منه في حالة إذا تسبب الري في الرقاد، لذلك يجب تجنب الري وقت هبوب الرياح أو وقوف المياه بالأرض مما يسبب موت الأوراق.

ومن المعلوم أن الرقاد يدمر بناء النبات  ويسبب خسائر كبيرة في محصول القمح ويؤدى إلى عدم نفاذ أشعة الشمس بكمية كافية وبكفاءة حتى في وجود أشعة الشمس والإضاءة وذلك يجعل الأوراق القديمة عرضة للعفن والحشرات. و يكون الضرر كبير إذا حدث  الرقاد في مرحلة التزهير، ويؤدي إلى صعوبة الحصاد الآلي. ومن أسباب الرقاد الري وقت الرياح الشديدة وزيادة التسميد ويعرف ذلك من الحقول المجاورة وقد يكون الصنف طويل مع ضعف الساق ومعدل التقاوي العالي عن اللازم. لذلك يجب تجنب العوامل التي تساعد على الرقاد بأي شكل من الأشكال.

أما بالنسبة لحماية الأوراق من الأمراض فيعتبر مرض الصدأ الأصفر من أخطر الأمراض التي تصيب القمح في المرحلة الحالية. وقد تم اكتشاف المرض في الموسم الحالي منذ فترة طويلة وذلك يؤكد وجود المسبب المرضي في الوقت الذي تعد الظروف البيئة مناسبا جدا للإصابة وتطور المرض في حالة الأصناف القابلة للإصابة. وبناء على ما سبق فيجب ضرورة المتابعة وفحص الحقول لكشف الإصابة.

وتظهر أعراض الإصابة بمرض الصدأ الأصفر على شكل بثرات (بقع) من الجراثيم، مسحوقيه صفراء اللون صغيرة الحجم ومنفصلة عن بعضها ومرتبة في صفوف متوازية ومتجاورة، وتترك آثار في اليد عند ملامستها على هيئة مسحوق أصفر. ونلاحظ أن ترتيب البثرات في خطوط هو سمة مميزة مهمة لهذا المرض. وتظهر الأعراض على كل الأجزاء الخضرية من النبات عدا الساق.

وفي حالة اكتشاف الإصابة يجب التعامل الفوري معها بالرش بأحد المبيدات الموصي بها من قبل وزارة الزراعة. وفي حالة زراعة أحد الأصناف من القمح القابلة للإصابة وهي سدس12 وجميزة 11 وشندويل 1 ومصر1 ومصر 2 يفضل الرش الفوري لأن من المؤكد وجود المرض حاليا على هذه الأصناف وحتى إذا لم تظهر الأعراض فمن المؤكد أن يكون تم الاختراق والفطر في مرحلة التحضين وقبل التكشف.

المكافحة الكيماوية تعطي نتائج ممتازة في إنتاجية القمح، ولكن يتوقف نجاح المكافحة الكيماوية على عوامل في غاية الأهمية وأهمها وقت اكتشاف الإصابة ويكون محلول الرش كافي وتكرار عملية الرش واستخدام المبيدات الموصى بها وتطبيقات عملية الرش. ومن المعلوم أن المكافحة الكيماوية لا تعطي نتائج مرضية إذا انتشرت الإصابة بشكل وبائي لأنها لا تقضي على الفطر بشكل كامل مهما كانت الظروف.

كما يجب استخدام المبيدات الموصى بها من قبل الوزارة في مكافحة الآفات والأمراض التي تهدد القمح  مع إتباع تعليمات عملية الرش وإضافة مادة ناشرة لاصقة لثبات المبيد على الأوراق ولزيادة كفاءة عملية الرش، كما يجب عدم إضافة أي مغذيات أو مخصبات أو منشطات نمو أو أحماض امينية أو وهيومك أو كبريتات ……الخ مع عملية الرش حيث أن بعضها قد يؤدي إلى تنشيط المسبب المرضي ويزيد خطورة المرض ويؤدي إلى نتيجة عكسية.

نسأل الله أن يبارك للجميع ويكون موسم  حصاد القمح موسم خير وبركة على الوطن والزراع.

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى