اخبار لايتالأخبارمتفرقاتمصر

حكاية «الكعك» من الفراعنة والطولونيين إلي الفاطميين والعثمانيين  

>> عادة فرعونية رسخها الفاطميون وطورها الشوام وحرص عليها القرويون

تنشر «أجري توداي» حكاية «الكعك» في العصور الفرعونية والإسلامية حتي إزدهار صناعته حاليا وتاتي ضمن الخدمات التي نقدمها للقراء بهذه المناسبة المتكررة سنويا وتحظي بإقبال المستهلك عليها.

تاريخ كعك العيد، يبدأ بالبحث عن سبب التسمية نفسها، حيث تقول كتب التاريخ إن هناك اختلافاً، فهناك من يرى أن لفظ «كعك» قادم من اللغة القبطية القديمة، بينما هناك من يرى أنها كلمة فارسية الأصل، ومع اختلاف سبب التسمية وجدنا أنفسنا أمام اختلاف في طريقة تحضيره وتسميته بين الدول العربية وهو ما دفعنا إلي البحث في أصل صناعة الكعك في مصر والدول العربية وتعدد مسمياته خلال أكثر من 7 الأف عام.

الكعك في العصر الفرعوني

  • عادة صناعة الكعك بطقوسها المختلفة تعبّر عن مظهر من مظاهر احتفال المصريين بالحياة والتعايش مع الآخر، لما تتضمن تلك العادة من موروث ثقافي ضارب في أعماق التاريخ المصري، ولما ترمز إليه كواليس تلك العادة من تعايش ومحبة”.
  • عرفت مصر الكعك منذ أكثر من 5000 سنة وسجلته نقوش جدران المعابد والمقابر، وأصبح محفوراً في أذهان المصريين وعاداتهم وتقاليدهم المتوارثه حتى الآن.
  • الكعك عادة مصرية أصولها فرعونية، إذ تخبرنا جداريات مقبرة الوزير (خميرع) في الأسرة الثامنة عشرة بأن الكهنة كانوا يصنعون مخبوزات دائرية على هيئة قرص الشمس، بما يرمز إلى المعبود آمون رع”.
  • وبعض الباحثين يرون إن تاريخ صناعة الكعك يعود إلى العصر الفرعوني وخصوصاً في عهد الملك رمسيس الثالث.
  • تم اكتشاف أول صورة توضح شكل الفرن الملكي في إحدى الغرف الجانبية من مقبرة الملك نفسه، وكان يظهر بجانبها شكل مختلف للكعك الذي نعرفه في وقتنا الحاضر، بالإضافة إلى كونه منقوشاً عليه رسم إله الشمس “آتون”، وكان يتم وضعه باعتباره قرباناً للإله.
  • جداريات معبد الأقصر تجسّد حرص المصري القديم على صناعة أشكال مختلفة من المخبوزات في الأعياد الفرعونية القديمة لتقديمها قرابين، ما يؤكد تجذّر صناعة الكعك في الأعياد، ليس عند المسلمين فقط، بل الأقباط كذلك في عيد الميلاد المجيد
  • عرف المصريون القدماء أكثر من 300 نوع من المخبوزات سجلت على جدران المعابد والمقابر منذ عصر الدولة القديمة، وارتبطت بالمناسبات والاحتفالات المصرية التي تسمى “حب” وتعني عيد أو احتفال.
  • أهم هذه المخبوزات هى”k3k” والتي تعني العجين في اللغة المصرية القديمة، كما عرفت في القبطية باسم “kaak”، ثم انتقلت إلى اللغة العربية “كعك” بنفس النطق والمعنى، ومنها إلى اللغات الأوروبية وعلى رأسها الإنجليزية” cake”.
  • زينت جدران المعابد والمقابر منذ عصر الدولة القديمة”2686-2181ق.م” بالعديد من مشاهد صناعة الكعك، حيث صورت النساء وهن يقمن بعجن العجين وصبه على هيئة قرص الشمس المستدير، وتزين بخطوط مستقيمة مثل أشعة الشمس.
  • كانت النساء يقمن بإهداء الكعك إلى المعابد كقرابين في الأعياد، حيث سجلت مقبرة “تي” وهو أحد كبار الموظفين خلال الأسرة الخامسة”25 قرناً ق.م”، وهو المشرف على بناء أهرامات سقارة، منظراً لإحدى النساء التى تحمل القرابين “الكعك” فوق رأسها داخل ما يشبه اليوم السلة.
  • انتقلت صناعة الكعك وازدهرت في عصر الدولة الفرعونية الحديثة “1570-1077ق.م”، حيث سجلت نقوش مقبرة الوزير “رخمى- رع” بالأقصر في عصر الأسرة الـ18 خطوات صناعة الكعك ومكوناته من الدقيق الذي يعجن بالماء ويتم تسويته على النار، ويضاف إليه السمن والعسل والعجوة وبعض الفواكه.
  • تشير مقبرة ومعبد “هابو” للملك “رمسيس الثالث”، ونقوش معبد “كوم إمبو” بأسوان، إلي مراحل صناعة الكعك وتسويتها على لوح من”الصاج” مثلما نراه حتى الآن في المناطق الشعبية المصرية، حيث تحمل النساء الكعك فوق رؤوسهن لتذهب لتسويته في الأفران قبل قدوم الأعياد.

صناعة الكعك في العصر الإسلامي:

  • اختلف الباحثون في أصول كعك العيد، وتأرجحت الآراء بين انتمائه لمصر القديمة، أو للتاريخ الإسلامي.
  • رغم ان البعض يري ان تاريخ صنع الكعك يعود إلى العصر الفرعوني وخصوصاً في عهد الملك رمسيس الثالث، لكن الرأي الراجح يرى أن تقليد كعك العيد المعروف في أيامنا هذه، يعود إلى التاريخ الإسلامي بالأساس، وأن المصريين القدماء صنعوا مخبوزات تشبه الكعك، لكن لا يوجد دليل يؤكد انتقال وتوارث هذه العادة من مصر القديمة بشكلها الحالي.
  • استمرت عادات وتقاليد المصريين في صناعة الكعك حتى بعد دخول العرب مصر، حيث توارث المصريون صناعة الكعك، وحافظوا على هذه العادة في الأعياد والاحتفالات في العصور الإسلامية المختلفة والمتعاقبة حتى الآن.
  • طرأ علي صناعة الكعك بعض التغييرات الطفيفة في شكل قرص الكعك الذي ارتبط طوال التاريخ المصري القديم بالشمس وتزيينها بخطوط تمثل أشعة الشمس إلى كتابة بعض العبارات مثل «كل وشكر»، و«كل هنيئا واشكر»، و«كل وأشكر مولانا» التي كانت تنقش على الكعك قبل عيد الفطر المبارك.
  • بدأ العالم الإسلامي التعرف علي الكعك كأحد طقوس عيد الفطر بصورة محدودة في العصر العباسي.
  • صناعة الكعك “ارتبطت بعيد الفطر في الدولة الطولونية والدولة الفاطمية.
  • تاريخ تقليد كعك العيد بدأ فعليا مع عهد أحمد بن طولون، وكان يُصنع ويُوزع في المناسبات الدينية؛ خصوصا عيد الفطر.
  • في العصر الطولوني عام 868 – 905م، ثم العصر الأخشيدي 969- 935 م، كان الكعك يصنع في قوالب مكتوب عليها بعض العبارات التي تنقش على الكعك مثل”الانطونلة”، و”بالشكر تدوم النعم”.
  • يعد كعك الوزير” أبوبكر المادراني”  من العصر الطولوني أشهر أنواع الكعك في تلك الفترة، وكان ينقش عليه عبارة “افطن له” إشارة إلى الدنانير الذهبية التي كان يضعها المادراني داخل الكعك.
  • وكان حكّام الدولة الإخشيدية بعد الدولة الطولونية يحشون الكعك بالذهب، ليوزّع على المقربين من حاشيتهم.
  • ومع دخول العهد الفاطمي عقب سقوط الدولة الأخشيدية، تشكلت المظاهر الاحتفالية المرتبطة بالأعياد، فكان للخليفة زي معين في كل عيد؛ وكان في عيد الفطر ما يسمى “دار الفطرة”، وكانت هذه المؤسسة مسؤولة عن كل التجهيزات اللازمة للاحتفال بالعيد، من بينها بطبيعة الحال صناعة وتجهيز “كعك العيد”، الذي كان يتم توزيعه بكميات ضخمة جدا.
  • في العصر الفاطمي، وصل الأمر أن الدولة الفاطمية أنشأت دار خصيصاً تشبه الوزارة حالياً على سبيل المثال، وكانت تسمى بدار “الفطرة” ومهمتها الأساسية كانت صنع كعك العيد.
  • يعمل لدي هذه الدار أكثر من 100 عامل يقومون بصنع أشكال وأنواع مختلفة من كعك العيد، وكانت هذه الدار تبدأ عملها من منتصف شهر رجب الهجري.
  • يتم توزيع الكعك على العامة، وكذلك على العاملين في الدار من الشعب قبل العيد بيوم واحد، ويذكر أنه في أحد الأعوام تم استخدام أكثر من ألف إردب من الدقيق و700 قنطار من السكر في صنع الكعك (الأردب الواحد يعادل 90 كيلوجراماً تقريباً).
  • وقد خلقت هذه العادة ارتباطا وثيقا بين الاحتفال بعيد الفطر وتوزيع الكعك، ومن ثم أصبح يطلق عليه “كعك العيد”.
  • في العصر الفاطمي كانت للأعياد الإسلامية أهمية كبرى، واقترنت أيضاً بالمأكولات حيث خصصوا المطاعم الكبيرة المدعمة من الخليفة “المعز لدين الله الفاطمي” بميزانية سنوية كبيرة طوال شهر رمضان الكريم، وأقاموا “دار الفطرة” التي كانت تقدم الكعك في شهر رمضان حتى عيد الفطر المبارك.
  • الخليفة الفاطمي كان يقوم بتوزيع الكعك في قصرة من خلال موائد ضخمة داخل سرادق كبيرة داخل القصر.
  • عرف صناع مشهورون في العصر الفاطمي لصناعة الكعك أهمهم سيدة تدعى”حافظة” التي عرف الكعك باسمها “كعك حافظة”، وقوالب صنعه محفوظة حتى الآن في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة.
  • حاولت الدولة الأيوبية 1171– 1250م القضاء على مظاهر الفاطمية في مصر من خلال تغيير عادات وتقاليد المصريين المتأثرين بالمظاهر الفاطمية، ومنها إلغاء صنع الكعك في الأعياد.
  • فشل الأيوبيين في إلغاء صناعة الكعك حيث كانت راسخة في أذهان المصريين طوال التاريخ.
  • شهد العصر المملوكي 1261- 1517م، ومن بعده العثماني الاهتمام بصناعة الكعك وتوزيعه في «التكيات» و«الخانقات» للفقراء ولطلاب المساجد.
  • يُعرض في المتحف الإسلامي بالقاهرة قوالب مكتوب عليها عبارات، كان يتم وضعها على الكعك قبل توزيعه، وكانت من بين تلك العبارات جمل تهنئ العامة والخاصة من الشعب بالعيد، مثل “كل هنيئاً، كل واشكر، بالشكر تدوم النعم”.
  • كما يضم متحف الفن الإسلامي بالقاهرة عدداً من قوالب الكعك التي تحمل عبارات (كل هنيئاً واشكر. كل واشكر مولاك)”.

صناعة الكعك في العصر الحديث

  • في العصر الحديث، لعب أهل الشام الذين هاجروا إلى مصر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين واستقروا بها دورًا مهما في تطوير صناعة الحلويات بمصر ومنها كعك العيد والبسكويت أيضًا.
  • بعد هجرة الشوام إلي مصر ظهرت تقنيات جديدة للصنعة أضافت إليه شكلاً متطورًا، لاسيما مع استخدام الماكينات الحديثة لتحل محل المنقاش الشعبي الذي كانت النسوة تنقشن به الكعك في بيوتهن قبل الذهاب لتسويته في الأفران القريبة منهن.
  • في العصر الحالي، لم يتسبب التقدم التكنولوجي في خفض الاهتمام بطريقة تحضيره أو شرائه جاهزاً من المصانع والأفران التي تتنافس في بيعه بأطعمة مختلفة مع الاحتفاظ بالشكل التقليدي له.
  • هناك العديد من البيوت في الدول العربية تجد أن آخر عشرة أيام من شهر رمضان فرصة لكي تعيش تلك الحال السعيدة في العيد، بعمل الكعك في المنزل وسط الأطفال، وربما هو فرحة للكبار أيضاً.
  • في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي وبلاد الشام يطلق عليه “المعمول”، وفي العراق يسمى “الكليجة”، ولا يوجد فرق بينهم في طريقة التحضير سوى أنه يتم استخدام السميد في المعمول، ولا يتم استخدامه في الكليجة، ويتم حشوه بالتمر أو المكسرات أو الفستق أو عين الجمل، لكن الأشهر هو التمر، وهناك من يقوم بوضع السكر عليه أو تقديمه بدون أي إضافات عليه.
  • في دول اليمن والبحرين يتم عمل الكعك بدون استخدام اللبن أو السمن به، ولذلك يكون على شكل معجنات، ويسمى في اليمن بالسبابة أو الصحن، أما في البحرين فيسمى “بالخنفروش”، مع إضافة الزعفران عليه.
  • في مصر لفظ “كعك” يتم استخدامه باعتباره لغة عربية فصحى، بينما في اللهجة العامية المصرية يسمى بـ”الكعك” للتسهيل، ويتم استخدام الطحين والسمن البلدي والسكر في تحضيره، وله نوعان إما أن يكون محشوا بالملبن أو المكسرات، أو لا يوجد به حشو، وفي كلتا الحالتين يتم تفضيل وضع السكر المطحون عليه.
  • مع مرور الوقت تم اكتشاف “ابنة جديدة” للكعك أو الكعك كما يسميه البعض، وهي “الغُرَيِّبة”، والتي يتم استخدامها في مناطق كثيرة بالسعودية وفي مصر ودول المغرب العربي.
  • تعتبر الغريّبة من نفس مكونات الكعك، سواء في طريقة التحضير أو التسخين، لكن يضيف “أحمد” الذي يملك محلاً كبيراً لصناعة الفطائر، أنه تتم إضافة “الفانيليا” التي تعطي لها مذاقاً خاصاً وشكلاً مختلفاً، ويتم وحشوها بالفستق أو اللوز أثناء تحضيرها.
  • صناعة الكعك تتطلب عملاً جماعياً، فغالباً ما يشتركن فيها الجارات أو الشقيقات أو الأقارب، لما تحتاجه من أدوار عديدة، مثل العجن والتخمير والنقش والرصّ والتسوية، كما تتطلب عديداً من المقادير مثل الدقيق واللبن والسمسم والعجوة والسمن”
  • تبادل كعك العيد مع الأقارب والمعارف والفقراء بصعيد مصر يشكِّل نوعاً من صلة الرحم والتراحم بين المصريين، بأن يُهدي أهل الصعيد بعضهم بعضاً ألواناً مختلفة منه، كما يمثل ذلك نوعاً من التنافس بين كل مجموعة من السيدات بالقرى والأحياء لإعداد أفضل ما لديهن”.
  • الكعك بالمنزل له مذاق خاص يختلف عن المخبوزات الجاهزة المشكوك في مقاديرها، كما تعدّ صناعته موسماً للتزاور بين المعارف، للمشاركة في إنجاز تلك المهمة الشاقة بأواخر أيام الصيام”.
  • هناك عدداً من الأغاني التراثية يحرص السيدات والأطفال على غنائها خلال عملية الإعداد، لعل أشهرها (يا كحك العيد يا إحنا. يا بسكويت يا إحنا. يا شربتات يا إحنا)”، مؤكدة أن جائحة كورونا وارتفاع الأسعار “لم تمنعها هي وجيرانها من ممارسة طقوس كل عام”.

أسعار كعك العيد في عيد الفطر 2022 

  • شهدت أسعار حلويات عيد الفطر من كعك، وبيتي فور، وغرّيبة شهدت ارتفاعاً يصل إلى 30 في المئة عن العام الماضي.
  • يرجع زيادة تكلفة المواد الخام في ظل تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
  • توقعات بهبوط القوة الشرائية للمواطنين بنسبة 50 في المئة عن العام الماضي. لافتاً إلى أن الأسعار الشعبية للمخبوزات تتراوح من 70 : 160 جنيها (4 : 9 دولارات أميركية)، بينما يبلغ سعر كيلو بعض الأنواع الفاخرة المزينة بالمكسرات 500 جنيه (30 دولاراً أميركياً).

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى