الأخبارالانتاجالصحة و البيئةالمبيداتبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

د فرج ملهط يكتب:  آليات الحد من خطورة المبيدات والإستخدام المسؤول خلال مراحل مكافحة الآفات

رئيس بحوث بقسم بحوث متبقيات المبيدات وتلوث البيئه – المعمل المركزي للمبيدات- مركز البحوث الزراعيه – مصر

كان الإنسان وما زال مطالبا باستخدام معطيات العلم الحديث لزيادة الإنتاج الزراعي وتحسينه بهدف تأمين الغذاء، ومكافحة الآفات بإلاستخدام الآمن والمسؤول لتداول المبيدات، إلا أن هذه المعطيات تؤدي وفي كثير من الأحيان إلى إحداث حالة من عدم التوازن في البيئة ، الأمر الذي ترتب عليه ظهور العديد من العوائق التي أضرت بالإنسان والحيوان والبيئة المحيطة بهما.

كما ظهرت العديد من الآفات التي هددت المحاصيل الزراعية المختلفة ، حيث لجأ الإنسان بعد ذلك إلى مجموعة من الوسائل والطرق لحماية محاصيله من تلك الآفات. ومن الطرق التي استخدمها الإنسان لمكافحة الآفات المبيدات الكيميائية، إلا أن هذه المبيدات تركت بعد ذلك آثارها السلبية الكبيرة على الطبيعة والإنسان نفسه، وأحدثت عدم التوازن في الطبيعة.

وتعرف المبيدات على أنها أي مادة أو مخلوط من عدة مواد التي تقتل أو تمنع أو تحد من تكاثر وانتشار الآفات المختلفة التي تنافس الإنسان في غذائه وممتلكاته وصحته وهي في ذلك شأنها شأن المدخلات الزراعية الأخرى المتمثلة في التسميد والميكنة الزراعية وغيرها والتي بلا أدنى شك تساهم كثيرا في زيادة الإنتاج.

وتعتبر المبيدات من أهم الوسائل التي يستخدمها المزارعون للقضاء على الآفات الزراعية التي تهاجم محاصيلهم المختلفة، كما أنها تعتبر إحدى الوسائل الحديثة التي تعمل على زيادة الإنتاج. فبالإضافة إلى دورها الكبير في الحد أو القضاء على العديد من الآفات الضارة بالنباتات، فالمبيدات كذلك قادرة على إبادة الحشرات الناقلة للأمراض سواء للإنسان أو الحيوان.

يقصد بمتبقيات المبيدات كمية المادة الفعالة ونواتج تمثيلها وتكسيرها والتي يمكن تقديرها في النباتات أو التربة أو الماء أو أي من مكونات البيئة المختلفة بما فيها الإنسان وذلك بعد استخدام المبيد.

تتعدد أشكال تعرض الإنسان للتلوث المباشر بالمبيدات ، فقد يتعرض لها في شكل متبقيات ذات كميات محسوسة يمكن تقديرها، أو ربما يتعرض الإنسان لمتبقيات المبيدات بواسطة التعرض لكميات كبيرة منها وهو ما يتعرض له أولئك الذي يعملون في الشركات والمصانع المعنية بتجهيز وإنتاج مركبات المبيدات بأنواعها المختلفة وكذلك عند تجهيز المواد الفعالة للمبيدات في شكل مستحضرات.

وقد يتعرض المزارعون – على وجه الخصوص – للمبيدات أثناء عمليات الخلط وتعبئة المعدات والرش عند إجراء عمليات المكافحة.وقد يتعرض الإنسان وبطريقة غير مباشرة للتلوث بمتبقيات المبيدات وذلك عند تناوله للفواكه والخضروات التي تم معاملتها بالمبيدات الزراعية. ويعتبر هذا النوع من التعرض للمبيدات أقل خطورة نسبيا من التعرض المباشر لها ، حيث أن النوع الأخير يؤدي إلى حدوث السمية المزمنة حتى ولو كانت جرعات المبيدات التي تم التعرض لها صغيرة وفي حدود المسموح به وذلك لصعوبة التنبؤ بما قد يحدث من تغيرات كيميائية حيوية أو تراكم في الأنسجة الدهنية للجسم.

الوضع الحالي لإستخدام المبيدات عالميا

تشير البيانات الصادرة من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى أن كمية المبيدات التي تستخدم في العالم في مكافحة مختلف الآفات في تزايد مستمر خاصة في الدول النامية ومن بينها الدول العربية.

كما أن الممارسة العملية في العديد من الدول أثبتت حدوث كثير من التأثيرات الجانبية السلبية على صحة الإنسان والحيوان والبيئة وذلك نتيجة للاستخدام المكثف للمبيدات.

القرارات والقوانين المنظمة لتداول المبيدات

لذلك اهتمت معظم الدول في العالم ومن بينها جمهورية مصر العربيه، بالإضافة إلى المنظمات العالمية بوضع القوانين والتشريعات والخطوط التوجيهية التي تنظم استخدام المبيدات وتداولها تجنبا للمخاطر الصحية التي قد تحدث للإنسان والحيوان والبيئة نتيجة لسوء استخدامها من قبل أولئك الذين لا يدركون مخاطرها.

أثبتت التجارب البحثية سواء إختبارات المعامل منها أو الحقلية أن المبيدات التي يتم استخدامها في مجال الزراعة )بالرغم من نجاح مكافحتها للآفات الزراعية(  لها تأثيرات ضارة وخطيرة سواء على البيئة أو على صحة الإنسان على المدى الطويل وخاصة في حالة سوء إستخدامها، حيث أكدت العديد من الدراسات البحثية أن الكثير من هذه المبيدات تبقى في البيئة ولا تتلاشى من الناحية الحيوية ، بالإضافة إلى استمرار بقاءها في جسم الإنسان مسببة له أمراضا مزمنة.

خطورة سوء إستخدام المبيدات علي الصحة العامة

وقد أكدت البحوث التي أجريت في هذا المجال أن النتائج العكسية أو السيئة للمبيدات يتأخر ظهورها على الإنسان ، أي أنها تحتاج إلى فترة طويلة من الزمن حتى تظهر مسببة أعراضا مثل الأعراض السرطانية التي تظهر فجاَه بعد ذلك وفي أعمار متأخرة عند الكثير من البشر

.هذا وقد أثر استخدام المبيدات على البيئة الزراعية بالتحديد ، حيث تمثل ذلك في ظهور العديد من الآثار الجانبية الضارة كظهور المناعة في بعض الآفات وظهور آفات ثانوية، بالإضافة إلى اختفاء الأعداء الحيوية الطبيعية في المواقع التي يتم فيها استخدام المبيدات بشكل مكثف. كما أدى استخدام المبيدات إلى حدوث تسمم لمستخدميها في الحقل. وهذه الأسباب هي التي أجبرت الحكومات والهيئات والمنظمات المعنية بشئون المبيدات لوضع القوانين والتشريعات التي يمكن أن تساهم في التغلب على العديد من المشاكل المرتبطة بالمبيدات بهدف استخدامها وتنظيمها وتسويقها وذلك لزيادة الإنتاج الزراعي وتحسين نوعيته كما ونوعا.

هل تحقق المبيدات السعادة للإنسان؟

لقد أدت المبيدات دورا مهما في سعادة الإنسان سواء عن طريق تطهير مجتمعه من الآفات الناقلة للأمراض أو عن طريق زيادة كمية ونوعية الغذاء والكساء. ونظرا للزيادة المستمرة في إنتاج المبيدات في العالم ، فقد أصبح من الضروري قيام الجهات المعنية بوقاية النبات بشكل عام والمبيدات بشكل خاص بوضع القوانين والتشريعات التي بموجبها يمكن المحافظة على البيئة لكي تبقى نظيفة وخالية من التلوث.

ظهرت عدة هيئات حكومية ودولية مهمتها وضع الأسس والخطوات التي يجب أن يمر بها المبيد منذ تصنيعه وحتى السماح له بالتداول في الأسواق للإستخدام. كما تقوم البعض من تلك الهيئات بإجراء البحوث لتقييم المبيد والتأكد من مدى خلوه من المواد المسرطنة وكذلك التأكد من عدم وجود أية متبقيات لأي مبيد بعد استخدامه لمكافحة الآفات من شأنها أن تشكل خطرا سواء على مستخدمي المبيدات أو على مستهلكي المحاصيل المعاملة أو على البيئة بشكل عام.

وبالرغم من التوجه العالمي المتسارع نحو استخدام بدائل للمبيدات وخاصة تلك المركبات الحيوية الصديقة للبيئة، إلا أن الضرورة تجبر المزارعين في الوقت الحالي للجوء إلى المبيدات كوسيلة سريعة لمكافحة العديد من الآفات الزراعية رغم إدراكهم بالخطورة الكامنة وراء استخدامهم لتلك المبيدات وما تتركه في كثير من الأحيان من آثار سلبية على صحة الإنسان والحيوان والبيئة. وتتعرض المحاصيل الزراعية فى جميع مراحل النمو إلى العديد من الآفات الزراعية ومسببات الأمراض النباتية فطريه كانت أو بكتيرية أو فيروسيه أو غيرها، بالإضافة إلى الآفات الحيوانية مثل الفئران والطيور وغيرها سواء في الجذور أو على المجموع الخضري او في المخازن.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى