الأخبارالانتاجحوارات و مقالاتمصر

د علي إسماعيل يكتب:مستقبل  الزراعة المصرية مع ازمة الغذاء العالمية

استاذ ادارة الاراضي والمياه مركز البحوث الزراعيه مصر

لم يشهد الملف الزراعي منذ سنوات طويلة مثلما نراه  اليوم في ظل اهتمام القيادة السياسية وبعد النظر للإحداث التي يمر بها العالم من نقص في امدادات الغذاء حول العالم وارتفاع أسعاره بشكلٍ مبالغ فيه مما يلقي بصعوبات شديدة وكارثية علي الدول الفقيرة والنامية وايضا الدول الغنية ولكن بصورة اقل .

ان محاولات الدفع في اتجاه التنمية الزراعية المستدامة بتبني مجموعه السياسات الزراعية المتكاملة المرتبطة بالانتهاء من التشريعات الزراعية وتشجيع المزارعين والمنتجين الزراعيين بنقل التكنولوجيا اليهم وخفض فوائد الاقراض الزراعي ضمن المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وتربية البتلو ومشروعات الدواجن.

ومن هذه المشروعات تحديث الري الحقلي والذي تهدف به الدولة لتحديث مساحة تقترب من 5 مليون فدان بالأراضي القديمة بالوادي والدلتا وجزء من الاراضي الجديدة التي استخدمت الري بالغمر بدلا من النظم الحديثة كالري بالرش والتنقيط لزيادة الإنتاجية وخفض تكليف الانتاج لتوفير الاسمدة والطاقة والعمالة وزيادة المساحة المنزرعة لمساحة  تقترب من ٤ مليون فدان من الاراضي الجديدة المستصلحة .

وطبقا لنوعية التربة وخواصها وتحسينها واستخدام الممارسات الزراعية المناسبة والمحافظة عليها من التمليح او التصحر  وحمايتها من التدهور لجعلها العنصر الاساسي في منظومة الانتاج الزراعي  .

وان اتاحة التمويل الميسر من الحكومة لذلك بقروض ميسرة تصل إلى صفر بالمائة على عشر سنوات لتحديث منظومة الري بالتوازي مع تبطين الترع و٥ بالمائة لمشروعات البتلو وغيرها من مشروعات التربية لماشية اللبن  والتي  سوف تعظم الفرص المتاحة في الانتاج الزراعي وتذيد من تشغيل  الايدي العاملة في هذا القطاع  وذلك من خلال فرص حقيقيه فاعله في الريف المصري.

يشهد الريف المصري اكبر مشروع في تاريخ مصر وهو مشروع حياه كريمة ليفيد ويغير شكل الريف لحوالي ٦٠ مليون مصري بتكلفة تجاوز ٧٠٠ مليار جنيه والذي يفتح آفاق جديدة من التنميه والخدمات بعد أن كان يعاني الكثير من المشاكل والبطالة و بعد دخول شركات تحديث منظومة الري الحقلي وغيرها من شركات المقاولات والخدمات للعمل في التركيب والانشاءات  وكذلك دعم منظومة التصنيع المحلي لإنتاج مستلزمات شبكة الري من مواسير وطلمبات فلاتر  وخراطيم ورشاشات وغيرها مع المشروعات كثيفة العمالة كمشروعات تصنيع الحرير وتجميع الالبان ومحطات الفرز والتعبئة والتغليف للمنتجات الزراعية .وان ما تبذله الدولة وقطاعاتها المعنية  ربما تكون وزارة الزراعة احد الأذرع الفعالة  في الفترة القادمة مع الركود الاقتصادي العالمي  ومع تبطيء نمو قطاعات السياحة  والاسكان.

فالزراعة المصرية تعد من افضل  الزراعات والانشطة في المنطقة  العربية وشمال افريقيا لتنوع مواردها الطبيعية ، وخبرات مزارعيها ، والثراء الفنى والتكامل المؤسسى لما تمتلكة من أجهزة البحث والتطوير التقنى القادر علي تطويرها وتحسينها خلال فتره وجيزه قد لاتتعدي الخمس سنوات وبالتعاون مع القطاع الخاص الاستثماري المصري وجهود القوات المسلحة المصرية من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ومجموعة شركاته العامله في مجالات الزراعة المتكاملة  والتي يمكن من خلالها القفز بمعدلات تنمويه داعمه للاقتصاد القومي وتقليل الفجوه الغذائيه وتخفيض فاتوره الواردات الزراعيه التي تشكل عبئ اساسي علي ميزان المدفوعات في ظل نقص الموارد الدولاريه للدوله  ومع المتغيرات العالميه في ظل ازمة كورونا والازمة الاقتصادية العالمية ونقص سلاسل الامداد بعد الحرب الاوكرانية .

فالقطاع الزراعي هو القطاع الاكثر ديناميكيه وحيويه  و القادر علي النمو واستيعاب القدر الاكبر من الاستثمارات المتنوعة في استصلاح الاراضي وذيادة الرقعه الزراعية وما يتطلبه ذلك في مشروعات الانتاج الزراعي المكشوف وتحت الصوب الزراعيه والانتاج الحيواني والداجني ومعهم الانتاج السمكي ومتطلبات ذلك من مصانع اعلاف ومحطات فرز وتعبئة ومراكز لتجميع الالبان والتي تصب كلها في عمليات التصنيع الزراعي والاستفادة من المنتج الزراعي ورفع القيمه المضافة لهذة المخرجات الزراعيه والتي ثر علي جهود التنميه الحقيقيه التي تبذلها الدولة المصرية مع ذيادة مضطردة في النمو السكاني ومع ازمة الغذاء العالمية .

الآمر الذى يشير بوضوح الى أن القطاع الزراعي لو احسن استخدامه والاستفاده بالامكانيات المتاحه لديه من خلال مخصصات خطه استثماريه طموحه ينفق عليها نصف ما انفق في السياحه او البترول لحققت فائضا كافيا لموارد الدوله مقارنة مع هذه القطاعات المختلفه وتامين حاجة البلاد وبما يطلق عليه الامن الغذائي بمفهومه الشامل والمتكامل  من التقلبات الدوليه والعالميه ونقص المعروض من الغذاء .

فكم كان القطاع الزراعي يمثل المصدر الرئيسي من العمله الصعبة حتي نهاية السبعينات ويمكن ان يكون المخرج بزيادة الصادرات الزراعية وتقليل الواردات من السلع الغذائية الضرورية كالقمح والذرة الصفراء والزيتية وان زيادة المساحة المنزرعة من القمح الي ٤.٥ مليون فدان مرحليا  العام القادم وزيادة مساحة الذرة الشامية البيضاء والصفراء الي  ٣ مليون فدان ربما تحل جزء كبير من فجوة الذرة الصفراء التي تستخدم في علف الاعلاف والاستفادة منها مع دوار الشمس لإنتاج الزيوت مع الزيتون في نطاق الساحل الشمالي للجمهورية.

وليس هذا فحسبن ولكن الاستفادة من الذرة الشامية  بخلطها بنسبة ٢٠ بالمائة للوصول بالاكتفاء الذاتي من قمح ال الخبز المدعم ويمكن ان تختص مناطق الوجه قبلي   لزراعة قمح الديورم (الصلب) والذي يمكن تصديره الي الاتحاد الاوربي بسعر يمكن ان يعادل ثلاث اضعاف السعر للقمح الطري  وان عملية خلط الذرة مع القمح ربما ترفع المخرون الاستراتيجي للقمح .

مع العلم واليقين ان زيادة مساحة الارز استثناء لهذا العام ربما يقلل الضغط علي رغيف الخبز وخاصة في الوجه البحري والدلتا  الذي يعتبر الارز  وجبة اساسية لأكثر من خمسون مليون مصري في غذائهم ومن نواتج القمح والارز والذرة تدخل في صناعة الاعلاف التي يمكن توفرها وانخفاض اسعارها  بزياده  المساحة  المنزرعة  من هذه المحاصيل بعد استصلاح فعلى  لأكثر من ٢مليون فدان.

واذا نظرنا بنظرة موضوعيه ان من أخطر المشاكل التى تواجة الانشطة الزراعية القائمه وما يبذل من جهود وانفاق العديد من الاموال لإنتاج منتجات زراعية يتعذر تسويقها بأسعار مناسبة او الاستفاده منها بزياده القيمه المضافه لها بتصنيعها والاستفاده من القدرات التسويقيه لها سواء بالسوق المحلي او الخارجي بزياده حجم الصادرات الزراعيه للمنتجات الطازجه للخضر والفاكهه والذهور والمنتجات المصنعه مثل المنسوجات ومنتجات الصناعات الغذائيه والالبان وغيرها  تحتاج الي دراسات شاملة ومتكاملة وتفعيل صندوق التأمين علي السلع والمنتجات الزراعية .

كيف؟

من خلال عودة الاليات المناسبة لصندوق الموازنة الزراعية ودعم موارده برسم الوارد والصادر من المنتجات الزراعية المصدرة والمستوردة بصورها المختلفة ونسبة من ضريبة الطيان الزراعية بعد تعديلها  وتأجيلها  ونسب تأمينيه علي الطن المنتج من المنتجات الزراعيه الطازجة في السوق المحلي وعلي ان  تخصص هذه الموارد لدعم هذا الصندوق وتمويله لدعم ومجابهة المخاطر والكوارث وانخفاض الاسعار ليتم اعادة الدعم دون تحمل الدوله وموازنتها اي اعباء ماليه والاستفادة منها في التجميع الزراعي مع الحيازات المفتته والزراعات التعاقدية .

ونري اهمية الزراعة المصرية  وميزتها النسبيه بحكم الكتلة السكانية المصرية الكبيرة ، والموقع الاستراتيجى لمصر بتوسطها بين قارات ثلاث ، وبإنضمامها للعديد من الاتفاقيات الدولية التى تزيد من قدرة منتجاتها على النفاذ الى الاسواق الخارجية وجهود القيادة السياسيه الداعمة للقطاع الزراعي  كل ذلك يتيح للمنتجات الزراعية المصرية سوقآ واسعة فى الدخل والخارج ، طالما تحصنت منتجاتها بمقومات القدرة التنافسية المتعارف عليها ، وطالما تزايدت قدرة المنتجين الزراعيين على التجاوب مع متطلبات الاسواق الخارجيه الدوليه.

ومن هنا لابد ان يتوافر للزراعة المصرية شقا هامآ من استكمال المنظومة التشريعية واصدار قانون الزراعة الموحد والتعاونيات الزراعيه وهيكلة المكونات المؤسسية للقطاعات الزراعيه في ظل عدم توفر التعينات  اللازمة لإحراز معدلات عالية من الانجاز واعادة الديناميكيه لها في تحسين مخرجات التنمية الزراعية والمساعدة علي ضخ استثمارات اضافيه لهذا القطاع لتنشيطه وتحسين الفرصه التنافسيه به وخصخصه  كثيرا من خدماته الجماهيريه .

وان تكون الاولوية في تحسين إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية من خلال برنامج وطنى فى مدة خمس سنوات لمضاعفة هذة الانتاجية لبعض المحاصيل الرئيسية مثل القمح – الذرة – القطن – الارز والزيتون لانتاج الزيوت والتمور لانتاج الاصناف العالية الجوده والاستفادة  منه في انتاج السكر والاعلاف.

ولا شك ان اهتمام القيادة السياسيه بمحور استصلاح الاراضي وتحديث منظومة الري الحقلي يعتبر من هم المحاور التي ممكن ان تعتمد عليها التنميه الزراعيه  المستدامه لما لها من مردود قوي  في زيادة الرقعة الزراعية باضافة واستصلاح ما يزيد عن نحو 2.5 مليون فدان خلال من خمس سنوات بهدف الوصول الي مساحة زراعيه 12 مليون فدان ومساحة محصوليه 20 مليون فدان واعادة تدوير مياه الصرف الزراعي لما يقرب من ٥مليارات متر مكعب سنوياً في محطة المحسمة  وبحر البقر والعلمين وانهاء مشاكل وضع اليد والاستفاده من قيمه عوائد بيع هذه الاراضي وتنمية الموارد المائية لخدمة هذا القطاع بنوعيه جيدة تدعم وتساعد  زيادة القدرة التصديرية للعديد من المنتجات الزراعية  وذيادة الفرص المتاحة للتصنيع الزراعى لذيادة القيمة المضافة للخضر والفاكهة وتقليل الفاقد منها ووفرة المعروض منها على مدار العام

فهل يمكن ان نصل بها الي مساهمه في الناتج القومي يذيد عن 25 بالمائة بدلا من 16 بالمائة حاليا  والوصول بالصادرات الزراعية لعشرة مليارات دولار  للطازجة والمصنعة وتوفير ما يقرب من خمسة مليارات دولار للقمح والذرة الصفراء والزيوت . فالامل لايزال منعقدا والطموح لايزال قائما بما تملكه الزراعة من مقومات واليات ودعم سياسي من السيد الرئيس واهتمامه بهذا الملف  ان يتحقق المستهدف  منها خلال الخمس سنوات القادمة ودعم  الصادرات الزراعية للدول العربية والمصنعة للدول الافريقية في اطار  الشراكة من اجل التنمية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى